اسبانيا ستسعى لتقييد استحواذ الإمارات على شركة “ناتورجي” للغاز لاعتبارات الأمن القومي ولتفادي أزمة مع الجزائر

حسين مجدوبي
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

في حين ترغب الحكومة الإسبانية في اجتذاب استثمارات من دول الخليج، إلا أنها لا تحبذ سيطرة هذه الاستثمارات على شركات في قطاعات إستراتيجية مثل الاتصالات (كما في حالة “تليفونيكا” والطاقة (كما في حالة “ناتورجي” للغاز والكهرباء) التي تريد الإمارات الاستحواذ عليها مما يسبب  قلق الجزائر أكبر مُزَوِّد لإسبانيا بالغاز.

وكانت شركة “طاقة” المملوكة لإمارة أبو ظبي قد أبدت رغبتها في الاستحواذ على كامل أسهم “ناتورجي”، أول شركة غاز في اسبانيا والثالثة في مجال الكهرباء، وتريد تكرار محاولة شراء “سيبسا” النفطية منذ سنوات.

ويعود تردد الحكومة الإسبانية وقلق الجزائر إلى أن

“ناتورجي” تمتلك 49% من أسهم أنبوب “ميد غاز” الذي يحمل الغاز الجزائري إلى السوق الإسبانية والبرتغالية بينما تمتلك الجزائر الباقي.

وكان مجلس الوزراء الإسباني قد صادق أمس الأول على اتفاقية مع الإمارات لحماية الاستثمارات الثنائية وتسهيل الاستثمارات البينية، مما جعل بعض وسائل الإعلام تعتبر ذلك تمهيداً للموافقة على استحواذ  “طاقة” للاستحواذ على “ناتورجي” مقابل 22 مليار دولار أو حتى 26 مليار دولار، وفق صحيفة “دياريو”.

ويتخذ الأمر بعداً سياسياً بحكم أن الجزائر لا تنظر بارتياح إلى دخول دولة مثل الإمارات وهي دولة مصدرة للغاز ولديها علاقات متأزمة حالياً معها، كما أنها من ضمن الحلفاء الرئيسيين للمغرب، المنافس القوي للجزائر في شمال إفريقيا. وذهبت جريدة “كونفدنسيال” في تقرير لها أمس الأول بأن ما وصفته بمناورة الإمارات يصب في صالح المغرب لكي يحصل مستقبلا على الغاز من طرف شركة “ناتورجي” التي ستكون تحت تصرف الإمارات، مبرزة أنه جرى تقديم تقرير في هذا الموضوع إلى رئاسة الحكومة

يذكر أن الجزائر تشترط في عقودها مع الشركات الإسبانية عدم إعادة بيع الغاز الجزائري لطرف ثالث إلا بموافقتها.

وتنوب إسبانيا في الوقت الراهن عن المغرب في شراء الغاز من السوق الدولية وإعادة تصديره للمعرب عبر أنبوب “المغرب العربي”، لكنها لا تقوم بتصدير الغاز الجزائري.

من جهته قال وزير الاقتصاد والتجارة كارلوس كويربو “إسبانيا لديها الأدوات اللازمة واللوائح المعززة التي تسمح بتحقيق توازن مثالي بين حماية الشركات الإسبانية والمصالح الإستراتيجية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر”. وكانت نائبة رئيس الحكومة تريسا ريفيرا قد أكدت حرص الحكومة على تتبع ومراقبة رغبة شركة “طاقة” في الاستحواذ على “ناتورجي” كما راقبت وتتبعت محاولة شراءها من صندوق أسترالي في الماضي، بينما يطالب حزب سومار المشارك في الائتلاف الحكومي بضرورة معارضة الصفقة الإماراتية.

ويتوقع محللون أن تلجأ الحكومة الاسبانية إلى حل مماثل لما قامت به إزاء رغبة السعودية الاستحواذ على نسبة كبيرة من أسهم شركة “تليفونيكا” للاتصالات، حيث أقدمت عبر شركة “سيبي” التي تدير الاستثمارات الحكومية بشراء أسهم في “تليفونيكا” لتصبح ضمن المساهمين الكبار وتشارك بشكل كبير في القرارات الإدارية.

وتقوم الدول الأوروبية الكبرى بشراء أسهم في شركات إستراتيجية كبرى لتضمن مقعدا لها في إدارة الشركة حفاظا على مصالح البلاد، وهذا ما فعلته ألمانيا وفرنسا في شركات إستراتيجية لها.

من جانب آخر، أقدمت الجزائر ابتداء من سنة 2022 على تحويل فائض الغاز إلى إيطاليا بدل اسبانيا، وتتخوف حكومة مدريد من قرار جزائري قد يحد من واردات الغاز إلى هذا البلد الأوروبي مستقبلا إذا اكتملت صفقة الإمارات حول “ناتورجي”، لاسيما وأن العلاقات بين البلدين مازالت رهينة أزمة شائكة على خلفية ملف الصحراء الغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية