غزة لن تسير وحيدة.. أفراح فلسطينية تزامناً مع الضربة الإيرانية للاحتلال

بهاء طباسي
حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”: فرحة عارمة اجتاحت شوارع قطاع غزة لدى رؤية الغزيين الصواريخ والمسيرات الإيرانية تحلق في سماء الأراضي المحتلة، الأحد الماضي.

يقول مواطنون، خلال أحاديث منفصلة لـ “القدس العربي”، إن ما حصل هو “تحدٍ يحدث للمرة الأولى في التاريخ من قبل دولة إسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي”.

ويضيف ثابت العمور: “هي ضربة أثلجت صدور الشعب الفلسطيني، ولا سيّما أبناء قطاع غزة، الذين استشعروا، للمرة الأولى منذ 192 يومًا، أن هناك من يساندهم في حربهم ضد الاحتلال”.

وأكد: “سواء حققت الضربة الجوية الإيرانية أهدافها في الأراضي المحتلة أم لا، تبقى احتفالات الشعب الفلسطيني في الشوارع لا تُوصف، فرحين بأن هناك دولة إسلامية بحجم إيران لم تتركهم وحدهم في الحرب ضد الكيان الصهيوني“.

العمور: سواء حققت الضربة الجوية الإيرانية أهدافها في الأراضي المحتلة أم لا، تبقى احتفالات الشعب الفلسطيني في الشوارع لا تُوصف

وأشار إلى أنها الليلة الأولى منذ أكثر من 6 أشهر التي ينام فيها الغزيون دون رعب أو خوف بعد أن اختفت الطائرات الحربية الإسرائيلية من سماء قطاع غزة، وهي الليلة الأولى أيضًا التي لم يسقط فيها أي شهداء فلسطينيين.

ومن مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وثّقت مقاطع فيديو متداولة تكبيرات الغزيين ودوي زغاريد النساء عند رؤيتهم الصواريخ الإيرانية تضيء سماء الأراضي المحتلة، وتصيب أهدافًا عسكرية إسرائيلية.

وترى الفلسطينية النازحة في مخيمات دير البلح منال القاضي أن الضربة الجوية الإيرانية تردع تبجح المحتل الإسرائيلي، الذي مارس شتى صنوف العدوان بحق المدنيين من الغزيين: “هذا يوم عيد بالنسبة لنا. ليلة الأحد هي بداية عيد الفطر المبارك في غزة”.

النازحة الأربعينية تعتقد أن الهجوم الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي أول رسالة دعم إسلامية للشعب الغزي في زمن الخذلان العربي، إذ لم تجرؤ أي دولة عربية على التهديد أو التلويح بشن عملية عسكرية ضد إسرائيل.

وأوضحت لـ “القدس العربي” أن معنويات أهل غزة في السماء: “لأول مرة نشعر بارتياح نفسي أن هناك من يقف إلى جوار قضيتنا عسكريًا. الدعم الإنساني والإغاثي العربي غير كافٍ للفلسطينيين”.

دلالات الهجوم الإيراني

أكثر من رسالة ودلالة حملها رد طهران على الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وفقًا للمحلل السياسي ثابت العمور، تتمثل أولى تلك الرسائل في عدم خروج إيران عن سياق الدولي الناظم للعلاقات بين الدول في الحرب والسلم، فكانت طهران أكثر انضباطًا وأخلاقية وإنسانية والتزامًا بالقانون الدولي في هجومها على دولة الاحتلال، بينما ذهبت الأخيرة بعيدًا في الإبادة الجماعية والجرائم التي ترتكبها في قطاع غزة.

أما الرسالة الثانية فتكمن في أن تلك المرة الأولى التي تستطيع فيها دولة شرق أوسطية الإعلان عن رد عسكري على الاحتلال الإسرائيلي.

يعتبر المحلل السياسي الفلسطيني أن “هذا تطور مهم جدًا وسط التطرف اليميني الإسرائيلي والتنكر للقانون الدولي وحتى رغبات الإدارة الأمريكية في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة”، خاصة أن الإعلان عن الرد الإيراني قد تزامن مع تهرب الاحتلال من الإعلان عن استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.

العمور يرى أن إرسال إيران هذا الكم من الطائرات المسيرة وصواريخ “خيبر” صوب الأراضي المحتلة في توقيت معلن وواضح بمثابة “رسالة ردع” أن بإمكان طهران مهاجمة تل أبيب في أي لحظة.

وأوضح أن هذا الردع يعني أنه لا يمكن للاحتلال أن يذهب بعيدًا في تلويحه بمهاجمة المحطات النووية الإيرانية، مثلما “كان يتبجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل 3 سنوات”، وهي الرسالة الثالثة.

رسالة ردع للاحتلال

ويؤكد المحلل السياسي الفلسطيني أن إسرائيل قد تتجرع مرارة الرد الإيراني دون الجرأة على الذهاب بعيدًا ومهاجمة الأراضي الإيرانية، بخلاف ما حدث في السابق عندما تجرأ الاحتلال على شن غارة جوية على الأراضي العراقية أسفرت عن تدمير مفاعل نووي عراقي قيد الإنشاء في العام 1981، وكذلك عندما شارك الاحتلال في العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956: “الآن لا يستطيع الكيان الرد على الرد الإيراني”.

العمور يوضح أن ما حدث بمثابة معادلة مهمة جدًا تؤثر على مستقبل المشروع الإسرائيلي في المنطقة، كما أنه “يُعتبر رافعة للشعب الفلسطيني مع إقرار القيادات الفلسطينية والمقاومة في غزة والضفة الغربية أن كل القوى العسكرية والتسليح الذي بحوزة الفلسطينيين يعود الفضل فيه إلى الدعم الإيراني”.

واستدرك: “ورغم ذلك لم تلجأ إيران إلى أذرعها في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا، كما يروج الاحتلال، بل قامت هي شخصيًا بالرد”.

ويضيف: “الشعب الفلسطيني في غزة حصد ثمار هذه المعادلة المريحة والمفرحة، بمعنى أننا لم نُترك وحدنا، بل تحركت دولة إسلامية وردعت الاحتلال، الأهم أننا بمجرد أن أعلنت إيران بدء الرد استطعنا أن ننام بهدوء”.

نازح من غزة: أنا كفلسطيني أشعر بالفخر، وصرت أكبّر وأهلل عندما رأيت أكثر من 300 صاروخ ومسيرة إيرانية تهاجم هذا الكيان الظالم الغاصب، فرحة كبيرة في كل الشارع الفلسطيني

وبين أن الرد الإيراني أعطى للمقاومة الفلسطينية فرصة لإعادة ترتيب أوراقها، خلال 5 أو 6 ساعات كانت كافية لتحصل حركة “حماس” على استراحة مقاتل وسط خلو الأجواء في غزة من طائرات الاستطلاع والتجسس الإسرائيلية.

ليلة هادئة في غزة

وتلك هي المرة الأولى التي تنام فيها النازحة آلاء قويدر (36 عامًا) في أحضان أطفالها الثلاثة داخل خيمتها في رفح، دون إزعاج من طائرات “الزنانة” الإسرائيلية، وهي طائرة استطلاع صغيرة، يتم التحكم فيها عن بُعد، يستخدمها جيش الاحتلال بغرض التجسس على عناصر المقاومة الفلسطينية، صوتها مزعج جدًا، يُشبه صوت “البعوضة الزنانة”، تؤرق نوم النازحين داخل الخيام ليلًا.

النازحة الثلاثينية تقول إن “أطفالها كانوا يستيقظون في الليل فزعين على صوت الطائرة الزنانة والقصف المدفعي والحربي لجيش الاحتلال، لكنهم في ليلة السبت الأحد استطاعوا أن يناموا دون قلق أو خوف أو رعب”.

 وأشارت إلى أنها المرة الأولى منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، التي يشعر فيها أهل غزة أنهم “ليسوا بمفردهم في وجه آلة الحرب الإسرائيلية”.

ليلة الفخر للشعب الفلسطيني

ينتاب لؤي محمود، النازح من مدينة خان يونس إلى رفح، شعور بالفخر والعزة، منذ ليلة أول أمس، عندما رأى الصواريخ الإيرانية تهبط في الأراضي المحتلة.

يقول لـ “القدس العربي”: “أخيرًا وجدنا دولة إسلامية تساندنا، بعد ما يزيد عن 190 يومًا ونحن نقاتل وحدنا ويذبح الاحتلال فينا ويهدم بيوتنا على رؤوسنا، فنحن لم نطالع الرد الإيراني على شاشات التلفاز، بل رأيناه بأم أعيننا من سماء رفح”.

ويضيف النازح الأربعيني: “في تاريخ البشرية قاطبة لم تجرؤ دولة عربية أو إسلامية على ضرب دولة الاحتلال مثلما فعلت إيران، أنا كفلسطيني أشعر بالفخر، وصرت أكبّر وأهلل عندما رأيت أكثر من 300 صاروخ ومسيرة إيرانية تهاجم هذا الكيان الظالم الغاصب، فرحة كبيرة في كل الشارع الفلسطيني”.

فرحة لؤي بالرد الإيراني لم تقل عن بهجة يعقوب إسماعيل، النازح من شمال ومدينة غزة إلى جنوبي القطاع، الذي فوجئ من داخل خيمته في رفح بالصواريخ الإيرانية تضيء سماء الأراضي المحتلة.

 ويواصل حديثه: “الضربات تضع حدًا لغطرسة الاحتلال، الذي هجّر الغزيين من بيوتهم، وقتل أطفالهم ونساءهم وشيوخهم، وهو أمر أبهج قلوب الأطفال والنساء وأهالي الشهداء والمخطوفين في قطاع غزة”.

ويعتبر النازح الثلاثيني أن الرد الإيراني يمنح الشعب الغزي بعضًا من السكينة والطمأنينة: “إيران أصبحت سندًا لنا بعد الله، صحيح أن هناك دولاً عربية وقفت معنا بالمساعدات الإغاثية، لكن في ليلة الأحد كانت إيران الدرع الحامي للشعب الفلسطيني، وهي دولة إسلامية معروفة بالقوة والهيبة، ونحن نُكنّ لها كل التقدير”.

ويتمنى يعقوب أن تستمر طهران في مساندة الشعب الفلسطيني، وهي “أمنية نازح من قلب رفح في قطاع غزة، نحن والشعب الإيراني على قلب رجل واحد”، معربًا عن أمله أن تواصل إيران، حكومة وشعبًا، مؤازرة الفلسطينيين عسكريًا في وجه آلة البطش الإسرائيلية.

ويصف النازح الفلسطيني صبحي الآغا ما حققته إيران في الأراضي المحتلة بالإنجاز الكبير، فهي المرة الأولى التي تتوجه فيها الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية مباشرة من قلب طهران صوب القواعد العسكرية الإسرائيلية.

ويتابع: “نشعر بالفخر والعزة بعد هذا الإنجاز العظيم، ولكننا كنا نتمنى من الدول العربية أن تشارك إيران ضربتها الجوية لدولة الاحتلال”.

ويرى النازح الخمسيني خلال حديثه لـ “القدس العربي” أن إيران أظهرت للعالم كله ضعف الاحتلال وتواطؤ الدول الغربية معه، لا سيّما أن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية قد سارعتا للدفاع عن دولة الاحتلال ضد الهجمة الجوية الإيرانية.

وأعرب عن احترام وتقدير جموع الشعب الفلسطيني في غزة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي “شنت هذا العمل المقاوم، وأضاءت سماء فلسطين، وضربت العمق الإسرائيلي فأوجعته”.

ويعتبر صبحي أن الهجوم الإيراني على إسرائيل بمثابة رسالة واضحة للعالم بأن محور المقاومة في الشرق الأوسط قادر على إزالة دولة الاحتلال “الهشة”، التي “لا تستطيع التحرك دون الدعم الغربي من بريطانيا والولايات المتحدة بالمال والسلاح”.

وأشاد بالتأثير الإيجابي للهجوم على الجبهة الداخلية الفلسطينية: “يكفي الارتباك الذي أصاب المحتل، بينما ارتفعت الروح المعنوية لدى المقاومة والشعب الفلسطيني، فقد تغير الآن مسار الحرب في غزة”.

ومنذ أكثر من 190 ليلة، كان قطاع غزة تحت نيران آلة الحرب الإسرائيلية، التي محت مدنًا بأكملها عن الأرض، وقتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، ضمن حرب إبادة جماعية شردت ملايين الغزيين إلى جنوب القطاع المحاصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية