بين ترامب وبايدن

حجم الخط
1

إصابة الرئيس دونالد ترامب بفيروس كورونا، ربما تكون ضربة مؤثّرة فيه في الانتخابات التي ستجري في الثالث من نوفمبر المقبل، إضافة إلى سجّله المليء بالأخطاء الكبيرة. ووفقا لما قاله لوري غاريت، في «فورين بوليسي»: تُعرِّف الحكومة الفيدرالية كبار السن، في الأمور الطبية والتقاعدية والضريبية، بأنهم الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، وهذا ما يضع ترامب بعد إصابته بكورونا في فئة الذين يعاملون «كرؤساء مرضى».
بعد مرض ترامب رسمياً، يبدأ البحث عن حالات مرضية أخرى قد يخفيها.
في نوفمبر 2019، كتب موظف مجهول في البيت الأبيض في كتاب وضعه بعنوان «تحذير»: «لست مؤهلاً لتشخيص صحة الرئيس العقلية. كل ما يمكنني قوله: هو أن الأشخاص العاديين الذين يقضون أي وقت مع دونالد ترامب، لا يكونون مرتاحين لما شاهدوه، إنه يتعثر، يشتم، يرتبك، ويغضب بسهولة، ويواجه صعوبة في تجميع المعلومات، ليس من حين لآخر وإنما بشكل منتظم».
لذا، فإن كثيرا من مستشاريه ينصحونه بإلغاء المناظرة الثانية ضد بايدن والمخطط لإقامتها في ميامي قريباً، خاصة بعد أن جاءت المناظرة الأولى بينهما مخيبة للآمال، فقد عمّتها الفوضى، واعتبرت مصادر كثيرة: «أن الرئيس خسرها، وأن بايدن لم يفز فيها».

بايدن يمكنه استعادة الدور الأمريكي التقليدي كمحاور بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد أن قطعت السلطة الفلسطينية العلاقات مع ترامب

مرض الرئيس قد تترتب عليه تداعيات قانونية حسب نص المادة 25 من الدستور الأمريكي: «في حالة عجز الرئيس عن مزاولة مهام منصبه، يكون نائبه هو الشخص الذي تمنح له الصلاحيات، وفي حال عجزه هو الآخر، يتولى/ تتولى رئيس/رئيسة مجلس النواب من تمنح له/ لها صلاحيات الرئيس.
بايدن وترامب، متقاربان عمرياً ومتشابھان في كرھھما المتبادل لبعضھما بعضاً، لأسباب تتعلق بماضي كل منھما، لكنھما يختلفان بشكل أو بآخر في الأسلوب والمضمون. وتؤكّد استطلاعات الرأي العام الأمريكیة المختلفة، تقدم بايدن على ترامب بـ 9 – 12 نقطة. صحيح أن فوز بايدن ممكن ومفھوم، لكنه غیر محسوم، إذ تتحكّم في الانتخابات الأمريكية عوامل كثيرة، لذلك تبقى رھینة اللحظات الأخیرة. لكن، من اللافت للانتباه أن ھناك مراقبين سياسيين أمريكيين يحذّرون من احتمالات قيام فوضى سیاسیة، قد تقود إلى فوضى من نوع آخر عقب إعلان النتائج. من جانب آخر، يتوجّب التأكيد على أن الحاكم الفعلي للولايات المتحدة هو، المجمع الصناعي الرأسمالي الأمريكي، كما أكّد الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور في خطابه الوداعي للشعب الأمريكي عام 1963. من المفيد القول أيضاً: إن الكثير من المراقبين السياسيين يرون أن مرشح الديمقراطيين جو بايدن قد يمسك العصا من المنتصف في علاقة الولايات المتحدة بدولة الكيان الصهيوني، لكنهم مخطئون، فهو يجاهر بحبه لإسرائيل منذ أربعة عقود، صحيح، قد يخفف التوتر الذي نشأ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وهو يمتلك مقومات ذلك، لاسيما وأنه يتمتع بحظوة لدى صناع السياسة في إسرائيل. لقد بدأت تلك العلاقة الوطيدة خلال أول رحلات بايدن إلى إسرائيل في 1973، عندما التقى رئيسة الوزراء غولدا مائير حينها، وقد حدثته بالتفصيل عن التهديدات الأمنية في المنطقة، قبل أيام من حرب أكتوبر. ووصف بايدن المنتخب حديثا حينها عضوا في مجلس الشيوخ اجتماعه مع مائير لاحقا بأنه «كان من أكثر الاجتماعات أهمية من حيث تأثيره في حياته». وظل خلال أربعين سنة من مسيرته السياسية مدافعا قويا عن إسرائيل، لاسيما في ما يتعلق بمواقفه من الصراع العربي الصهيوني. وأكثر فترة عُرف فيها دعمه لإسرائيل كانت عام 1986 حين قال: «إذا لم تكن إسرائيل موجودة، فستضطر الولايات المتحدة إلى اختراع إسرائيل لحماية المصالح الأمريكية». وسيواجه بايدن، دونالد ترامب الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه أفضل صديق لإسرائيل حلّ في البيت الأبيض على الإطلاق، لكن بعض الخبراء يقولون إن فوز بايدن سيكون موضع ترحيب من المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وليس فقط من قبل خصوم نتنياهو «اليساريين». ولنتذكر قول بايدن في خطاب ألقاه عام 2015 «إنه يجب على الولايات المتحدة التمسك بوعدها المقدس بحماية وطن الشعب اليهودي». ومن هذا المنطلق يعتقد محللون أن هذا كان مفتاحا لكسب ثقة القادة الإسرائيليين الحساسين لما يوجه لإسرائيل من انتقادات في المحافل الدولية. وقال نداف تامير الدبلوماسي السابق ومستشار السياسة الخارجية للرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريز لوكالة الصحافة الفرنسية «نحب الأشخاص الذين يحبوننا، وأنه ما من شك في أن بايدن صديق يكن مشاعر قوية جدا تجاه إسرائيل. لكن بعض الخبراء أشاروا إلى أن بايدن يمكنه أيضا استعادة الدور الأمريكي التقليدي كمحاور بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد أن قطعت السلطة الفلسطينية العلاقات مع ترامب، واتهمته بالتحيز الصارخ للدولة الصهيونية، وأضاف تامير إن بايدن سيفعل أفضل بكثير من ترامب في ما يتعلق بالقضايا الفعلية، لأنه يدرك أن الصراع العربي الإسرائيلي ليس لعبة متعادلة نتيجتها صفر. وهو ما أثار غضب نتنياهو. وقال إلداد شافيت من معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب «لا يمكننا التغاضي عن الأمر، وأن هناك مشكلة بين المسؤولين الإسرائيليين والديمقراطيين». وتقول حملة بايدن لعام 2020 إنه في حال انتخابه فإنه لن يعيد إلى المدينة المقدسّة السفارة التي نقلها ترامب إليها، بل سيفتتح قنصلية أمريكية فيها. لقد سبق أن رفض بايدن خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط ووصفها، أنها «حيلة سياسية» وتعهد بإجراء مفاوضات جديدة على أساس حل الدولتين مع الفلسطينيين.. أما بالنسبة للوضع العالمي، خاصة الصين وروسيا، ققد يليّن بايدن من سياسته معهما أكثر من ترامب الغاية في التشدّد إزاءهما.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    شكرًا أخي فايز رشيد. خياران أحلاهما مُرّ, لكن نحن أي خيار لنا!

إشترك في قائمتنا البريدية