إعلام دولي وغرف مغلقة وأقمار اصطناعية: إسرائيل تسعى لاحتلال القطاع وتهجير الفلسطينيين

حجم الخط
0

في الأسابيع الأولى من الحرب طردت إسرائيل معظم السكان الفلسطينيين في شمال قطاع غزة من بيوتهم، بحجة أنها بهذا تضمن سلامتهم في وقت اجتياح بري (“المناورة”) للجيش الإسرائيلي وحربه ضد حماس. في الوقت التي يكتظ فيه اللاجئون الجدد في رفح، دمرت إسرائيل قسماً كبيراً من مدينة غزة وضواحيها: منازل، محلات، مدارس، جامعات ومؤسسات الحكم. وبقاطع على طول الحدود بعرض نحو كيلومتر، اجتاز الجيش “كشفاً” – إزالة منازل وطرق ومزروعات – كي يشكل حزاماً أمنياً مستقبلياً يحظر دخول الفلسطينيين إليه. وشق الجيش الإسرائيلي طريقاً يبتر القطاع إلى قسمين، سيقيم على طوله معابر حدود بين شمال القطاع وجنوبه.
الفلسطينيون الذين بقوا في شمال القطاع يتمسكون ببيوتهم المدمرة، ويتعرضون لخطر الجوع حسب تحذيرات الأمم المتحدة، وترفض إسرائيل نقل المؤن إليهم في المسار القصير، عبر معبر ايرز المغلق. في المفاوضات مع حماس على وقف النار وعلى تبادل مخطوفين وسجناء، رفضت إسرائيل عودة كل اللاجئين إلى شمال القطاع، ووافقت فقط على عودة نساء وأطفال في المرحلة الأولى. تتصاعد في إسرائيل دعوات لتحويل احتلال شمال القطاع إلى واقع دائم، مثل الوضع في الضفة الغربية، وإقامة مستوطنات لليهود في مكان المدن والقرى الفلسطينية التي دمرت في الحرب. وتشارك في هذه الدعوة اليوم أحزاب اليمين المتطرف: “عظمة يهودية” و”الصهيونية الدينية”، وأعضاء كثيرون في كتلة الليكود. رئيس الوزراء نتنياهو الذي تحدث في البداية ضد استيطان يهودي في غزة، يتحدث الآن عن إقامة طويلة في القطاع، ويعارض كل حكم فلسطيني هناك في “اليوم التالي” للحرب.

إن قرارات طرد السكان وهدم منازلهم وإقامة كشف قاطع للحدود وشق طريق البتر… اتخذتها غرف مغلقة، برعاية ضباب الحرب ودعوات للثأر من الفلسطينيين على مذبحة 7 أكتوبر في بلدات الغلاف. وامتنعت الحكومة والجيش عن نشر هذا للجمهور، أما المعلومات حول هذا الوضع في المنطقة فتأتي من هيئات ووسائل إعلام دولية أو من صور الأقمار الاصطناعية. كلما مر الوقت تعاظم التخوف من أن يصبح النزوح والدمار واقعاً دائماً، ويصبح سكان شمال القطاع لاجئين مثل آبائهم وأجدادهم عام 1948. محظور لهذه الحرب، التي استهدفت إسقاط حماس وإعادة المخطوفين إلى إسرائيل والتي لم تحقق أهدافها حتى بعد أشهر طويلة، أن تصبح نكبة ثانية للفلسطينيين. إن مستقبل إسرائيل وأمنها ورفاهها يكمن في حياة مشتركة مع الفلسطينيين ومع باقي الدول العربية المجاورة، وليس في خلق موجة لاجئين جديدة – ستقسم على الثأر. إن الاحتلال الطويل وإقامة مستوطنات في قطاع غزة سيكونان جريمة حرب وجريمة أخلاقية وسيعمقان النزاع ويحولان إسرائيل إلى دولة منبوذة في العالم كله.

أسرة التحرير
هآرتس 27/3/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية