لبنان: غلاء العقارات يبعد الشباب عن مشاريع الزواج وتكوين أسرة

حجم الخط
1

بيروت – «القدس العربي»: في ظلّ الازمات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية الضاغطة على كاهل المواطنين اللبنانين الذين لا قدرة لهم على تحمّل أعبائها نتيجة الجمود المترتب على التوّترات الأمنية التي تشهدها البلاد من وقتٍ إلى آخر وغياب السيّاح العرب والمغتربين عن ربوعها لتحريك العجلة الاقتصاديّة فضلاً عن الأزمة السورية التي يتأثّر بها لبنان، استفحلت أزمة السكن حتى أصبح استئجار شقة، بسبب ارتفاع الكلفة وتزايد الطلب من قبل النازحين السوريين، أمرا غاية في الصعوبة بالنسبة للشباب الراغبين في الزواج وتكوين أسرة.
أما شراء شقة سكنية، ولو متواضعة، فقد بات حلماً من الصعب جدّاً تحقيقه بسسب عوامل عدةّ أبرزها الارتفاع الجنوني لأسعار الشقق الذي تخطّى ضعفي ما كان عليه سابقاً لذلك غدا شراء شقة حكراً على الفئات الميسورة وذلك منذ حرب تموز/يوليو عام 2006.
لقد ارتفعت الأسعار بشكل تصاعدي ّ من دون أخذ أيّ اعتبارات حول حجم الشقة ومواصفاتها وموقعها الجغرافي وغيرها من الأمور الأساسيّة. وتتعاظم هذه المشكلة بشكل أساسيّ في العاصمة بيروت وضواحيها إذ بلغ سعر المتر المبنّي في حي ڤردان أو حّي سرسق في الأشرفيّة 5000 دولار. هذا الأمر انعكس بشكل سلبّي على الفئات الشبابيّة التي تخطّط للزواج وتأسيس عائلة إذ تجد نفسها عاجزة عن الإقدام على هذه الخطوة ما أدى إلى زيادة نسبة العزوبيّة في لبنان ومن هجرة الكفاءات الشبابيّة للعمل في الخارج.
ذلك ما أثاره عدد من الشبان والشابات الذين التقيناهم وتحدّثوا إلينا عن انعكاسات هذه الأزمة على ظروف حياتهم، مطالبين في الوقت عينه الدولة بالتدخّل السريع لحلّ ازمة السكن التي يعانون منها.
جورج عاقوري، شاب لبناني عمره 30 سنة، يطمح للزواج وتأسيس عائلة وقال: «العين بصيرة واليد قصيرة، فمن أين لي أن اشتري شقة ؟ لا أملك مصرفاً ولا توجد مؤسسات تمّكننا من الشراء؟ فأقل شقّة تبلغ قيمتها 150 الف دولار، ولو اقترضت من المصرف فسأظلّ أدفع أقسّاطا طوال عمري. فكيف إذن بمقدوري أن أعيش ومعي أسرتي الجديدة؟
سامر عبدالله أكدّ انه كان ينوي الزواج بعد تحسنّ الأوضاع المادية غير أنّها باتت، بحسب رأيه، اسوأ مما كانت عليه في السنوات الماضية وهذا ما منعه من شراء شقة سكنية لأنّ الأسعار باتت خيالية بالنسبة له ولأبناء جيله من الشباب، مشيراً إلى أنّ الشقة التي لا تتعدى مساحتها 100 متر يتخطىّ سعرها 200 الف دولار. وهذا الرقم خاضع للتعديل وفقاً لموقع الشقة وما إذا كانت جديدة أو مستعملة. من هنا تساءل عبدالله كيف يمكننا الزواج؟ من منّا يملك هذا المبلغ؟ وأضاف: «لقد أحجمت حالياً عن فكرة الزواج وبات الأمر يتّطلب السفر إلى الخارج للعمل من أجل توفير الأموال اللازمة لتأمين مستقبلنا بتملك شقة تؤوينا.
هشام سعد انتقد الدولة اللبنانية لغياب الخطط والسياسات الإسكانية العامة، داعياً إلى وجوب العمل على خطة إسكانية سواء عبر تملك شقة أو عبر بدل إيجاري مقبول لأن قانون الإيجارات المعمول به حالياً سيءّ جدّاً، مشيراً إلى أن بدل الإيجار لشقة صغيرة في ضواحي بيروت يتعّدى الألف دولار، هذا من دون احتساب تكلفة الماء والكهرباء والأكل والشرب. فكيف لنا أن نعيش. وهنيئا لمن له مرقد بيت في لبنان. وبعد كل هذا كيف نستطيع أن نتزوّج ونستقر ونبني عائلة؟
إزاء هذه المعضلة الوطنيّة، التي تهددّ الاستقرار الاجتماعي، لاحت في الأفق بوادر حلّ تمّكن الشباب من شراء شقة سكنيّة بسعر التكلفة بعد دراسات معمّقة حول الواقع الاجتماعي أجرتها «جمعية دعم الشباب اللبناني» والتي أظهرت أن 80 في المئة من الشباب اللبناني الساكن في الوطن لا يستطيع شراء شقق سكنية بالأسعار المطروحة في السوق لانها تتجاوز أضعاف قدرته الشرائية. لذا أطلقت الجمعية بالتعاون مع «سي آر غروب» مشروع دعم الشباب اللبناني بعنوان «بدك بيت بـ 40،000 دولار؟».
ويساهم هذا المشروع بإنشاء مجّمعات سكنّية في مناطق ريفية مختلفة خارج المدن الكبرى ويضّم كلّ مجمّع حوالي 500 وحدة سكنيّة وأسواق تجاريّة.
المهندس سامر واكيم شرح بالتفصيل طبيعة هذا المشروع لناحية الأسعار والمساحة والمواصفات، لافتاً إلى أنّ هذه الشقق ستتمّتع بمواصفات بناء عالية وتخضع لقانون التنظيم المدنيّ والنظم الهندسيّة العالمية، وستكون موّزعة على أبنيّة من أربعة أو خمسة طوابق ومنتشرة حول السوق والملاعب والحدائق.
كما اشار إلى أنّ مساحات الشقق ستتراوح ما بين 80 متراً مربعاً بسعر 40 ألف دولار و100 متر مربع بسعر 65 ألف دولار و120 متراً مربعاً بسعر85 ألف دولار و140 متراً مربعاً بسعر110 آلاف دولار.

ناديا الياس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد بلحرمة المغرب:

    لكل مواطن الحق في العمل ولكل مواطن الحق في العيش الكريم ولكل مواطن الحق في السكن اللائق مواد تتعلق بحقوق الانسان التي طالما رايناها في الدستور وقراناها وكررنا قراءتها لنرى مدى تطابقها مع الواقع فاستنتجنا انها مجرد اضغاث احلام لا صلة لها بالحقيقة المعاشة فالسكن اصبح غولا يهدد مستقبل الانسان ليس في لبنان فقط بل في كافة البلدان العربية الغنية بمواردها وفي وسعها حل هده الافة لو توفرت الارادة والنية الصادقة والاحساس بالمسؤولية لدى الحكومات العربية لان هده الازمة مفتعلة ولها علاقة وطيدة بالفساد العام التي يضرب كل مناحي الحياة اد اضحى الحصول على سكين – تصغير سكن – حلما او معجزة يصعب على المرء تحقيقه بفعل الارتفاع المهول والجنوني والخارج عن نطاق المعقول نتيجة المضاربات اللامشروعة والاحتكارات وغياب الضمير لدى اصحاب المقاولات العقارية وغياب المراقبة وغيرها من الاسباب التي تسد الطريق امام الراغبين في الاستقرار فهدا المشكل العويص لا يقتصر على لبنان بل يشمل كافة البلدان العربية والمغرب واحد منها حيث بات من المستحيل لدوي الدخل المحدود وهم الغالبية العظمى الحصول حتى على سكن متواضع فما بالك بالسكن اللائق كما جاء في الدستور.

إشترك في قائمتنا البريدية