دول عربية في “الحدث التاريخي لأول مرة” وبايدن: “عصفوران بحجر”.. والسنوار من “مفاجأة التندر” إلى خيبة الباليستي

حجم الخط
0

أوري لوبراني الذي توفي قبل ست سنوات، كان في السبعينيات من القرن الماضي سفير إسرائيل في إيران. كان موظف دولة فريداً من نوعه، كان جريئاً، وإبداعياً، وذا رأس كبير. بعد سنوات من سيطرة الخمينيّين على الدولة ادعى لوبراني، وعاد وادعى، بأنهم إذا ما أعطوه 20 – 30، 40 مليون دولار – فسيحدث ثورة في إيران. فالأشخاص الصحيحون ينتظرون الإشارة الصحيحة. كادت المعجزة تحصل بضع مرات، في المظاهرات الجماهيرية، لكن لا. في هذه الأثناء، أصبحت إيران قوة إرهاب عظمى على شفا النووي، وشريكاً كبيراً لروسيا والصين، وشوكة في حلق الغرب، وتهديداً وجودياً على إسرائيل.
بالأمس، جاءت البشائر الطيبة الليلة بين السبت والأحد، كانت أفضل الليالي منذ 7 أكتوبر. في الواقع، الليلة الطيبة الأولى. حصل فيها ما كان ينبغي أن يحصل في صباح 7 أكتوبر، ولم يحصل: منظومة عسكرية يقظة، مهنية، خبيرة، انتظرت العدو في المكان والزمان الصحيحين. الاستخبارات قرأت خريطة المعركة مسبقاً، بدقة مبهرة. للحظة اعتقدت أن أحداً ما في طهران خاف من نجاح كبير لقواته وقرر تحذير الأمريكيين مسبقاً.
كل شيء في هذه الليلة مر مثلما في لعبة حاسوب، مثلما في فيلم علم خيالي: بالضغط على الأزرار، بدون دم وبدون عرق. حرب مثالية.
لكن السؤال مقلق: كيف يحصل أن جيشاً فشل بشكل لا يغتفر في 7 أكتوبر، يبدع في ضرب العدو بعد ستة أشهر من ذلك، كيف وقعنا وكيف نهضنا؟ يمكنني أن أفكر بعدة طرق تفسر التحول: أحدهما ليس مثنياً، يقول إن الجيش الإسرائيلي ليس مبنياً للمفاجآت. أعطه بضعة أيام لاستعدادات مرتبة، حسب الكتاب، وسيهرع إلى المعركة في ذروة قوته. أما المفاجآت، فليست في مدرستنا.
الاستنتاج: النجاح في ليلة المسيرات لن يبدد انطباع ضربة أكتوبر ولا الأسئلة الصعبة التي تثيرها. بمفهوم ما، تفاقمها.
قد نخمن ما الذي شعر به السنوار في خندقه أمس. من جهة خابت آماله في حرب إقليمية منقذة، حرب يأجوج ومأجوج؛ ومن جهة أخرى، هو مزود بتندرات مدنية ودراجات، يحقق نصراً أكبر على اليهود، بينما إيران العظمى المسلحة بأفضل الصواريخ والمُسيرات تهاجم اليهود وتُهزم. “الله معي، فقط معي”، يقول السنوار لنفسه.
المنتصر الأكبر في هذه الليلة هو بايدن. فقد اصطاد عصفورين بضربة واحدة: أولاً، أثبت للناخبين ولترامب، وربما لنفسه أيضاً بأن الولايات المتحدة بقيادته هي القوة العسكرية السائدة في الشرق الأوسط. ذات قدرات ولا تتردد في استخدامها ضد الأشرار، دون المس بالأبرياء؛ ثانياً، أوضح للإسرائيليين بأن ليس لهم ما يعتمدون عليه غير العم جو وأذرع جيشه. لا نعرف في هذه اللحظة كم مُسيرة وصاروخاً اعترضوا من الجو والأرض والبحر. وكم كانت الاعتراضات من قبل إسرائيل والأمريكيين ودول أخرى. الشركاء في العملية فضلوا طمس المعطيات.
لكن الحقائق واضحة: من قاتل هو تحالف باتت إسرائيل شريكاً مركزياً فيه. هذا حدث تاريخي. لأول مرة تشارك دول عربية في حرب في المنطقة، في مصلحة مشتركة مع إسرائيل، ومن أجل إسرائيل. بايدن جسد للإسرائيليين ما المعنى الاستراتيجي للتطبيع الذي يقترحه مع السعودية. وأوضح أيضاً بأن مفتاح أي عملية ذات مغزى ضد إيران موجود في البيت الأبيض. إسرائيل قد تلذع إيران، ولا يمكنها مهاجمها أو صدها وردعها، إلا بمباركة واشنطن. أوضح بايدن ما يمكنه وكذا ما يمكن أن يمنعه. هذا ليس قليلاً لليلة واحدة، من رئيس ابن 81 ونصف.
الـ MEAD، التوافق الشرق الأوسطي للدفاع الجوي الذي يتباهى به الجميع، بادر إليه واحد في الجانب الإسرائيلي، وهو نفتالي بينيت. في تموز 2021 كان بينيت رئيس الوزراء، توصل إلى تفاهم مع البيت الأبيض في زيارته هناك، في آب. وغانتس أضاف وطور. الأمريكيون أسسوا العمل.
أمس، انعقد كابينت الحرب للبحث في الرد على الهجوم الإيراني. يميل المشاركون للتركيز على مسألة ماذا يريدون. يريدون ما يريده معظم الإسرائيليين: استغلال الفرصة لتصفية المشروع النووي الإيراني. وهكذا يزال التهديد الأكبر على أمن إسرائيل.
لا أعرف إذا كان هناك طريق عسكري لتصفية النووي. المؤكد أنه لا يوجد طريق لعمل هذا بدون تنسيق مع الأمريكيين. الفيتو الأمريكي حاد وواضح: في هذه اللحظة لا مصلحة لهم في حرب واسعة مع إيران، وثمة شك مسنود بأن حكومة إسرائيل تسعى لجرهم إلى هناك. هناك فيتو وفيتو: ففي رفح قد تعمل إسرائيل رغم الفيتو الأمريكي، وتخشى من عمل ذلك؛ أما حيال إيران فلا يمكنها ببساطة.
الخطاب عما يريدونه مخصص للبروتوكول. والخطاب عما قد يفعلونه يؤدي إلى التنفيذ. شيء ما يجب أن يفعل، مؤلم للإيرانيين لكن أقل. وعلى الحكومة أن تحسم أخيراً في غزة. لا مفر.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 15/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية