أسطورة الإعلام الأمريكي الحر انتهت.. وتمنيات بأن يكون 2014 عام العدالة

حجم الخط
1

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ من : أهم أخبار وموضوعات صحف الاثنين امس 30 كانون الاول/ديسمبر ليس انفجار السيارة المفخخة في محيط مبنى المخابرات الحربية في أنشاص وجرح أربعة مجندين، فهذا الحادث وغيره مما سيقع، وما سبقه غير مهم، فقد سبقه هجوم أشد قرب مبنى المخابرات الحربية في الإسماعيلية وفي العريش وتفجير مبنى مديرية الأمن في المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية، لأن هذه العمليات يائسة، ولا نتيجة لها، إلا بانزال أشد العقاب، بمن ارتكبها وحرض عليها ومولها، وسيتم وقفها، لكن المثير في هذه العملية، انها وقعت في منطقة خطرة، فهي مكان المفاعل الذري، والقاعدة الجوية الكبيرة، خاصة أنه تم من مدة ضبط وكر فيه قذائف آر بي جي، أي اننا امام ملامح عمليات قد تستهدف المفاعل والقاعدة.
واهتمت الصحف كذلك بتغطية إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية قبل مجلس النواب. وحفظ جهاز الكسب غير المشروع البلاغات المقدمة ضد المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، باعتبارها كيدية ولا أساس لها، واكتشاف قنابل قبل انفجارها بالقرب من جامعة الأزهر وفرعها في دمياط. كما واصلت الصحف الاهتمام برأس السنة الميلادية أعادها الله على إخواننا المسيحيين والمسلمين العرب بالخير واليمن والبركات.
وإلى بعض مما عندنا:

الببلاوي يحذر اوباما

ونبدأ مع زميلنا وصديقنا محمد حلمي، وقوله في بروازه صباحك عسل في صفحة المهرشة التي يشرف عليها في جريدة ‘المصريون’ يوم الاثنين قبل الماضي:
‘قال حازم الببلاوي رئيس الحكومة المصرية ‘احذر أوباما من مصير السفير التركي بعد التصريح المذكور طيرت جميع وكالات الأنباء خبراً يقول عقب تصريح الببلاوي مباشرة، التقى السفير الأمريكي بالقاهرة بالدكتور حازم الببلاوي، وأغلق عليهما باب الحجرة، وقد سمعت أصوات تلطيش متواصل لمدة ربع ساعة’.

الشرطة تحولت إلى فرع
من الجيش وفقدت استقلاليتها

وإلى زميلنا وصديقنا مجدي حسين، رئيس تحرير ‘الشعب’ ورئيس حزب الاستقلال الذي يصدرها، الذي وقع في خطأ فادح عندما كشف للجيش والشرطة عن الخطط التي يتم إعدادها ضدهما، فقال عنها يوم الثلاثاء الماضي:
‘يتحول ضجر القوات الشرطية والعسكرية إلى نوع من التمرد الايجابي بانضمام وحدات بأكملها إلى الثوار، وتقوم هذه القوات بنوع من التوازن ولا تقوم بالضرورة بالاشتباك الفوري مع قوات النظام، ولكن قوات النظام ‘الانقلاب’ تعمل حسابا لذلك ويكفي انضمام عشرين في المئة من القوات الخاصة في العاصمة إلى الثورة لإحداث انهيار في الانضباط المؤسسي العسكري، ويصعب على القوات المسلحة أن يقتل بعضها بعضاً وتشعر بالعبث فيزداد المؤيدون والمحايدون ويتناقص عدد القوات الموالية وتضعف معنوياها وتميل الى التسليم، خاصة مع هروب بعض القادة خارج البلاد. وبالمناسبة يمكن أن تجري هذه العملية بدون أي قتال حقيقي يذكر وبدون خسائر تحت تأثير تصاعد المظاهرات، خاصة مع تسرب أنباء الانشقاقات في الجيش بل تحولها إلى واقع مرئي أمام الشعب، وهذا الذي نقول ليس من الخيال أو الرياضة الذهنية، نصل إلى أهمية توجيه الخطاب للجنود والضباط بالجيش، وهذا أهم من الشرطة لأن الشرطة تحولت الى فرع من الجيش وفقدت استقلاليتها وقدرتها على العمل المتفرد منه، ومن اللافت للانتباه أن الإخوان أصدروا أخيراً نداء للجيش أي لعموم الجنود والضباط وهذا عمل جيد، ولابد من تركيز الجهود في هذا السبيل بالاتصالات الشخصية وبالبيانات والفيديوهات واللافتات وعدم استخدام ألفاظ بذيئة في مهاجمة صغار الانضباط والجنود بالشرطة والجيش، كذلك لم تستخدم فكرة الورود والهدايا الرمزية أثناء التظاهر والمراحل قد تتداخل وقد نعود إلى الخلف أحياناً فلا توجد أية ضمانة لعدم حدوث مذابح واسعة مرة أخرى، ولكن حركة الزيجزاج المتعرجة تظل تصعد إلى أعلى، هدفنا الأساسي هو كتلة القوات المسلحة من دون أي أوهام في الكبار، ولذلك لابد من مواجهتهم كثيرا، لذلك يجب أن نذهب لهم في التحرير ومن الممكن أن نذهب إليهم في مجموعات صغيرة للحوار الهادئ وبصدر رحب، ومن الممكن الذهاب إليهم مظاهرات كبيرة وفي كل الأحوال لا يمكن الهروب من منطقة وسط البلد لأنها مركز السلطة ورمزها، ولابد من التظاهر شبه اليومي فيها وهذه طريقتنا في الحوار مع القوات المسلحة، ومن ناحية أخرى لابد من تحزيم العاصمة بإضرابات عمالية متواصلة، وليس بالضرورة أن ينزل هؤلاء إلى وسط المدينة، ولكن الإضراب العام في لحظة معينة عن العمل تماماً يعجل بسقوط الانقلاب مع مواصلة خروج الطلاب في العاصمة من الجامعات الى وسط المدينة، بالتنسيق مع القوى الأخرى حتى لا يكون الطلاب وحدهم، بالإضافة الى الحشد من خارج القاهرة في الأيام الحاسمة، نحن نسعى للخلاص من القيادة العليا الفاسدة للجيش… ونحن بذلك نحرص على الجيش ونريد تطهيره ونريد تفكيك هذه القيادة ومحاكمتها ولا نريد تفكيك الجيش كمؤسسة، علماً بأن الجيش لا يصلح بسلاحه الراهن ولا بقيادته الراهنة أن يواجه إسرائيل، بل هم لا يفكرون في ذلك بل يتعاونون مع إسرائيل للقضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة، استوقف أي ضابط في الطريق واسأله بكل أدب هل يوافق على بقاء الجيش في الشوارع وأن يحكمنا وزير الدفاع وأن يتحالف جيشنا مع الجيش الإسرائيلي لتصفية الإسلاميين في مصر وفلسطين؟ إذا لم يسقط الانقلاب يوم 14 يناير برفض الشعب لمهزلة لاستفتاء بمظاهرات حاشدة وإذا لم يسقط في اليوم التالي وحتى يوم 25 يناير فستستمر يوم 26 يناير ثم يوم 27 يناير وهكذا’.

آخر اكتشافات عالم الحروب والتدمير

وننتقل الى جريدة ‘الدستور’ عدد الاحد ومقال اللواء حمدي بطران عن الحرب بالوكالة يقول:’… بلغت الدول المتقدمة أقصى ما يستطيعه بشر في عالم الحروب والتدمير، وكانت المخترعات الحديثة التي من شأنها التدمير الشامل، ومع أن المواثيق والمعاهدات الدولية تجرم استخدام أسلحة التدمير الشامل والأسلحة البيولوجية، إلا أن سباق التسلح في مجال الحروب والتدمير لم ينته. وتتسابق معظم دول العالم في التسلح. وحسب موقع التصنيف السنوي الأمريكي العالمي ‘غلوبال فايرباور’، فإن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى من ناحية القوة العسكرية، ثم روسيا والصين والهند وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.. ثم إسرائيل في المرتبة الثالثة عشرة، وإيران في المرتبة السادسة عشرة، وأول دولة عربية على هذا المقياس هي مصر التي تحتل المرتبة الرابعة عشرة، والسعودية في المرتبة السابعة والعشرين. ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تنشئ لنفسها شبكة دفاع حصينة ضد الاختراق. وكان أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن لديها أكبر شبكة دفاعية صاروخية، إلا أنها فوجئت في سبتمبر 2001 باختراق تلك الشبكة وتدمير أعلى برجين فيها. لأجل ذلك بدأ الفكر الاستراتيجي بالتفكير بطريقة غير نمطية أو تقليدية. كانت النظرية التي حاول المفكرون تطبيقها هي حماية شعوبهم وأوطانهم من تلك الحروب، وتجنيب منشآتها ومدنها وشعوبها ويلات تلك الأسلحة والمعدات، بل حتى حماية جنودها ومقاتليها من خوض تلك الحروب. وهي حرب فكر فيها المفكرون الغربيون الموالون لإسرائيل، بعد أن حبسوا أنفاسهم أثناء حرب أكتوبر 1973، كان تفكيرهم ينصب حول أفضل الوسائل لتجنيب إسرائيل الحرب المباشرة، ضد أعدائها. وهي حرب ليست بين جيوش متماثلة، ولا تطلق فيها طلقة رصاص واحدة، حيث تستخدم وسائل الإعلام الجديد والتقليدي، وما اصطلح على تسميته بمنظمات المجتمع المدني، والعمليات الاستخباراتية، والنفوذ الأمريكي في أي بلد لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وكان البروفيسور الأمريكي ماكس مايوراينج. هو أول من نبه إلى ضرورة هذا النوع من الحروب، في كلمة له أمام معهد الأمن القومي الإسرائيلي، حيث عرف صور تلك الحرب وأنواعها، وهي: إجبار الدولة على الحرب. إفشال مؤسسات الدولة. زعزعة الأمن والاستقرار داخل الدولة، وأخيراً فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية.
أما الأدوات والوسائل المستخدمة فهي: الجماهير المسالمة، بدون أسلحة، عن طريق وسائل الإعلام والضغوط الخارجية بالوسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية واستخدام تكتيكات حروب العصابات والتمرد’.

أسطورة الإعلام الأمريكي الحر

وننتقل من ‘الدستور’ الى جريدة ‘اخبار اليوم’عدد الجمعة ونبدأ فيها مع الكاتبة مها عبد الفتاح التي تتحدث لنا عن اسطورة الاعلام الامريكي التي انتهت:’من المتناقضات التي لا تكاد تصدق أن نجد واشنطون تقف بجانب الارهاب. اذن ماذا عساهم يقولون عندما يقع المواطنون في مصر ضحية عمليات ترويع يومية: تدمير وتخريب واغتيالات واصابات.. ثم نجد الولايات المتحدة بصحافتها وبالمتحدثين الرسميين باسم حكومتها، اما يتجاهلون ذلك فلا يدينون كما يحق أن يدان الارهاب.. أو يحورون الواقع الماثل بنحو أقل ما يقال فيه انه تضليل وبفجر.. هدفه تسويق سياسة خرقاء الى الرأي العام الامريكي لعل وعسى يروجونها أكبر مراكز اعلامهم من صحف وشبكات تلفزيون.. فقدت مصداقيتها لدينا تماما خصوصا في الشهور الستة الاخيرة، بعدما خرقت كل مواصفات الموضوعية وأصول المهنية، الى حد تحوير الأحداث وتجاهل تفاصيل وقائع ليقدموا في النهاية المضمون المراد سلفا توصيله الى القارئ
انتهت أسطورة الاعلام الامريكي الحر على ما يبدو. صفة الحر والأحرار تعني من هو منزه عن الغرض الذي لا يشترى ولا يخترق ولا يتبع سلطة ولا مصالح.. من هنا تستمد المصداقية، المرادف للمكانة العليا. أرفع ما يتصف به الصحافي او الصحيفة هي الصدق والصفة: مصداقية
تعالوا نتجول قليلا بين ما تنشر بعض أهم تلك الصحف الكبرى الأمريكية من خلال مراسليها في القاهرة. هؤلاء لهم عيون وآذان بالطبع انما تتبين وكأنها عميت وانطرشت فما عادت ترى ولا تسمع آراء جماهير هذا الشعب. أي مراسل نزيه يريد تحري الحقيقة، لا يكتفي باستطلاع آراء بعينها قد تكون مشبوهة أو ذات غرض، انما عليه النزول للشارع والتجول في الطرقات، يسأل المارة ويستمع الى النبضات ويتحقق .
انما ما تقرأ في الصحف الامريكية فيحمل أشكالا والوانا من الزيف مثل ‘قمع ‘. ثورة تأكل أبناءها. انحراف عن خارطة الطريق. عودة للدولة البوليسية. ملاحقات أمنية للناشطين السياسيين.. حتى حكومتنا المؤقتة التي لا يكف الشعب بكل فئاته عن اتهامها بالتخاذل واليد المرتعشة، لأنها لا تطبق القانون ولا تضرب بيد من حديد، مع ذلك تجد الصحف الامريكية تتهمها بأنها تقوم بحملة قمع حكومية ـ عسكرية ضد المعارضة السياسية..
ثم يجيء الدور على ما يسمونه بالمعارضة العلمانية التي تباكوا عليها (6 أبريل) مع أن كل نشاطها لم يتعد منذ عام 2006 حتي الآن نطاق الدعوة للتظاهرات وحشد الاحتجاجات. كله تحت الغطاء المترجم: ناشطون سياسيون لا تفهم لماذا لم يكونوا حزبا سياسيا حتى الآن، وهذا متاح بمجرد الاخطار.. بالقليل يمارسون نشاطا سياسيا حقيقيا ومشروعا. ويتحولون لمعارضة سياسية بالمعني المفهوم، انما لا… ليس هذا بالمستهدف. انما المطلوب أن يكونوا عنصر القلاقل التي تعرقل الاستقرار. عامل التحدي والاستفزاز وإشاعة الفوضي والاحتكاك بقوات الأمن.. لعلم الامريكيين ان لم يعلموا: قانون التظاهر هنا يكتفي بالاخطار، بينما عندهم في أمريكا وجوب الحصول على موافقة السلطات التي قد لا توافق.. من حقنا نحن أيضا أن نتساءل ونعلق على البارانويا الأمريكية التي تسخر تكنولوجيا الطائرات بدون طيار مع الانفراد بتحويلها من صواريخ وتوجيهها الى الأفراد فتغتالهم على بعد أميال سلاسل من عمليات قتل للمشتبه في أنهم ارهابيون يهدفون شرا بأمريكيين لا تحقيقات ولا محاكمات ولا محامين : مجرد اشتباه . هوب امسح من الوجود
ثم تعالوا نسألكم يا صحيفة يا كبري : كيف لا تشيرون من قريب او بعيد عن الاضراب عن الطعام بين سجناء في ‘ غوانتانامو ‘ دخل حاليا شهره الرابع، ولا حس منكم ولا خبر ! نعرف من المواقع المستقلة على الانترنت أن إدارة السجن تدخل المواد البديلة للطعام عنوة إلى المعدة مباشرة باستخدام أنبوب توصف هذه العملية بالقسوة المفرطة لشدة آلامها، مما يجعلها أسوأ من أدوات التعذيب التي تمارس هناك.. مساجين لا حوكموا ولا وجهت إليهم اتهامات و انما معتقلون لأجل غير مسمي بتهمة الإرهاب
أين جماعات حقوق الإنسان ؟ أمنستي وهيومان رايتس واتش الى سائر الهيومانات، او تلك المنظمات الحقوقية التي ما سمعنا لهم حسا ولا صوتا ولا لوما ولا اعتراضا .على هذه الممارسات. لعل المانع خير….’.

المجلس الأعلى للصحافة أمام تحد واختبار صعب

اما زميلها مجدي حجازي فيحذر المجلس الاعلى للصحافة في مصر من ان يقع في المحظور يقول:’
نشرت البوابة الإلكترونية لجريدة الفجر أول أمس خبرا بعنوان ‘تغيير رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية الأسبوع المقبل’ جاء فيه: اكد ضياء رشوان، نقيب الصحافيين، أن المجلس الأعلى للصحافة سيجتمع الأسبوع المقبل للتصويت على الأسماء المقترحة للتعيين كرؤساء تحرير ومجالس ادارات للصحف القومية.. وأضاف رشوان خلال اتصال هاتفي ببرنامج مانشيت الذي يقدمه الإعلامي جابر القرموطي عبر قناة أون تي في، أن التعديلات التي تمت على أحكام القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة وما يخص المجلس الأعلى للصحافة تهدف إلى إصلاح المؤسسات الصحافية بموضوعية.
ويرى الكثيرون من أبناء مهنة صاحبة الجلالة – وأنا منهم – أن الزميل ضياء رشوان نقيب الصحافيين قد جانبه الصواب، عندما أعلن عن التصويت على أسماء مقترحة للتعيين كرؤساء تحرير ومجالس ادارات للصحف القومية، ولم يشر من قريب أو بعيد للمعايير والشروط والضوابط والآليات التي تم على أساسها اقتراح تلك الأسماء، وهذا ما يجعل الجماعة الصحافية تتساءل: هل يعيد المجلس الأعلى للصحافة عورات أسلوب اختيار القيادات الصحافية لسابق عهدها قبل ثورة الشعب في 25 يناير 2011..؟ وكيف يتحقق لنقيب الصحافيين أن يكون على مسافات متساوية من كل الصحافيين، وهو ما سبق أن أكده.. وأين حرص نقيب الصحافيين في إرساء مبدأ الشفافية في الاختيار؟ أليس هو المسؤول عن حماية حقوق ومصالح الصحافيين، والأمين على تصحيح مسار الصحافة القومية؟.. وهل فعل ضمير الباحث في التأصيل لاتخاذ المنهج العلمي أسلوبا لاختيار القيادات الصحافية الجديدة؟
الشارع المصري ينتظر من المجلس الأعلى للصحافة أداء منزها عن السلبيات والأهواء، حتى يستعيد الجلال لصحافته القومية، ويؤسس لآليات قادرة على انتشالها من أزماتها.. وهذا لن يتحقق إلا إذا أجمع حرص أعضاء المجلس الأعلى للصحافة على إعلاء مبدأ الشفافية في الاختيار، وهو ما يستلزم الإعلان عن الشروط والمعايير والضوابط، ثم الإعلان عن آليات الاختيار.. هذا إذا أردنا الخروج من مأزق الاختيار، وإذا أردنا للصحافة القومية التخلص من أزماتها.. المجلس الأعلى للصحافة أمام تحد واختبار صعب، يحسب له أو عليه، فالتاريخ سيسجل لأعضائه ما سيحققون من إنجاز أو إخفاق.. وأعتقد أن أعضاءه في مجموعهم لا يريدون أن يوصم جهدهم بالإخفاق، أو التخاذل عن إعلاء شعورهم الوطني نحو اختيار قيادات جديدة قادرة على تصحيح مسار الصحافة القومية بمنأى عن رؤى مضللة أو متحولة الهوى…
أقول للمجلس الأعلى للصحافة، أنتم أمناء على ضمير الأمة، إعلوا ضمير حسن الاختيار، وحرروا أداءكم من زيف الأغراض، وحاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم الصحافيون والشعب، وحساب الله أشد.. وتحيا مصر’.

إطفاء الحريق الذي شب
في مصر إنقاذ للوطن مما هو أسوأ

وننتقل الى جريدة ‘الشروق’ عدد امس الاثنين ومقال الكاتب فهمي هويدي: ‘أحد الأسئلة المهمة التي تثيرها التطورات الأخيرة في مصر هو: كيف يتخذ القرار المصيري في البلد؟ .. السؤال يستدعيه قرار مجلس الوزراء الأخير باعتبار الإخوان جماعة إرهابية. وما يقلق ويحير فيه ليس فقط مضمونه، وإنما أيضا توقيته وخلفيته، ذلك أن القرار صدر في أعقاب تفجير مديرية أمن الدقهلية في إشارة ضمنية واضحة إلى العلاقة بين الاثنين، في حين أن ذلك لم يثبت بأي دليل حتى الآن. ليس فقط لأن الإخوان أعلنوا استنكارهم له وإدانته، ولكن أيضا لأن جماعة أنصار بيت المقدس أعلنت مسؤوليتها عنه. كما تحدثت الصحف المصرية لاحقا عن التعرف على الفاعلين الأساسيين فيه، حتى أشارت إلى الحروف الأولى لأسماء بعضهم. (اليوم السابع تحدثت عن طبيب يدعى ن.ش بقسم التشريح بكلية الطب اعترف بدوره مع ثلاثة آخرين) ــ من ناحية أخرى، فإن التعجل في إصدار قرار بتلك الخطورة يثير أسئلة عدة من قبيل: كيف درس وما هي الجهة التي قامت بالدراسة؟ وهل وضعت في حسبانها تبعاته والنتائج المترتبة عليه. ليس فقط في ما يخص الإخوان، ولا حتى في ما يخص الوطن، وإنما في ما يخص تمكين النظام القائم واستقراره. يوم الأربعاء الماضي (25 ديسمبر) كتبت قبل سفري إلى الخارج نصا نشر في اليوم التالي قلت فيه إنه حين يشب أي حريق فان العقلاء والأسوياء يبادرون إلى حصاره وإطفاء ناره، ووحدهم الحمقى والمجانين الذين يدعون إلى تأجيج ناره وتوسيع نطاقه. وتمنيت في ختامه أن تقوم جهات التحقيق والأمن بتعقب الجناة في العمليات الإرهابية لإجهاض مخططاتهم ومحاسبتهم، وأن ينهض الراشدون والعقلاء بدورهم في محاولة إطفاء الحريق الذي شب في مصر، لإنقاذ الوطن مما هو أسوأ.
حين كتبت هذا الكلام كنت مراهنا على وعي الراشدين ولم أكن قد فقدت الأمل في تفعيل ما دعت إليه خريطة الطريق التي أعلنها الفريق عبدالفتاح السيسي في الثالث من شهر يوليو الماضي ونصت على: تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات، كنت لازلت متعلقا بأمل تحقيق تلك المصالحة، رغم إدراكي لشراسة الحملة الإعلامية المسعورة التي ما برحت تقاوم الفكرة، انطلاقا من فكرة شيطنة الآخر واعتباره شرا مطلقا. مع ذلك فقد حاولت إقناع نفسي بالتفرقة بين الشيطنة واللوثة الإعلامية التي تقف وراءها جهات عدة وبين حسابات العقل السياسي الذي يتحرى المصلحة الوطنية العليا. وفي ظل أسوأ الفروض كان يخيل إلي أن عملية الشيطنة قد تعبر عن جناح أو تيار في السلطة، ولكنها ليست مهيمنة على القرار السياسي أو حاكمة له. لكني أعترف بأنني خسرت الرهان، وأننى أفرطت في حسن الظن بكفاءة العقل السياسي الذي يدير المرحلة الراهنة. لقد أمضيت أربعة أيام خارج مصر، شاركت خلالها في اجتماعات المجلس الاستشاري لتقرير حول العالم العربي في عام 2025 تعده منظمة ‘الاسكوا’ التابعة للأمم المتحدة…
ازداد الأمر غموضا بالنسبة لي حين عدت إلى القاهرة. ذلك أنني فهمت مما نشرته صحيفة ‘الشروق’ على الأقل أن رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور رفض إصدار قانون باعتبار الإخوان جماعة إرهابية. كما فهمت أن رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي كان له رأي آخر في الموضوع، لذلك فإن الذي أعلن القرار كان نائبه الدكتور حسام عيسى، ولمحت في مقال رئيس تحرير الأهرام عبدالناصر سلامة يوم الجمعة خطاب ضغط وتخويف لبعض الوزراء ممن رفضوا قانون التظاهر وعارضوا دخول رجال الأمن إلى الجامعات ولم يؤيدوا اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، وضم إليهم الذين يتواصلون مع الدكتور محمد البرادعي، وقال ان هؤلاء جميعا يقدمون غطاء رسميا للإرهاب. كانت خلاصة ما خرجت به أن جهة ما فرضت القرار على الجميع رغم التحفظ والتململ أو التمنع. وأن تلك الجهة تملك من النفوذ ما مكنها من أن تحقق مرادها وأن تجعل الجميع يرضخون لما ذهبت إليه، ولم يكن عسيرا علي أن أستنتج أن الطرف الذي فرض قراره على الرئاسة ومجلس الوزراء له نفوذه في الوسط الإعلامي، بحيث أصبحت أغلب المنابر الإعلامية تقف في مقدمة المهللين للقرار والداعين إلى مواصلة الحرب لتأكيد الإبادة السياسية الحاصلة. وهي الحرب التي تضامن في إعلانها نفر من السياسيين والقانونيين وقيادات منظمات حقوق الإنسان.. إلى آخر طابور حملة مباخر المرحلة.
إذا صح ذلك التحليل فينبغى ألا نستغرب انتقاد أهم العواصم الغربية للقرار، وإصدار بيان منظمة ‘هيومان رايتس ووتش’ الذي ذكر أن دوافع إصداره سياسية بالدرجة الأولى. في هذا الصدد فإنني لم أفهم إعلان جريدة الأهرام في عدد السبت 28/12 في العنوان الرئيسى لصفحتها الأولى عن أن أمريكا وبريطانيا كشفتا عن الوجه القبيح، لمجرد أن البلدين لم يؤيدا قرار الحكومة المصرية، لكن الذي فهمته من سياق الأحداث وأصدائها ان قطارنا مندفع بأكثر مما ينبغي على طريق الندامة، وإننا حين نغلق الأفق ونوصد كل أبواب الأمل في الانفراج السلمي، فإننا نبدأ رحلة العد التنازلي في سيناريو الانفجار. لذلك تمنيت أن نطالع صورة وجوهنا جيدا في المرآة قبل ان نتحدث عن قبح وجوه الآخرين’.

المحاسبة على جرائم الماضي باتت ضرورة قصوى

اما عمرو خفاجي فنستطلع معه حيرة العدالة الانتقالية في جريدة ‘الشروق’ عدد امس الاثنين:’ منذ فبراير 2011 ونحن نتحدث عن العدالة الانتقالية ولم نشاهدها، مؤتمرات ومشروعات قوانين ونقاشات عامة وخاصة، جاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن عنها وفضل تركها للنظام المنتخب، وجاء النظام المنتخب وتناساها، حتى كان أغسطس من هذا العام لتشهد مصر تأسيس وزارة للعدالة الانتقالية، لكن ها هو العام يرحل من دون أن نرى أي نتائج أو خطوات لهذه الوزارة، ورغم ذلك فوجود الوزارة في حد ذاته يبقى أمرا طيبا، وعلينا دفعها للقيام بمهامها، لأنه على ما يبدو أن القائمين على شؤون الوزارة مازالوا في حيرة من أمرهم، تماما مثل حيرة العدالة وحيرتنا نحن في فهم هذه العدالة، التي مازلت غائبة رغم مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على وقائع ثورة يناير، خاصة أن هناك شبه اتفاق على أنه لا تقدم ستشهده البلاد على أي صعيد من دون تحقيق هذه العدالة الانتقالية، والانتهاء من فواتير الحساب وجبر ضرر الضحايا.
أحد كبار المسؤولين بالوزارة قال لي إن الوزارة معنية في هذه المرحلة بعملية التأسيس، فهي وزارة من العدم، ولا تريد أن تستعير تجارب دول أخرى نظرا لخصوصية الحالة المصرية، وأن كل ما سمعنا عنه أو عرفناه من تجارب العدالة الانتقالية في أكثر من أربعين دولة، ليس بالضرورة أن يكون صالحا للتطبيق في مصر، فالمطلوب تشريعات خاصة تصلح لحل المشكلات التي نشأت من جرائم أنظمة متعددة، لم يتم الاتفاق عليها حتى هذه اللحظة، الرجل قال لي صراحة أنهم كانوا وراء وضع مادة بالدستور تلزم المشرع بضرورة إصدار قانون للعدالة الانتقالية وتنظيم مجال وآلية عمله، كما أنهم في الوزارة التي يتولاها رجل قانون شامخ، المستشار أمين المهدي، لا ترغب في وضع تشريع بعيد عن برلمان منتخب، لذا طالبت الوزارة لجنة الخمسين بالنص على ترك مهمة التشريع لأول برلمان بعد إقرار الدستور، ساعتها ستبدأ بحق إجراءات تحقيق هذا النوع من العدالة، وهو مطمئن تماما لحدوث ذلك في التوقيت المناسب، وأن العجالة هنا غير مفيدة، وأنه ليس من اللائق أن تضع الوزارة هذا القانون، لأن ذلك يعني أن واضع القانون هو المنتصر على الصعيد السياسي، وهذا يتنافي أصلا مع فكرة العدالة.
ورغم أن الفكرة كلها، مازالت معطلة، إلا أن عدم التشريع الآن يبدو منطقيا وشريفا وعادلا وديمقراطيا، وتأخيره يكشف عن نوع خاص من النزاهة يجب أن نشيد به، لأنه بالفعل لا يجوز لطرف واحد القيام بمهمة التشريع في غياب أطراف أخرى ممن يعتبرون ضحايا، خاصة أن هناك الكثير من المشكلات التي تحتاج مناقشات من نواب الشعب أو من يملكون الوكالة عنه، فمثلا حتى الآن لا يتفق الجميع على تحديد مصطلح النظام السابق، هل هو المرحلة المباركية فقط أم تتجاوزها، للخلف أو للامام، وقد ينسى كثيرون أن هناك تعديلات تمت على قانون الغدر بموافقة أطراف عديدة، من دون أن يفعل القانون، فكيف نتعامل مثلا مع أعضاء الحزب الوطني، هل نتعامل مع الملايين الثلاثة الذين كانوا أعضاء في الحزب، أم نتعامل مع قيادته، أم ننتظر تحقيقات تكشف لنا عن مرتكبي الجرائم فقط، الأكيد أن المشكلات كثيرة، لكن قضية العدالة الانتقالية كبيرة ومهمة، وأتمنى أن يكون العام المقبل، عام 2014 هو عام العدالة، لأن بدونها لا يمكن التوجه للمستقبل، فالمحاسبة على جرائم الماضي باتت ضرورة قصوى حتى لا تتكرر تلك الجرائم التي عطلت هذه البلاد طويلا وأعيتها وأفقرتها.. ولازالت’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الفحل-الجزائر-:

    لقد حل عام وانقضى آخر منذ الازل…
    كما هو الحال منذ 2013 سنة وصفحات الايام تمر بأفراحها وأحزانها وتقلباتها المناخية والإنسانية على حد سواء… ها بعد سويعات قليلة نودع هذه السنة بكل ما احتوت وشملت من احداث سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية دون احراز اي تقدم يوحي باعتدال الاجواء المختلفة …ولاندري متى يحل خريف الربيع العربي الذي اتى على الاخضر واليابس دون مراعاة لأدنى شروط الانسان فقد شرد وقتل وهجر وسجن وما الى ذلك من المترادفات التي هدت وهزمت الانسان بشكل عام والعربي بشكل خاص…2014 كل الناس يعلقون امالا على الجديد نعم الجديد ولكن لكل جديده …البعض يستعد لتجديد رقم حسابه البنكي في دولة غير (سويسرا) والبعض الاخر يبحث عن مأوى يقيه من قصف موجه او عشوائي عاصفة ثلجية لاتسمح بمرور الاسعاف الذي هو نفسه يبحث عن مسعفين له…وآخرون يخططون لامتلاك السلطة بالوسائل التي شرعوها لأنفسهم على المقاس… والقلة تناشد ان يتركوهم لحالهم… والقلة القليلة تنتظر وترجو رحمة ربها…هذه هي السنة الجديدة على مر الزمان… وما عسانا ان نغير سوى ان ننتظر الجديد من العام الجديد …
    سنة الله في الكون …
    الله خلق الزمن والمكان بتدبير وخبرة إلاهية منقطعة النظير وجاء الانسان وعبث بمحتويات المكان ظانا منه ان يصلح فافسد اكثر مما صلح وعبث بعقاريب الزمن فحولها الى مسننات غير متوافقة وطبيعة البشر الإلاهية انه افسد بوعي او دون وعي طبقا لقوله تعالى(( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)) صدق الله مولانا العظيم

إشترك في قائمتنا البريدية