الجميّل يتحرّك لانقاذ الجمهورية…وسحب ترشيح جعجع يحتّم سحب عون من السباق الرئاسي

حجم الخط
1

بيروت ‘القدس العربي’ يدخل لبنان الاسبوع المقبل في مرحلة العد العكسي لانتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، بعد فشل ثلاث جلسات في التوصل الى انتخاب رئيس بفعل مقاطعة نواب تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله الجلسات وتطيير النصاب، يعقد المجلس النيابي الخميس المقبل جلسة رابعة تصادف اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في 25 ايار/مايو الجاري في ظل ازدياد الضغط على القادة الموارنة للاتفاق على رئيس، وهذا ما حمل رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، على القيام بجولة شملت المرشح المعلن لقوى 14 آذار وهو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والمرشحين غير المعلنين لقوى 8 آذار وهما رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
غير أن هذه الجولة لم تحدث الخرق المطلوب بقدر ما أظهرت الرئيس الجميّل قادراً على التواصل مع الاقطاب الموارنة جميعهم على عكس الدكتور جعجع الذي لديه خصومة حادة مع النائب فرنجية وتنافس شديد ومزمن مع العماد عون، وقد تقصّد نواب في تكتل عون إظهار جعجع كمرشح تحدي ومرفوض من خلال، أولاً كتابة أسماء شهداء وضحايا سقطوا خلال فترة الحرب وإتهم جعجع في زمن الوصاية السورية بتدبير قتلهم، وثانياً من خلال تطيير النصاب وعدم تأمين حضور 86 نائباً داخل القاعة وهو النصاب الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري للانتخاب، علماً أن هناك من يقول إن لا نص واضحاً في الدستور يتحدث عن نصاب الـ 86 نائباً.
وفيما يعتقد البعض أن إحدى نتائج جولة الجميّل تحت شعار ‘إنقاذ الجمهورية’ هي جمع القادة الموارنة الاربعة في بكركي بحضور البطريرك مار بشارة بطرس، الراعي للاتفاق على ترشيح واحد منهم ودعمه كرئيس قوي، إلا أن التجارب السابقة تبقى غير مشجعة بإمكانية التفاهم على الشخصية المذكورة، وإن كان سمير جعجع ربط سحب ترشيحه بالاتفاق على مرشح آخر من 14 آذار ما يعني وضعه فيتو على عون وفرنجية اللذين لم يبديا أي اشارات عن امكان موافقتهما على السير بأمين الجميّل الذي التقى في دارته في بكفيا رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط وبحث معه مسار الاستحقاق الرئاسي. وقد حذّر الجميّل في جولته من خطورة الفراغ، وقال: ‘لا افهم كيف يعتبر البعض ان الفراغ امر ثانوي او غير مهم ‘.
وإذا تمّ سيناريو سحب ترشيح جعجع تكون البلاد انتقلت الى مدار المرحلة الثانية ولكن ضمن دائرة الزعماء الموارنة الاكثر تمثيلاً، وإلا سيتم البقاء في حلقة مفرغة وستنقضي المهلة الدستورية ويعود لبنان الى تجربة الفراغ التي ذاق طعمها 3 مرات، الاولى قصيرة لم تدم أكثر من شهرين بعد استقالة الرئيس الشيخ بشارة الخوري بعد مرور 3 سنوات على ولايته المجدّدة وتسليم قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئاسة الحكومة الانتقالية، والثانية طويلة ومدمرة بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل وتسليم قائد الجيش العماد عون رئاسة الحكومة الانتقالية، والثالثة كذلك طويلة وحافلة بالاحداث بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود حيث تسلّمت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الصلاحيات الرئاسية.
وبعد دخول البلد في حال الشغور الرئاسي سيقع الزعماء الموارنة في الاحراج وفي خطر الفوضى وربما يبدأ التفتيش الجدي عن رئيس من خارج دائرتهم حيث يتم التداول بأسماء مثل بطرس حرب وروبير غانم وجان عبيد وزياد بارود وهنري حلو وجان قهوجي ورياض سلامة. وبإستثناء الوزير بطرس حرب فإن التوافق على أي من الأسماء الاخرى يعني أن المسيحيين أضاعوا فرصة تحقيق التوازن في التمثيل الصحيح وايصال رئيس قوي كما يوصل الشيعة رئيساً قوياً الى رئاسة مجلس النواب وكما يوصل السنّة رئيساً قوياً الى رئاسة الحكومة، أو ستكون المرحلة انتظارية الى حين انقشاع الرؤية الاقليمية وارساء الحلول النهائية في الدول العربية التي تشهد نزاعات عسكرية وسياسية.
وكان الدكتور سمير جعجع أعلن من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه ليس مرشحاً تصادمياً، مستهجناً التعطيل الذي يمارسه الفريق الآخر للعملية الانتخابية. وقال:’إن ترشيحي للرئاسة حقٌ طبيعي وانا لست من جماعة (انا أو لا أحد) ومستعدٌ لمناقشة أي طرح يؤدي الى رئيس جدّي وضمن المواصفات المقبولة، ولكن شرط ان يتبنى ما ورد في البرنامج الرئاسي الذي اعلنته، واذا كان مرشحاً جدياً فأنا معه’. وأمَلَ ‘ان يتمكن البطريرك الراعي من إقناع مقاطعي جلسات الانتخاب بالحضور الى مجلس النواب، وأن يقول لهم ان هذا لم يكن الاتفاق الذي حصل في ما بيننا هنا في بكركي لكي نتمكن من الوصول الى انتخابات رئاسية كما يجب ان تكون’.
وبعد إبداء جعجع استعداده لسحب ترشيحه، ساد إعتقاد لدى مصادر في 14 آذار أن سحب ترشيح جعجع سيؤدي حكماً الى استبعاد ترشيح عون لأنه كما قالت ‘اذا سلّمنا جدلاً ان جعجع مرشح تصادمي كما تدّعي قوى 8 اذار فان العماد عون لا يمكن في اي حال من الاحوال الا ان يكون تصادمياً واكثر، بعدما عجز طوال المرحلة الماضية، وتحديداً منذ اول جلسة انتخاب رئاسية على اضفاء صفة التوافق على نفسه، لا في المواقف ولا في الممارسات، فلو كان كذلك لتمكن من خلال سلوكه في الجلسات من اثبات هذا الطابع عبر تمايزه عن المنحى الذي اتخذه حزب الله، الا انه اثبت العكس ان من خلال الاقتراع بالورقة البيضاء كما فعل حلفاؤه في الحزب، او في مقاطعة الجلستين الثانية والثالثة بقرار الحزب نفسه، علماً انه لو اراد التمايز لكان على الاقل سار على الدرب التي رسمها الرئيس نبيه بري لكتلته، وشارك نوابه في الجلستين الاخيرتين’.
ومع ان شريحة واسعة من التيار الوطني الحر تعوّل على امكان تتويج اللقاءات الثنائية مع ‘المستقبل’ بتبني الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، فإن مصادر متابعة لتفاصيل هذا الملف من 14 آذار لفتت الى ‘ان تيار المستقبل يهدف من خلال التشاور والتواصل مع الفريق (العوني) الى محاولة لجم استمرار التغطية المسيحية لممارسات حزب الله الذي يدفع نحو الفراغ بقوة وصولاً الى تحقيق هدفه المتمثل بعقد مؤتمر تأسيسي يؤمن له موقعاً وازناً في المعادلة السياسية اللبنانية، واوضحت ان الحزب يستشعر بخطورة ما يحاك ويبدي امتعاضاً من التواصل العوني المستقبلي خشية تفلّت عون من التزاماته وتحالفه معه’.
تزامناً، أعلن النائب سليمان فرنجية تمسكه بترشيح عون معلناً أنه هو من يقرّر مصير هذه المعركة الانتخابية. واعتبر ان مواصفات الرئيس القوي هي ‘إما ان يكون لديه غطاء ماروني او ان يكون مارونياً ويغطي نفسه بشعبيته، لكن لا يمكن ان يكون مفروضاً على طائفته’. ولم يبد فرنجية خوفه من الفراغ مستخلصاً أن ‘لا 8 آذار سينتخبون 14 آذار ولا العكس، والانقسام العامودي يصعّب الوصول الى اتفاق ضن المهل الدستورية، لكننا نأمل ان نتفق’.
إذاً، ايام قليلة تفصل اللبنانيين عن موعد انتهاء المهلة الدستورية في 25 ايار/مايو وإذا لم ينتخب رئيس ضمن هذه المهلة تنتقل صلاحيات الرئيس الى حكومة الرئيس تمام سلام مجتمعة بكامل أعضائها الـ 24 حيث لا يمكن إتخاذ قرار إلا بالاجماع وبتوقيع جميع الوزراء. أما الخطر فيبقى من الفوضى وعدم الاستقرار الامني الذي قد يقود الى تغييرات سياسية في تركيبة النظام كما حصل بعد فراغ 1988 نتيجة حروب ميشال عون التي قادت الى الطائف، وكما حصل ايضاً بعد فراغ 2007 نتيجة الاعتصامات المفتوحة في وسط بيروت وحركة 7 أيار التي قادت الى الدوحة، فهل يقود فراغ العام 2014 الى مؤتمر تأسيسي تحدث عنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ويعطي مكاسب سياسية اضافية للشيعة في النظام اللبناني؟ وهل مقاطعة نواب العماد عون وحزب الله جلسات الانتخاب تدفع في هذا الاتجاه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عصام الأيوبي:

    في ظل الإنقسام الحاد الذي أصيب به لبنان, لماذا لا يُرشّح العماد قهوجي, قائد الجيش الحالي ؟ فالعماد قهوجي على مسافة من الجميع و مشهود له بنزاهته خُلُقه؟

إشترك في قائمتنا البريدية