دبلوماسيون أمريكيون يحذِّرون من نشاط روسيا في ليبيا وافريقيا وسط قلق من تقارير حول نقل أسلحة ومعدات ثقيلة

نسرين سليمان
حجم الخط
0

طرابلس – «القدس العربي»: عاد الحديث مجدداً عن الدور الروسي في ليبيا ومساعيها لإنشاء قواعد بحرية وزيادة نفوذها في أفريقيا من خلال ليبيا تزامناً مع تحذيرات جاءت على لسان المبعوث الأمريكي السابق إلى ليبيا جوناثان واينر، الذي حذر من نوايا روسيا في ليبيا، ومساعيها لـبناء قاعدة بحرية على ساحلها الشرقي، قائلاً إن هذا التطور خطر على الأمن القومي الأمريكي إلى درجة أنه يجب أن يحظى باهتمام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأشار واينر، في مقال تحليلي مطول نشره معهد الشرق الأوسط، الخميس، إلى الدور الذي لعبته روسيا في دعم حفتر، وتحدث عن إخفاق الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية، وغياب الولايات المتحدة عن لعب دور فعال في المشهد.
وطالب واينر باستغلال ما قال إنه خلاف بين نجل حفتر صدام الذي يحظى بدعم موسكو، وأخيه الأكبر سناً خالد الذي تدعمه الإمارات متابعاً أنه يمكن للولايات المتحدة أن تستغل هذه الصراعات.
وتحدث الدبلوماسي الأمريكي عن الفشل المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا منذ تأسيسها عقب ثورة فبراير، التي لم تتمكن سوى من تحقيق أهداف محدودة، مشيراً إلى استمرار حالة الانقسام السياسي في ليبيا.
وقال واينر إن استقالة رئيس البعثة السنغالي عبد الله باتيلي من منصبه تعني أن الجهود الأممية لإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية في البلاد وصلت إلى طريق مسدود، مضيفاً أن فرص النجاح في هذا الملف على المدى القريب معدومة. وأشار إلى إحاطة باتيلي الأخيرة التي حمل فيها الأطراف الأساسية في ليبيا مسؤولية الإخفاق وعدم تلبية رغبة الليبيين في الانتخابات، كما عرج على ملف المقاتلين الأجانب والمرتزقة قائلاً إن خروجهم من ليبيا يتطلب اتحاد أعضاء مجلس الأمن وراء هذا الهدف.
ويرى واينر أن روسيا هي الجهة الفاعلة الأكثر فعالية في الأزمة الليبية على مدى عقدين من الزمن، مشيراً إلى تزويدها حفتر ومجلس النواب والحكومات التي تشكلت شرق البلاد بمليارات الدنانير التي وصفها بـالمزيفة.
وعاد للحديث عن نقطة إخراج المرتزقة، قائلاً إنه ما دام الرئيس فلاديمير بوتن يقود روسيا، فلا يمكن انتظار نجاح هذا المسعى، لافتاً إلى الدعم الروسي لحفتر بمساعدات عسكرية واستخباراتية عبر مجموعة فاغنر، وهو ما شجعه على شن حملة على العاصمة طرابلس في أبريل العام 2019، لم تتوقف إلا بعد تدخل تركي، وأردف أن المقاتلين الروس وقوات حفتر انسحبت من محيط العاصمة مخلفين وراءهم عددًا لا يحصى من الألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة، بما في ذلك الأجهزة المتفجرة المرتبطة بألعاب الأطفال مثل دمى الدببة.
ونبه إلى تمركز المقاتلين الروس في قاعدة الجفرة الجوية وسط ليبيا، حيث أنشأت شبكة واسعة من المواقع التي يقال إن روسيا تستخدمها للسيطرة على البنية التحتية الاستراتيجية من خلال توفير المعلومات الاستخبارية والمشورة والدعم العملياتي، مكملاً: “بالاعتماد على ليبيا كقاعدة عسكرية لها، تمكنت روسيا من توسيع نفوذها ودعمها العسكري للحكومات في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.
وانتقد المبعوث الأمريكي السابق لليبيا، غياب الولايات المتحدة عن المشهد الليبي مقابل الحضور الروسي القوي، مشيراً إلى أن الملف أهمل خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أيد المشير حفتر بينما كان يحاول الاستيلاء على طرابلس، ما تسبب في شل سياسة البلاد وإبطال النفوذ الأمريكي.
وقبل أيام، قالت جريدة «التايمز» اللندنية إن البحرية الروسية شحنت آلاف الأطنان من الأسلحة إلى ليبيا باستخدام العلاقات مع من وصفتهم بأمراء الحرب المحليين لإنشاء رأس جسر تعزز من خلاله وجودها العسكري في أفريقيا.
ودخلت السفينة المحملة بالأسلحة رفقة فرقاطة إلى ميناء طبرق في الثامن من نيسان/أبريل الجاري بعد إبحارها من موسكو، فيما تتزامن حركة السفن مع وصول مدربين عسكريين روس إلى النيجر، وفق الجريدة البريطانية.
وأضافت التايمز أن خليفة حفتر أتاح الميناء لاستقبال الشحنة الروسية بعد زيارات نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف لليبيا العام الماضي، وتطمح موسكو إلى توقيع اتفاق رسمي يمهد لوجود بحري روسي دائم في طبرق.
ونقلت الجريدة عن الصحافي في راديو راديكال الإيطالي، سيرغيو سكاندورا، تشكيكه في كفاءة عملية إيريني التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في العام 2020 لتطبيق قرار الأمم المتحدة حظر توريد السلاح إلى ليبيا.
واستمراراً لنشاط روسيا المشبوه في ليبيا والذي آثار جدلاً في الآونة الأخيرة والمتمثل في إنشاء فريق عسكري ونقل جنود ومعدات ثقيلة أكد موقع “إكسبرس ديفنس” الأوكراني، أن روسيا نقلت معدات عسكرية من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس بسوريا إلى ميناء طبرق.
ونقل الموقع عن جهات استخباراتية قولها، إن عمليات النقل استمرت من الرابع إلى الثامن من أبريل الجاري، وقد تم نقل المعدات العسكرية بواسطة سفينتي إنزال تابعتين للأسطول الشمالي للبحرية الروسية دخلتا المتوسط قبل أسبوعين.
وقال الموقع الروسي إن محتويات الإمدادات الروسية إلى ليبيا غير مؤكدة، ولا يمكن تمييزها بشكل موثوق من خلال صور الأقمار الصناعية التي تظهر تحميل معدات على السفن الروسية في طرطوس، ما قد يثير مخاوف من توتر جديد في المنطقة.
وتعتزم روسيا نشر الفيلق الأفريقي قريبًا في النيجر كجزء من التعاون بين البلدين، لتكون المحطة الثانية لهذا الهيكل العسكري في القارة الأفريقية بعد بوركينا فاسو، مع الترتيب لتوسيع انتشاره في ليبيا.
وكشف موقع تلفزيون أفريك ميديا الكاميروني، الذي يعد أحد الأذرع الإعلامية لموسكو في القارة الأفريقية، أن النيجر تسعى مثل دول الساحل إلى تنويع شركائها العسكريين بسبب الوضع الإقليمي الصعب، الذي يزيد من تعقيده تكثيف نشاط التنظيمات المتطرفة.
ويعد الفيلق الأفريقي هيكلاً عسكرياً أنشأته وزارة الدفاع الروسية لتنفيذ عمليات واسعة النطاق في القارة الأفريقية، وذلك لسحب البساط من تحت الدول الغربية، ويرأس هذا الهيكل نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف.
وأفاد أفريك ميديا بأن الروس وعدوا النيجر بمساعدتها في محاربة التنظيمات المتطرفة، التي ظلت تروع البلاد طيلة سنوات عدة على الرغم من الوجود الطويل الأمد للقوات الفرنسية، والدعم العسكري الغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية