البعد الدلالي للتجريد في أعمال المغربية نعيمة فنو

تطرح التشكيلية نعيمة فنو البعد الدلالي مقترنا بالتجريد وبالمقصديات الجمالية، في صيغ تشكيلية متعددة الرؤى والمضامين، وتتفاعل مع المعطيات التشكيلية المعاصرة برصيد ثقافي ينبثق جله من مجالها التعبيري شعرا أو تجريدا، ومن الرؤى الفلسفية التي تمنح أعمالها بعدا فنيا مليئا بالدلالات وتعدد المعاني، فهي الشاعرة والفنانة التشكيلية التي خاضت في عمق الإبداع. وهي توظف تجربتها في هذا المنحى بتحويل أبجدية الأشياء بحسية وأسلوب تجريدي متنوع المسالك الجمالية، فتتخذ من الأشكال والألوان أدوات تتحكم في الفضاء عبر صياغات فنية دقيقة، تمثل مواد تشكيلية للتعبير عن مختلف المضامين المضمرة بإلهام ورؤى، وبسحر فني عميق الدلالة، وتسخر لذلك رصيدا من الأشكال والألوان والتقنيات العالية، للتعبير وفق صور تجريدية معاصرة، تؤهل المبدعة إلى اعتماد جهاز مفاهيمي يروم المادة التشكيلية في سياقها الفني، وفي سياق العلاقات التحاورية، التي تربط مختلف المفردات الفنية والعناصر التجريدية بالأبعاد الجمالية؛ بأسلوب فني يتغيا مفاهيم ذات مغازٍ عميقة، ودلالات تستهدف البعد البصري للقارئ.
وتشكل المادة التجريدية أحد أهم المسالك التشكيلية التي تتوسلها المبدعة نعيمة، إذ تبني فضاءها الناعم باعتماد أشكال جمالية ذات عمق دلالي متعدد المعاني. فالعلامات اللونية، والأشكال التعبيرية تتوقف على مساحات يلفها الغموض، وهي تعبيرات حتمية ينسجها إلهام المبدعة واجتهاداتها في مساحات تعبيرية رائقة تستهدف المعنى والبعد الدلالي.

التشكيلية المغربية نعيمة فنو

أعمال الفنانة نعيمة فنو الإبداعية تتبدى فيها مناحي الجمال بقدر ما تضمره من مضامين خفية، لكنها في الآن نفسه تقارب ماهية المادة البصرية، التي تشكلها عين القارئ بالمادة التجريدية التي تجعل أعمالها التشكيلية مثقلة بالإيحاءات والإشارات والرموز، التي تتوافر فيها الرؤية الحسية للحياة، وتتبدى فيها تجليات المضامين. إن هذا التوافر يجعل من لوحاتها مادة خصبة لإنتاج المعاني والدلالات المتنوعة، بسياقات مختلفة، وهي تصب في تشخيص قوي لمضمرات التجريد بتقنيات عالية ترصد المعالم الجمالية بحس فني بديع، وتبسط التحولات المرتبطة بالظواهر الفنية، وهو أمر ينتهي إلى إدراك الحقيقة المعرفية التي تتوخاها من خلال العملية الإبداعية، لهذا تتبدى أعمالها متسمة بالخطابات المخفية وراء حجب اللون والشكل، والمحتوية لخزان من المعاني، التي تستمد وجودها من نبع تجريدي متعدد المناحي، ومن التصورات والرؤى التشكيلية، ومن عدد من العوالم الفنية والثقافية، لترسي قاعدة العمل الفني المبني على أسس من الجماليات التجريدية الحمّالة لأوجه من المضامين المتعددة المعاني.
إن لجوء الفنانة التشكيلية نعيمة إلى هذا المسلك الإبداعي يحيل إلى جملة من معارفها وفلسفتها في المجال، فسحرية التجريد المعاصر، تعتمد الاغتراف من بحور فنية على مستوى التقنيات والخامات وصناعة الأشكال وتوظيف الألوان، إنها عناصر تُفضي إلى تأليف عوالم تشكيلية للأسلوب التجريدي بعناصره ومفرداته، وهي بذلك تمنح أعمالها التشكيلية مختلف القيم الفنية والجمالية، لتجيب عن التساؤلات الغامضة في عمق المادة التجريدية.
تفاعل نعيمة فنو مع المادة التعبيرية منحها تشكيلا معاصرا مغايرا للمألوف، ولونا تجريديا رائقا، ينبني على قاعدة فنية مليئة بالاختيارات التشكيلية التي تجعل لوحاتها تعبيرا يتفاعل مع مجمل التأويلات التي يستدعيها كل عمل فني، لتؤكد حضورها القوي في صفوة المشهد التشكيلي بقدر ما تحمله من خصائص فنية فريدة وجماليات متعددة جديرة بالمتابعة النقدية، لأنها تستلهم من الفن التشكيلي المعاصر مكوناته وعناصره ومراميه الإبداعية المتطورة، ويتضح ذلك جليا من خلال توظيف المساحة واللون والشكل على نحو جمالي يبرز العمل التجريدي في رونق وبداعة.

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية