جدل فتاوى الغرياني التبرع بأموال العمرة لغزة… مجسمات دون ذائقة تغزو مدن الجزائر

أثارت فتاوى صادق الغرياني، مفتي ليبيا، جدلا كبيرا، في ظل صمت مطبق من أئمة وفقهاء بلاد المسلمين بشأن مجازر غزة، إلا في ما ندر. ومن أهم هذه الفتاوى تلك المتعلقة بتعليق العمرة هذه السنة والتبرع بأموالها لسكان غزة، الذين يموتون جوعا وعطشا، وآخر فتوى تلك المتعلقة بفتح معبر رفح.
عن هذه الأخيرة، كتب عز الدين شنيقي، معلقا، عبر تدوينته على صفحته الرسمية على فيسبوك:» مفتي ليبيا يصدع بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم، فأين مفتي مصر ومفتي الأردن وسوريا وبقية الفقهاء والعلماء والمشايخ؟ إن مسؤولية الفقهاء، لا تقل شأنا عن مسؤولية الأمراء، وكتمانهم للحق خيانة لله، ولرسوله وللأمة، فعلى الأمة أن تتخذ منهم موقفا كموقفها من الحكام، فتوالي وتعادي، بناء على موقفهم الموالي أو المعادي للحكام المتواطئين مع العدو على قتل وتجويع وحصار غزة»!
وانتشر مقطع فيديو للشيخ الصادق، جاء فيه: «الناس الذين يحرسون المعابر حول غزة وحول الضفة الغربية حرام عليهم أن يمنعوا الناس من اقتحام هذه المعابر، الناس مطالبون بدخول هذه المعابر وبنصرة إخوانهم فرض عين عليهم، دفاعا عن إخوانهم، دفاعا على كيانهم، دفاعا على المسلمين، دفاعا على حرماتهم وعن أمهاتهم، عن نسائهم. فمن يعمل في شرطة أو تابع لأي جهة أمنية تابعة للأردن وتابعة لمصر، حرام عليه أن يقف حارسا يحرس الصهاينة، فهو بحراسته لهم يكون منضما إليهم ومتعاونا معهم ويقتل إخوانه المسلمين، هو يعد ضمن جيش الصهاينة، ضمن قوة الاحتلال التي تقتل المسلمين».
بعد مناداة شعبية عربية ودولية لفتح المعابر، ما زالت مغلقة وغزة تزداد نزيفا، فلعل صوت «الغرياني» قد يؤثر ويقلب السحر على الساحر.
كذلك اشتد الجدل حول دعوته لإلغاء تكرار العمرة والتبرع بأموالها لأهل غزة، وهناك من لم يستسغ الأمر، واعتبره صدا عن بيت الله مثل نضال حمد، الذي جاء في منشوره: «لا أتوقع أن الغزيين يطلبون من المسلمين ما طلبه مفتي ليبيا بالتوقف عن الذهاب إلى العمرة. الرجل يقترح أن يتوقف الناس عن العمرة ويتبرعوا بالتكلفة لغزة. ماذا لو أن أحدهم اعتمر فحيي قلبه وعاد متصدقا أكثر مما كان قبل الاعتمار؟ ماذا لو أن أحدهم لم يعتمر عملا بقول المفتي، ولم يعط المبلغ لغزة؟ ماذا لو فعلها مرة عملا بقول المفتي، ثم ترك الصدقة وترك العمرة؟ يبدو لي أن الموقف قد يورث في قلوب الناس صدودا عن بيت الله أكثر مما يعلمهم دعم غزة. لو قال الرجل اعتمر وأنفق في سبيل الله في غزة لكان أولى، أو لو قال عندما تكون في العمرة تذكر أنك ابن أمة منها غزة وتبرع لهم لأن وصلك بيت الله يوجب وصلك عبادك الله، لكن أولى، أو هكذا يبدو لي. والله أعلم. سامحونا نناقش المفتي».
أما عبد الله الهويجي فيرى، حسب ما جاء في تدوينته أن «العمرة في رمضان مكلفة وأنها تحتاج إلى جهد عظيم. وأضاف أن «الآلاف التي ستصرف في العمرة من الأفضل منحها لأهل غزة الذين يموتون جوعا، كما جاء في فتوى ابن باز سابقا «الأفضل لمن أدى فريضة الحج والعمرة أن ينفق ما يقابل حج التطوع وعمرة التطوع في مساعدة المجاهدين في سبيل الله».

«رمانة مسعد» مالها زعلانة؟

تتكرر ظاهرة المجسمات التي يبدو أنها لا تجمل المدن والفضاءات العامة، بل تحدث بها نشازا وتزيد من «انحطاط «الذوق العام، مما يجعلها مادة «سخرية» وجدالا عبر منصات التواصل الاجتماعي، فما قصة ما سميت بـ»رمانة مسعد الزعلانة»؟ تصدر مجسم الرمانة في الولاية المنتدبة مسعد كثيرا من الانتقادات وردود الفعل، ولعلنا نبدأ من الآخر، كما يقال وما كتبه «بوبكر معزوز» الذي تصدى للمنتقدين بعدة تدوينات على صفحته على فيسبوك، ومنها: «السلام عليكم توضيح والله على ما أقول شهيد، كل متتبعي صفحتي الكرام وبخصوص رمانة مسعد. صاحب الفكرة اسمه «حوة عبد القادر» فنان تشكيلي ورسام ونحات من الطراز العالي وقصة الرمانة مجهود فردي أي متطوع وليس مشروع دولة، من المفروض كلنا وكل في موضعه يقدم يد العون. المشروع لم يكتمل، بل في بدايته فقط، ليست الصورة النهائية لمجسمه. كيف تحكمون ولم تسمعوا له». هذا بعدما انتشرت التعليقات الساخرة والمنتقدة للمجسم ومقارنتها بصور مجسمات لرمانات بدقة وجمالية ملفتة، فما بال رمانة مسعد زعلانة؟
أما مجيد سجال فنشر تدوينته منتقدا: «شاهد الجزائريون كالعادة نموذجا جديدا عن الرداءة في الذوق العام والتجسيد الذي انعكس كثيرا على مناحي الحياة وهذه المرة مع رمانة «مسعد» الاسمنتية، فما هي التراكمات التي خلقت هذا العفن؟».
ويضيف: «لم يكن الجمال والاتقان أبدا مقرونا بالتكنولوجيا أو القدرات المادية، بل كان مقرونا دوما بالشغف، شغف الفنان وحبه لمجاله. كان النحات الشهير مايكل أنجلو في عصر النهضة في القرن الرابع عشر أكثر الفنانين دقة في مجال النحت، وقد قاده شغفه بالتفاصيل إلى شراء جثث الموتى ودراسة تفاصيل عضلاتهم وتجاعيد جلودهم ونتوءات عروقهم وعظامهم، حسب كل وضعية ومحاكاة تلك التفاصيل في منحوتاته الشهيرة في فلورنسا».
وجاء أيضا بمثل صاحب «الموناليزا» ليونارد دافينشي، وذكر تجارب الغرب ومدارسه الفنية واتجاهاتها ليصل للقول: «مرة أخرى كان هذا الابداع مقرونا بالشغف والممارسة، فازدهرت المدارس الفنية في أوروبا وتنافس الفنانون وتوسع الخيال منعكسا على الابداع وممهدا للثورة الصناعية، فالمخترعون، في الحقيقة، لم يكونوا إلا فنانين يمارسون فن الخيال وتجسيده عبر ماكنياتهم كآلة النسيج والمحرك البخاري، ولاحقا الهليكوبتر المستوحاة من الحشرات الطائرة كاليعسوب».
وينتهي في تدوينته لحال الفن في المجتمعات العربية الإسلامية، التي كانت «تحارب الفن» وتراه «شركا وزندقة وعبادة أصنام وتجسيد ذات الأرواح»، ولم يكن الفن مشجعا من طرف المجتمع، بل «كنا نعاقب كل طفل يحاول أن يرسم في الجدران وعلى الأبواب، كنا نقتل فيه الذوق الفني ونجبره على أن يكون طبيبا، لأن الفن ما يوكلش خبز»!
ولم يكن للفن مكانة في المدارس و»كنا بخلاء في تشييد مدارس الفنون الجميلة». وعلى ما يبدو فإن مشكل المجسمات التي لا تعبر عن انسيابية جمالية ومجالية عوينت في العديد من المناطق مثل حصان «عين البيضاء بأم البواقي، وأسد «باتنة» وفأس مدينة «سيدي عيسى». والسؤال طرحه إسماعيل زحوط «هل توجد مكاتب دراسات فنية أثرية متخصصة في الجزائر، وهل توجد مقاولات متخصصة تنفذ الدراسات أم مقاولات الإسمنت تستحوذ على كل شيء؟».

كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية