انجزنا مدونة الأسرة وقانون الجنسية وننتظر إقرار محاربة العنف ضد النساء

حجم الخط
0

الرباط – «القدس العربي»: ظلت المرأة المغربية تتطلع إلى مستقبلها مستشرفة الأمل في مجتمع متطور. واستمرت تكافح من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات الحقوقية في إطار موجات الاحتجاج التي شهدتها المنطقة المغاربية في سياق «الربيع العربي». غير أنه يلاحظ استمرار اتساع الهوة بين النضال النسائي ومكتسبات هذا النضال على أرض الواقع. وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم بسيمة الحقاوي تكشف في هذا الحوار مع «القدس الاسبوعي» جانبا من المكتسبات السياسية كما الصعوبات التي تواجهها قضايا المرأة في المجتمع.
○ بداية، ضعونا في سياق المشاريع الجديدة التي أنتم بصدد القيام بها في مجال المرأة؟
• خلال السنتين ونصف السنة الماضية، تمكنا من إبرام اتفاقية لتحقيق الالتقائية بين القطاعات الحكومية من أجل إنصاف المرأة وتحقيق المساواة، وذلك من خلال الخطة الحكومية للمساواة «إكرام» في أفق المناصفة 2012-2016. وفي هذه الوثيقة هنالك التزامات كل قطاع على حدة من أجل تحقيق المساواة من قبيل إدخال بعد النوع الاجتماعي في السياسات العمومية داخل كل قطاع، أي إنتاج قوانين لصالح المرأة. ويلتقي هذا الأمر مع رغبتنا في هذه الحكومة العمل على تنفيذ الدستور الجديد 2011 والذي ينص على السعي نحو المناصفة وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. هذه الهيئة طبعا يحدثها قانون- هي محدثة في الدستور وتنزل بقانون- ومشروع القانون اشتغلنا عليه بإحداث لجنة علمية تداولت المذكرات المئة التي استقبلناها من المجتمع المدني. كما قامت بجلسات استماع لبعض الهيئات الدستورية في مقدمتها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وكذلك بعلاقة بموضوع المرأة – الأسرة، اشتغلنا على مشروع قانون متعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، وقد نص عليه كذلك الدستور المغربي بنفس الطريقة من خلال لجنة أكاديمية متخصصة في هذا الباب. وهذان المشروعان، وهما الآن في مسطرة المصادقة، إلى جانب مشروع آخر. ويتعلق الأمر بمشروع محاربة العنف ضد النساء الذي قدمته في مجلس حكومي سابق. وهذه القوانين المتعلقة بالمرأة من شأنها أن تطور الآلة القانونية في تعاطيها مع قضايا النساء، وكذلك تمكن النساء من بعض الحقوق التي لم نصل إليها بعد بالرغم من ان السنوات العشر الأخيرة كانت حافلة بالإنجازات لصالح المرأة منها مدونة الأسرة وقانون الجنسية وغيرها.
○ تحدثتم عن التنسيق بين القطاعات الوزارية فيما يخص شأن المرأة، ونرى أن الانتقادات التي توجه إليكم في هذا الباب هي حول غياب التنسيق مع الجمعيات النسائية بالخصوص. ما هي طبيعة التنسيق الذي يجمع الوزارة بهذه الجمعيات؟ وهل هناك مبادرات أو تعاون أثمر أو ظهرت نتائجه على ارض الواقع؟
• أولا، أنا لا أفهم بعض الشكايات أو الانتقادات في هذا الباب، على اعتبار أن هناك علاقة مكثفة مع المجتمع المدني، والدليل على ذلك أنا توصلنا بحوالي 100 مذكرة خاصة بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. وتوصلنا بما يقارب كذلك 100 مذكرة من المجتمع المدني خاصة بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وتوصلنا بخمس أو ست مذكرات خاصة بالعنف ضد النساء. واستقبلت، هنا في هذه الوزارة، العشرات من الجمعيات النسائية. وخصصنا في مشروع «إكرام»، الخاص بتحقيق المساواة، مليوني أورو لفائدة جمعيات المجتمع المدني. ناهيك عن ما نخصصه من دعم للجمعيات بشكل عام، والتي تشكل الجمعيات النسائية جزءا لا يتجزأ من هذا المجتمع نخصص لها ثلثي ميزانية الاستثمار كدعم، مقابل إنجاز مشاريع تنسجم أو تدخل في استراتيجية عمل الوزارة.

لا نتنكر للمقترحات

○ لكن الانتقادات هي هذه بالضبط، هم يثمنون أن الوزارة تأخذ مقترحات وتعقد مشاورات لكن من بعد أو أثناء تنزيل أحد المشاريع يلاحظون غياب اقـــتراحاتهـم أو غيـــاب المقاربة التشاركية في العمل؟
• لا . هذا غير صحيح، نحن نحترم أنفسنا ونحترم قوانيننا. فالدستور ينص على المقاربة التشاركية، ونحترم تاريخنا ونحترم الجهد البشري والتراكم الحاصل في المغرب. لا يمكن أن نمارس الإقصاء، ولا يمكن أن نتنكر للمقترحات لأنني أنا شخصيا أؤمن بالذكاء الجماعي. فالتشاور والتواصل والأخذ بآراء الآخرين، هذه قيمة من القيم التي أعتمدها أو أرجع إليها في تدبيري لهذا القطاع.
○ يمكن أن تعطينا مثالا عن أحد المشاريع التي واكبتها المقاربة التشاركية من بدايتها كمقترح أو كمشروع إلى أن رأت النور على أرض الواقع؟
• مثلا، في مشاريع القوانين، قانون واحد هو الذي خرج وهو قانون الإطار الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة. القوانين الأخرى كلها سيجدون فيها أنفسهم، لماذا؟ لأننا نبني على التراكم، ولا تنسى أنني جئت من المجتمع المدني وكنت رئيسة لمنظمة نسائية. وبالتالي، أنا منخرطة في هذه الأعمال التي أشتغل عليها الآن من قبل أن أكون مسؤولة فيها. سواء ملف العنف، أو ملف المساواة، أو ملف الإعاقة، فأنا أظن بأنه ممكن أن يكون طموح المجتمع المدني أكبر من الإنجازات. هذا مقبول ولا مشكل، ولكن كذلك لا يمكننا أن نطمس هذا التعاون وهذا التشاور في إطار مزايدات سياسية. لا يمكن أن يمحوا هذا كله هكذا، أما أن يكون هنالك طموح للأفضل فلا مشكل في ذلك.
○ بالرجوع إلى بدايات عملكم الوزاري، ما هي العقبات أو التراكمات التي وجدتموها في انتظاركم من ملفات؟ ما هي التي ابتدأتموهما وما هي التي واصلتم العمل فيها والتي كانت تحمل طبيعة استعجالية أو تأخرت في دواليب الوزارة تنتظر التفعيل؟
• هنالك عدة ورش كانت مفتوحة منذ 10 سنوات على الأقل، يعني أنه من قبل 2002 كانت مجموعة من الملفات. مثلا: ملف العنف ضد النساء بدأ من 2005. اليوم- الحمد لله- ما أنجزته فيه هو أنني أحدثت مرصدا لمحاربة العنف ضد النساء، وقدمت مشروع قانون لمحاربة العنف ضد النساء في مجلس حكومي، وهذا الملف ظل يراوح مكانه 12 سنة كواحد من أقدم الملفات. ملف الأشخاص المعاقين، الذي كان سابقا منذ أن كانت المندوبية قبل 2002. اليوم، الحمد لله، أخرجنا قانون إطار ستتفرع عنه مجموعة من القوانين لصالح الأشخاص في وضعية إعاقة. الملف المتعلق بإحداث مرصد لتحسين صورة المرأة في الإعلام، هذا منذ 2006، حيث كان هناك ميثاق لتحسين صورة المرأة في الإعلام وكان الحديث عن إحداث هذا المرصد، ما لم يحدث، والآن أحدثه. والمرصدان كلاهما أحدثا هذه السنة، اشتغلنا عليهما سنة 2013 لكن إحداثهما كان سنة 2014. هذه ملفات كبرى، كانت محاولات لإنجازها لكن لم توفق. ربما كان يلزمها بعض الإلحاح، والتشاور. مثلا: قانون المعاقين، لماذا رفض سابقا؟ لأن الحكومة قالت في ذلك الوقت بأنه «ملف مطلبي وليس قانونا»، لماذا؟ لأن فيه النفس المطلبي: نريد كذا وكذا.. وطبعا هذه حكومة، وليست هيئة أو نقابة. فالحكومة تنجز القانون وتصيغه صياغة قانونية، وتأخذ بعين الاعتبار كل ما من شأنه أن تكون له انعكاسات مالية، وما من شأنه أن يمس بالمنظومة التشريعية أو المنظومة الاجتماعية فهنا تكمن المسؤولية. فإذا قمنا بجمع كل هذا أو حتى قاموا هم بالمساعدة، إن أشركناهم وساعدونا، وقالوا نحن راضون عليه، وأخذناه لأنه محل رضى جمعيات مهتمة بالمعاقين مثلا إلى مجلس الحكومة، فهل سيقبل؟! الحكومة لديها ميزانها، إذا أردت تمرير قانون فيجب أن يحترم المعايير وأن يأخذ هذا بعين الاعتبار. هذه هي مسؤوليتنا نحن، فالحمد لله، نحن قدمنا قانون الإطار بشروط نجاحه فتمت المصادقة عليه قبل أيام.

صورة المرأة في الإعلام ملف حساس

○ بالعودة إلى ملف صورة المرأة في الإعلام، وهو من الملفات الحساسة، دوما ما تخلق الأعمال التلفزية وحتى الإعلانات التجارية موجة من الانتقادات والنقاش العام. في هذا المرصد الذي أنشأ لصورة المرأة في الإعلام، ما هي الخطوات التي سيتخذها في هذا المجال؟
• لا يزال المركز حديثا، وسيخرج القرار الخاص به هذه الأيام. تداولنا فيه خلال السنتين الماضيتين وقد أحدثت سنة 2006 لجنة القيادة لمحاربة العنف ضد النساء وكان من مهامها أن يحدث مرصد لمحاربة العنف ضد النساء، لكن لجنة القيادة هاته توقف عملها سنة 2008. ومن ذلك الوقت إلى 2012، فأنا أحييتها في 2013، وحافظت على تركيبتها كما هي بجميع مكوناتها وبالتمثيلية القطاعية وتمثيلية المجتمع المدني التي كانت سنة 2006. وتدارسنا إمكانية إخراج المرصد وانتهينا إلى الكيفية التي يجب أن يخرج بها، فستكون لجنة القيادة لمحاربة العنف هي النواة المؤسسة لهذا المرصد.
○ ما السبب في توقف اللجنة في السنوات الست التي مضت؟
• أنا لا أعرف، ربما يكون ثانية هو الحسابات السياسية. وإن كان الأمر يتعلق بتمثيليتين- قطاعية وأخرى من المجتمع المدني- وفي 2008 كانت هناك حكومة أخرى.
○ إذا انتقلنا من عملكم الوزاري إلى الإطار الأوسع للعمل الحكومي، كيف نظرتم إلى الانتقادات التي واكبت الحكومة التي يرأسها حزبكم. في البداية كان الانتقاد الأبرز أن في الحكومة امرأة واحدة فقط، لكن بعد ذلك تغيرت طبيعة الانتقادات. رأينا ردود الفعل ضد الوزير الشوباني على خلفية منعه لصحافية من ولوج قبة البرلمان، وهناك تصريحات رئيس الحكومة حول عمل المرأة. فكيف تنظرون إلى الأداء الحكومي لحزبكم في علاقته مع المرأة؟
• عندي تجربة جيدة كامرأة داخل حزبي، أولا: كلفت أكثر من مرة بملفات ثقيلة وحملت مسؤوليات عليا. وكنت محل ثقة في البرلمان، وتقدمت خمس مرات للترشح للانتخابات التشريعية أو البلدية. وداخل البرلمان وضعت في الثقة، بمسطرة ديمقراطية اقتراعية لأكون رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية أكثر من مرة. ولكي أكون أمينة في المجلس – عضو في المكتب – مرة، وحملت ملفات مثل المنتدى السياسي في الحزب ورئاسة منظمة نساء العدالة والتنمية في 2011. فتجربتي في هذا الحزب أن رجاله كما نسائه يثقون في الكفاءات النســائية، وبالـــتالي ليس هناك ما يكمن أن يلام عليه الحـــزب ورجاله في علاقتهم مع المرأة أو في تصورهم نحوها إلا ما يتفاعل في الرجل ثقافيا كرجل مغربي.
○ كيف ذلك؟
• الرجل العربي، عموما، والرجل المغربي يمكن أن تكون له فلتات في السلوك إزاء المرأة أو في التعبير. وأحيانا قد يسيء من حيث يشكر، ولكن هذه من التكوين الثقافي والاجتماعي في أسرنا جميعا. وبالمناسبة، هذا الأمر ليس حكرا على الرجال فقط بل هناك كثير من النساء يحملن فكرا ذكوريا.
○ لكن الملاحظ أن العدالة والتنمية في تعامله الحزبي الداخلي أو الحكومي يكون بشكل جيد يعكس صورة إيجابية، لكن الأخطاء التي ذكرتها تحسب عليه؟
• هذه ليست أخطاء، لنكن منصفين. السيد رئيس الحكومة مثلا قال إنه «يجب أن نعترف بعمل المرأة في البيت»، هذا فيه إنصاف كبير وكثير من العدل بين النساء فيما بينهم. وتحدث أيضا في كلامه عن النساء الأرامل، ووجوب تقديم منح لهن تعينهن على تربية أبنائهن. وتحدث عن دور الأمهات، وهن الذين قال عنهن ثريات. ولم يقصد التي تشتغل وعندها دخل مهم، وبالتالي تعرف كيف توفق بين عملها وبيتها. هو تحدث عن وضعيات في المجتمع وقال إننا يجب أن ننصف هؤلاء النساء فقط، وبالتالي أرى أن اعتبار وجود المرأة في البيت لا يعني عدم أهمية خروج المرأة للعمل.

مصعب السوسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية