الجزائر: غياب لافت للوزير لعمامرة عن النشاط الرسمي.. هل بدأ ترتيب أوراق رئاسيات 2024؟

حجم الخط
13

الجزائر- “القدس العربي”:

يثير الغياب اللافت لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة عن النشاط الدبلوماسي الرسمي في الأسابيع الأخيرة، تساؤلات كثيرة حول الأسباب، في وقت يُعتقد أن أيام هذا الوزير في المنصب صارت معدودة، مع اقتراب موعد التعديل الحكومي الذي أُعلن عنه بشكل غير مباشر في حديث الرئيس عبد المجيد تبون مع الإعلام المحلي.

لم يعتد المتابعون للشأن الدبلوماسي في الجزائر، على غياب لعمامرة الذي كان حاضرا بقوة في السنتين الأخيرتين، وبدا أنه أحد ركائز النظام السياسي الجزائري في إعادة رسم التوجه الدبلوماسي للبلاد، خاصة نحو القارة الإفريقية. لكن هذا الوزير، منذ 23 شباط/ فبراير الماضي، اختفى تماما من رادار الإعلام الرسمي الذي كان في السابق يرصد كل شيء يصدر عنه حتى تغريداته على تويتر.

منذ 23 شباط/ فبراير الماضي، اختفى لعمامرة تماما من رادار الإعلام الرسمي الذي كان في السابق يرصد كل شيء يصدر عنه حتى تغريداته على تويتر

وأكثر واقعة مثيرة للانتباه، في دعم فرضية “تغييب” لعمامرة، هي عدم تغطية اللقاء الذي أجراه مع نائبة كاتب الدولة الأمريكي المكلفة بمراقبة الأسلحة وشؤون الأمن الدولي، بوني دنيز جنكينز، التي زارت الجزائر في 7 آذار/ مارس. فلولا نشر هذه المسؤولة الأمريكية الرفيعة على حسابها في تويتر، لصور اللقاء، لم يكن أحد ليعلم بأنه تم. وقبل ذلك، كان احتمال أن يكون لعمامرة مصابا بعارض صحي منعه من النشاط واردا، لكن صوره مع المسؤولة الأمريكية دحضت ذلك.

واستمرارا لكل ذلك، لم يظهر للوزير لعمامرة أثر في استقبالين مهمين، يتعلق الأمر بزيارة الرئيس الأوغندي الذي حلّ الأحد في الجزائر في زيارة رسمية، وانعقد اجتماع موسع بينه وبين الرئيس عبد المجيد تبون شمل مسؤولي البلدين. كما أن الوزير لعمامرة غاب أيضا عن استقبال الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

واللافت أن بيان الاتحاد الأوروبي، تحدث عن محادثات سيجريها بوريل مع مسؤولين جزائريين بينهم لعمامرة، في حين لم يذكر بيان الطرف الجزائري اسم وزير الخارجية. كذلك، غاب لعمامرة أيضا عن الدورة العادية الـ159 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، المنعقد الأربعاء الماضي في القاهرة، حيث تم تعويضه بسفير الجزائر في مصر.

وفي مقابل غياب وزير الخارجية، برز بقوة نشاط أمينها العام عمار بلاني، في دور القائد الفعلي للدبلوماسية الجزائرية، إذ يمكن مراجعة الصفحة الرسمية للخارجية الجزائرية على فيسبوك، لملاحظة أن بلاني استقبل في فترة وجيزة كلا من سفراء الصين وهولندا ونائب وزير الخارجية البرتغالي المكلف بالتجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية، وعدة مسؤولين أجانب زاروا الجزائر.

وخلال هذه الاستقبالات، جرى الإعلان عن أحداث مهمة، مثل الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى الصين هذه السنة، والمشاريع التي سيتم تفعيلها مع هذا البلد المحوري للجزائر، وهي كلها معلومات وضعت بلاني في قلب الحدث، وجعلته الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية. كما يقوم بلاني، بدور لافت خلال محادثاته مع الأجانب، في الترويج للإصلاحات الاقتصادية للرئيس عبد المجيد تبون، والتي مكنت بحسبه من تحسين بيئة الأعمال وترقية الاستثمار الأجنبي المباشر، واستعراض مزايا قانون الاستثمار الجديد الذي يقول إنه يمنح رؤية أوضح على المدى الطويل وضمانات تشريعية وتسهيلات جبائية جد محفزة للمستثمرين الأجانب.

وفي التفسيرات الكثيرة المتداولة لغياب لعمامرة، ما نقله موقع أفريكا أنتلجنس الذي ذكر أن خلافا يكون قد نشب بينه وبين محيط الرئيس عبد المجيد تبون، بعد رفض الرئاسة اعتماد القائمة التي وضعها لحركة السفراء والقناصل. وبحسب هذا الموقع، فإن عدم الاتفاق على أسماء عديدة لتمثيل الدبلوماسية الجزائرية في الخارج، أدى إلى شبه قطيعة بين الرئاسة ولعمامرة. وفي الدستور الجزائري، تعود للرئيس صلاحية تعيين السفراء والقناصل، لكن القائمة يجري في العادة إعدادها في وزارة الخارجية التي يبقى دورها استشاريا مهما في هذا الموضوع.

ومن بين الفرضيات الأخرى التي تكون وراء دق إسفين بين الرئاسة والخارجية، ما أثير عن إمكانية أن يكون لعمامرة مرشحا محتملا لرئاسيات 2024 في منافسة الرئيس عبد المجيد تبون. وكان الرئيس الجزائري في آخر خرجاته الإعلامية، قد ترك إشارة مبهمة حول “أشخاص ينتظرون موعد 2024″، وهو ما تضاربت التأويلات حول إن كان المقصود به، ترتيب جناح في السلطة لمرشح جديد، في إعادة لسيناريو رئاسيات 2004 التي فوجئ فيها الرئيس بوتفليقة بمنافسة من رئيس حكومته علي بن فليس على الرئاسة.

لكن المقارنة تبدو بعيدة، سواء من ناحية الظرف السياسي أو طبيعة الأشخاص. فالوزير لعمامرة لا يظهر عليه أنه صاحب طموح رئاسي أو قدرة على اقتحام المنافسة السياسية، فقد ظل طيلة مساره موظفا دبلوماسيا يظهر ويختفي مع المناصب التي تعرض عليه. وفي حال قرر الرئيس تبون الاستغناء عن خدماته في التعديل الحكومي المرتقب، وهو الاحتمال الأقرب، فيمكن أن يكون ذلك نهاية لحضوره في المشهد العام بالجزائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول aksal:

    صقر من صقور الدبلوماسية الجزائرية ,محنك ,مخلص لوطنه .إن كان مريضا شفاه الله وعافاه, المهم هو أن معالي الوزير لعمامرة يبقى شخصية وطنية وعالمية فذة.

  2. يقول بــن مهيـــدي (الصحراء الشرقية):

    في إطار الحرب الضروس التي تدور رحاها بين أدرع الحاكمين الفعليين… و التغييرات الكثيرة تنم عن عدم استقرار و ارتباك كبيرين.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية