محاكمة الرئيس الموريتاني السابق تتحول لمعركة أمام المجلس الدستوري

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط– «القدس العربي»: تحولت محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إلى محاكمة قانونية أمام المجلس الدستوري الموريتاني، بعد أن قررت المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد تعليق محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز والمتهمين الآخرين المشمولين معه، إلى أن يبت المجلس الدستوري في ثلاث مواد طَعَنَ دفاعُ الرئيس السابق في دستوريتها.

 وأمهلت المحكمة دفاع الرئيس السابق فترة 15 يوماً للاستظهار بما يثبت تقدمه بعريضة أمام المجلس الدستوري للبت في دستورية المادة 16 والمادة 47 من قانون مكافحة الفساد والمادة 287 من قانون الإجراءات الجزائية.

ومن بين المواد التي طعن دفاع عزيز فيها المادة 16 من قانون مكافحة الفساد، والتي تنص على أنه على المتهم بالفساد تبرير ثروته، حيث اعتبر الدفاع أن هذه المادة تنافي قرينة البراءة التي تنص على أن البينة على المدعي.

كما طعن الدفاع في المادة 47 من القانون ذاته، والتي تنص على منح جزء قدره 10% من المحجوزات المحكوم بمصادرتها لصالح هيئات البحث والتحقيق، باعتبار ذلك يمثل تحفيزاً غير مشروع قد يؤثر على نزاهة القضاة واستقلاليتهم.

وقال دفاع ولد عبد العزيز إن موكلهم “يطالب بحق الشعب في الرقابة على محاكمته، وإلغاء المادة الواردة في قانون الإجراءات الجنائية، والتي تحرم التسجيل والتصوير أثناء المحاكمات، وأنها أُقرت في عصر مختلف عن الواقع الحالي”.

وفي الطرف الآخر، أكد المحامي ابراهيم ولد ابتي، رئيس هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية أن “الأحداث العارضة ما تزال هي المسيطرة على المحكمة”، مضيفاً: “كنا نفضل أن يبدأ استجواب المتهمين، لأن ذلك هو الجوهر”.

واستغرب محامو الطرف المدني في محكمة العشرية “تقديم محامي الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز دفوعاً ضد مواد من قانون الفساد بحجة عدم دستوريتها”.

وأضاف بيان صادر عن الطرف المدني أن “القانون ظل قطب رحى ومرتكز الخطاب السياسي للرئيس السابق، الذي ظل يتشبث بأنه هو من وضعه وأعده أصلاً، بل وعمل على تكييفه على أكثر من شخص طيلة مأموريته”.

واتهم الطرف المدني محامي ولد عبد العزيز “بوضع عراقيل إجرائية، وصفوها بـ “المتهافتة”، للحيلولة دون تصدي المحكمة للأفعال الخطيرة المنسوبة إلى موكلهم”.

وتعهد محامو الطرف المدني “بالعمل بكل ما هو متاح إجرائياً وقانونياً وقضائياً للدفاع عن حقوق ومصالح موكلهم وتمثيلها أمام كافة الهيئات القضائية”.

ونبهت هيئة دفاع الدولة الرأي العام الوطني والدولي إلى ما أكدت “ما يضعه دفاع المتهم الرئيس من عراقيل أمام المحاكمة”، مشيرة إلى وجود أدلة قالت إنها “متضافرة” على ارتكاب الرئيس السابق لأفعال، وصفتها بالخطيرة.

وقال دفاع الدولة، في بيان وزعه الثلاثاء، إنه “يحترم قرار المحكمة الذي أرجأت بموجبه النظر في الملف المذكور إلى حين بت المجلس الدستوري في طعن أعلن عنه محامو المتهم الرئيسي في الملف محمد ولد عبد العزيز”.

وتوقّع عدد من كبار رجال القانون والمحامين أن تستغرق محاكمة الرئيس الموريتاني السابق كثيراً من الوقت، لكون التهم الموجهة إليه مُتعدِّدة، ولأن مِلف الاتهامِ المُكوَّن مِن أكثر من ثمانيةِ آلافِ صَفحةٍ، ملف في غايةِ التشعُّب”

وأكد كليدور لي، وهو محام سنغالي عضو في دفاع ولد عبد العزيز، أن “محاكمة رئيس سابق من طرف محكمة عادية، تعتبر سابقة خطرة، لن تساهم مستقبلاً في استقرار المؤسسات، لأنها ستطبق على كل الرؤساء حينما يغادرون السلطة”.

 وتواصل محكمة الجرائم المالية جلساتها، منذ 25 يناير الماضي، لمحاكمة الرئيس السابق و11 متهماً من أقربائه ومعاونيه.

ويوجد الرئيس السابق رهن الاعتقال، بعد أن رفض عمار محمد الأمين رئيس المحكمة الجنائية المختصة بالجرائم المتعلقة بالفساد إفراجاً مؤقتاً عنه، بعد اطلاعه على طلب ورد إليه يوم 30 يناير 2023 من طرف محمد ولد إشدو بصفته ممثل المتهم محمد ولد عبد العزيز المتهم في القضية رقم 0001/2021.

وأوضح رئيس المحكمة أن “رفض الإفراج المؤقت استند لرأي النيابة العامة، الذي أكدت فيه أن المتهم ولد عبد العزيز أودع السجن طبقاً للمادتين 147 و153 من قانون الإجراءات الجنائية على ذمة المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد”.

ويواجه ولد عبد العزيز اتهامات بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع، ضمن شخصيات أخرى كانت تعمل معه خلال حكمه ما بين 2009 و2019.

وحسب ما هو معلن، فإن العدالة الموريتانية قد وضعت اليد حتى الآن على 41 مليار أوقية قديمة (أكثر من 100 مليون دولار)، يعود أكثر من نصفها لممتلكات ولد عبد العزيز وأفراد عائلته.

وهذه أول مرة يحاكم فيها رئيس موريتاني، بل وعربي، بتهم الفساد ونهب المال العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية