الاستيطان في الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة سياسة رسمية لدولة إسرائيل

وائل الحجار
حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: في تقرير بُثّ أخيراً على شبكة «سي إن إن» الأمريكية، سألت المراسلة وزير «الثقافة» في حكومة أقصى اليمين الإسرائيلي أميحاي إلياهو عما إذا كان استيطان غزة الذي ينادي به مع غيره من رموز التنظيمات الاستيطانية المتطرفة في إسرائيل فعلا أخلاقيا.
كان ردّ الوزير، الذي دعا في الأشهر القليلة إلى النظر في استخدام السلاح النووي في القطاع الفلسطيني المنكوب، بأن سألها بدوره «ولماذا تعتقدين بأنه من غير الأخلاقي أن أخذ الأرض من شخص يريد قتلي، لماذا هو «غير أخلاقي» أن أستعيد أرضي حيث كان أسلافي يعيشون، بل واعطائها لشخص يذبح ويغتصب، ويقتلني».
والحال، أن أسلاف الياهو، وجدّه الأكبر حاخام مهاجر من العراق، لم يعيشوا قطّ في قطاع غزة الفلسطيني، التي احتلّت إسرائيل ما تبقى منه في عام 1967، ثم فككت مستوطناته عام 2005 ضمن خطة الانسحاب أحادية الجانب التي هندسها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون.
في التقرير نفسه لـ«سي إن إن»، لا تتردد دانييلا فايس، زعيمة حركة «نحالا» المتطرفة في التصريح بأن العرب لن يبقوا في القطاع وأن «اليهود هم من سيعيشون هناك».
وادّعت فايس، المتحدرة من أب أمريكي وأمّ بولندية، أن أكثر من مليوني فلسطيني هم سكان القطاع «فقدوا حقهم في العيش» في غزة بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وعندها واجهتها المراسلة كلاريسا وارد بالقول «هذا يبدو وكأنه تطهير عرقي»!

«سفير فلسطين لدى الجامعة العربية لـ«القدس العربي»: جريمة حرب»

الأمر نفسه تكرره فايس في تصريحات لمراسلة «بي بي سي» أورلا غيرين.
وحسب تقرير «بي بي سي» فإن «دانييلا فايس (78 عاما) التي تعتبر «أمّ الحركة الاستيطانية في إسرائيل» كما تقول، أعدت قائمة بـ500 عائلة مستعدة حالا للانتقال إلى غزة.
وتنقل «بي بي سي» عن فايس: «لدي أصدقاء في تل أبيب يقولون لا تنسِ أن تحتفظي لنا بقطعة قرب الساحل في غزة، لأنه ساحل جميل جدا جدا وبرمال ذهبية”.
لكن هذه التصريحات العنيفة والصارخة من متطرفين بعضهم في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، وبعضهم يغرّد بانسجام على يمينه، بخصوص عودة الاستيطان إلى غزة وطرد السكان الأصليين، يكتسب بعداً أكثر خطورة في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
هناك، في الضفة والقدس، واقع ينمو باطراد، يهدّد بعواقب خطيرة على الفلسطينيين من أهل الأرض، وعلى مستقبل أيّ حل سلمي يقرّ به المجتمع الدولي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي مقدمته حل الدولتين الذي يتصدّر اليوم عناوين السياسة الخارجية الأوروبية، والأمريكية وإن بشكل أقل.
يعيش أكثر من 750 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة والقدس حسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية، في خرق واضح للقانون الدولي، وببنية تحتية تقطّع أوصال المناطق الفلسطينية بالطرق السريعة، وتجعل التجمعات الفلسطينية من مدن وقرى وبلدات معزولة عن بعضها، وتذكّر العارفين بالطرق السريعة التي كانت تقام في مدن جنوب افريقيا لتفصل تجمعات السّكان الأصليين عن مستعمرهم المدجّج بالسلاح، وبسلاح الدولة الرسمي.
ويعبّر إلياهو ودافيس عن تيار عريض في المجتمع الإسرائيلي يدعو إلى تكثيف الاستيطان في مجمل «إريتز إسرائيل» (أرض إسرائيل)، وليس فقط عودة الاستيطان إلى غزة.
وجزء كبير من هذا التيار، يرتبط بأصول فكرية وتنظيمية مع أكثر الأجنحة تطرفاً في الطّيف السياسي الإسرائيلي، وهو امتداد في جزء منه لتيار الكاهانية الممثل في حكومة بنيامين نتنياهو بحزب «القوة اليهودية» أو «العظمة اليهودية» الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، العضو السابق في حركة «كاخ» الإرهابية المحظورة، والقابض على مفاصل الأمن اليوم في الضفة والقدس المحتلتين.
ويشترك مع بن غفير حليفه بتسلئيل سموترتيش، وزير المال، عن حزب «الصهيونية الدينية»، الذي لا تقلّ جذوره الفكرية وبرامجه السياسية الداعية إلى احتلال كل أرض «إسرائيل التوراتية»، أي أرض فلسطين التاريخية، وعمليّا من النهر إلى البحر، ومنح الفلسطينيين أقلّ قدر ممكن من الحكم الذاتي المحدود، فضلا عن تهجيرهم تحت مسميات عدة، ليس أقلّها شهرة في زمن الحرب الوحشيّة التي لا سابق لها على غزة، الشعار الخبيث المسمى «الهجرة الطوعية».
وفي تقرير «سي إن إن» نفسه، وكذلك في تقارير عديدة في الإعلام الأمريكي، يقرّ نشطاء من اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفا، المرتبطين مباشرة بحركة الاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بجمعهم تبرعات لأنشطتهم في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في سواها من دول العالم.
ولجأت الولايات المتحدة ومعها دول في الاتحاد الأوروبي أخيرا إلى فرض عقوبات على بضع أفراد وكيانات استيطانية، بعدد اليد، في موقف تسعى فيه لتبيان رفضها السياسات الاستيطانية الإسرائيلية.
لكن الجميع يعرف، وأولها حكومات هذه الدول، أن سياسة الاستيطان لا تقتصر في إسرائيل على كيانات وأفراد، بل كانت ولا تزال سياسة رسميّة إسرائيلية، كان رائدها في سبعينيات القرن الماضي حزب الليكود الواصل حديثا آنذاك إلى السلطة.
ولا يخفى على دوائر صنع القرار في الاتحاد الأوروبي خصوصاً – وهو «المبشّر الأخلاقي» بسيادة القانون الدولي – وفي واشنطن، بأن التبرعات للاستيطان لا تأتي فقط من أفراد ومنظمات تجمعها في كل أصقاع الكرة الأرضية، وتحت ناظر هذه الحكومات، بل إن الأموال التي ترد إلى إسرائيل بقنوات عديدة، تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تعزيز الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة.

«يهودا والسامر» مهد الشعب اليهودي»

يُعدّ أرييل شارون، رائدَ الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
فشارون، الآتي إلى السلطة في سبعينيات القرن الماضي وزيرا للزراعة ثم وزيرا بحقائب مختلفة، في حكومة حزب «الليكود» التي استلمت الحكم بعد عقود طويلة من حكومات حزب العمل وحلفائه، أسّس فعلياً لبنية تحتية استيطانية أوضح منابتها الفكرية بشكل لا لبس فيه.
ينقل أوري دان في كتابه عن شارون «آرييل شارون – نقاشات حميمة» نظرته الفخورة للاستيطان في الضفة المحتلة.
يقول شارون «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) هي مهد الشعب اليهودي، والشعور بأن لديك الحق – وهو عنصر حاسم في الأمان – يعتمد أساسًا على العيش في المكان الذي يخصك. كانت الفكرة بأن الجانب الأمني فقط هو ما يهمّ، خطأ».

«آرييل شارون رائد الاستيطان في الضفة اعتبره حقّا للشعب اليهودي»

ليس الجانب الأمني الذي تذرّعت به إسرائيل – في الماضي على كل الأحوال – لتبرير حركة استيطانها، هو المهمّ في نظر أب الاستيطان في الضفة، بل «الحقّ» في الأرض والعيش.
ويتعارض ذلك قطعا مع تبريرات المحكمة العليا في إسرائيل التي ارتكزت في روحية أحكامها إلى ما تعتبره أمن إسرائيل، وأصدرت احكاما جائرة على مدى السنوات الماضية سلبت الفلسطينيين أملاكهم بذرائع مختلفة، علما أن بعض أعضاء هذه المحكمة كانوا من المستوطنين أنفسهم.
وخلال سنوات قليلة، يقول أوري دان في كتابه، من عام 1977 (تاريخ استلام الليكود للحكم) وحتى 1981، أرسى شارون أكثر من 60 مستوطنة في الضفة المحتلة، ثم خلال تبوّئه مناصب وزارية عدة كالدفاع والتجارة والبنية التحتية والإسكان، دعم هذه التجمعات الاستيطانية حتى وصل عددها إلى 150.
ولم تفعل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سوى تعزيز سياسة الاستيطان على الرغم كل الاعتراضات الخجولة الصادرة عن دول غربية، وفي مخالفة صريحة للقانون الدولي أوضحها قرار استشاري صادر عن محكمة العدل الدولية عام 2004.
ويلفت أكاديمي بريطاني متخصص في القانون الدولي انتباه «القدس العربي» إلى الفقرة 120 في نص القرار الصادر عن المحكمة في تموز/ يوليو 2004، والتي تقول المحكمة فيها، استنادا إلى المادة 49 – الفقرة السادسة من اتفاقية جنيف الرابعة، إن إنشاء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مخالفةً لشروط المادة 49، ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة (452 و465)، لتخلص إلى أن إنشاء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة حصل في مخالفة للقانون الدولي.
ويشير الرّأي الاستشاري لأعلى محكمة لدى الأمم المتحدة إلى فقرات هذه المادّة التي تنص على أنه «لا يجوز للقوة القائمة بالاحتلال أن تنقل أو ترحّل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الإقليم الذي تحتله».
وبحسب قرار المحكمة فإن «هذا الحكم يحظر ليس فقط الترحيلات أو النقل القسري للسكان مثل تلك التي نُفذت خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضاً أي إجراءات تتخذها قوة احتلال بغرض تنظيم أو تشجيع نقل أجزاء من سكانها إلى الإقليم المحتل».
وتلحظ حيثيات القرار أن المعلومات المقدمة للمحكمة تظهر أنه «منذ عام 1977، قامت إسرائيل بتنفيذ سياسة وتطوير ممارسات تشمل إنشاء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مخالفةً بذلك شروط المادة 49، الفقرة 6».

مواقف أوروبية وأمريكية

من الواضح اليوم، أن المجتمع الدولي، فشل في منع إسرائيل، الرسمية، في توسيع مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بل زادت وتيرة الاستيطان على مدى عقود.
وشهدت الحرب الإسرائيلية على غزة، مزيدا من التوسع ومصادرة الأراضي وصفته «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» الرسمية الفلسطينية، وبعدها الاتحاد الأوروبي، بـ أوسع» عملية استيلاء على أراضي الضفة الغربية منذ 30 عامًا بدعوى أنها «أراضي دولة». ومع كل خطة تصبّ في سياق تعزيز الاستيطان كانت حكومة بنيامين نتنياهو تتخذها، كانت السلطة الفلسطينية ترفع الصوت مؤكدة أن الإجراءات العقابية الخجولة التي اتخذتها بعض الدول أخيرا وتمثلت بفرض عقوبات على افراد وكيانات، ليست كافية.
فتعزيز الاستيطان في الضفة، فضلا عن أنّه يخلق مناخات مواتية لتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض، فإنه يشكل عائقا واضحا أمام تطلعاتهم المستقبلية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
عمليا يجعل ذلك خيار الدولة غير قابل للتحقيق.

«نتائج عكسيّة على السلام»

وتبدو الإدارة الأمريكية الحالية واعية لهذا الواقع. ففي إجابات على أسئلة «القدس العربي»، تقول إليزابيث ستكني المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأمريكية « لقد كانت سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد هي أن المستوطنات الجديدة تأتي بنتائج عكسية على قضية السلام. وهي تضعف أمن إسرائيل، ولا تعززه، وتبعدنا عن رؤية الدولتين لشعبين».
لكن الولايات المتحدة لم تكن دائما تتخذ هذا الموقف. سبق لمايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي في عهد إدارة دونالد ترامب السابقة أن اعتبر في تصريحات علنية ان إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تتعارض مع القانون الدولي.
ذهب أبعد من ذلك في زيارة قام بها في تشرين الثاني نوفمبر عام 2020 إلى مستوطنة «بسجوت» في المنطقة المحتلة شرقي رام الله، ليعلن تصنيف بلاده منتجات المستوطنات في الضفة الغربية، على أنها «إسرائيلية» ويقول إن المستوطنات «جزء من إسرائيل الشرعية».
هذا لا يعني أن إدارة الرئيس جو بايدن تتخذ الموقف نفسه، لكن السياسات الأمريكية «طويلة الأمد» لم تكن أبدا في موقف حازم ضد الاستيطان..

الخارجية الأمريكية: مخالف للقانون

مع ذلك، تقول ستكني لـ«القدس العربي» إن «موقف إدارة بايدن هو أن برنامج الحكومة الإسرائيلية الاستيطاني يتعارض مع القانون الدولي» و»إدارة بايدن تتمسك بمعارضتها الصارمة للتوسع الاستيطاني».
ونسأل المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية عن الخطوات التي يمكن للإدارة أن تتخذها لمواجهة الاستيطان، فتقول «نريد أن نتجنب الانطباع بأن الولايات المتحدة تقدم ترخيصا أو ذريعة لمزيد من التوسع في المستوطنات. ونحن ننقل هذه المعارضة للمسؤولين الإسرائيليين علنا، وفي محادثاتنا الخاصة معهم، بما في ذلك على أعلى المستويات في حكوماتنا».
وتتابع «بالإضافة إلى موقفنا هذا، أصدر الرئيس بايدن في شهر شباط/فبراير أمرا تنفيذيا يمنح وزارة الخارجية سلطات جديدة لفرض عقوبات على المسؤولين عن تقويض السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية، وفرضت الوزارة عقوبات على أربعة أفراد».

«حل الدولتين في مهبّ ريح الاستيطان»

وتقول: «وأخيرا، فرضنا المزيد من العقوبات على ثلاثة أفراد إسرائيليين متورطين في تقويض الاستقرار في الضفة الغربية. لقد قمنا أيضا بتصنيف مزارع تمثل بؤراً استيطانية في الضفة الغربية مملوكة أو خاضعة لسيطرة أفراد تحت قائمة العقوبات، وقد استغلت هذه المزارع كقاعدة لشن أعمال العنف، وهي غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي».
وترى ستكني أنه «من الأهمية أن تتخذ إسرائيل إجراءات إضافية لوقف عنف المستوطنين ومحاسبة المسؤولين عنه».

«أكبر مصادرة منذ أوسلو»

ولا تختلف مواقف الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، عن سياسة الإدارة الأمريكية، وإن كانت معارضة الاستيطان كانت دائما سياسة رسمية أوروبية.
ويحيلنا مسؤولو الاتحاد الأوروبي، عندما سألتهم «القدس العربي»، إلى بيانات صادرة أخيرا عن المفوضية الأوروبية تعتبر كلها أن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين تتنافى مع القانون الدولي.
ويشير المكتب الإعلامي للاتحاد الأوروبي لـ«القدس العربي» إلى مضمون تصريح بيتر ستانو كبير المتحدثين لشؤون الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد يدين فيه بشدة إعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أكثر من 800 هكتار من الأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كـ«أراضي دولة»، ويعتبره «أكبر مصادرة منذ اتفاقيات أوسلو».
ويؤكد أن «المستوطنات تشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني»، ويذكّر بأنه في «مجلس الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع (الأسبوع الماضي)، أدان قادة الاتحاد الأوروبي قرارات الحكومة الإسرائيلية بتوسيع المستوطنات غير القانونية عبر الضفة الغربية المحتلة، مطالبين إسرائيل بالتراجع عن هذه القرارات».
ويصرّح ستانو بأنه «لن يعترف الاتحاد الأوروبي بتغييرات على حدود عام 1967 إلا إذا تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف».
ولكن المكتب الإعلامي للاتحاد أوضح لـ»القدس العربي»، وفي رد على سؤالنا بشأن التّبرعات التي يتلقاها مستوطنون في الضفة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي انحاء أخرى في العالم، أن «الاتحاد الأوروبي لا يمتلك الصلاحيات المتعلقة بجمع الأموال من قبل كيانات خارجية في دول ثالثة».
وعلى الرغم من كل هذا، إلا أن السلطة الفلسطينية ترى أن مواقف هذه الدول لا تشكل رادعا حقيقيا لإسرائيل.

فلسطين: جريمة حرب

ويرى السفير مهند العكلوك، مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية، أنه «في ضمن سياسات الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس ترامب كان هناك قرار صدر عن الإدارة الأمريكية يقول إن الاستيطان الإسرائيلي لا يخالف القانون الدولي»، وحاز هذا الموقف «إدانة واضحة من جامعة الدول العربية».
وإضافة إلى ذلك، يقول العكلوك لـ»القدس العربي» إن «الاستيطان الاستعماري غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة هو جريمة حرب متكاملة الأركان لا يمكن دحضها»، و»هذا الملف هو أحد الملفات التي أحالتها دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب تخالف ميثاق تنتهك ميثاق تحالف تنتهك ميثاق روما المؤسس».
ويعتبر الدبلوماسي الفلسطيني أن «نقل سكان الدولة القائمة بالاحتلال إلى الأرض المحتلة، وبنفس الوقت تهجير المواطنين الفلسطينيين من أرضهم التي يتم استيطانها، ومن محيط أرضهم التي يتم استيطانها التي تسمى بالمنطقة العازلة أو المحميات المستوطنات إلى خارج أراضيهم، وما يتفرع عن جريمة الاستيطان من جريمة اضطهاد المواطن الفلسطيني والتمييز العنصري ضده»، هو من أيضا من «وسائل تطبيق نظام الفصل العنصري الأبارتهايد الإسرائيلي».

«وزير إسرائيلي وزعيمة مستوطنين يدعوان لطرد فلسطينيي غزة»

ويؤكد أن فلسطين رفعت هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب، وكذلك إلى محكمة العدل الدولية وأن جامعة الدول العربية دعمت دولة فلسطين في هذه الخطوات.
ويشدّد على أن الاستيطان هو «سياسة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي معلنة وغير منكرة ولا يتم دحضها أو التحقيق فيها من قبل الاحتلال الإسرائيلي».
ويشير إلى أن «إرهاب المستوطنين الإسرائيليين يتم تحت حماية جيش وقوات الاحتلال الإسرائيلي» وأن ذلك «أصبح سياسة منهجية لدى الاحتلال الإسرائيلي وهي تربية وتنشئة الإرهابيين الإسرائيليين، المستوطنين، الإرهاب، الإرهابيين الإسرائيليين.».
ويرى أن السياسة الإسرائيلية الرسمية معلنة وتحديدا من جانب وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، و»هو أيضا مسؤول عن سياسات الاستيطان».
ويتابع العكلوك «هذا المستوطن العنصري الإسرائيلي كُلّف بالمسؤولية عن سياسات الاستيطان، ونحن نعلم بأن لدى هذا الإرهابي الإسرائيلي سموتريتش خطة سماها بخطة الحسم، والتي تتحدث عن أن الفلسطيني أمامه ثلاث خيارات في الضفة الغربية المحتلة التي يسمونها ظلما وزورا وبهتانا يهودا والسامرة. الخيار الأول وهو أن يعمل خادما لدى الاحتلال الإسرائيلي. الخيار الثاني أن يهجر خارج أرضه، والخيار الثالث أن يقتل أو يودع في السجن. هذه خطة الحسم».
أما المسؤول الثاني في حكومة نتنياهو عن الاستيطان فهو بن غفير «الذي أيضا قام بتوزيع في الآونة الأخيرة عشرات الاف البنادق والأسلحة الأوتوماتيكية على المستوطنين كي يزيد الإرهاب».
ويكّرر العكلوك بأنّ فلسطين قدّمت للجامعة العربية «قائمة من ستين منظمة بعضها مخصص لاقتحام المسجد الأقصى، ولهدم المسجد الأقصى المبارك والتجهيز والتحضير إلى ذلك، وبعضها مخصص لإرهاب والمواطنين الفلسطينيين، وحرق ممتلكاتهم وحرق مزارعهم وبيوتهم، وجعل معيشتهم أو حياتهم في الضفة الغربية مستحيلة»، وقد أقرت الجامعة في اجتماعاتها هذه اعتماد القائمة.
ويجدّد العكلوك مطالبته الدول العربية بإدراج هذه المنظمات على لوائحها، داعيا أيضا إلى «تطبيق عقوبات واضحة على رؤساء الحركات الاستيطانية والمجالس الاستيطانية بما يشمل وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي على سبيل المثال سموتريتش وبن غفير».

مستعمرة أم مستوطنة؟

يختلف وصف التمدد الاحتلالي الإسرائيلي في المصطلحات المطلقة عليه.
وفي حين أن المصطلح الإنكليزي Settlement هو الرائج في الوسط الأنلكو ساكسوني، والرائج كذلك في ترجمته العربية (مستوطنة)، فإن التعبير الفرنسي عن هذه التجمعات الاحتلالية المخالفة للقانون الدولي هو Colonie التي تعني بالعربية «مستعمرة»، والأمر نفسه بالنسبة لبقية اللغات اللاتينية: Colonia بالإسبانية وبالإيطالية.
وتعتمد الدبلوماسية الرسمية لدولة فلسطين هذا التعبير في إشارتها إلى «المستوطنات» في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، فتصفها بالمستعمرات، وتصفهم بالمستعمرين.
ويحدد قاموس أوكسفورد معنى (colony – مفرد colonies) بأنه «بلد أو منطقة تخضع لسيطرة سياسية جزئية أو كاملة من بلد آخر ويحتلها مستوطنون من بلد آخر».
ومن ضمن الشروح التي يقدمها قاموس أكسفورد لمعنى Settlement «منطقة حيث تعيش عائلة أو مجموعة عائلات سويا» سواء في الريف أو في البلدات والبلدان»، كذلك يوجد معى آخر بحسب قاموس أوكسفورد وهو «فعل إرساء مستعمرة».
وفي رأي حقوقيين وقانونيين ونشطاء يعبّر مصطلح «مستعمرة» بالعربية عن المعنى القانوني الصحيح للواقع القائم في فلسطين المحتلة، وهو يرتبط بمصطلح الاستعمار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية