المخرج المسرحي أمين ناسور: المسرح المغربي يعيش صحوة وخُلِق المسرح ليكون فنا جماعيا لا فرديا

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

نال جوائز قيمة في مهرجانات عربية

المغرب ـ «القدس العربي»: تتلمذ الممثل والمخرج المسرحي المغربي أمين ناسور، على يد الفنان المسرحي الكبير الطيب الصديقي، وتأثر بأسلوبه الفني قبل أن يخلق لمسرحه طريقة متفردة وخاصة أوصلته إلى المشاركة في مهرجانات عربية وازنة والتتويج بأبرز جوائزها، حيث نالت مسرحيته «تكنزا قصة تودة» الجائزة الكبرى في مهرجان المسرح العربي في بغداد، كما حصلت مسرحية «شا طا را» على أهم جوائز مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.

وضع الأستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، توقيعه وترك بصماته على مسرحيات ناجحة كـ«النمس» و«نايضة» و«شا طا را» و«تكنزا قصة تودا» وآخرها مسرحية «سدينا» مؤكدا لـ«القدس العربي» أن المسرح المغربي يشهد صحوة خلال العشرية الأخيرة وأنه بات يتسم بالقوة والحضور، وتابع أن الجماهير العربية والمهتمين باتوا ينتظرون ما ستقدمه هذه التجربة ويرغبون في مشاهدة المسرحيات المغربية وتوقع تتويجها.
ناسور الذي يؤمن بأهمية صقل الموهبة بالتكوين الأكاديمي، شدد على أهمية احتكاك طلاب المسرح في الجامعات المغربية بالمهنيين والمحترفين من داخل البلاد وخارجها لاكتساب الخبرة والمهارة اللاِّزمتين.
وهذه تفاصيل الحوار:
○ كيف كانت بداية أمين ناسور مع المسرح، وهل لتجربتك مع رائد المسرح المغربي الطيب الصديقي تأثير على رؤيتك وتصورك؟
• بدايتي في المسرح كانت في «دار الشباب» بالدار البيضاء، وفي كَنَف «جمعية المغربية لتربية الشبيبة» ضمن نادٍ للمسرح، ثم بعد ذلك انتقلت إلى مسرح الهواة بعد المسرح المدرسي والمسرح الجامعي، ليختارني الراحل الطيب الصديقي للانضمام إلى فرقته «مسرح الناس» واشتغلت معه في ثلاثة أعمال مسرحية، ثم التحقت بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي.
تجربة الصديقي كان لها تأثير قوي على تجربتي بحكم كونه مدرسة حقيقية في المسرح العربي والمغربي. كما استهواني اشتغاله على الموروث الثقافي العربي والمغربي بسمات كونية، وأثَّر في مساري، حيث تبنَّيت هذا المنهاج في اشتغالي وفي كل تجاربي الأخيرة وأصبحت أشتغل على التراث المغربي بقواعد أكاديمية لأنني أؤمن أن المسرح المغربي، وحتى يصل إلى الناس عبر العالم يجب أن ينطلق من هويته وجذوره بشكل أساسي.
○ تُوِّجت مسرحية «تكنزا قصة تودة» في مهرجان المسرح العربي في بغداد مؤخرا، قبلها نالت مسرحية «شا طا را» جوائز عديدة بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، هل هي صحوة للتجربة المغربية في مجال المسرح؟
• نعم هي صحوة مغربية خلال 10 سنوات الأخيرة تقريبا، حيث عرف المسرح المغربي عددا من التتويجات خلال العُشرية الأخيرة سواء في مهرجان الدوحة العربي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح ومهرجان القاهرة الدولي، وكانت أول مشاركة في المسابقة الرسمية عقب 29 دورة وأول فرقة مغربية تفوز بثلاث جوائز من أصل ست، وهي الجوائز الأهم متمثلة في جائزة الإخراج وجائزة الأداء الجماعي والجائزة الكبرى للمهرجان.
يمكن أن نتحدث عن صحوة مغربية مسرحية، وعن بروز تجارب مغربية مهمة تشتغل بأساليب فنية مختلفة، وهذا ما يميزها عن باقي التجارب في العالم العربي، لأن التميز والاختلاف في الرؤى جعل المسرح المغربي مُنتظَرا في المسابقات العربية ومرشحا كذلك للفوز بجائزة أو أكثر.
○ في نظرك، أي مرتبة يحتلها المسرح المغربي اليوم على قائمة المسرح العربي؟
• الأمر لا يتعلق بمسألة مراتب، ولكننا نتحدث عن القوة والحضور، والمسرح المغربي اليوم قوي وحاضر في كل المهرجانات العربية ومطلوب أيضا، ولا يمكن أن نجد مهرجانا عربيا مُهما بدون مشاركة مغربية وازنة كمًّا وكيفا، وبالتالي بات رقما صعبا في التجربة العربية، والكل ينتظر ما الذي ستفرزه هذه التجربة في المواسم التي تتوالى.
أعتقد أن أهم ما يحدث اليوم، أنه بين الفترة والأخرى تبرز تجارب مسرحية مغربية شابة وواعدة وهي مسألة قلَّما نجدها في العالم العربي، إذ يصعب أن تولد تجربة فتية تقارع الكبار، وهو ما نجده اليوم من خلال مجموعة من الأسماء التي برزت مؤخرا من الشباب ونافسوا في مهرجانات قوية، كالممثل المسرحي أيوب أبو النصر وأمين الساهل وغيرهم.
○ أغلب أعمالك وآخرها «الفيشطة» تنهل من التراث والفرجة بطريقة مختلفة وجذابة، هل هذه التوليفة سر نجاح مسرحيات ناسور؟
• سر النجاح ليس فقط النَّهل من التراث والاشتغال على الهوية المغربية أيضا، بل الإيمان بأن المسرح عمل جماعي يتقوى بروح الفريق ويخلق بُعدا إنسانيا للوصول جميعا لنتيجة ترضي الجميع. فمن المهم جدا أن يتم الاشتغال ضمن فريق يؤمن بك وبالمشروع وأن يستشعر كل فرد أن العمل يخصه وأن النجم الأول والأخير هو العرض المسرحي.
لا أؤمن بالعمل الفردي في المسرح، وأعتقد أن المسرح خُلق ليكون فنّا جماعيا، وهو ما يجعل الأعمال تنجح وننجح معها، فالنجاح ليس لأمين ناسور بل هو نجاح للأعمال المسرحية ولأصحاب العمل وأنا جزء منهم.
○ ما واقع المسرح المغربي حاليا؟
• صحيح أن المسرح المغربي يعرف صحوة وتجديدا وابتكارا، وما بين الفترة وأخرى يعرف انتكاسات منها ما هو تنظيمي وأحيانا إبداعي، حاله كحال بعض المسارح العربية، ولكن ما يميزه هو الصمود والمقاومة، رغم كل الظروف، هناك صمود ليبقى هذا الفن حاضرا في المشهد الثقافي والفني المغربي.
هناك أيضا اهتمام مهم من طرف وزارة الشاب والثقافة والتواصل خاصة الوزير الحالي محمد المهدي بنسعيد الذي يحاول جاهدا خلق مناخ جديد للمسرح المغربي، صحيح أن الطريق لا يزال طويلا مع بروز عدد من العراقيل منها ما هو إداري وفينا نحن أيضا كمسرحيين، لكن هناك أيضا نوايا حسنة من الطرفين ومبادرات مهمة يجب أن ترسخ وأن توضع على سِكَّتها الصحيحة لتعطي النتائج المرجُوَّة.
○ يجمع أمين ناسور بين كونه مخرجا مسرحيا وأستاذا بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، هل يحتاج الفنان إلى تكـــوين أكاديمي يكون أرضية صلبة له، أم تكفيه ملكة الإبداع والموهبة؟
• الموهبة وحيدة غير كافية والتكوين لوحده غير كاف. يجب أن تقترن الموهبة بالتكوين، لا يمكن مزاولة مهنة من دون تجربة وتكوين وخبرة، وما ينطبق على العديد من التخصصات ينطبق على كل المهن المرتبطة كالمسرح والإخراج وفن الأداء، فالتكوين مهم جدا.
حين نتحدث عن التكوين، ليس بالضرورة على مستوى المعهد العالي للمهن المسرحية والتنشيط الثقافي باعتباره المؤسسة الأكاديمية الوحيدة في المغرب، إلا أن هناك العديد من طرق ومسالك التكوين يجب أن ينتهجها من يرغب في امتهان واحتراف هذا الفن النبيل.
وبالمحصلة، لا يمكن الاقتصار على الموهبة وحدها، لأن صاحبها سيسقط في النمطية والمحدودية، بل يجب أن تقترن بالتكوين والتكوين المستمر والبحث والاجتهاد لتطوير الذات والموهبة.
○ باتت الجامعات المغربية تنفتح مؤخرا على تدريس الفنون المسرحية عبر إجازات مهنية وماسترز/ ماجيسترات، ما رأيك في هذه التجربة؟
• هي تجربة مهمة نحتاجها في المغرب لفتح أفقا أكاديميا للشباب الموهوب والحالم بالاحتراف ودراسة المسرح، خاصة وأننا نتوفر على معهد وحيد متخصص، إلا أنه يجب تدارك بعض النواقص التي تعرفها التجربة خاصة وأنها فتيَّة في طور التأسيس في المغرب خاصة في الجانب التطبيقي الذي يجب التركيز عليه من خلال تكثيف المواد التطبيقية للطلبة وخلق مجموعة من التداريب المتخصصة رفقة متخصصين مغاربة وأجانب لاكتساب الخبرة والمهارة التقنية بالغة الأهمية في تكوين الطالب الجامعي في مهنة المسرح والمهن المرتبطة بها.
○ ما هي أعمالك المقبلة؟ حدثنا عنها.
• يتعلق الأمر بالمسرحية الجديدة «سدِّينا» لفرقة مسرح الحي، وهي مناسبة لعودة هذه الفرقة بقوة إلى الساحة مع أيقونَتيْها الفنانين عبد الإله عاجل وحسن فولان إلى جانب مجموعة من الممارسين المسرحيين كمريم الزعيمي ومونية المكيمل والمهدي فولان وأيوب أبو النصر.
هي تجربة فارقة، خاصة وأنها تُعيد الحياة لفرقة لها تاريخ ورصيد فني مهم، وبالتالي هي تحدٍّ كبير، نتمنى أن ننجح فيه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية