«سر الزيت» وأسرار أخرى لمناضل صلب حتى النفس الأخير

حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي»: مواعيد بيروت الثقافية والاحتفالية بفلسطين وبطولات شعبها تميزت في يوم الأسير الفلسطيني في الاحتفاء بالأسير الشهيد وليد دقّة. فعالية عالية التنظيم كانت مقررة في حياته. إجرام الآسر منع عن الأسير العلاج، خاصة بعد عملية «طوفان الأقصى»، فقضى في سجنه شهيداً.
نظّمت جمعية «ممكن» وهيئة التنسيق للأسرى والمحررين، فعالية تكريم الشهيد وليد دقّة برعاية وزير الثقافة، وحضور حشد كبير من الناشطين والمواطنين. وعجزت زوجة الشهيد الزميلة سناء سلامة من تسجيل كلمتها التي كان متفقاً عليها قبل وفاته، وطلبت من إيمان عاصي زوجة الأسير المحرر أنور ياسين التحدُّث باسمها، وبما تراه مناسباً. وهكذا اختارت ياسين مقاطع من بيان عائلة دقّة. وفيها تؤكد العائلة «أن مسيرة وليد مستمرّة، مهما اختلف وصفه، مناضلاً، أو أسيراً أو شهيداً».
كتاب «سر الزيت» للأسير الشهيد كان محور كلمات المجتمعين، وخاصة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الروائي والفنان مروان عبد العال، الذي تساءل لماذا كتب وليد «سر الزيت»؟ ليقول: هناك قراءات متعددة تحفز الذهن، وكلمة حكاية كلمة أصيلة في العنوان، وهذا يجعل الكتاب مقدماً لميثولوجيا شعبية خاصة، وكأنها تروي حكاية شعبية خاصة. في خضم محاولات السيطرة على الموروث الشعبي الفلسطيني، معجونة من خيال طفولي، بلغة سهلة واضحة مباشرة، لا تحمل كثيراً من التأويلات، لكنه يغذي خياله الخصب من خلال ابتداع عالم خاص بالطفل، بالحوار المباشر مع الحيوانات، الأرنب، الكلب، الحمار والقطة والشجرة، وقد كان لهم استراتيجية واحدة، يؤدي كل منهم اسهاماً في وصول جود إلى أبيه في السجن.
وماذا عن رسائل «سر الزيت»؟ حسب قراءة عبد العال هي:
الرسالة الأولى: أن السرية هي طريق الحرية، البئر يرمز عندنا بالسر، «سرك في بير».. وليد هنا يقدم لنا دليل تنظيمي، «النضال السري.»…
الرسالة الثانية: صراع طويل الأمد، وصية أم رومي آل جود لا يكشفك الضوء حتى يمر السر فيك، عليك أن تجد ما لا ترى حتى نفسك تصير سراً. إذا لم تسلك هذه الطريق ستفقد البرة والقدرة والفعل صراع على الزمن اللهم مد في عمرك مد الزيت والزيتون.
الرسالة الثالثة: الخيال، القدرة على الابتكار، لسبر الطرق جديدة، فالسياسة التي تفتقد للخيال السياسي تصبح سياسة غير قادرة على الابتكار، وهو الأساس للخروج من حالة العجز، متسلحاً بالمعرفة والعلم والوعي لهزيمة الجهل والتخلف.
وبالمناسبة تحدّث سليمان بختي كناشر وكاتب عن «سر الزيت»، ودور وليد دقة النضالي ذي الصلة الوثيقة بالفكر والتجربة. ونوه بختي بالأسير الذي لم يترك الأسر يوقف حياته. ناضل ودرس وكتب، وتزوّج وأنجب، وكان قدوة إيحائية لزملائه. والأهم أن وليد دقّة حثّ في كتابه لتحرير أقدم أسير عربي وهو الإنسان. والكتاب يشكّل في مضمونه وصية نضال للأجيال الجديدة.
يُذكر أن «سرّ الزيت» وصل إلى صاحب دار نيلسن عن طريق جمعية ممكن، وكان قد نال جائزة أدب اليافعين من الإمارات العربية، وكان في طبعته، الثالثة والصادر عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في رام الله – فلسطين. وكانت الطبعة الرابعة في بيروت باسم الدار نفسها وبتصريح منها، ونفذت بالكامل.
وقع كتاب «سر الزيت» الأسير المحرر أنور ياسين، الذي أمضى 14 سنة برفقة الشهيد وليد دقة في السجون الصهيونية. وألقى كلمة بالمناسبة تحدّث فيها عن رفيق السجن والدرب والنضال.
يُذكر أن للشهيد وليد دقّة كتاب فكري عنوانه «صهر الوعي» خطّه وليد دقّة في سجنه. وفيه يقول: «حكايتنا لم تنتهِ. لكلِّ الحكايات بداية ونهاية، إلاّ حكايتنا، لم تكتُب لها نهاية بعد. فحين يتحوّل وطنٌّ بكامله سجناً، ويكتفي الناس بالمشاهدة، نخشى أن نصبح فرجةً وصندوق عجبٍ يُكرر نفسه، ويغدو المشاهدون زنازين متنقلة، حتى لو اعتقدوا أنهم احراراً. فحذارِ أن تصبحون أنتم زنازين متنقلة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية