هل يرى الأردنيون أن مبرر مملكتهم بصد صواريخ إيران سيقنع إسرائيل بعدم الرد؟

حجم الخط
0

اعتراض الهجوم الإيراني قدم فعالية مؤثرة لمنظومة دفاعات الجيش الإسرائيلي الجوية وقوة التحالف الدولي ضد التهديد الإيراني. إسرائيل تعتبر ذلك نجاحاً مثيراً للانطباع ودليلاً على تفوقها العسكري والتكنولوجي وحصانتها السياسية أمام إيران. في لحظة الاختبار، اختارت دول المنطقة التي تسميها إسرائيل “معتدلة” طرفاً من الطرفين: المحور الأمريكي – الإسرائيلي.

لكن إسرائيل وجيرانها لا يمكنهم تجاهل المعنى السياسي والاستراتيجي للخطوة التي اتخذتها إيران وتداعياتها قصيرة المدى وبعيدة المدى. إطلاق المسيرات والصواريخ كان حدثاً غير مسبوق، هاجمت فيه إيران إسرائيل، من أراضيها وبمبادرة منها وعلناً، ما وضع تحدياً معقداً أمام دول المنطقة التي وجدت نفسها للمرة الأولى في جبهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، واضطرت لاتخاذ خطوة حقيقية في المعركة التي تصاعدت ووصلت إلى مرحلة جديدة.

في أرجاء الشرق الأوسط، بدءاً بالعراق والأردن ومروراً بدول الخليج وانتهاء بمصر، أعلنوا عن الاستعداد العالي وأغلقوا المجالات الجوية قبل رد إيران. هذه المشاهد لم تشاهد حتى في حرب الخليج الأولى. الأردن، الذي موقعه الجغرافي يضعه في أي مواجهة في الشرق الأوسط، استخدم للمرة الأولى منظومته الجوية وشارك بنجاح في اعتراض المسيرات والصواريخ الإيرانية. يدور الحديث عن منظومات أمريكية.

هذه الصيغة كانت أسهل على الاستيعاب في هذه الدول إلى ما قبل نصف سنة، في الفترة التي كان يمكن فيها اعتبارها عادية في الشرق الأوسط. ولكن الحرب في قطاع غزة، التي نسيت تقريبا في نهاية الأسبوع الماضي، صعبت على القيادات العربية العثور على تفسير مقنع لشعوبها. فكثير من المحللين المحليين، كل في دولته، أبرزوا الرسالة القائلة إن التعاون مع واشنطن، وبشكل غير مباشر مع نتنياهو، نبع من اعتبارات أمنية وإقليمية. إسقاط المسيرات والصواريخ، كما قال الزعماء العرب ولكن ليس بلسانهم، استهدف منع اندلاع حرب واسعة، ستكون تداعياتها مدمرة للمنطقة.

للسبب نفسه، تضغط هذه الدول الآن على إسرائيل لعدم الرد. وبنظرة إقليمية، فإن الحرب التي قد تندلع ستكون أخطر من كل ما كان هنا، بما في ذلك حرب الخليج. إيران، خلافاً للعراق في عهد صدام حسين، ليست معزولة وهي مرتبطة جيداً مع الصين وروسيا. لن تكون هذه معركة أخرى بين إسرائيل وحماس، التي رغم الأضرار التي ألحقتها بإسرائيل منذ 7 أكتوبر بقيت منظمة فلسطينية ليس أكثر.

الأردن، الذي هو في بؤرة النقاشات حول التعاون مع المحور الإسرائيلي، يعمل باستمرار لإسكات التحدث عنه. المتحدثون في عمان أكدوا أن تفعيل منظومة الدفاعات الجوية أو إعطاء المصادقة للولايات المتحدة على العمل في سماء الأردن، لا يستهدف الدفاع عن إسرائيل، بل أولاً وقبل أي شيء آخر، الدفاع عن المملكة نفسها. ومثل أي دولة تحترم سيادتها، كما يقول مبعوثو الملك، كان عليها العمل ضد أي أجسام معادية في سمائها بدون صلة بهدفها النهائي. ويذكرون أيضاً بأن إيران لم تطلب ضوءاً أخضر من هذه الدول، التي كانت مسيراتها وصواريخها ستمر فوق أراضيها.

ظهر هذا الموقف في كل تقرير وبيان نشر عن الرد. لم يتم ذكر الدفاع عن إسرائيل ولو بالإشارة. وبالتأكيد، لم يكن هناك تطرق للانتصار أو تعزيز العلاقات مع إسرائيل. لم تتطرق أي دولة، حتى إسرائيل، إلى محادثة جرت بين نتنياهو وأي زعيم عربي. لا أحد يخطر بباله أن يعرض عقد مؤتمر قمة لأعضاء التحالف الذي رفع الرأس، حتى البيت الأبيض. الواقع الإقليمي يجبر الجميع على رؤية الفيل الموجود في الغرفة ومواجهته وسؤال إسرائيل: بعد 7 أكتوبر، أي رؤية تنوي عرضها على الفلسطينيين، الذين هم وراء الجدار، وليس فقط الحل للتهديد العسكري الإيراني الذي هو على بعد آلاف الكيلومترات من هنا.

جاكي خوري

 هآرتس 17/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية