حراك الشارع الاردني يقاوم محاولات ‘إذابته’ وعودة نشاط وغضب في البرلمان وخارجه بسبب الخشونة الأمنية

عمان ـ ‘القدس العربي’: لا يمكن معرفة الأسباب التي تدفع الحكومة الأردنية لتوفير مخزون جديد في تراثيات قمعها للحراك الشعبي، خصوصا على أعتاب تقدم رئيس الوزراء عبد الله النسور بطلب الثقة من البرلمان.
المفاجأة تكمن في أن الأسباب قد لا تكون منطقية أو حكيمة أو حتى متفقا عليها داخل مؤسسة القرار، فالأجنحة داخل مؤسسة الحكم تتباين وتبالغ في الاجتهاد والنصوص الرسمية والأمنية لم تعد واحدة وموحدة كما كان يحصل في الماضي.
تحت إيقاع هذا التعاكس في اتجاهات مستويات القرار قمعت مسيرة شعبية شاركت بها الحركة الإسلامية الجمعة الماضية وبطريقة وفرت عشرات من صور وأشرطة وتوثيقات ماكينة القمع التي يمكن استخدامها كذخيرة لإنعاش ثم لإحياء الحراك الشعبي.
حصل ذلك عندما تراخى أو اضمحل أو استتر الحراك الشعبي في مدن الجنوب وعمان العاصمة فقرر بعض الناشطين الخبراء في الضرب على العصب الحيوي لمؤسسة القرار تجديد إطلاق شرارة الحراك في أكبر مدن شمال المملكة وهي إربد.
مسؤول بارز قال لـ ‘القدس العربي’ إن الأوضاع في الشمال أصلا متوترة للغاية بسبب الديموغرافيا السورية والحساسية الأمنية للمنطقة وبالتالي لا تسمح الظروف بأي من مظاهر العبث الحراكية.
لذلك استخدمت ‘قوة مناسبة’ بالنسبة للأمن العام و’مبالغ فيها’ بالنسبة للأخوان المسلمين في التعاطي مع رسالة أمنية واضحة المعالم قيلت لناشطي الحراك بعنوان: لا تعبثوا بمنطقة الشمال.
قبل ذلك وعلى هامش جلسة نقاشية مع ‘القدس العربي’ قدر الناشط السياسي البارز جمال طاهات بأن السلطات لديها سجل من القسوة والغلاظة عندما يتعلق الأمر بمحاولات المواطنين شمالي المملكة التعبير عن توقهم للإصلاح، معتبرا أن الشوق للإصلاح الحقيقي ولمحاربة الفساد يوحد المواطنين الأردنيين في كل مكان.
المألوف في لغة السياسيين الأردنيين القول إن مناطق الشمال أوسع وفيها كثافة عددية وقريبة من حدود سورية الملتهبة، الأمر الذي يضاعف الحساسية الرسمية عندما يتعلق الأمر بأي انفلاتات.
لكن الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد يعتبر بأن ذهنية القمع وعقلية القلعة تريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولا تلتزم بالمكان. اللافت في السياق ان مجموعات تطلق على نفسها إسم ‘الولاء والانتماء’ سمح لها بالتصدي لدعاة الإصلاح بعد أن غابت قليلا عن المشهد.
وهي مجموعات تصفها المعارضة بالبلطجة وتتهم السلطات بحمايتها وسبق لرئيس الجبهة الوطنية للإصلاح أحمد عبيدات أن قال إن نشاط هذه المجموعات تحديدا خارج الشرعية القانونية ويزيد من الاحتقان ويتسبب بتوتير وتأزيم الهتافات.
عبيدات قال لأحد كبار المسؤولين بعلم ‘القدس العربي’ العام الماضي: أوقفوا الرعاية الأمنية للاعتداءات على المشاركين في المسيرات حتى نستطيع إلزام المعنيين بالتعبير السلمي وضبط إيقاعات وهتافات المسيرات والاعتصامات، ثم أضاف: لا تطالبونا بالرشد والمؤسسات الرسمية ترعى اعتداءات غير الراشدين.
في الأثناء أثار ظهور مجموعات الولاء برسم التصرف بالشارع أمام أعين الأمن تساؤلات متعددة، فهؤلاء كانت السلطات تتركهم يتصرفون ضد المعتصمين لانها اتخذت قرارا مركزيا بعدم استعمال القوة في وجه أي مسيرة خلافا لما حصل في مدينة إربد حيث هوجم المعتصمون من رجال الأمن والدرك ومن المجموعات المشار إليها في نفس الوقت.
اللافت أكثر مؤخرا أن مجموعات الولاء والانتماء هي نفسها احتشدت واعتصمت أمام مقر الحاكم الإداري في مدينة إربد احتجاجا على اعتقال الشرطة لثلاثة من أعضائها ضربوا بقسوة أمام الكاميرات السبت الماضي أحد الناشطين البارزين أمام عائلته وفي وضح النهار.
يثبت ذلك بأن قوة البلطجة يمكنها أن تتحول ضد الدولة والنظام في أي وقت كما قدر الشيخ بني إرشيد خصوصا إذا توقفت أي امتيازات نظير دورها في التصدي للتعبير السلمي الحضاري.
استعراضات مجموعات الولاء في شوارع إربد شكلت نقطة جذب للعشرات من البيانات والتصريحات والمقالات التي تستنكر الخشونة الأمنية.
وما حصل الجمعة الماضية في نفس المدينة دفع شخصيات ‘معتدلة’ او ليست حراكية لإعلان موقف خشن في مواجهة انفلاتات مجموعات الولاء ومظاهر القمع الدركية التي دفعت مدير الأمن العام الجنرال توفيق طوالبه لإعلان تشكيل لجنة تحقيق ببعض التصرفات الأمنية.
بين المعتدلين أعضاء بارزون في البرلمان يمثلون مدنية إربد وهؤلاء اضطروا عمليا تحت وقع الإحساس العام لمجاملة قواعدهم الشعبية التي رأت أن السلطات لأسباب غامضة – بالغت في القسوة وهي تقمع مسيرات مناطقهم .
بعض هؤلاء مثل جميل النمري تحدثوا عن استجواب وزير الداخلية وبعضهم الآخر لوح مبكرا بحجب الثقة عن حكومة الرئيس عبد الله النسور .
حتى الحزب الدستوري الوسطي أصدر بيانا اتهم فيه سياسة القبضة الأمنية الخشنة بأنها تقود البلاد إلى المجهول وتستفز الرأي العام. رغم ذلك يتصور كثير من المحللين أن الظروف الدولية والإقليمية لصالح مؤسسة القرار مرحليا والأحوال الاقتصادية حساسة ودقيقة مما يعطي السلطات أفضلية القمع الأمني المسبق للإجهاز تماما على قدرات الحراك الشعبي الذي يحاول مقاومة محاولات إذابته ودفنه من قبل الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. ابراهيم الحراحشة:

    بشائر خير يا حكومة النسور على ما يبدوا ان لهؤلاء البلطجية رعاية رسمية. الاصلاح لا مناص عنه فالاجدر في حكومة النسور الشعبية جدا ان تقوم ولو لمرة واحدة بتثديم ولوشخص واحد من رجال الفساد في الاردن للمحاكمة لكن لسوء النسور هو اضعف من ان بثوم بذلك فقط يستثوي على الفقراء الذي اصبح بضلة جل الشعب الاردني منهم وبضل من افسد في الارض واحرثوا الحرث والنسل وبضل حكومات متعاقبة لم تكن لها شرعية شعبية والتي تعاملت مع الشعب الاردني كفطعان من الغنم .اولاد الوزراء وزراء واولاد السقراء سفراء وابناء الفلاح يجب ان يبقوا فلاحين اي ان ابناء البلاد تم التعامل معهم كهنود حمر لكن لتعلم حكومة النسور ان تلك الايام قد ولت بغير رجعة نعم بغير رجعة

إشترك في قائمتنا البريدية