عين الحلوة: هل انتهت مسببات الاشتباك؟

جولة الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت في مخيم عين الحلوة، واستمرت ستة أيام، من 23 ولغاية 28 شباط/فبراير، انتهت إلى اتفاق غامض، عرفت بعض خطوطه العريضة فقط ومنها وقف إطلاق النار وتكوين لجنة سياسية وأمنية عليا، وتسليم المطلوبين للدولة ممن التجأوا إلى المخيم من خارجه، من دون تحديد المسؤوليات والمهام، ومن دون المطالبة بأسماء معينة لتسليمها إلى القوى الأمنية.
هذا في ظل قناعات بإمكانية تجدد الاشتباكات في حال توجهت أي مجموعة لاعتقال المطلوبين، خاصة شادي المولوي بالتحديد وغيره. باختصار إن وقف إطلاق النار يمكن اعتباره هشا وقابلا للاختراق لأي سبب، تماما كما حدث منذ بداية مسلسل الاشتباكات، كانتشار الإشاعات التي تعددت في ما يتعلق بجولة الاشتباكات الأخيرة، إلا أنه لا يمكن تجاهل اندلاع الاشتباكات في أعقاب الزيارة التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى بيروت اعتبارا من 23/2/2017 واستمرت ثلاثة أيام.
ويمكن القول أن توجيها وأمرا ما قد تلقته جهات متطرفة في المخيم، في محاولة منها للتعكير والتأثير على جولة الرئيس عباس للبنان. فما يجدر ذكره هنا أن جولات قتال عديدة حصلت في المخيم قبل ذلك، وكانت تحصل بين مجموعات فتح وبين المجموعات المتطرفة، وهي التي لها علاقاتها مع قوى من خارجه، وتتلقى منها التمويل والأسلحة، الأمر الذي يتكرر في كل مرة، إنما يمكن القول أن الجولة الأخيرة من الاشتباكات تميزت بشدة تدمير المساكن والسيارات والمحال التجارية، خصوصا في الشارع الفوقاني، ووصلت نيران الاشتباكات وقذائفها لبعض العيادات الطبية التابعة للأونروا وبعض مكاتبها في المخيم. كما وصلت رصاصات القنص والقذائف إلى شمال وجنوب مدينة صيدا.
وسقط عدد من الشهداء والجرحى خصوصا من بين الأطفال والنساء، فمن سيتولى إعادة إعمار ما تهدم، وهل يمكن إعادة الشهداء إلى الحياة؟ فيما يمكن القول أن مئات العائلات غادرت المخيم تحت وابل من رصاص القنص الذي أوقع جرحى وشهداء، وقد تكرر هذا الأمر عشرات المرات من قبل، فهل الترويع والتهجير والتخويف وتعطيل المصالح والمدارس هو من ضمن الحتميات المفروضة على سكان المخيم؟
وكانت جولة الاشتباكات الأخيرة واكبتها مجموعة من الإشاعات، بينها أن قرارا بالحسم لدى مجموعات فتح قد اتخذ، لتصفية أو لمواجهة الشواذ القائمة في المخيم، والتي لا تتوانى عن تأزيم الأوضاع فيه لمآرب قد يكون بعضها خارجيا، إلا أن الاجتماع الأخير لقيادات فلسطينية فاعلة في السفارة الفلسطينية في بيروت في 28/2/2017 أوقف التوجه نحو حسم الاشتباكات. في وقت لوحظ استعمال أسلحة متطورة متوسطة في الاشتباكات الأخيرة.
ويمكن الإشارة إلى أن استخدام أفراد وعناصر من تنظيم فتح من خارج المخيم، لم يكن إشاعة، وقد ذكر البعض إنه شاهد بعض وسائط النقل وهي تنقل أفرادا من فتح جيء بهم من خارج المخيم. ورغم ذلك يمكن القول ان الاشتباكات لم تعدل ميزان القوى وبقيت المشاكل المتراكمة على حالها، بل ازدادت تأزما وترصدا من قبل الأطراف إياها تجاه بعضها البعض. ولو نظرنا لبداية أي اشتباك، فإننا سنستهين به، وسنحسب أنه لن يجر إلى تفاعلات خطيرة لاحقا، إلا أن القلوب «المليانة» والأوامر الخارجية يمكن أن تفعل وتكبر أي مشكلة صغيرة لتجعل منها مشكلة مخيم يقطنه نحو مئة ألف نسمة في مساحة لا تتعدى الكيلومتر المربع الواحد، وتفرض على أناس المخيم الدفع من أمنهم واستقرارهم وحياتهم ومصالحهم ووجودهم في كل مرة.
وعودة إلى الجدار العازل الذي أثيرت حوله مشاكل سابقة، ذكر أنه تم إنجاز ما يقارب نحوا من سبعين في المئة منه من قبل السلطات اللبنانية، على أمل أن يمنع دخول وخروج من لا يرغب أهالي المخيم به أو بهم، كما ولا ترغب السلطات اللبنانية المعنية تواجدهم في المخيم، وحسب ما هو متداول فإن هذا الجدار يرتفع بين خمسة أو ستة أمتار.
أخيرا علينا القول أن جولة الاشتباكات الأخيرة زادت من مشاكل المخيم وتعقيدات حياة سكانه، ولم تحل أي مشكلة، وقد كان من أهدافها إرباك زيارة الرئيس عباس، وهذا ما حصل فعلا، ولكن تبقى لـ «الأجندات» الخارجية تأثيراتها المفروضة فرضا على أهل المخيم والجوار.

كاتب فلسطيني

عين الحلوة: هل انتهت مسببات الاشتباك؟

سليمان الشّيخ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الاردن:

    *كان الله في عون أهل مخيم الحلوة.
    يجب التخلص من الشبيحة والزعران
    ف المخيم بأسرع قت ممكن.
    سلام

إشترك في قائمتنا البريدية