فيديو ليوتيوبر مصري: “متخيلين إن دي رام الله!” يثير جدلا.. ونشطاء يصفونه بأنه يخدم “خطاب عزل العرب عن فلسطين”

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله- “القدس العربي”: أثار فيديو ليوتيوبر مصري يزور مدينة رام الله ردود فعل متباينة على خلفية إظهاره أنها المدينة الأكثر غلاء في الأسعار في العالم العربي، فيما انتقد نشطاء الفيديو القصير ووصفوه بأنه يعكس “ثقافة البتر والانتقاء” لكونه نقل صورة منتقاة ومحددة عن رام الله وتجاهل الصورة الكلية للمدينة.

وبدأ اليوتيوبر محمد نصار الفيديو بسؤال عن أغلى مدينة عربية، مخيرا المتابعين بين الدوحة، دبي.. وغيرها، ليجزم أنها رام الله، مشيرا إلى أن كل ما سيراه المتابعون في الفيديو “واقعي وغير هزلي”.

وعبر مشاهد سريعة ترافقها إيقاعات غنائية لفرقة “ويجز” يظهر الفيديو مواقع محددة من رام الله مثل: “حي الطيرة” حيث يعقد مقارنات بين الأسعار في مصر والأسعار في رام الله. كما يلتقط صورا محددة لسيارات من نوع جيب، ومرسيدس، وأودي حديثة وأخرى قديمة وفخمة، حيث يقول عند عرض صورة مرسيدس: “8 مليون جنيه ماشية على الأرض”.

ويظهر فيديو نصار، الذي يزيد عن أربعة دقائق، البنايات المبنية بالحجر (الطوب) الأبيض، ويؤكد أن كل رام الله من الشرق للغرب والشمال للجنوب على هذا النحو.

ويدخل إلى أحد محلات البقالة ليشتري ماء وسجائر وبيبسي ليكتشف أن ذلك يكلفه 330 جنيه مصري، قائلا إنه في حال كنت ترغب بالقدوم إلى رام الله “لازم يبقى على قلبك اد كدة” (يقصد أموال كثيرة).

ويصف نصار رام الله بإنها “مدينة الجمال، وبأنها أوروبا، و”أحلى من سويسرا كمان”.

وفي نهاية الفيديو يظهر جامعة بيرزيت بصفتها من أرقى الجامعات، والجامعة العربية الأمريكية، ومبنى عبد المحسن القطان الثقافي، كما يحاول في نهاية الفيديو إظهار أن هناك فروقات في الأسعار على اعتبار أن المدينة فيها: “اختلاف مجتمعات وطبقات”، لكنه يعود إلى حديث الأسعار العالية مقارنة مع الحياة في مصر حيث يدقق في سعر لتر البنزين في فلسطين (60 جنيها مصريا) والذي يقابله في القاهرة سعر 11 جنيها.

وعلق الناشط في حركة مقاطعة إسرائيل محمود نواجعة قائلا: “فيديو الشب المصري عن رام الله منزوع من سياقه الحقيقي، أقرب للتزوير ومنافي للجملة الأولى بالفيديو، رام الله فقاعة مزورة من اقتصاد وهم مربوط بالقروض، ومرتبط بسياسات البنك الدولي”.

وأضاف: “كل هذا البذخ مرتبط بالقمع والاحتلال والفساد، وبعضه حقيقي نتيجة عبقرية شعبنا في بناء مشاريع متقدمة في الوطن العربي”.

وتابع: “هذا الفيديو للأسف نسي أن يشير للمستوطنات على قمم الجبال المحيطة لرام الله عندما وصفها بأجمل من سويسرا، هذا الفيديو يشوه حقيقة أن بير نبالا وكفر عقب وحاجز بيت ايل بعيدة دقائق عن الطيرة. هذا الفيديو مشوه وغير حقيقي، هذا الفيديو نسي أن يشير إلى أن غلاء الأسعار مرتبط بالاحتلال وسوقنا المسلوب لصالحه، وأن رواتب أهل البلد تكفيهم لتدخين الدخان المصنع والمحلي وليس المارلبورو، وأن جيبات الجي كلاس مش لولاد البلد”.

وعلق قسام معدي أن الفيديو تجاهل “حقيقة أن غلاء الأسعار غير مرتبط بمستوى الدخل، بل إنه مناقض تماما لمستوى الدخل والوضع الاقتصادي بشكل عام، لأنه نتيجة لعملية نفخ اصطناعية مقصودة للأسعار من قبل المتحكمين باقتصاد البلد، أولا لاستنزاف آخر ما تبقى من أموال لدى الفلسطيني وتحويله إلى أرباح في جيوب خاصة، وهو دم وتعب وعرق الناس، ثانيا لإنهاك الناس اقتصاديا لشل قدرتهم على التأثير سياسيا”.

وعلق الباحث إبراهيم ربايعة قائلا: “ليس رام الله وحدها المبنية على وهم القروض، كل المدن البراقة بالعالم على هذا النحو و”معربشة” بالقروض”.

وأضاف: “طالما قبلنا بهذا المظهر وهذا النمط المتناقض مع واقعنا السياسي، فلا حق لنا أن نلوم كل من يرانا ويعلق علينا على هذ النحو”.

وفي ذات السياق، علق الفنان الكوميديان المقدسي علاء أبو دياب قائلا: الشب المصري مش جاي يقول رام غالية.. الشب المصري جاي يقول شوفوا كيف عايشين!”.

وأضاف أن هناك هدفا لهذا الخطاب ومفاده أن يرسل رسالة تقول: “الجماعة مش محتاجينكم يا عرب لا بل عايشين أحسن منكم.. مش محتاجينكم مش بس مادياً قصدي، مش محتاجين دعمكم ولا مواقفكم ولا تكون قضية الأمة، هاي أصحاب القضية وضعهم ممتاز، لشو أنا كعربي أدفع ثمن؟”.

وختم أبو دياب: “هادا الخطاب صار لهم اكم سنة بشتغلوا عليه، ورام الله مادة خام منيحة لهيك خطاب..”.

حقيقة غلاء رام الله

من جانب آخر، رأى بعض النشطاء والمعلقين على الشبكات الاجتماعية أن الفيديو لم يكذب في مسألة غلاء الأسعار، حيث علق الباحث حمدي الحسيني: “لكن الأسعار فعلا الأغلى عربياً بغض النظر عن أنها فقاعة، مدينة رام الله وعموم مدن الضفة هي الأغلى عربياً سواء صور داخل الحسبة ومحيطها أو في الطيرة”.

وعلق ناشط قائلا: “يجب شكر الشاب المصري الذي قارن أسعار فلسطين بأسعار الدوحة ودبي ومصر، من أجل أن نعرف أن فلسطين من أغلى الأسعار في العالم”.

فيما علق الإعلامي رامي سمارة ساخرا: “طبعاً لازم نشكر الشب المصري اللي زار رام الله، ولا كان عمرنا ما عرفنا انو الأسعار غالية”.

وبعد ساعات على إطلاق الفيديو حيث تشير أرقام التفاعل على صفحة اليوتيوبر نصار على فيسبوك أن الفيديو تمت مشاركته أكثر من 600 مرة، ومثلها التفاعل مع خلال خاصية تعليقات. وعلى خلفية الجدل الدائر حول الفيديو، نشر نصار منشورا جاء فيه: “طيب ..4 دقايق مدة الفيديو الأول كانت كفيلة بأن العالم العربي يوصله الفيديو ويقف ويتفرج على جزء صغير جداً من جمال فلسطين الحقيقي اللي مش ظاهر للناس ولسه رغم ده حاسس إني مطلعتش كل حاجة بتشوفها عيني، دي مجرد بداية لسه فحلمكو علينا شوية “.

وأضاف في ذات المنشور: “فخور ومصدوم إني وصلت لقلوب الناس في البلد دي وكانت النتائج أكبر من التوقعات بكتيييير، ولكنه فضل الله أولاً ثم آخراً مش شطارة مني خالص، فخور كوني فلسطيني مصري، وبعتبر نفسي محظوظ إني واقف على أرض طاهرة وجميلة زي دي واحتضان شعبها ليا، من رام الله الى القاهرة وكل الوطن العربي وبالعكس”.

وأنتجت شبكة إعلامية محلية فيديو ردا على اليوتيوبر المصري حاولت من خلاله رسوم صورة أوسع حول المدينة، وظهر في الفيديو المعنون: “لما بدكم تسمعوا عن رام الله! تعالوا اسمعوا منا”، حيث ذهب الإعلامي أمير أبو عرام  إلى منزل فجرته قوات الاحتلال في رام الله التحتا قبل أيام، وزار حاجز بيت ايل على مدخل مدينة البيرة، راصدا أزمة السير هناك بسبب حاجز احتلالي يعيق مرور كل أنواع السيارات، كما نقل صور حرائق المستوطنين في ترمسعيا وأم صفا القريبات من رام الله، وكذلك وثق أعمال جرافات الاحتلال في بلدة صفا لبناء مستوطنة صناعية.

وأعاد أبو عرام زيارة “حي الطيرة” الذي ذهب إليه اليوتيوبر نصار وشرح أنه في نهاية الحي هناك تهديد استيطاني، وشدد على أن من يريد أن ينقل صورة صحيحة وكاملة من رام الله فإنها لن تكون مكتملة من دون زيارة مخيمات المدينة.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها مؤثر مصري ويخرج بانطباعات كالتي خرج بها نصار، فقبل أكثر من شهر، زار اليوتيوبر المصري أحمد بدوي رام الله وخرج بنتيجة أن الأسعار في رام الله مثل أوروبا.

وأشار اليوتيوبر المصري إلى أن فلسطين قد صنفت واحدة من أغلى الدول في العالم، و”تل بيب” صنفت أغلى مدينة في العالم عام 2022 وهذا يؤثر على فلسطين كلها.

وخلال مقطع الفيديو، دخل بدوي أحد المطاعم وقارن الأسعار، فوجد أنّ الوجبة التي فيها قطعتان في مصر بـ50 جنيه، أما رام الله بـ25 شيكل يعني 150 جنيها.

وتابع: “أخذنا تاكسي وذهبنا تقريبا مسافة 10 دقائق، بعشرة شيكل يعني تقريبا 70 جنيها مصريا، اما في مصر الـ 10 دقائق بـ15 جنيها، الحياة في فلسطين غالية جدا، نفس أسعار أوروبا تقريبا آجار البيت تقريبا 800 دولار أو 500 دولار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية