إنزل بهدوء

الى اين ذهبت يا فائر؟
جسدك مسجى على طاولة امك،
في حنجرتك غمغمة العودة،
الى حضنها،
وفي اذنيك وعود المؤبنين بالزيارة.

تريد ان تهدأ؟

قريتك صغيرة، و بيتك صغير،
وانت تعرف
ان الزمن لا يتبادل الزيارات مع اشيائه،
ولا يربت على ظهر تاريخ و مرثية،
ولا يستدر ليرى
كيف استقرت المحطات بعد عبوره،
وكيف وجدت الذرائع سبيلها
في تسويغ انقضائه.

عليك ان تهدأ،
لتُحضِّر وجها لملاقاة الوجوه
في الاجواف،
وتفصلَ ياقة طرية بيضاء
للقائك الاول مع الرطوبة.

عليك ان تهدأ،
لان اللقاءات لن يضبطها تِرم،
الوقت والجوف طرفا الهوية
متعالقان في كل الابعاد،
انت كنت انت،
وانت صرت انت،
في بيت امك ،
على طاولتها،
في حاكورة منزلها،
مطمور تحت جب الهليون.

انت انت،
مسند ومسند اليه،
كالحجة العالقة في ماء المخاض.

انت كنت انت
وصرت انت،
افتراض متطابق الابعاد
متعاكس في توازي المعادلة،
انت الفعل و النتيجة.

لماذا استثرت العراء بعدما كنت تهرب منه؟
أوَ حسبت انه قفير نحل،
لدغتان يطفئهما طعم العسل؟
إنزل يا ‘محروم’ يا ملدوغ، مرة و مرتين و أكثر،
انت بلا ذاكرة، كمن يحمل شمسية و لا يفتحها.

انزل و اهدأ،
واسترخ،
لتتلمس فراغ الافتراض
لن يكون لك ان تكابر
وتُعكر صفو العالم
وتتظلم من عبث المطابقة بين شطري الهوية.

إهدأ
لأنك نسيت العيون التي وضعت لك عبارة في فمك،
الكتب المتروكة على الرف،
صورتا جديك مخفيتان تحت ملاءة زهرية،
اكياس ‘الناريت’ مستفة في البهو،
الشقة البهية،
ملعب كرة القدم الفارغ ،
صوت الحاجة التي قتل ابنُها ابنَها في ‘معارك الأخوة’،
كسمُ زوجها المتكوم في كرسيه الابدي على الشرفة،
انصابُ الاحبار المختفين و الظافرين في الشوارع.

نسيت القيامات.
انت بلا ذاكرة، تماما كالماء
او كحبة دواء.

إهدأ وانزل في سكون،
ولا تظنن انك ستعود من الجوف تقول:
‘أنا لعازر جئت من الموت ، جئت أقول لكم…’

انزل مع السردية،
هي منك وانت لها،
وإن صادفت صدفة بزاق خالية
اقض بعض الوقت فيها
واستمع لاحتدام السماد.

وأنا سأذكرك كلما رأيت صورك على عامود الكهرباء.

*شاعر لبناني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية