الرباط – «القدس العربي»: أبدت عدد من قيادات الاحزاب المشاركة بالحكومة او القريبة من صناع القرار، استكارها لما قامت به الدولة من مواجهات عنيفة لمسيرة يوم العيد في الحسيمة، وأظهر هؤلاء مخاوف من انهيار ثقة المواطنين بالدولة ودعوا أحزابهم الى اتخاذ موقف واضح من المقاربة الأمنية في تدبير حراك الريف.
ودعا المكي الحنودي، رئيس جماعة لوطا في الحسيمة، جميع رؤساء الجماعات الترابية بالإقليم، إلى تقديم استقالاتهم فوراً ابتداء من اليوم الأربعاء، وقال في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، إنه يتعهد بتوقيعه أولاً على طلب الاستقالة إذا قرر رؤساء الجماعات تقديم استقالاتهم «على مرأى أعيننا – نحن ممثلو السكان – يرتكب المخزن الجبان جرائم فظيعة ضد أهلنا بالريف رغم سلميتنا التي شهد لها العالم، ورغم بساطة وعدالة مطالبنا التي أقر بها ملك البلاد».
وقال عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الحزب الرئيسي الحكومة، ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إن «الحزب سواء كان يترأس الحكومة أو يتواجد في المعارضة لا يمكن إلا أن يدين بأقصى العبارات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حق المحتجين بالحسيمة وفي حق التظاهر ناهيك عن الاعتقالات العشوائية التي تطال المتظاهرين السلميين».
واستغرب بشدة، تواجد الآلاف من الأمنيين في منطقة الحسيمة وقراها ونواحيها »القناعات التي نؤمن بها كديمقراطيين ومناضلين من أجل كرامة الإنسان المغربي تجعلنا نستنكر بشدة ما يقع في الحسيمة» وأن على حزبه «أن يخرج من صمته ويقول كلمته في ما يجري، لأن الوضع غير عادي بالمرة» ودعا الدولة إلى تغليب صوت العقل والحكمة واعتماد الحوار بدل المقاربة الأمنية الضيقة التي لن تزيد الوضع إلا تأزماً و»صمت قيادة الحزب دليل على الاختلاف الجوهري مع المقاربة التي تعتمدها الدولة تجاه الحراك بالريف».
وأشار حامي الدين إلى أن «هذا يتضح جليا من خلال مواقف الفريق البرلماني سواء بالنواب أو بالمستشارين، لأن «الحزب يرفض أسلوب الداخلية في التعامل مع الاحتجاجات، لأن أسلوب مبني على القمع الذي يؤجج الأوضاع».
وقال المحامي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد الصمد الإدريسي، إن الانتهاكات في الريف أصبحت سياسة ممنهجة، وأن مكان حزب العدالة والتنمية هو المعارضة لأن «اللحظة تقتضي أن تكون في البلد معارضة قوية ذات مصداقية، جريئة، تعارض، تفضح، تكشف، ويمكن بل الأكيد مستعدة لأداء ثمن ذلك». وأضاف في تدوينة له على حسابه في موقع «فيسبوك»، أنه «طيلة خمس سنوات كنا نسوق مقولة أن المغرب يعرف انتهاكات لكنها والحمد لله غير ممنهجة.. ماذا بعدما أصبحت تظهر بوادر كون هذه الانتهاكات، على الأقل في الريف، سياسة ممنهجة ويجب أن نعترف بأننا كنا واهمين حينما ظننا يوماً ما أن المستبدين يمكن أن يؤمنوا بالديمقراطية، والحقيقة انهم يمكن ان يضطروا للتنازل نعم، يمكن ان يناوروا أكيد، يمكن أن يفتحوا بعض بعض الهامش». وقال «لكن الأكيد أن مفاهيم من قبيل الديمقراطية، والاحتكام لإرادة الناخبين، وحقوق الإنسان والانفتاح السياسي، واحترام القانون، وتقسيم الثروات بشكل عادل، وتطبيق سياسات عمومية اجتماعية فعالة، هي عندهم من قبيل الترف المستحيل، بقدر ما هي عندنا من مقومات بناء الوطن الحاضن» و«لا أنتظر اليوم من حكومة الكل يعرف ظروف تشكيلها وموقف فئات عريضة من السياسيين والحقوقيين ومن عامة الناس منها… لا أنتظر منها اليوم الشيء الكثير.. بل لم يعد يكفي من رئيسها ووزرائها الصمت، رغم ما يعنيه من عدم اتفاق على ما يقع، بل في بعض اللحظات والمواقف نحتاج الى الكلام الواضح البين.. لكم ايها الافاضل نقول: رصيدكم النضالي الناصع ملك للوطن، لا نريده ان يتبدد على ايدي بعض الفاشلين في مربع الاستبداد» وتساءل «ما جدوى وجودنا في الحكومة؟» واجاب «سؤال لم اعد أجد له جواباً».
ونددت البرلمانية آمنة ماء العينين، بالتدخلات الأمنية «العنيفة جداً» التي جرت بالحسيمة يوم العيد وقالت «ما معنى العيد وما معنى الإنسانية وما معنى الوطنية وما معنى الاستقرار وما معنى النموذج المغربي ووووو… مع كل ما يحدث في الحسيمة اليوم؟».
واعتبرت في تدوينة على حسابها في موقع فيسبوك، أن الحسيمة تعرف اليوم «حصاراً وعنفاً ودماء وغازات مسيلة للدموع وخوفاً وتوتراً وأحقاداً متنامية واحتقاناً ينذر بالأسوأ». و«لم يعد أحد قادراً على الفهم والتحليل والتأويل. ما الذي يخططون له؟ وإلى أين يسيرون بنا؟».
وأضافت ماء العينين وهي قيادية بحزب العدالة والتنمية «ألم يكن ممكناً ترك الناس ينفسون عن غضبهم؟ ألا يحملون لافتات كتبوا عليها «سلمية سلمية»؟ ألم يكن ممكناً تركهم يصرخون تعبيراً عن الظلم وألم الفراق مع الأبناء والأزواج والآباء المعتقلين يوم العيد بعيداً عنهم بمئات الكيلومترات؟ هل كان ضرورياً مضاعفة آلامهم؟».
وقال امحمد لقماني، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة «الحديث عن عودة الثقة بين الدولة وأهل الريف أضحى صعباً جداً، وذلك عقب الأحداث المأساوية التي عاشتها مدينة الحسيمة، يوم (الإثنين 26 يونيو)، إثر التدخلات الأمنية العنيفة جداً، والتي استعملت فيها قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع والهراوات، حيث سالت دماء المتظاهرين وتم اعتقال العديد منهم، وسط حالة احتقان شديدة».
وأضاف في تدوينة على الفيسبوك «لم يعد للكلام جدوى»،،،،»لقد انهار كل شيء ومن الصعب جداً عودة الثقة بين الدولة وأهل الريف إلى سابق عهدها إلا بعد جيلين أو ما ما يزيد» وقال «تُرى هل فهم المسؤولون الأمنيون قرارات المجلس الوزاري خطأ أم أننا نحن من أساء فهمها؟».