ميثاق الأغلبية… هل يعمل على تقوية انسجام الحكومة المغربية أم يبقى حبرا على ورق؟

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

الرباط- “القدس العربي”: قرَّرت مكونات الأغلبية في المغرب صياغة وتوقيع “ميثاق الأغلبية”، كإطار مؤسساتي ومرجع يحدد أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف المؤسسات، الحكومية والبرلمانية والحزبية، وذلك في غضون شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
جاء ذلك خلال اجتماع تنسيقي عقدته مكونات الأغلبية، قبل أيام، من أجل تدارُس مجموعة من النقط الراهنة والمتعلقة بتكثيف الجهود بين الحكومة والأغلبية البرلمانية، حضره كل من رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، ورئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى جانب رؤساء فرق الأغلبية في مجلس النواب ومجلس المستشارين (غرفتا البرلمان).
ويُعدُّ “ميثاق الأغلبية” مرجعا سياسيا وأخلاقيا بين الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية، تعود إليه لحل الخلافات بين أعضائها، حرصا على الانسجام والتماسك الحكومي. كما يضع الأولويات التي يتعين على الحكومة السير وفقها في عدد من الملفات الداخلية والخارجية.
ولفت المُحلل السياسي عادل بنحمزة إلى أن أول من طرح فكرة الميثاق كان هو حزب “الاستقلال” وجاء ذلك في برنامجه الانتخابي عام 2011، قبل أن يتحول الأمر لما يشبه عُرفًا تبنّته الحكومات الثلاث الأخيرة.
“من المهم أن تستمر ثقافة ميثاق الأغلبية، والذي كان التزاما انتخابيا لحزب الاستقلال فإذا به يتحول إلى قاعدة للعمل التحالف الحكومي المشترك.”
وسبق لرؤساء الأحزاب السياسية الستة المشكّلة للتحالف الحكومي الذي يقوده حزب “العدالة والتنمية” في شخص سعد الدين العثماني، التوقيع على “ميثاق الأغلبية الحكومية”، الذي يُعدُّ بمثابة رؤية تشاركية وتضامنية بين مكونات الحكومة من أجل تنفيذ برامجها المتفق عليها، بعد حديث عدد من وسائل الإعلام عن وجود أزمة بين مكونات حكومة العثماني، وخاصة بين حزبي “العدالة والتنمية” ذي المرجعية الإسلامية، و”التجمع الوطني للأحرار” ذي التوجه الليبرالي.
في نظر الدكتور بنحمزة، فإن ثقافة الحكومات الائتلافية رغم كونها السائدة، إلا أنها عقب دستور 2011 أصبح لديها طابع سياسي أكثر ظهورا، ما يتطلب أن يكون التحالف السياسي واضحا منذ البداية إلى نهايته.
وقال المتحدث لـ “القدس العربي”، إن الحكومة السابقة لم تسلم من هذا الموضوع الذي يخلق ارتباكا حتى عند الرأي العام، حول كيفية تصنيف الأحزاب، ذلك أن اختلاط الأدوار لا يترك المواطنين المغاربة يتبيَّنون مواقع الأحزاب بوضوح، ما يُضعف الالتزام السياسي، على اعتبار أن الأحزاب يجب أن تكون ملتزمة وأن تتحمل المسؤولية بشكل تضامني.
وبخصوص إن كانت الأغلبية الحالية ستنجح في الالتزام بالميثاق، يعتقد المتحدث أن العدد المقلَّص للأحزاب (3 أحزاب) سيساعد في ذلك، على عكس الحكومة السابقة المكونة من 6 أحزاب، إلى جانب أن البرامج الانتخابية كانت متقاربة في عدد من القضايا كذلك.
وأوضح المحلل السياسي أن “ميثاق الأغلبية” ميثاق أخلاقي ومعنوي وغير مسنود بالدستور، وأنه التزام سياسي للأطراف، لافتا إلى أن الحكومة الحالية هي الثالثة التي تعمل بهذا الميثاق، “لهذا فنحن نؤسس لهذه الخطوة”، وفق تعبيره.
ويرى الدكتور بنحمزة أن الإشكال في الحكومات الائتلافية يتجلّى في أن مَن يقود الحكومة يعتبر نفسه المسؤول الأول عنها، وأنه يملك الأغلبية، في حين أنها تحالف أحزاب سياسية لها وجهات نظر تُحترم ويجب أن يكون لها اعتبار.
“يجب الانتظار قليلا، مثل هذه الأمور من اللازم أن تمر للممارسة حتى تتمكن من الحكم عليها” يختم المتحدث كلامه.

الدفاع عن الأجراء

ومع تزايد حدة الاحتجاجات وتصاعد مشاكل العمال والمحتجين، يطرح سؤال حول إذا ما كانت النقابات المقربة من الأحزاب الموقعة على الميثاق الحكومي، ملزمة بالعمل بما جاء فيه.
علي لطفي، الكاتب العام “للمنظمة الديمقراطية للشغل” المقربة من حزب “الأصالة والمعاصرة” المشارك في الحكومة، أبرز أن المنظمة نقابة عمالية، رسالتها الاجتماعية هي الدفاع عن حقوق ومطالب الأجراء للرفع من مستواهم المعيشي والدفاع عن الفئات الأخرى التي قمنا بالتضامن مع بعضها كالدكاترة المعطلين والمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء وغيرها من الملفات.
وأوضح النقابي المغربي متحدثا لـ “القدس العربي”، أن المنظمة ستستمر في التعبير عن مواقفها احتراما لمبادئها ولرسائلها الاجتماعية، أما بالنسبة لميثاق الأغلبية فهو سياسي حكومي حتى لا يقع تصدع بين الأحزاب المكونة للحكومة في كيفية التدبير الحكومي للشأن العام، خاصة وأن الحكومة الحالية تتكون من 3 حساسيات سياسية تختلف في طرق المقاربة ما بين حزب “الاستقلال”، (اجتماعي تعادلي)، و”الأصالة والمعاصرة” (ديمقراطي اجتماعي) وحزب “التجمع الوطني للأحرار” (ليبرالي).
وأكد المسؤول النقابي أن المنظمة ستدعم القرارات الإيجابية لهذه الحكومة بسبب المعاناة مع الحكومتين السابقتين، سواء تلك التي كانت بقيادة رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران أو بقيادة سعد الدين العثماني، ذلك أنهم “دمَّروا كل ما هو اجتماعي وإنساني خاصة لدى الطبقة العاملة والمتوسطة” وفق تعبيره.
وأبرز المتحدث أن الشعارات التي رفعتها الأحزاب التي تدبر الشأن العام حاليا أكدت على الرفع من القدرات الشرائية للطبقة المتوسطة والعاملة، ونتمنى أن يتم تنزيل إصلاحات حقيقية لتحسين الوضع المادي للطبقة العاملة المغربية.
وخلص علي لطفي إلى أن “المنظمة الديمقراطية للشغل” مستمرة في رسالتها، وأن الميثاق سياسي بالأساس، “بالنسبة لنا الأهم أن تكون هناك سياسة اجتماعية لتحسين القدرات الشرائية للطبقة العاملة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية