شابي ألونسو بطل «متسلسل» غيّر وجه ليفركوزن!

حجم الخط
0

برلين ـ «القدس العربي»: يقال أن «فلاناً يولد بطلاً»، وأن الأبطال في حقولهم المختلفة تكون جيناتهم مماثلة من جهة الرغبة الجامحة دائماً في الفوز وتحقيق النجاح، وهكذا نقل المدرّب الإسباني شابي ألونسو فطرته بإحراز الألقاب الرفيعة المستوى إلى باير ليفركوزن، فقاده بعد مسيرته الزاخرة على صعيدي الأندية والمنتخبات، إلى فكّ عقدته واحراز أوّل لقب بتاريخه في الدوري الألماني لكرة القدم، من دون أن يخسر أي مباراة حتى الآن في مختلف المسابقات.

أحرز ألونسو، لاعب الوسط السابق البالغ 42 عاما، دوري أبطال أوروبا 2005 ثم كأس إنكلترا مع ليفربول، ومرّة ثانية دوري أبطال 2014 وبطولة إسبانيا 2012 مع ريال مدريد، قبل ثلاثة ألقاب متتالية في الدوري الألماني مع بايرن ميونيخ بين 2015 و2017. وتوّج مسيرته الاحترافية بلقبين في كأس أوروبا (2008 و2012) وواحد في كأس العالم (2010) مع منتخب بلاده. واكتسب «لا باربا روخا» (اللحية الحمراء) خلال تلك الفترة الكثير من المعرفة التي صقلت فلسفته التدريبية. مواطنوه بيب غوارديولا ورافايل بنيتيز وفيسنتي دل بوسكي والبرتغالي جوزيه مورينيو والإيطالي كارلو أنشيلوتي، هم من بين مجموعة من المدربين المتميزين الذين لعب تحت قيادتهم.
كان رحيله المفاجئ من ريال مدريد إلى بايرن ميونيخ في عام 2014 مدفوعا إلى حدّ كبير بفرصة مشاهدة الأساليب التدريبية لغوارديولا مباشرة. وتتجلّى مبادئ غوارديولا النقيّة في الطريقة اللافتة للنظر التي اجتاح بها فريق ألونسو ليفركوزن ألمانيا. ولم يتفاجأ غوارديولا بنجاح مواطنه، بعد أن رأى فهمه للعبة عن قرب «لقد كنت محظوظًا جداً لوجوده لمدة عامين. لقد كان لاعبا ذكيا». وتابع: «هناك لاعبو وسط يطرحون عليك الأسئلة، ولديهم فضول، ويسألون عن المباراة، وأنت تدرك أن هذا الرجل (سيكون مدرّبا)». وفيما يذكّر أسلوب ليفركوزن المرتكز على كثافة التمرير، بطريقة لعب فرق غوارديولا، رفض ألونسو مقارنات مماثلة «ليست تيكي تاكا. في كثير من الأحيان، تكون تيكي تاكا حيازة دفاعية إلى حد ما. لعبت فيها، لكن لدينا أشياء أخرى».

إدارة أنشيلوتي

قبل سنوات قليلة توقّع جوزيه مورينيو مستقبله التدريبي: «والده (بيريكو) كان لاعباً ومدرباً (أحرز لقب الدوري مرتين كلاعب مع ريال سوسييداد في 1981 و1982). شغل مركز الوسط ومعرفته باللعبة مرتفعة جداً. لعب في إسبانيا، إنكلترا وألمانيا وأشرف عليه أفضل المدربين. اذا جمعنا كل هذه الأمور، اعتقد ان لديه الإمكانات ليكون مدرباً جدياً جداً». وينسب ألونسو الفضل إلى أنشيلوتي باعتباره صاحب التأثير الأكبر على أسلوبه التدريبي، بسبب قدرته الفائقة على إدارة لاعبيه. وقال ألونسو الذي يصف نفسه بـ«الباسكي، بشكل كامل، لكن مع تأثير ألماني» لشبكة «بي بي سي» البريطانية متحدثاً عن مدربيه السابقين: «لقد حاولت دائماً أن أكون قريباً منهم، لأفهم كيف ولماذا يتخذون قراراتهم». وأضاف المدرب الذي أعلن أخيراً انه سيكمل مشواره مع ليفركوزن الموسم المقبل، رغم الطلب الهائل من الأندية الكبرى لضمّه: «تتعلّم من ذلك ولكنك تحتاج إلى بناء شخصيتك الخاصة، إنها ليست عملية نسخ ولصق، إنه عمل هذا المدرب». وتابع: «أنت بحاجة إلى بناء أفكارك الخاصة والإيمان بها حتى تتمكن من نقل هذه الفكرة وهذا ما أحاول القيام به».
حتى بعيداً عن منطقة «الراين الرور» الصناعية المهووسة بكرة القدم، بدأ الوسط الكروي يشعر بقدوم مدرب من الطراز الرفيع إلى الساحة العالمية. وكان الألماني يورغن كلوب آخر مدرب أطاح العملاق البافاري، خلال فترة وجوده على رأس الإدارة الفنية لبوروسيا دورتموند، قبل أن ينزل ألونسو البايرن على عرش احتكره 11 عاماً ويصبح مرشحاً فوق العادة لخلافة كلوب: «الديناصورات إذا أردتم أنشيلوتي، مورينيو، غوارديولا، وربما أنا، لن نفعل ذلك خلال العشرين عاما المقبلة». وأضاف كلوب: «الجيل القادم موجود بالفعل، وأود أن أقول إن شابي هو الأفضل في هذا المجال».

بعد الاعتزال

أخذ ألونسو وقته قبل أن يلجأ إلى التدريب بعد اعتزاله اللعب في عام 2017. وبدأ مشواره التدريبي في صفوف شباب ريال سوسييداد، فهندس صعود فريقه الرديف إلى الدرجة الثانية للمرة الأولى منذ مطلع الستينات.
وتلقى المكالمة من ليفركوزن في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، عندما كان النادي في النصف الثاني في جدول ترتيب الدوري الألماني. ورغم التذبذبات المبكّرة حيث فاز مرّة يتيمة في سبع مباريات، أعاد الفريق إلى السكة الصحيحة. أنهى الموسم في المركز السادس وبلغ الدور نصف النهائي لمسابقة الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ)، حيث خرج بصعوبة على يد روما الإيطالي. لكن قلّة كانت تتخيل هذه القفزة إلى الأمام في أول موسم كامل لألونسو في منصبه، إذ حلّق في الترتيب مبتعداً بفارق شاسع عن بايرن ميونيخ، وينافس أيضاً على لقبي الكأس المحلية و«يوروبا ليغ». وقال ألونسو الى وسائل إعلامية إنه لا توجد وصفة سحرية وراء نهجه، شارحاً: «أتحدّث، أعمل، أظهر، أتحسّن، أقوم بتمرين جماعي، تمرين فردي، لا أعرف اسماء هذه التقنيات: هي محادثة وجهاً لوجه».
قد تكون فلسفة ألونسو التدريبية واضحة المعالم، لكنه ليس متشبثاً بها. ومن الواضح إدراكه لأهمية اللاعبين «لست متشدّدا بتطبيق أسلوب لعب محدّد. كلا، لأنك أنت (المدرّب) لست الشخص الأهمّ. الشبان الآخرون (اللاعبون) أكثر أهمية منك». وتابع: «كنت ألقى تشجيعاً لأكون مبتكراً في أرض الملعب، أن اتخذ قراراتي بنفسي». وأردف قائلا: «لا يتعلّق الأمر بكوننا رجالاً آليين. لديهم المعرفة والجودة لاتخاذ القرارات الجيّدة».
انتشرت هذا الموسم مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للاعب الوسط السابق يرسل تمريرات بعيدة المدى عالية الدقة خلال التمارين. ويبتسم لاعب الارتكاز السابق رداً على سؤال ما إذا كان أفضل ممرّر في فريقه ويقرّ انه يفتقد لأيام اللعب الماضية، قائلاً: «ينبغي ألا أقول هذا الأمر، لكن نعم. أنا مشتاق (للعب)». وتابع ان التدريب «ليس مماثلاً. اللعب أفضل، أفضل بكثير». ويقول السويسري غرانيت تشاكا، لاعب وسط وقائد أرسنال الإنكليزي السابق، القادم إلى ليفركوزن الصيف الماضي ان مدرّبه حسّن طريقة لعبه، حيث قال: «يكشف لي ألونسو عن الكثير، الكثير من التفاصيل الصغيرة في الملعب. هذا أمر مميّز».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية