إحباطات عام 2013 وآمال 2014

ودعنا عام 2013، واستقبلنا عاما جديدا..الناس يستقبلون سنة جديدة وقلوبهم مفعمة بالآمال يتطلعون إلى تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه خلال سنة خلت..يرسمون أحلاما جديدة ويطمحون لتحقيقها كأفراد..

لكن أحلام الجماعات والشعوب تختلف، آمال الشعوب يتم التعبير عنها بواسطة التطلع لقيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..

ودعنا سنة مليئة بالآلام والإحباطات، حينما نراجع أبرز ملامحها نتوقف أساسا لنتأمل فيما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية، رياح التغيير التي هبت منذ بداية سنة 2011 تحولت إلى عواصف رعدية دخلت معها بلدان عديدة في أزمات حادة انتهت في مصر إلى الباب المسدود بعدما تم تعطيل المسار الديمقراطي وتدخل الجيش ليحكم البلاد بقبضة من حديد وليزج بالرئيس المنتخب في السجن هو وجماعته التي تحولت إلى جماعة إرهابية بقرارات الربع ساعة الأخيرة..وبعدما كانت ثورة 25 يناير تبشر بتحول المحروسة إلى قاطرة لاستنهاض مقدرات العالم العربي، استطاعت الثورة المضادة للجيش إحباط آمال العديدين، وكادت ارتداداتها أن تصيب بلدانا أخرى..

في تونس كادت النخب السياسية أن تفقد زمام التحكم في إدارة المرحلة الانتقالية، ولازالت البلاد تتخبط في أزمة سياسية يجري تدبيرها بكثير من الصبر والحكمة والصمود لمنع عودة البلاد إلى مربع الصفر ولإفشال مخططات التدخل الخارجي التي لا تريد للديمقراطية أن تستقر في المنطقة العربية..

في سوريا دخلت البلاد في دوامة من العنف والعنف المضاد..حروب بالوكالة تدار بين قوى إقليمية فوق بلاد الشام على حساب الشعب السوري التواق إلى الحرية والعيش بكرامة..لقد تم تدمير مؤسسات الدولة، وسقط عشرات الآلاف من المواطنين، وتم تشريد أزيد من مليوني مواطن سوري، دون أن نتيجة معتبرة على الصعيد السياسي..

في ليبيا لازالت الثورة تبحث عن الدولة وسط الانفلات الأمني ومناورات الخارج المتلهف على استغلال خيرات البلاد وثرواتها..

في دول الخليج نجحت سياسة الجزرة في استباق أي محاولة لتحريك الشارع للمطالبة بالحرية، ورغم اختلاف طبيعة الأنظمة هناك، غير أن الخصاص الديمقراطي لا يمكن تعويضه بالرفاه الاجتماعي الذي تستفيد منه فئات معينة..

في العراق جرى تمزيق دولة قوية وانتعشت الطائفية من جديد على أساس العرق والمذهب، وارتفعت لغة العنف لحسم خلافات فشلت النخبة في تدبيرها بلغة التفاهم السياسي والتداول الديمقراطي على السلطة مع تغليب مصلحة الوطن العليا فوق الاعتبارات المذهبية والطائفية..وانطلق فصل جديد من الاحتراب والاقتتال الداخلي الذي يصب في مصلحة الخارج بالدرجة الأولى..

في الجزائر لازال الجيش يحكم قبضته على مفاصل السلطة والثروة، في بلاد تعطل فيها المسار الديمقراطي منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي وجربت حربا أهلية دامت أكثر من عشر سنوات قبل أن تستسلم لشعار قديم ‘سلطان غشوم خير من فتنة تدوم’..وهي اليوم تلعب لعبة إضعاف الجار وتصدير مشاكلها إلى الخارج، مستمرة في تعطيل بناء الوحدة المغاربية عن طريق دعم واحتضان جبهة الانفصال في الصحراء المغربية..

في المغرب، نجحنا في كسب معركة الاستقرار.. في انتظار كسب معركة الإصلاح الحقيقي الذي يحلم به كل مواطن..

تلكم هي أبرز ملامح سنة 2013 سنة الآمال المجهضة..التي كشفت أيضا عن حجم الرهانات الجيواستراتيجية على المنطقة إقليميا ودوليا كما كشفت عن نفاق العديد من الأنظمة الغربية فيما يتعلق بالمسألة الديمقراطية..

مفاجأة الربيع الديمقراطي الذي لم يمهل العديد من التيارت السياسية لحسن قراءة طبيعة المرحلة، رسم للشعوب انتظارات كبرى وآمال عريضة..

المواطنون البسطاء يرجون رحمة من الخالق تضمن لهم حياة مستورة لا يسألون فيها المخلوق، ولا يهمهم الغوص في تفاصيل الحياة السياسية وأرقام المعادلات الاقتصادية..

المواطنون الذين يعبرون عن تطلعات الطبقات الوسطى والفئات المثقفة، يمتلكون وعيا سياسيا يرسم لهم آمالا أخرى، آمال مرتبطة بتوفير نعمة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي فككته سهام الدعاية الإعلامية وحملات التجييش الإيديولوجي بين أبناء المجتمع الواحد..

في مصر، ينتظر المواطنون سنة جديدة تلتئم فيها جراح المحروسة وينجح الشعب في بناء توافقات جديدة تضع حدا للانقسام السياسي الذي تجاوز الطبقة السياسية ليتحول إلى انقسام مجتمعي لم تعرفه مصر خلال تاريخها الطويل..

في سوريا ينتظر المواطنون سنة جديدة يستعيدون فيها حياتهم الطبيعية، ويعود المهجرون إلى بيوتهم وتستعيد الدولة طبيعتها كتعبير عن الرضا الطوعي للمواطنين وحقهم في اختيار من يحكمهم، سوريا في حاجة إلى بناء عقد اجتماعي وسياسي جديد تخرج فيه من لعبة التوازنات السياسية الكبرى، وتستعيد قرارها الوطني..والأهم وقف حمام الدم بين الإخوة الأعداء..مسؤولية النخب السياسية والفكرية في رسم خارطة طريق قادرة على إعادة الثقة للمواطن في مستقبل أفضل..

في بلادي، انتظارات المواطنين في استمرار نعمة الأمن والأمان على البلاد، وفي انطلاق الإصلاحات التي وعدت بها الحكومة الجديدة..

المواطنون يحلمون بقضاء مستقل ونزيه، وفي اقتصاد قوي تسترجع بها الدولة قدرتها على توفير التشغيل للمواطنين وتطوير مرافق الصحة والتعليم والإسكان والخدمات..

المواطن مرتاح لخطاب الحكومة التي نجحت في الحفاظ على الاستقرار، لكنه ينتظر الآثار الاقتصادية لهذا المكسب الكبير، وانعكاساته على الاستثمارات الوطنية والأجنبية وفي استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج..وفي انتعاش السياحة..وفي النهاية انعكاسات كل ذلك على المواطن البسيط في القرى كما في المدن..

والأهم في نظر العديدين، هو الحفاظ على هذا الاستقرار بمؤسسات سياسية قوية تكتسب شرعيتها من انتخابات غير مطعون في نزاهتها..ومن ممثلين نزهاء لم يحصلوا على مقاعدهم بواسطة شراء أصوات الناخبين..

الناس يحلمون ببرلمان ذي مصداقية أكبر يعبر عن انتظاراتهم الحقيقية، ويحلمون بعدالة تنتصر للمظلوم وتقتص من الظالم..وإدارة قريبة منهم خالية من التسويف والتماطل تحل مشاكلهم وتقدم لهم خدمات بدون رشوة..وبيئة نظيفة تضمن لهم تنمية مستديمة لهم وللأجيال القادمة..

آخرون يريدون احتراما أكثر لحقوق الإنسان، وتثبيتا للحق في الاحتجاج والتظاهر، وتسوية عاجلة لملف المعتقلين على خلفية انتمائهم السلفي الجهادي..

تلكم كانت إحباطات سنة 2013 وآمال فئات عريضة من المواطنين المعلقة على سنة 2014..

متمنياتنا بالسلم والسلام للشعوب العربية وبعودة الحرية المسلوبة وبالرفاهية والازدهار للجميع..

كل عام وأنتم بألف خير..

‘ كاتب من المغرب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الكريم البيضاوي.:

    “…المواطنون البسطاء يرجون رحمة من الخالق تضمن لهم حياة مستورة لا يسألون فيها المخلوق…”

    الرحمة من الخالق ؟ ألذالك لا أحد يسأل عنهم؟ ومن سيوصل إليهم هذه الرحمة على شكل تسهيلات ومساعدات مادية وأثمنة خبز وشاي على قدر المستطاع ؟.

    ألم يكونوا مواطنين يوما في وطنهم وحقهم في ثروة الوطن كحق أي آخر كان؟.

    لماذا عليهم فقط إنتظار رحمة الخالق حتى يبقى المخلوق في هناء وراحة بال؟
    على القيادي في حزب المصباح أن يحسب الف حساب للبسطاء فقط لأنهم بسطاء , يسهل عليهم ركب أي موجة كانت فقط تعدهم بخبز وعيش كريم.

    إنهم خطر نائم قد يستيقظ, كن على يقين أن أول من سيسألون بدون شك هوالمخلوق.

إشترك في قائمتنا البريدية