قمة تونس محطة أولى نحو الاتحاد المغاربي أم مقدمة لـ«وأده»؟

 حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس -«القدس العربي»: بدأت في تونس، أمس الإثنين، قمة ثلاثية جمعت كلاً من الرئيس قيس سعيد ونظيريه الجزائري عبد المجيد تبون والليبي محمد المنفي، في خطوة اعتبرها البعض محطة أولى نحو الاتحاد المغاربي، فيما رأى آخرون أنها قد تشكل مقدمة لوأد هذا الاتحاد الذي ينتظره ملايين المغاربة منذ عقود.
وقال الوزير السابق خالد شوكات: “بصرف النظر عن الأوضاع الهشة التي تعيشها البلدان الثلاثة سياسياً، وبصرف النظر أيضاً عن أزمة العلاقات المغربية التونسية، وهي أزمة ليس لها مبرر أبداً ولا تتفق مع تاريخ العلاقات العريقة بين الشقيقين، فإن الحركية القائمة في العلاقات بين الأقطار الثلاثة تونس والجزائر وليبيا هي حركية مطلوبة ومفيدة، لعلها تكسر حالة الجمود التي هيمنت على المنطقة طيلة السنوات الماضية في ظل أوضاع إقليمية ودولية تحتاج إلى تكتلات لمواجهتها. ناهيك عن أن ظهور قطب مغاربي ثلاثي سيخدم الوحدة المغاربية الكبرى وربما يساعد على تجاوز الهنات القائمة على مستوى ثنائي خاصة بين الشقيقين الكبيرين المغرب والجزائر”.
وأضاف لـ”القدس العربي”: “إن المصلحة العليا لهذه الأقطار تقتضي البحث عن بناء صيغة اتحادية ستنعكس إيجاباً على الجميع، فلربما ساعد ذلك ليبيا على إيجاد حل لمشكلتها الداخلية المستعصية، ولربما ساعد تونس في مواجهة قضايا الهجرة والأزمة الاقتصادية والمالية، ولربما فتح آفاقاً أمام الجزائر لتتجاوز العديد من المشاكل الداخلية. إن أي ديناميكية وحدوية كلية أو جزئية على الصعيد المغاربي يجب أن يرحب بها ولا يتحسس منها، وألا تتأثر بموقفنا من الأنظمة القائمة”.
وقال رياض الشعيبي، القيادي في حركة النهضة: “تمثل كل من ليبيا والجزائر عمقاً ثقافياً واجتماعياً وتاريخياً بالنسبة للتونسيين. لذلك، فإن أي انفتاح سياسي بين هذه الأقطار الثلاث ليس سوى تعبير طبيعي عن نزوع مجتمعاتنا للوحدة والتكامل”.
واستدرك بقوله لـ”القدس العربي”: “لكن هذا الموقف المبدئي لا يجب أن يكون بديلاً عن الانفتاح المغاربي، تجاه بقية الأقطار. إذ لا يجب لتونس أن تدخل في الاصطفافات الإقليمية، بما يجعل من تقاربها مع الأشقاء في ليبيا والجزائر أن يكون على حساب علاقاتنا الأخوية مع المغرب وموريتانيا. لا يجب لهذا اللقاء الثلاثي أن يصبح بديلاً عن التكامل المغاربي، وللأسف هذا هو الإطار الذي يتنزل فيه اللقاء”.
وكتب الوزير السابق محمد الحامدي: “مغرب دون المغرب (مراكش وشنقيط). حين تغيب الجيواسترتيجيا وتحضر المناورات والسياسات الصغيرة.. لعب ساعة ودمار دهر”.
ودون المؤرخ عبد اللطيف الحناشي: “حتى لا ننسى أصول فكرة المغرب العربي: تأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة سنة 1947 بحضور ممثلين عن الأحزاب الوطنية المغاربية تونس والجزائر والمغرب”.
وأضاف: “انعقاد مؤتمر طنجة سنة 1958 بحضور الحزب الحر الدستوري التونسي وحزب الاستقلال وجبهة التحرير الجزائرية محطة بارزة في تعميق وعي الشعوب المغاربية بالمصير المشترك، وحلمها بتكامل الجهود والتوحد من أجل استكمال تحرير المغرب العربي. مؤتمر مراكش وتأسيس الاتحاد المغاربي (مراكش 17-02-1989) رؤساء كل من ليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا وملك المغرب”.
وتابع بالقول: “المطلوب الحفاظ على هذا التراث النضالي الوحدوي وتطويره من أجل مستقبل شعوب المنطقة… ونعتقد أن ما يحدث الآن من تغييب دول تنتمي لهذا الفضاء وتمثل جزءاً لا يتجزأ من تاريخه وحضارته غير مفيد لأبناء المنطقة لا راهناً ولا لاحقاً”.
وكتب مصطفى عبد الكبير، رئيس مرصد حقوق الإنسان: “تعقد القمة مبتورة في ظل غياب المغرب الذي لا أعتقد أنه يقبل بالحضور بعد أن استقبلت تونس ممثل جبهة البوليساريو الصحراوية بالبساط والمراسم الرئاسية، إضافة إلى العلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب، وكذلك ملف التطبيع لهذه الأخيرة. أما الطرف الموريتاني فيبدو أن حضوره ليس بالأهمية القصوى حسب الظاهر”.
وأشار عبد الكبير إلى أن مواضيع الهجرة والأمن والعدوان على غزة والإرهاب، والمسار السياسي والوضع الاقتصادي في البلدان الثلاثة ستشكل أهم المواضيع التي سيناقشها القادة الثلاثة.
وأضاف: “هذه القمة هي فرصة للرئيس التونسي كي يضمن تعاون ليبيا والجزائر من أجل حماية الحدود ومنع التدفقات الكبيرة للمهاجرين القادمين من بعيد وإطلاعهم على الوضع العام والمخاطر المستقبلية لهذا الملف. كما يريد الرئيس قيس سعيد أن يرسل برسالة للأوروبيين وخاصة إيطاليا أن تونس لا تتفاوض بمفردها فهي ضمن تكتل مغاربي وعليهم إدراك ذلك كما سيبلغ ضيوفه بمعطيات مهمة بخصوص هذا الملف كان قد تلقاها من الاجتماع الذي جمعه برئيسة الوزراء الإيطالية الأسبوع الماضي”.
وتابع عبد الكبير: “بالمحصلة، القمة ستناقش مواضيع حارقة في ظل وضع إقليمي ودولي متفجر ومتسارع ينذر بمخاطر وشيكة بسبب ضعف القرار العربي والإفريقي رغم امتلاك هذه الأطراف لإمكانيات مادية هائلة وتحوزها لموقع جغرافي استراتيجي هام. ولكن يبقى السؤال هل قمة الترويكا المغاربية قادرة على تحقيق المنشود في ظل الوهن الذي تمر به هذه الدول؟”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية