هل سيتخلّى بشار الأسد عن السلطة؟

حجم الخط
17

دشّن النظام السوري حملته الدبلوماسية السابقة لمؤتمر جنيف 2 بتصريح يوم أمس، هو الأول من نوعه في سوريا في معناه الضمنيّ وهو أن الأسد سيتخلى عن السلطة، حيث نفت ‘رئاسة الجمهورية السورية’ تصريحات نسبت لبشار الأسد في وكالة ‘انترفاكس’ الروسية ‘حول نيته عدم التخلي عن السلطة’ واعتبرتها تصريحات ‘غير دقيقة’.
قبل ذلك اجتمع الروس بحليفيهما الإيراني والسوري وأرسلوا شحنات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والطائرات، واجتمع الأمريكيون والاوروبيون وحلفاؤهما العرب بالمعارضين السوريين، وذكرت مصادر أن شحنة كبيرة من الأسلحة ذهبت أيضا الى المعارضة السورية مع وعود أخرى بالدعم المادي والتسليحي.
التطوّر الأبرز عسكرياً في سوريا كان هجوم أطراف وازنة في المعارضة السورية المسلحة على ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’ (داعش)، وهو أمر أضعف ورقة ‘محاربة الإرهاب’ الأثيرة لدى النظام، والتي كان يرغب في استغلال أقصى لها خلال مؤتمر ‘جنيف 2’.
انعكست التفاعلات الاقليمية لقرار محاربة (داعش) داخل سوريا بوضوح في العراق، فبعد نصائح أمريكية وأممية (بان كي مون) بدا أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد تراجع عن استنساخ أسلوب النظام السوري في قصف الفلوجة والرمادي وتهجير سكانهما بدعوى محاربة (داعش)، وإن كانت حملته العسكرية وتصريحاته النارية ما تزال مستمرة.
وفي لبنان وافق حزب الله بعد ثمانية أشهر من الرفض على تشكيل حكومة جديدة بعد أن امتد الصراع السوري إلى لبنان تفجيرات واغتيالات متبادلة (بدل قبول دعوة حسن نصر الله خصومه اللبنانيين لمنازلته في سوريا!) وتواقت ذلك مع بدء المحكمة الدولية المخصصة لاغتيال الحريري واتهامها لقادة وعناصر للحزب بقتله.
أصبحت القضية السورية، بهذا المعنى، مركز المعركة الدائرة في العالم العربي حيث نرى منطقاً متكاملاً لما يحصل من حدود المغرب وموريتانيا حتى شواطئ البحر الأحمر والخليج العربي، وبذلك يقدّم مؤتمر جنيف 2 ملخصا للتوازنات في المنطقة بدءاً من الملف الإيراني المفتوح (والذي ترتبط فيه القضية النووية بالنزاع على المنطقة وتداخلاته في العراق وسوريا ولبنان) وصولاً الى الملف المصري وامتداداته في فلسطين والأردن وليبيا والسودان.
يحمل مؤتمر جنيف 2 إذن عنواناً رئيسياً هو الأزمة السورية لكنه، في الوقت نفسه، يختصر أزمة دولية وإقليمية محتدمة بين أجندات متعددة أطرافها الرئيسة هي امريكا واوروبا وروسيا (والصين) وايران وتركيا وقطر والسعودية (ومصر)… إضافة إلى إسرائيل القابعة خلف الكواليس.
يعاني الطرفان السوريان صعوبات في قدرتهما على تمثيل ما يريدان تمثيله.
النظام السوري منكوب بعد اجتراحه أزمة بنيوية شاملة حطّمت أسس سوريا كدولة ونظام ومعنى وطني وقومي وإنساني، اضافة الى افتقاده التكتيكي لايران، حليفه الرئيسي، التي لم تدع للمؤتمر.
كما تعرض ‘الائتلاف’ السوريّ المعارض لتآكل في شرعيته بعد انسحاب 44 من أعضائه ورفض 14 عضواً آخرين قرار الذهاب الى جنيف، وبالتالي فان قرار الذهاب الى جنيف لا يبدو مسنوداً بما يكفي ديمقراطياً ولا يمكن أن تنقذه سوى موافقة أهم القوى العسكرية الفاعلة على الأرض مثل ‘الجبهة الاسلامية’ و’جيش المجاهدين’ و’جبهة ثوار سوريا’، على هذه المشاركة، وهو أمر لم يحصل حتى الآن.
يدخل اللاعبون حلبة جنيف 2 بهذا المشهد المعقد وتبدو خطوط التسوية متشابكة وصعبة الحلّ، فاللاعبون الكبار، الأمريكيون والروس، يزعمون على حد قول كيري انهم ‘لن يفرضوا شيئا على أحد’ وأنهم ‘لا يعرفون ما هي النتيجة النهائية لمؤتمر جنيف 2’، فهل يتوقع الأمريكيون والروس أن يقوم النظام السوري الذي خاض في بحر من دماء السوريين للحفاظ على سلطة بشار الأسد أن يسمح بحكومة ‘بصلاحيات عسكرية وأمنية كاملة’ بعد حوار سياسيّ حضاريّ ليومين او ثلاثة مع وفد ‘الائتلاف’؟
من جهة، يبدو ‘جنيف 2’ بوّابة لتسوية إقليمية كبيرة قادمة، ومن جهة أخرى يبدو محطّة استراحة للقطار الدمويّ الذي ركبه النظام السوري وحلفاؤه منذ 15 آذار/مارس 2011 مقسمين فيه ‘الأسد أو نحطّم البلد’، فهل نصدّق ‘مؤسسة الرئاسة السورية’ أم نصدّق براميلها المتفجرة… ووكالة ‘انترفاكس’؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد - ألمانيا:

    مؤتمر ٌ جنيف 2 ٌ سيكون نسخة جديدة عن سايكس بيكو لتقسيم المنطقة من جديد من خلال البوابة السورية! أفيقوا أيها العرب.

  2. يقول Wlddadh:

    الشعب السوري هو من يقرر مصير بقى الاسد او انتخابه مرة اخرى ولن يسمح الشعب بتخلي الاسد عن الحكم ويتركه وحيد للارهابين ليمزقه اربآ .

    1. يقول عبد الله السوري:

      أخي وضاح: هل تعني الشعب السوري الذي في المخيمات و أربع أصقاع الأرض بين لاجئ ومهجر أم جوقة المطبلين والمصفقين في المجلس إياه (ماتسمونه مجلس الشعب) الذي عدّل دستور الجمهورية العربية السورية في 10 دقائق ليناسب سن ولي العهد المفروض في الجمهورية الملكية أم الشعب الموجود في ضواحي دمشق (مزة86 والسومرية د) المؤيدين بنسبة 150% ؟

  3. يقول Almurabet:

    كل الشعب السوري والشعوب العربية تقف الى جانب الاسد ضد الارهابين وضد من يقف ورائهم كيف يقبل الشعب ان تحكمه معارضه تجمعها الطائفية وارهابينها يتعالجون لدى الكيان الصهاينة وقد شاهدت مقطع في احدى الفضيائيات وهي تعرض على فضائيتها عدد من الجنود الاسرائيلين بالملابس العسكرية وهم يحملون احد من المعارضة السورية الى احدى مستشفياتها , والله عندما شاهدت ذلك المنظرت شعرت بالغثيان واردت اتقي والذي يقبل بهولاء ان يحكموا سوريا والله انهم خونة لم لهم صلة لا بالاسلام ولا بالعروبة .

  4. يقول jack germany:

    البداية في إسرائيل والنهاية فيها ! ما يحدث في سوريا ما هي إلا مرحلة من من السيناريو كما الحال في فلسطين ولبنان والعراق وليبيا وبعدها تركيا والسعودية وإيران إنها لعبة الأمم والمال والنفوذ

  5. يقول محمد يعقوب:

    العنوان الرئيسى فى سورية هو لعبة الأمم! القطبان الكبيران أميركا وروسيا هما من يوجه الأحداث فى سورية اليوم، كل حسب مصلحته. أميركا تساند المعارضة بالسلاح الخفيف الذى لن يحسم المعركة مع النظام الفاشى الذى تسانده روسيا بكل أنواع الأسلحة الفتاكة. هناك لاعبين صغار،هم الدول العربية المساندة للمعارضة والتى تتصارع فيما بينها،أحيانا تغدق على المعارضة بالسلاح والمال، وأحيانا تتوقف بأوامر من اللاعبين الكبار. المهم أن رأس النظام السورى لا يزال فى غيه وجبروته بسبب الدعم اللامحدود الذى يصله من دول مؤثرة كروسيا والصين وإيران. بعد أن أوقف إستعمال السلاح الكيمياوى خوفا من ضربة أميركية، بدأ بإستعمال سلاح البراميل المتفجرة والطائرات الحربية من كل نوع، تقذف حممها على ما تبقى من الشعب السورى على أرض الوطن ببسبب ضيق ما فى اليد وعدم الإستطاعة على الرحيل واللحاق بالأغلبية التى رحلت ولجأت الى دول الجوار ومنهم من عبر البحار للجوء الى الدول الأوروبية، وكثير منهم غرق فى الطريق . الذين بقوا فى الوطن لاقى الكثير منهم مصيرهم المحتوم سواء بقصف الطائرات أو المدفعية الثقيلة! ماذا تبقى من سورية بعد سنوات الجنون العسكرى الذى دمر كل شىء فى سورية: الوطن والإنسان والحاضر والمستقبل. طبعا إسرائيل هى الرابح الأول والأخير من إستمرار هذا النزيف الذى فاق كل تصور. من المؤكد أن إسرائيل قد شطبت إسم سورية من قائمة دول المواجهة، لأن سورية لم تعد دولة ولم يعد هناك جيش بمعنى الجيش، ولم يعد هناك شعب يقوى حتى على التظاهر ضد إسرائيل!!! إنها لعبة الأمم والتى نجحت نجاحا باهرا فى تدمير سورية لمائة سنة قادمة. السؤال المهم الآن: من هى الدولة القادمة على قائمة التدمير، هل ستكون مصر؟ الأيام القادمة ستفصح عن الحقيقة…..

  6. يقول سامح // الامارات:

    شكرا لقدسنا العزيزة ع المقال والتحليل الجميلين .
    * من الآخر : لن يتخلىّ الطاغية ( بشار ) عن السلطة والكرسي :
    * إلاّ إذا حصل ( توافق ) ع ذلك بين ( أمريكا وروسيا ) بشكل مباشر
    وموافقة ( ايران ) …بشكل غير مباشر …؟؟؟
    ** غير هيك …والله ما شيل ( بشار ) عن الكرسي اللعين …غير ( عزرائيل ) !؟
    شكرا .

  7. يقول على نور الله:

    طيب و قطار الدم الذى تشغله المعارضة السورية من يوقفه ؟؟؟؟
    فهم اما سقوط الاسد او نحرق البلد و قد حرقوها و قتلوا و شردوا شعبها

  8. يقول أيمي .امريكا:

    مقاومٌ بالثرثرة
    ممانعٌ بالثرثرة
    له لسانُ مُدَّعٍ..
    …يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة
    يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة
    مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَ
    لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ
    لم يطلقِ النّار على العدوِ
    لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ
    صحا من نومهِ
    و صاحَ في رجالهِ..
    مؤامرة !
    مؤامرة !
    و أعلنَ الحربَ على الشَّعبِ
    و كانَ ردُّهُ على الكلامِ..
    مَجزرةْ

  9. يقول أيمي .امريكا:

    فإنْ كنتُ أنا ” الدكتورَ ” في الدِّراسةْ
    فإنني القصَّابُ و السَّفاحُ..
    و القاتلُ بالوراثةْ !

    دكتورنا ” الفهمانْ ”
    يستعملُ السّاطورَ في جراحةِ اللسانْ
    مَنْ قالَ : ” لا ” مِنْ شعبهِ
    في غفلةٍ عنْ أعينِ الزَّمانْ
    يرحمهُ الرحمنْ
    بلادهُ سجنٌ.
    و كلُّ شعبهِ إما سجينٌ عندهُ
    أو أنَّهُ سجَّان

  10. يقول أيمي .امريكا:

    مقاومٌ يفهمُ في الطبِّ كما يفهمُ في السّياسةْ
    استقال مِن عيادةِ العيونِ
    كي يعملَ في ” عيادةِ الرئاسة ”
    فشرَّحَ الشّعبَ.
    و باعَ لحمهُ وعظمهُ
    و قدَّمَ اعتذارهُ لشعبهِ ببالغِ الكياسةْ

    احمد مطر

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية