صحيفة عبرية: إسرائيل تخفق في التقدير باغتيالها زاهدي.. وطهران: “قشة قصمت ظهر البعير”

حجم الخط
0

هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل قد يؤدي إلى رد إسرائيلي في القريب. اتخذ القرار المبدئي، وعنيت إسرائيل بتقييد نفسها بعدة تصريحات علنية لوزراء في الحكومة وقادة كبار في الجيش. ما زالت النقاشات حول طبيعة الرد جارية، لذا ليس مؤكداً حدوث الرد على الفور. تحرص الإدارة الأمريكية على توجيه وسائل الإعلام الأمريكية وإبلاغها بأن العملية الإسرائيلية ستكون محدودة ومركزة بهدف الامتناع عن حرب إقليمية. وحتى هذا يعتبر طريقة تقييد ورسم لحدود المعركة.

لا يجب الاستخفاف بخطورة العملية الإيرانية؛ فقد تم إطلاق نحو 350 نوعاً من السلاح على إسرائيل، استهدف أن يهبط فيها في فترة زمنية قصيرة وإلحاق أضرار كبيرة، حتى لو وجه الهجوم بالأساس إلى قاعدتين لسلاح الجو في النقب، بعيدتين نسبياً عن مراكز السكان المدنيين. حجم السلاح الذي أطلق على القواعد كان كبيراً جداً. ولو نجح الهجوم لألحق أضراراً كبيرة بطائرات إف 35 ومواقع عملياتية حساسة وقدرات حيوية لسلاح الجو. الاستعداد المسبق والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إضافة إلى أسلحة الجو في دول عربية معتدلة في المنطقة (حسب ما نشر في وسائل الإعلام الأجنبية)، أدى إلى إحباط شبه كامل لخطة إيران.

لا يقل عن ذلك أهمية فهم اعتبارات النظام في طهران، التي قد تؤثر أيضاً على قوة العملية المحتملة التي ينوي الجيش الإسرائيلي تنفيذها. لا توجد طريقة تتملص منها الاستخبارات الإسرائيلية بأنها لم تقرأ عملية إيران مسبقاً. ربما ظنت أن إيران ستستوعب عملية اغتيال الجنرال مهداوي، أو ستكتفي برد محدود، كما حدث عقب عمليات مشابهة في السابق. فضلت إيران هذه المرة خياراً استراتيجياً بمهاجمة إسرائيل من أراضيها للمرة الأولى، مع قرار استخدام تسليح بارز؛ ربما جراء شعورها بأنها القشة التي قصمت ظهر البعير، وملاحظتها موقف ضعف إسرائيلي (كان هذا أحد اعتبارات حماس في أكتوبر)، أو لتقدير مبالغ فيه لقوة إيران الإقليمية. ومهما يكن، لم تدرك إسرائيل النقطة التي تغيرت فيها استراتيجية إيران، نحو الأسوأ من ناحيتنا.

عملية إيران الهجومية فشلت، وسيحتاج نظامها إلى حساب شديد للمسار، لكن هذا لا يعني أن القضية انتهت بذلك؛ فإيران تطور صناعة السلاح والصواريخ منذ ثلاثة عقود تقريباً. والفكرة الأساسية التي تقول إن الإيرانيين يعملون، حسب أقوال خبراء مخابرات غربيين، “جيدة بما فيه الكفاية”. ليس هناك حرص على تحقيق الكمال التكنولوجي، بل سعي لإنتاج وتشغيل كميات كبيرة، جزء صغير منها يكفي لتحقيق الأهداف العسكرية. في هذه المرة كان الفشل شاملاً.

لا نستبعد توجه إيران لاستخلاص الدروس وتحاول مرة أخرى. بطاريات القبة الحديدية وصلت مع مرور الوقت إلى قدرة ناجعة على الإحباط تبلغ 90 في المئة. حماس تتسبب بشكل عام بأضرار قليلة من إطلاق الصواريخ من القطاع، ومع ذلك لم تتوقف عن المحاولة. من يؤيدون رداً شديداً ضد إيران يحذرون من إمكانية المزيد، إذا لم يكن هناك تحديد خطوط حمراء بما فيه الكفاية.

من يتحفظون من عملية كبيرة يذكرون بسلم أولويات الحرب. فقد بدأت إسرائيل بتلقي ضربة قاسية من حماس، أما الأهداف الأساسية: تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية، إضافة إلى إعادة المخطوفين، فلم تتحقق حتى الآن. وثمة شك إذا كان بالإمكان تحقيقها ضمن سير الأمور الحالي. وتوجيه معظم الانشغال والاهتمام بالمواجهة مع إيران سيأتي على حساب علاج مشكلة غزة، وقد تطيل الحرب في جميع الجبهات وتدمج فيها حزب الله بشكل كامل إذا قررت إيران توجيه قدرات الحزب على إطلاق النار، نحو عمليات انتقام مستقبلية ضد إسرائيل.

طبيعة الرد الذي ستختاره إسرائيل في النهاية سيتأثر أيضاً من الموقف الأمريكي. فرغم العلاقات المتوترة مع الإدارة الأمريكية، فمن الواضح أن نجاح صد الهجوم لم يكن ليتحقق لولا تنسيق وثيق مع أمريكا، وبالأساس مع كبار قادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي (السنتكوم). ليون بنتا، وزير الدفاع السابق ورئيس الـ سي.آي.ايه في إدارة أوباما قال الإثنين الماضي لـ “سي.إن.إن” إن على إسرائيل التذكر بأن “الانتقام هو طعام من الأفضل تقديمه بارداً”. وقد أوصى إسرائيل مكرراً أقوال الرئيس الأمريكي، أنه من الأفضل استغلال التحالف الإقليمي الذي عمل هنا على تحريك خطوات سياسية أخرى ضد إيران وفي الساحة الفلسطينية.

وأشارت جهات إيرانية رفيعة السبت بأن بلادها أنهت الرد على عملية الاغتيال، ولكنها لن تتردد في الرد مرة أخرى إذا ما هاجمتها إسرائيل. خرجت طهران من منطقة الراحة عندما أوقفت للمرة الأولى الاختباء وراء الوكلاء والمبعوثين في عملياتها ضد إسرائيل.

المرشد الأعلى علي خامنئي معروف كمن يدعو بشكل عام إلى الصبر الاستراتيجي، والنضال الطويل والحذر مع السعي إلى تحقيق الهدف. في تصريحاته وأفعاله منذ عملية الاغتيال، انحرف خامنئي العجوز عن مقاربته التي تبناها مدة طويلة. ولكنه سيضطر في الفترة القريبة إلى أخذ اعتبار آخر في الحسبان، وهو أن تستعد إيران لعملية نقل السلطة، للمرة الثانية فقط منذ إقامة الجمهورية الإسلامية منذ 45 سنة. الدخول إلى حرب إقليمية طويلة ومتعبة وغير متوقعة لا يعتبر وصفة مؤكدة لعملية توريث بدون اضطرابات، خصوصاً في دولة عدد كبير من سكانها يكرهون السلطات.

 عاموس هرئيل

 هآرتس 17/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية