الغارديان: لا أحد يساعد الغزيين في مصر.. فقط جمعيات خيرية وأفراد.. أما الحكومة فغائبة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلها في القاهرة إدموند باور، قال فيه إن الفلسطينيين من غزة يواجهون مصاعب ودعما قليلا في العاصمة المصرية. وبدون  جهود مركزية لدعم الغزيين الذين وصلوا إلى مصر، فإنهم يعتمدون على الجمعيات الخيرية للحصول على الطعام ودفع الإيجارات والملابس.

وتقول الصحيفة إن رانيا اضطرت لبيع مجوهراتها بعد رحلة طويلة في غزة من التنقل من بيت إلى بيت، حيث كانت عائلتها تضطر للمغادرة بعد تدمير البيوت. وبعد أشهر قررت بيع خواتمها وأساورها وعقودها الذهبية بمبلغ 15,000 دولار كـ”رسوم تنسيق” حتى تضع عائلاتها على قائمة الترحيل من غزة.

ودخلت رانيا مصر في كانون الثاني/ يناير عبر معبر رفح، وهو المكان الوحيد للخروج من القطاع. وقد غادره منذ بداية الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر أكثر من 83,000 فلسطيني إلى مصر حسب السلطات المصرية.

وغادر عدد كبير من هؤلاء إلى دول أخرى، لكن الناشطين يتحدثون عن آلاف الفلسطينيين الذين لا يزالون في مصر رغم غياب الدعم المركزي لهم.

وعلى خلاف الدول الأخرى، فلم تتحمل أي هيئة تابعة للأمم المتحدة المسؤولية عن الفلسطينيين الذين هربوا إلى مصر، في وقت تتهم السلطات المصرية بالتربح منهم وفرض رسوم عالية على العبور من غزة إلى رفح.

وتعتمد رانيا وعائلتها على الجمعيات الخيرية لتوفير الطعام ودفع إيجار الشقة في القاهرة. ويتناقض وضعها الحالي مع حياتها السابقة، حيث كانت رانيا هي من تسارع للدعم في حالات الشدة. وكان زوجها يحصل على راتب جيد لعمله مع منظمة إغاثة، وكانا يملكان بيتين وسيارتين وأبناؤهما في الجامعات. وكانت العائلة تقضي الليل في المطاعم والمقاهي، وفي الصيف كانت تذهب إلى شاطئ غزة.

وبعد أسبوع من الحرب، أسقط الطيران الإسرائيلي منشورات تطالب أبناء الحي الذي تسكن فيه رانيا بالرحيل وأعطتهم مهلة 24 ساعة. وقررت العائلة المغادرة والسير جنوبا حيث عاشت مع آخرين في الطريق. وبعد ثلاثة أسابيع من الرحلة، شاهدوا على التلفاز ضرب حيهم وتدمير بيتهم وقتل 20 شخصا من عائلتها الممتدة، وقالت رانيا: “من نجا منهم فهم مشلولون” و”فقد بعضهم أيديهم وآخرون أرجلهم”.

وعندما أُمر سكان وسط غزة بالرحيل، واصلت عائلة رانيا السير جنوبا حيث تقدمت بطلب للعبور إلى مصر. وانتظرت أسابيع حتى تحصل على التصريح، وتقول “كان الناس يموتون حولنا” و”يمكن لأي شخص أن يموت في أية لحظة”.

وفي الوقت الذي كانت هناك عدة وكالات تتعامل مع طلبات السفر إلى مصر، إلا أن شركة واحدة برزت واحتكرت عمليات السفر مقابل 5,000 دولار للشخص البالغ، و2,500 لكل طفل.

وقال ناشط مصري إن شركة “هلا” للاستشارات والسياحة “الآن هي الطريق الوحيد لإخراج الناس من غزة”. وبالنسبة لعائلة ليلى، فأسعار “هلا” عالية جدا، رغم أنها عاشت حياة جيدة في غزة، وحصلت على أموال جيدة من المبيعات حتى بداية الحرب. وبعد سقوط القنابل على حيّها، سافرت مع عائلتها جنوبا، وعندما وصلت إلى رفح واتصلت مع شركة هلا، كانت معظم الأموال التي وفرتها قد ذهبت.

وقالت: “هذه مبالغ كبيرة لأشخاص لم يعملوا منذ ستة أشهر”. ومثل البقية، قامت عائلة ليلى في أوروبا بحملة جمع تبرعات حيث جمعت  25,000 دولار احتاجتها العائلة للخروج إلى مصر. ولم تنجح جهود العائلة الانضمام لأقاربها في أوروبا بعد.

وتحتاج عريضة للمّ شمل العائلات الفلسطينية مع أقاربهم في بريطانيا، على غرار البرنامج الذي عُمل للعائلات الأوكرانية، 100 ألف توقيع كي يناقشها البرلمان. وقال متحدث باسم الحكومة: “نعمل على مدار الساعة لكي نحضر المواطنين البريطانيين الذين يريدون مغادرة غزة. وليست لدينا حاليا خطة لإنشاء طريق خاص للفلسطينيين كي يأتوا إلى بريطانيا”.
وقالت ليلى ورانيا إن عائلتيهما لم تحصلا على أي دعم من المنظمات الإغاثية المعروفة، وكذا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين  (أونروا)، وكانت بريطانيا من ضمن الدول التي جمدت دعمها للأونروا بعد اتهامات إسرائيل لموظفين فيها بالعمل مع حماس.

ورفض ممثل للأونروا مقابلة مع الصحيفة، غير القول إن الوكالة لا تفويض لديها للعمل في مصر. ورفض متحدث باسم المفوضية السامية للاجئين في الأمم المتحدة التعليق.

وقالت دون تشاتي، أستاذة الأنثروبولوجيا والهجرة القسرية بجامعة أوكسفورد، إنها فوجئت بغياب تنسيق الرد للفلسطينيين الذين دخلوا مصر.  وقالت: “هناك تاريخ عميق لوكالات الأمم المتحدة التي تحملت المسؤولية عن اللاجئين الفلسطينيين”، وأضافت: “لن تمنحهم الحكومة المصرية حق اللجوء”، ذلك أن منح سكان غزة اللجوء قد يدمر حقهم بالعودة وقد يعرض مصر “لمشكلة كبيرة مع بقية الدول العربية”.

ولهذا السبب، باتت العائلات تعتمد على شبكة من الناشطين وجماعات صغيرة مرتبطة بمنصات التواصل الاجتماعي ومجموعات “واتساب”.

واحدة من المتطوعين هي أميرة، مديرة عمليات من القاهرة، والتي انضمت لمجموعة مع بداية الحرب لإرسال الطعام ورزم المساعدات إلى غزة.

ومع بدء وصول الفلسطينيين من غزة، ركّزت أميرة جهدها لتوفير الطعام والملابس والمسكن لهم، وقالت: “الناس يأتون هنا ليس معهم شيء” و”هم محرومون من الطعام وجياع”.

وارتبطت عائلة رانيا التي وصلت من غزة بالقليل الذي حملته مع مجموعة كهذه، عندما شاهدت صفحة فيسبوك تعرض الدعم للقادمين من غزة. ووضعت المجموعة العائلة مع  متبرع يدفع 1,000 جنيه مصري للمساهمة في أجر البيت الشهري البالغ 9,000 جنيه.

وتقول راية، الناشطة من بريطانيا: “في بعض الأحيان يناشدنا الناس للمساعدة في إطعام أطفالهم”. ووصلت راية إلى مصر بداية العام،  وساعدت على إنشاء مجموعة إغاثة تربط المحتاجين بالمتبرعين في أوروبا ومع العائلات الفلسطينية المحتاجة.

وفي أول 38 يوما من وجودها في مصر، عملت المجموعة على جمع 30,000 دولار وصلت نقدا لتوزيعها على 100 عائلة تدعمها في توفير السكن والدواء. وقالت إن “بعض هذه العائلات لم تكن لتحصل على هذه المساعدة لو لم ندق على الباب”.

وتقول رانيا إن عائلتها ممزقة بين البقاء والرحيل “الحياة في مصر ليست سهلة” و”لا نريد البقاء هنا، ولا نريد المغادرة أيضا. وأحيانا نفكر بالهجرة، وكلما طرحنا الموضوع نعرف في قلوبنا أننا نريد العودة إلى غزة”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية