بعد شهر من تعزيز قواته في بادية حمص: «لواء القدس» الفلسطيني يتعرض لخسارة كبيرة

منهل باريش
حجم الخط
0

لواء القدس تأسس لقمع أي حراك ثوري معارض لنظام الأسد، ليتلقى بعد أقل من عام دعما إيرانيا لحماية مطار النيرب العسكري.

قتل 22 عنصرا من «لواء القدس» الفلسطيني الموالي للنظام السوري في هجوم بالأسلحة الرشاشة شنه عناصر تنظيم «الدولة الاسلامية» على سيارة عسكرية بين بلدتي الكوم والطيبة شمال السخنة بريف حمص الشرقي، وهو الطريق الذي كثفت خلايا التنظيم كمائنها عليه خلال الأشهر القليلة الأخيرة. وقالت معرفات اللواء إن عناصر التنظيم هاجموا حافلة مبيت بالصواريخ ما أدى إلى احتراقها ومقتل كل من فيها. كما انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من سيارة مبيت عسكرية تابعة لقوات النظام على طريق المحطة الثالثة T3 في بادية تدمر دون أن تحدث أضرارا.
وفي الإطار، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هجوما آخر لعناصر التنظيم على مقرات عسكرية لقوات النظام في قرية حسرات بريف البوكمال أسفر عن مقتل 6 عناصر من قوات النظام، وأسر عنصرين آخرين حسب ما ورد عن المرصد الذي وثق مقتل 268 عنصرًا من قوات النظام والميليشيا الموالية له منذ مطلع العام الجاري على يد عناصر خلايا تنظيم «الدولة» في البادية السورية شرق حمص وبادية الجزيرة في ريف دير الزور.
بدوره أعلن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا في 18 نيسان (أبريل) الجاري، اللواء يوري بوفوف، عن «تدمير سلاح الجو الروسي قاعدتين لإرهابيين» لم يحدد أنهما لخلايا التنظيم في باديتي حمص ودير الزور، واكتفى بوفوف بالإشارة إلى ان «الإرهابيين» غادروا منطقة التنف التي تسيطر عليها القوات الأمريكية، وكانوا يختبؤون في مناطق يصعب الوصول إليها.
الجدير بالذكر، أن «لواء القدس الفلسطيني» التابع لقوات النظام كان قد نشر عبر معرفاته على شبكات التواصل الاجتماعي في آذار (مارس) الماضي عن دفعه بتعزيزات قوامها أكثر من 7 آلاف عنصر- حسب زعمه- لتمشيط منطقة البادية السورية امتدادًا من دير الزور شمالاً، إلى تدمر جنوبًا، وعلى طول الحدود السورية العراقية حيث ينتشر ضمنها عناصر خلايا تنظيم «الدولة» و تداول عناصر «اللواء» حينها صورًا لقائده المهندس محمد سعيد مع عدد من العناصر ضمن ما أشاروا إليه على انه غرفة عمليات تمشيط البادية السورية، وجاءت تعزيزات «اللواء» حينها على خلفية نشاط خلايا التنظيم وتنفيذها عمليات عدة في البادية السورية تجاوزت 32 عملية ضد قوات النظام والقوات الموالية لها في شهر شباط (فبراير) الماضي وبعد عثور عمال جمع الكمأة على جثث ثمانية عناصر من «قوات الدفاع الوطني» المساندة لقوات النظام في بادية البشري غربي دير الزور.
وتجدر الإشارة إلى أن «لواء القدس» تأسس بعد أشهر قليلة على انطلاق الثورة السورية في 2011 في مخيم النيرب شرق حلب باسم «كتيبة أسود القدس» لقمع أي حراك ثوري معارض لنظام الأسد، وليتلقى بعد أقل من عام دعما إيرانيا لحماية مطار النيرب العسكري، وينتقل لمسمى «لواء القدس» بعد أن ضم في صفوفه أكثر من 6 آلاف مقاتل نهاية 2013. ومع بداية التدخل الروسي الفعلي في العمليات العسكرية في سوريا انتقل «اللواء» لمرحلة الرعاية والتبني من قبل القوات الروسية وعاد في تموز (يوليو) إلى الدعم الإيراني بعد تقليص الدعم العسكري الروسي عن القوات المحلية في سوريا، وتوسع انتشار اللواء عام 2017 خارج محافظة حلب وخاصة بعد سيطرة قوات النظام على المدينة، لينتشر في البادية السورية منتصف 2018 بدعم عسكري ومالي روسي في معارك قوات النظام مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

مظاهرات غاضبة

بموازاة ذلك، تشهد بلدات وقرى عدة في مناطق سيطرة هيئة «تحرير الشام» مظاهرات واعتصامات احتجاجًا على ممارسات وسياسات الهيئة في إدارة المنطقة، فقد شهدت مدن وبلدات دارة عزة والدانا وابين وبنش وطعوم وتلعادة وتفتناز ودير حسان والفوعة ومخيمات الكرامة مظاهرات غاضبة، تطالب بالإفراج عن المعتقلين في سجون جهاز «الأمن العام» التابع للهيئة، كما ردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط الهيئة ورحيلها، ومن الهتافات التي رددها المتظاهرون «يالله ارحل جولاني» تسقط هيئة «تحرير الشام».. يسقط جهاز «الأمن العام».. تسقط حكومة «الإنقاذ» كما حملوا لافتات كتب عليها عبارات تسقط الجولاني وهيئته وتطالبه بالرحيل لا الإصلاح. وارتفعت وتيرة الاحتجاجات ضد «الهيئة» على خلفية اعتقال عناصر جهاز الأمن العام لمتظاهرين من حزب التحرير خلال توجههم للمشاركة في مظاهرة مناهضة للجولاني في مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي الثلاثاء الماضي، كما شن «الجهاز» يوم الأربعاء حملة اعتقالات واسعة طالت ناشطين مشاركين في الاحتجاجات ضد الجولاني من أبرزهم الناشط «أنس العمر» من دارة عزة، والذي أطلق سراحه يوم الخميس نتيجة الضغط الشعبي المطالب بالإفراج عنه.
الاحتجاجات ضد «تحرير الشام» وزعيمها أبو محمد الجولاني والتي انطلقت منذ 25 شباط (فبراير) الماضي، تصاعدت وتيرتها خلال الأسبوع الماضي، مع انضمام كيانات ثورية، ودينية، وشخصيات «شرعية» من صفوف الهيئة لها، فقد أصدرت «رابطة أهل العلم» بيانًا مرئيًا أعلنت من خلاله على أحقية الحراك ضد الجولاني، وجاء في البيان «خرجت مع بداية آذار مظاهرات سلمية احتجاجا على الفئة المتسلطة والمستبدة، والتي مارست شتى أنواع التعدي على الأنفس والأموال والممتلكات، ووقع ذلك نتيجة تسلط رؤوس الفساد على رقاب العباد، والمتمثلة بشخص الجولاني، وجهازه الأمني فقط، ولذلك فإن رابطة أهل العلم تقف مع الحركة الاحتجاجية ومع الشعب الثائر ضد الجولاني وأتباعه».
كما أعلنت «مبادرة الكرامة» ببيانٍ لها عن استمرارها في الوقوف إلى جانب الحراك الشعبي ضد ممارسات «تحرير الشام» وأمنييها، واستنكرت المبادرة في بيانٍ لها حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت مشاركين في التظاهرات في دير حسان، ودارة عزة، واصفة الهيئة بحكومة الأمر الواقع المستبدة المشابهة لحكم نظام الأسد.
وفي سياق منفصل، قالت فاطمة العبود «أم النور» الناشطة في التظاهرات النسائية ضد الجولاني خلال اتصال مع «القدس العربي» إن الاحتجاجات الحالية «لن تتوقف إلا بإسقاط الجولاني وهيئته» مشيرة إلى أن «الحراك الشعبي في توسع مستمر من ناحية الانتشار والفئات المشاركة به» لافتة إلى أن «المتظاهرات مستمرات في نشاطهن ضد الجولاني على الرغم من قوته واستبداد أمنييه».
وبموازاة مواجهة زعيم «تحرير الشام» الجولاني للحراك الشعبي بالعنف والاعتقال، يحاول تثبيطه وإخراجه عن إطاره الشعبي المحتج من خلال لقاءات مع مراكز دعوية ورجالات دين بهدف تأطيره على أنه حراك يستهدف المشروع السني في شمال سوريا، ومن ضمن هذه اللقاءات اجتماعه مع الشيخ عبد الرزاق المهدي عضو مجلس شورى الهيئة المستقيل، والمؤيد للحركة الاحتجاجية السلمية، والذي برر بدوره اجتماعه مع الجولاني على انه لقاء للنصح، لا لقاء للتفاوض، وقال المهدي في بيانٍ نشره على معرفه في منصة «اكس» (تويتر سابقا) «لا يجوز لي ولا لغيري أن نسكت عن الظلم والخطأ، والمظاهرات السلمية المنضبطة هي مشروعة طالما قامت لتحقيق مطالب مشروعة، وطالما هناك ظلم ومخالفات شرعية من قبل السلطة فمن حق الناس التعبير بكل وسيلة سلمية متاحة عن رفضهم لذلك حتى يرفع الظلم».
إن تعاطي الجولاني مع المظاهرات المناهضة والمطالبة برحيله، سواء من خلال العنف والاعتقال، أو من خلال الالتفاف على الحراك، لا يبدو أنه التعاطي المناسب مع ظروف المرحلة التي تعيشها «تحرير الشام» وخاصة بعد تعرضها لصدمات عدة منذ عام، استهدفت بنيتها الداخلية ومنها «ملف العمالة للنظام» ومن ثم ملف الانشقاق، كما حدث مع القيادي جهاد عيسى الشيخ «أبو أحمد زكور» ثالث القياديين في الهيئة، أو ملف التصفية والصراعات كما حدث مع الرجل الثاني في التنظيم «أبو ماريا القحطاني» والذي قتل في عملية يشتبه الكثيرون بأنها مدبرة من قبل الجولاني مطلع الشهر الجاري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية