هوس بالمونديال؟ لا… مجرد جنون عادي!

حجم الخط
0

لا شك ان العالم كله يتحفز في الأيام المقبلة لاستقبال منافسات كأس العالم، فالسياسيون والاقتصاديون والمحاربون يؤجلون اجتمعاتهم وأعمالهم وقتالهم للاستمتاع بأجواء احتفالية من مباريات المونديال، لكن الرياضيين ومحبي اللعبة سيكونون على موعد مع جنون المتعة وهوس التشجيع.
من المؤكد ان يستغل الجميع أحداث المونديال البرازيلي، حيث لفت نظري اعلان غريب في صحيفة لندنية لشركة عقارية يقول: «لو فازت انكلترا بكأس العالم سنرد 100 ألف جنيه لأول عشرة مستثمرين في مشروعنا الجديد»، وهو اعلان ربما يعتبره البعض ساخراً، فالشركة تدرك ان آمال منتخب «الاسود الثلاثة» شبه معدومة للحظي باللقب، لكنها دغدغت مشاعر عشاقه للترويج لمشروعها وأغرتهم بالاستثمار مع شركة عاشقة للعبة وللمنتخب الوطني، بل ومتفائلة الى حد بعيد.
لم تعد الرياضة مهمشة عند الساسة والنخبويين، بل هي وسيلتهم المفضلة الاولى للوصول الى عقول الشباب وقلوبهم، والمونديال سيكون مصدر دخل استثنائي عند الكثيرين من ملاك المقاهي والمطاعم والكافيهات، حتى في بلداننا العربية التي لا يمثلها سوى منتخب الجزائر، لتصبح حالات التبني كثيرة لمنتخبات البرازيل والارجنتين والمانيا واسبانيا وايطاليا، بل ان روابط المشجعين لهذه المنتخبات لها جذور عميقة تعود عشرات السنوات، رغم ان المنتخب يمثل بلداً يشجعه مواطنوه فحسب، أو هكذا كنا نعتقد.
هكذا سرقت اللعبة الأنظار والاهتمام من الآخرين، فشركات الاعلانات لن تلجأ الى سياسي محنك او وزير موهوب أو اقتصادي بارز للترويج لمنتجها، بل سنجد كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ووين روني يتألقون في اعلانات المشروبات الغازية والوجبات السريعة والمنتجات الشبابية، لأن تأثيرهم أكبر وأعمق من رؤية أوباما أو كاميرون أو أولاند عند الشباب الذين سيقلدون قصة شعر النجم البرتغالي وليس الرئيس الأميركي وسيأكلون الوجبة التي يلتهمها الساحر الارجنتيني ولن يلتفتون الا الفطور الصحي لرئيس الوزراء البريطاني.
هنا ندخل في هوس التشجيع، حيث تزداد خلال نهائيات كأس العالم حالات الفرح المفرط او حتى الحزن والكآبة التي تقود في بعض الاحيان الى سكتات قلبية ووفيات وانتحار بسبب نتيجة مفاجئة او سلبية، هذا هو المزاج السائد وهذا هو عشق كرة القدم حتى الهوس، والأقرب الى الجنون، لكن البعض يقول نحن بحاجة الى هذا النوع من الجنون كي نستمتع بالقدر الكافي من أكبر مسابقة رياضية في العالم، فلا لذة للمونديال من دون جدل وشجار وخلاف مع الآخرين على قرار تحكيمي او تسديدة غريبة أو موهبة نجم، حتى لو كان منتخباً لا يمت لنا بصلة. فعشق منتخب البرازيل مثلا عند البعض يضاهي عشقه لبلده الأصلي، مثلما هو الحال مع عشاق ريال مدريد وبرشلونة، والسبب اننا دائماً نبحث عن الأفضل والأنجح حتى لو تخطينا الحدود وانتقينا من العالم الكروي الصغير ما يحلو لنا من فرق ومنتخبات من دون أي رابط تاريخي، لغوي، ديني او وطني، بل لمجرد عشقنا لنجومه وأسلوب لعبه، والأهم تاريخه الحافل بالألقاب والنجاحات.
هذه التناقضات النفسية لن يفهمها الا عشاق كرة القدم، فلهم من الجنون ما لا يحق للسياسيين والاقتصاديين، انه جنون عادي.
.

خلدون الشيخ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية