من الكانتري إلى الروك: دوللي بارتون في أحدث ألبوماتها

أصدرت المغنية الأمريكية دوللي بارتون، أحدث ألبوماتها الغنائية Rockstar، وهو الألبوم التاسع والأربعين في مسيرة أيقونة موسيقى الكانتري، التي تبلغ من العمر 77 عاماً. يختلف هذا الألبوم عن أي من إصداراتها السابقة، وكما أن لكل أغنية من أغنيات دوللي بارتون حكاية، فإن لألبومها الجديد حكاية أيضاً، حيث بدأ كل شيء من خطأ في تكريم الفنانة كنجمة روك آند رول، رفضت دوللي بارتون هذا التكريم في البداية، وقالت إنها مغنية كانتري وليست مغنية روك، ثم قررت الاستفادة من هذا الخطأ على ما يبدو، وقامت بإعادة غناء مجموعة هائلة، من أجمل أغاني الروك لأشهر المطربين والفرق الموسيقية، لكنها لم تتوقف عند هذا الحد، بل كتبت ولحنت مجموعة من الأغنيات الجديدة، على طراز الروك. يحتوي الألبوم على ثلاثين أغنية، ويبلغ عدد الأغنيات الجديدة الخاصة بدوللي بارتون سبع أغنيات، وتقول بارتون إن اختيار كل أغنية قديمة أعادت غناءها، كان بمساعدة زوجها كارل دين العاشق لموسيقى الروك.

في عالم موسيقي آخر

يبدو ذهاب دوللي بارتون إلى عالم موسيقى الروك، تقديراً كبيراً لنجوم هذا الفن، وما صنعوه طوال العقود الماضية، وكذلك لجمهور هذا النوع الموسيقي الواسع حول العالم. كما يعد جرأة فنية كبيرة، من مغنية تعد ملكة في ميدانها، متوجة على عرش موسيقى الكانتري، وإذا بها تخوض اختباراً صعباً في ميدان جديد، وتُعرّض صوتها الجميل الرقيق، لعقد المقارنات بينه وبين أصوات الروك القوية، كصوت فريدي ميركوري، وإلتون جون، وستينغ، وبول مكارتني، على سبيل المثال. وتنتظر إجابة السؤال، هل سيحب الجمهور سماع هذه الأغاني المشهورة بصوتها؟ لم تدخل دوللي بارتون إلى عالم الروك، بهدف المنافسة، ولا تريد أن تكون نجمة روك كالعنوان الذي أطلقته على ألبومها، ولا تحتاج إلى ذلك أيضاً، ويلاحظ المستمع أنها أعادت غناء هذه المجموعة من الأغنيات بحب شديد، ويثبت أداؤها أن الغناء ليس مجرد صوت شاسع المدى، وحنجرة قوية، الغناء إحساس عميق بكل كلمة وكل نغمة موسيقية، وقدرة على توصيل الإحساس المعين المطلوب توصيله إلى السامعين. انغمست دوللي بارتون تماماً في كل أغنية من أغنيات الألبوم الجديد، ولم تنفصل عن أي جزء من أجزائها، وعندما نستمع إليها تغني عملاً من أعمال فريق الروك الإنكليزي كوين، على سبيل المثال، نشعر بأنها لا تؤدي الأغنية فحسب، لكنها تحمل في غنائها تاريخ هذه الأغنية، وذكرى صاحبها وصوته، وتأثير هذه الأغنية على الكثير من الأجيال، والمستمر حتى الآن، وكأنها تقول للجمهور، أنا أحب هذه الأغنية مثلكم ولطالما تأثرت بها.
المعروف أن موسيقى الكانتري، نمط موسيقي يختلف عن موسيقى الروك، ولكل منهما خصائصه التي يتفرد بها، سواء من حيث الأصول الثقافية والخلفيات التاريخية، أو من حيث الأسلوب والأنغام والإيقاعات، والآلات الموسيقية التي يتم الاعتماد عليها، وطبيعة المواضيع التي يتناولها. فتعد موسيقى الكانتري، من أقدم أنواع الموسيقى في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي موسيقى الريف التقليدية، ويكون الغناء فيها، بسيطاً غير معقد، بصوت طبيعي قريب ومحبب إلى النفس، ويميل إلى الأسلوب الحكائي، حيث تعتمد موسيقى الكانتري في كثير من الأحيان، على القصص والعبر والمعاني الإنسانية، المرتبطة بالحياة والحب والروابط العائلية، ولا تذهب كثيراً نحو المواضيع الاجتماعية والسياسية الحادة واللاذعة، وتستخدم الغيتار الخاص بالكانتري، بالإضافة إلى بعض الآلات الموسيقية الأخرى، لكن الإيقاع بشكل عام يكون هادئاً وأبطأ من موسيقى الروك، التي لا تخلو من إلهامات ال بلوز والجاز والسول في بعض الأحيان، وتعتمد على الغيتار الكهربائي، والآلات الإيقاعية كالدرامز، حيث الإيقاع الحيوي السريع، والقوة والطاقة، والتعبير العميق عن المواضيع الاجتماعية والإنسانية والسياسية والعاطفية كافة أيضاً، بأصوات قوية وطبقات مرتفعة. أتت دوللي بارتون من أهم معاقل موسيقى الكانتري، في الولايات المتحدة الأمريكية، فهي ابنة ولاية تينيسي، حيث ولدت ونشأت، وتشبعت بتلك الأجواء، فعندما تقدم موسيقى الكانتري، تكون في الوقت نفسه تقوم بتقديم ثقافتها الأصيلة، وتفاصيلها الدقيقة، من حيث الأنغام والإيقاعات والكلمات، والأسلوب، وكذلك المظهر والملابس التقليدية.

أغنيات قديمة وجديدة

من الأغنيات الجديدة التي ألفتها دوللي بارتون في هذا الألبوم، أغنية «روك ستار» بحبكتها اللطيفة، والمقطع القائل: «سأكون نجمة روك» الذي تردده بارتون خلال الأغنية. وهناك ست أغنيات أخرى جديدة، بالإضافة إلى هذه الأغنية التي يحمل الألبوم عنوانها، كأغنية «حلمت بإلفيس» وأغنية «حاولت الروك» وأغنية «أريد العودة».. وكذلك أغنية «العالم يحترق» World On Fire، وهي أغنية سياسية، كتبتها دوللي بارتون تعبيراً عن غضبها تجاه جميع السياسيين، في كل مكان وزمان على ما يبدو. الأغنية طويلة إلى حد ما وتحتوي على الكثير من المقاطع، أما موسيقاها فهي رائعة وتحديداً على مستوى الإيقاع، وهي من أجمل الأغنيات السياسية، التي لا تخلو من البعد الإنساني والإيماني، ولا شك في أن هذه الأغنية، ستصير من الأغنيات البارزة في قائمة أعمال دوللي بارتون.
هناك حضور لبعض النجوم في هذا الألبوم، الذين شاركوا دوللي بارتون الغناء بدرجات مختلفة، فمنهم من غنى معها مقطعاً أو اثنين، ومنهم من اكتفى بحضور صوتي خفيف في الخلفية، وترديد بعض الكلمات وراء صوت المطربة، مثل بول مكارتني ورينغو ستار، نجما فريق البيتلز، ومشاركتها الغناء في أغنية الفريق الأصلية Let It Be، تنطوي الأغنية على حكمة في تناولها لأمور الحياة والقدر، وقد تكون ذات طابع ديني على نحو ما، نظراً لذكرها السيدة العذراء في الكلمات. أما المغنية الأمريكية «ليندا بيري» فقد شاركت دوللي بارتون في أداء أغنية What›s Up، وظهرت معها في فيديو الأغنية. يأخذ الألبوم المستمع في جولة طويلة داخل عالم الروك، وينشط الذاكرة باختيارات رائعة حقاً، من أجمل وأشهر الأغاني، كأغنية I can›t get no satisfaction، لفريق الروك الإنكليزي رولينغ ستونز. وأغنية Don›t Let the Sun Go Down on Me لإلتون جون. ومن أجمل ما أعادت غناءه دوللي بارتون، في هذا الألبوم الجديد، أغنية We Are the Champions، وأغنية We Will Rock You، لفريق الروك الإنكليزي كوين، وقد جمعهتما دوللي بارتون في أغنية واحدة، قامت بتصويرها بشكل رائع، حيث أتى الفيديو ملائماً لجوهر الأغنيتين، اللتين تم تأليفهما من وحي حماس الجماهير في الملاعب الرياضية، وصارتا من الأغاني التي يرددها الجمهور الرياضي، وتحديداً جمهور كرة القدم. ظهرت دوللي بارتون في فيديو الأغنية، وهي ترتدي الثوب نفسه بثلاثة ألوان مختلفة، هي ألوان الميداليات الرياضية، الذهبية والفضية والبرونزية، وظهرت كذلك وهي تجلس في مدرجات الملاعب. أما صوتها فقد أدى نسخة رائعة من هاتين الأغنيتين، المنطبعتين في الذاكرة بصوت فريدي ميركوري.

كاتبة مصرية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية