«منظمة التحرير عليها توحيد الصفوف في هذا الوقت… «بسملة وحوقلة» في مواجهة الذكاء الإصطناعي

«التكنولوجيا أذكى منا… ستتولى زمام الأمور».
تلك ليست افتتاحية لكتاب «تداعيات رجل يجلس على جلد خروف» بل عبارة مباشرة على لسان شخص اسمه «جيفري هينتون» وصفته فضائية «آر تي آي» بأنه «رائد برامج الذكاء الاصطناعي».
في الماضي ثمة شخصية شهيرة في الدراما، التي طالما بثها التلفزيون الأردني اسمها «الكابتن جيفري» .
ويفترض أنها شخصية عسكرية بريطانية تتكلم العربية أيام «غلوب باشا» وما أذكره شخصيا من ذلك المسلسل أن صاحبنا كان يحرك رمشيه كثيرا، وهو يحاول اقناع «البسطاء» بأن اعتقالهم وزجهم في السجن من مصلحتهم، وأن حكومة بريطانيا العظمى تعرف «مصلحة شعوب المنطقة».
جيفري، بتاع الذكاء الإصطناعي أيضا، «يعرف مصلحتنا» فهو استدرك بعدما ساهم في تأسيس برامج الذكاء الإصطناعي لأغراض «عسكرية» بأن «الدول الغنية ستستخدم بكثافة الذكاء الإصطناعي ضد الشعوب الفقيرة كسلاح».
توهجت عينا العالم نفسه على الشاشة، وهو يقولها «الروبوت القتالي تهديد عملاق للبشرية».
ليست صدفة أن مخترعي كل المبتكرات، التي سرعان ما تحولت للاستعمال العسكري، من القنبلة الذرية إلى أحدث تكنولوجيا القتل وتفوق العرق الأبيض «أمريكيون» في الواقع.
وليست صدفة أن تكنولوجيا تركيب المشمش على الفلفل الإسرائيلية في مجالات الزراعة أظهرت قدرتها على تنشيط وتفعيل الذكاء الإصطناعي وما خلفه الكابتن جيفري الأمريكي وأمثاله في الكون من مآس ضد أهلنا في قطاع غزة.
اندهشت مذيعة في القناة الإسرائيلية 12، وهي تسمع خبيرا يتحدث عن «كلفة باهظة» من الضحايا الأبرياء لتفعيل الذكاء الإصطناعي في مطاردة «الإرهاب الفلسطيني» والمذيعة سرعان ما ابتسمت، وقالت «إذا لم نقتل نحن الأطفال، بل فعلتها شاشات الكومبيوتر».
تتكوم على طريقة زميلنا ماجد عبد الهادي «عمارة في أحشاء طفل» في غزة، لأن الذكاء الإصطناعي اليهودي الأمريكي التقط صوتا في المربع السكني قرر برنامج ما، غير بشري أنه «يشبه صوت» أحد أقارب محمد ضيف.
أحدهم أخبرني: مبرمج إسرائيلي ضجر في لحظة ما يستطيع تزويد طائرة مسيرة بمعلومة تطالب بـ»قتل من يبتسم» في أحد أزقة مخيم الشاطىء، ولسبب ما يقرر البرنامج قصف كل من يبتسم لأي سبب.
طبعا، قد لا تكون تلك معلومة دقيقة، لكن الدقيق أن ماكينة الكابتن جيفري الأمريكي في الجيش الإسرائيلي، وهي تفتك الفلسطيني، تستعمل بكفاءة بصمة الصوت والوجه والجينات أيضا مع تزويرها وتزويدها بكميات متفجرات فتاكة.
حسنا… كل ما تقوله جماعة «البسملة والحوقلة والدعاء» بعد إسقاط» و»أعدوا لهم ..» أن تكنولوجيا القتل، مثل الطائرات المسيرة والاتصالات والتطبيقات، سرعان ما ستتعمم وتصبح متاحة للجميع.
وكلمة «الجميع» هنا تشمل «الإرهابيين» إياهم الذين يقتلون اليوم والشعوب المقهورة والعصابات والميليشيات والمقاومة وكل من يعادي «الإمبريالية»… هذه التكنولوجيا قابلة للانفلات وحفر القبور بالتالي لمن صنعوها أو استخدموها ضد الضعفاء. من تابع يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يفهم ذلك بالتأكيد.

رغيف الخبز الفلسطيني

مجددا مع نهاية الأسبوع استضافت «الجزيرة» الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني.
استفسرت عن تلك المؤسسة ودورها «المشكور طبعا» وعلمت بأنها «الذراع الوحيدة» التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتشرف عليها حركة فتح، التي تحولت مؤخرا – للأسف- إلى جهاز أمني.
تلفزيون فضائية «فلسطين» نقل النبأ عن أوامر وجهها «السيد الرئيس» لتقديم المساعدة لأهلنا في الضفة الغربية، وما تريده السلطة الفلسطينية الانغماس في توزيع المساعدات، بمعنى أن الإستراتيجية الحكومية للسلطة الحرص الشديد على عدم الاشتباك مع إسرائيل والتعاطي مع آثار الحرب.
أذرع منظمة التحرير تحولت – كما قال زميلنا عريب الرنتاوي على شاشة رؤيا – إلى «مجرد غرفتين وحوش والمالك بانتظار الإيجار»! وأبناء غزة لا ينتظرون تقديم رغيف خبز أو عبوة طحين أو علبة سردين فقط، بعد مقتل أطفالهم.
القصة باتت سياسية ومعروفة ولا أحد يريد الإصغاء لما قاله وزير الخارجية الأردني على شاشة «سي أن أن» وهو يقترح «إزاحة حماس كفكرة، فقط بالانتخابات وصناديق الاقتراع».
المؤلم حقا أن تحشر المنظمة والإساءة إليها بصيغة منهجية متواصلة عبر تحويلها إلى «سيارة إسعاف» أو «مخبز لتقديم الكعك» وإحصاء الشهداء.
والمغرق في الوجع هذا التشتت الفلسطيني في وقت يحتاج إلى توحد كل المرجعيات لنجدة الأشقاء بكل الطرق والسبل.
ويليق- رغم الألم والوجع- بمنظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية بعد كل ذلك الوجع أن تقاوم وتقوم وتعود بكامل بهائها أو على الأقل «تحاول» وعندها سيتولى الشعب الفلسطيني التصدي لأي طرف فصائلي يمارس الغرور الوطني ولا يريد المرجعية.
يمكن باختصار على الأقل «هز الكتف الأيمن بحنية» وحمل السلاح على «الكتف الأيسر» بالتزامن.. تلك معادلة المنظمة الكفيلة بوقف النزيف، حتى لا نردد جميعا وراء من قال مؤخرا علنا «بلا مصالحة بلا بطيخ» ونزيد عليه «بلا أوسلو بلا باذنجان»!

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية