سوريا: صراع داخل «فرقة المعتصم» ـ الجيش الوطني المعارض ينتهي بقتيل واعتقالات

منهل باريش
حجم الخط
0

الصراع الأخير داخل «الفرقة» سبقه انتشار أخبار تفيد بتشكيل سيجري لكتلة عسكرية مستقلة تبعتها محاولات من قائد الفرقة المعتصم عباس، لمهاجمة مواقع سيجري ومنعه من الانفصال عن الفرقة.

انفجر الخلاف داخل «فرقة المعتصم» التابعة للفيلق الثاني في الجيش الوطني السوري المعارض بريف حلب الشمالي، وأدى لمقتل أحمد عباس شقيق قائد الفرقة المعتصم عباس وإصابة آخرين، وبتسليم عدد من قياديي الفرقة العسكريين والأمنيين أنفسهم إلى القضاء العسكري، فيما اعتقلت الجبهة الشامية رئيس المكتب السياسي مصطفى سيجري في اعزاز خلال محاولته الهرب من المنطقة وقامت بتسليمه لفرع الشرطة العسكرية في اعزاز.
وقالت مصادر محلية مطلعة، إن «الشرطة العسكرية» التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، أصدرت مذكرات توقيف واعتقال بحق عدد من قيادات فرقة المعتصم، من بينهم مصطفى سيجري، وعلاء الدين أيوب المعروف بلقب «الفاروق أبو بكر» الذي سلم نفسه للشرطة العسكرية مع الأمني العام في فرقة المعتصم محمد الضاهر «أبو إسكندر». وأضافت المصادر أن مقر أركان الفرقة الكائن في قرية أرشاف بالقرب من مدينة أخترين والذي دارت داخله عملية الصراع بين قيادات الفرقة، تم تسليمه لقوات فض النزاع التابعة للفيلق الثاني في الجيش الوطني لفترة مؤقتة.
من جانبه أكد سيجري، فجر الجمعة، إصدار مذكرات توقيف واعتقال من قبل الشرطة العسكرية بحقه شخصيا إضافة لكل من علاء أيوب الملقب الفاروق أحرار، أو الفاروق أبو بكر، ومحمد الضاهر أبو إسكندر، وأبو العز إبراهيم وجميل لالا أبو حمدو. وأعلن سيجري انه «بعد اعتقال العباس واخوته جرى تسلم المعتقلين لقيادة الفيلق الثاني، ليل الخميس، بهدف تجنيب المنطقة أي توترات عسكرية، وفق تعهدات نصت على متابعة التحقيقات ومحاسبة الجناة نفاجأ اليوم بالإفراج عن الموقوفين وإصدار مذكرات بحقه وفريقه». وكان سيجري وصف عملية اعتقالهم لكل من العباس وفريق الصلح بانه «واجب وطني ثوري في العمل على كف الخونة وأمراء الحرب» وزاد أن الشرطة العسكرية قد «هددت بإرسال قوات عسكرية للاقتحام على مقراتنا واعتقالنا».
وناشد سيجري «الشباب السوري الحر من إعلاميين وصحافيين ومثقفين ونخب وطنية للتحرك والانتفاض» والوقوف إلى جانب فريقه في مواجهة كل الضغوطات التي يتعرض لها.
وفي وقت سابق، نشر سيجري الذي يرأس المكتب السياسي في الفرقة بيانا للرأي العام على صفحته الشخصية جاء فيه «استنادا لصلاحيات المجلس العسكري للفرقة الثالثة في الفيلق الثاني فرقة المعتصم والمنصوص عليها في النظام الداخلي عن عدة قرارات تقضي بعزل معتصم عباس من قيادة الفرقة وتجريده من جميع الصلاحيات العسكرية والأمنية والإدارية، وإحالته للتحقيق الداخلي بتهمة الخيانة والفساد وإساءة استخدام السلطة وسرقة أموال الثورة والمال العام، وإحالة كل أحمد عباس ومفيد عباس ومحمد عباس وفؤاد عباس للتحقيق الداخلي بتهمة استغلال النفوذ العسكري والأمني وإساءة استخدام السلطة وسرقة أموال الثورة والمال العام. كما قضى القرار المنشور بمصادرة جميع الأموال والممتلكات والأراضي والعقارات العائدة للمذكورين أعلاه جميعا، وتشكيل لجنة داخلية مختصة لاستقبال شكاوى المدنيين والعسكريين والمقدمة ومعالجتها أصولا» ودعا سيجري وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة لتشكيل لجنة خاصة للاطلاع على موجبات القرارات الصادرة عن المجلس العسكري للفرقة، والإشراف على التحقيقات الداخلية وإحالة الأسماء الواردة أعلاه للقضاء العسكري المختص مرفقاً بالتقارير والملفات والأدلة بعد الانتهاء من التحقيقات الداخلية اللازمة.
بالمقابل، نفى قائد الفرقة المعتصم عباس عبر حسابه في منصة «اكس» عزله عن منصبه في قيادة فرقة المعتصم من قبل قياديين آخرين، مؤكدًا على أنه لا يزال في منصبه، وأن الفرقة لا تزال قائمة بقواتها ومقراتها ومعسكراتها، وقال عباس، إن «القضاء سيأخذ مجراه في محاسبة المجرمين القتلة الذين يدّعون الثورية وهم بعيدون عنها بسفكهم للدماء مقابل السلطة والمال بالغدر والخيانة» في إشارة منه للفاروق أحرار، ومصطفى سيجري.

جلسات لحل المشكلة

وفي تفاصيل الواقعة في مقر أركان الفرقة في أرشاف، قال أحد أعضاء اللجنة المكلفة بحل الخلاف الذي بدأ قبل شهور بين قائد الفرقة واخوته من جهة، ومصطفى سيجري والفاروق أحرار من جهة أخرى إنه جرت جلسات لحل المشكلة الحاصلة وإن المعتصم عباس وافق على وضع الكتلة المالية للفرقة تحت إشراف الفاروق وإبعاد اخوته عن مركز القيادة وإشراك سيجري والفاروق في القيادة.
وأضاف عضو اللجنة الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ «القدس العربي» أن التوصل لاتفاق، هو ما دفع قائد الفرقة للذهاب مع اخوته إلى مقر قيادة الأركان في أرشاف، والذي يعتبر مقرا للفاروق وسيجري. ونفى الاتهامات التي أطلقها «الفاروق أحرار» بأن المعتصم عباس قدم من أجل اعتقالهم، قائلا «لو كان الهدف اعتقالهم لما ذهبنا جميعا إلى هناك ومعنا مرافقة صغيرة إلى مقرهم، هذا اتهام كاذب وحجته ضعيفة». وحول ما حدث، أوضح انهم وصلوا إلى المقر، واستقبلهم الفاروق أحرار ومحمد الضاهر أبو إسكندر، ولم يكن سيجري حاضرا وتذرع الرجلان انه خارج المقر في عمل، وبعد عشر دقائق خرج الرجلان لتجهيز النرجيلة ريثما يصل سيجري، وبعد خروجهما دخل عناصر ملثمون وبدأوا إطلاق النار على المعتصم عباس الذي أصيب بيده، فيما أطلقوا النار مباشرة على جسد أخيه أحمد عباس أبو حازم الذي سقط على الأرض وبدأ ينازع الموت. ولفت إلى أن القوة مدربة بشكل كبير فقد ربطوا الجميع دون استثناء وانهالوا عليهم ضربا دون تمييز بمن فيهم مدير العلاقات العامة في الحكومة المؤقتة ياسر الحجي والشيخ حسين ناصر مدير مركز مكافحة التطرف في مارع وباقي أفراد لجنة الصلح الحاضرين، إضافة إلى اخوة المعتصم وصادروا الهواتف المحمولة للجميع.
ويؤكد العضو أنه استطاع تمييز السيجري بين المهاجمين رغم انه كان مقنعا قبل أن يظهر في ساحة المقر أمام عناصر المرافقة أيضا.
وبعد ساعة من الحادثة، توجهت قوة الفيلق الثاني وعلى رأسها قوات من «فرقة السلطان مراد» التي يقودها فهيم عيسى وأسعفت قائد الفرقة وجريح آخر من لجنة الصلح، فيما جرى إطلاق سراح الآخرين بعد نحو أربع ساعات.
وأضاف عضو لجنة الصلح، أن القائد العسكري الفاروق أبو بكر والمسؤول الأمني أبو إسكندر والقائد العسكري أبو العز وثلاثة مرافقين سلموا أنفسهم للقضاء العسكري التابع للجيش الوطني.
الصراع الأخير داخل «الفرقة» سبقه انتشار أخبار قبل أشهر تفيد بتشكيل سيجري لكتلة عسكرية مستقلة عن «فرقة المعتصم» تبعتها محاولات من قائد الفرقة المعتصم عباس، لمهاجمة مواقع سيجري ومنعه من الانفصال عن الفرقة، وكان سيجري قد أدلى بتصريحات صحافية في شهر شباط (فبراير) الماضي، تفيد بأنه لا يزال ضمن الفرقة على الرغم من الاستنفار العسكري الذي نادى به المعتصم عباس، وأكد حينها بأنه لا يزال وقيادات الفرقة في مقراتهم، موضحًا أن سبب الخلاف مع قائد فرقة المعتصم وإخوته جاء على خلفية تغريدة نشرها على حسابه في منصة «اكس» عرض من خلالها الراتب الشهري لعناصر الجيش الوطني، وجاء في التغريدة «في شهر كانون الثاني لعام 2024 خُصصت 2000 ليرة تركية للمقاتل منحة شهرية ثابتة، و40 دولاراً حصة المعابر الخارجية، و17 دولاراً (حصة المعابر الداخلية) ليكون المجموع 3800 ليرة تركية».
وأشار سيجري في تصريحاته إلى أن توضيحه لمدخلات الفرقة المالية، ومخصصات عناصرها المالية والتي تسلم لقائد الفرقة، والتي لا يستلمها العناصر كما هي، هو ما أثار الخلاف بينهما.
الجيدر بالذكر، ان مصطفى سيجري كان من مؤسسي لواء المعتصم والذي تلقى دعما من برنامج التدريب الأمريكي المدعوم من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» بهدف قتال تنظيم الدولة الإسلامية مع اللواء 51 الذي كان يقوده العقيد هيثم عفيسي وفرقة الحمزة التي يقودها سيف أبو بكر وما زال.
أما الفاروق أحرار فقد جمعته مع المعتصم عباس علاقة قديمة تعود لعام 2011 حيث شاركا في التظاهرات ضد النظام بحلب، وعملا معا في أولى الخلايا السرية التي استهدفت «الشبيحة» وأسسا مع آخرين كتيبة مصعب بن عمير وهي أولى كتائب مدينة حلب العسكرية. وبعد التهجير الذي حصل في مدينة حلب إثر سيطرة جيش النظام السوري على المدينة التجأ الفاروق أبو بكر إلى رفيق دربه السابق في مدينة مارع، الذي استقبله ورحب به كقيادي عسكري، وكان الفاروق قاد مفاوضات استسلام المعارضة في حلب مع القوات الروسية عبر الوسيط من طرف النظام السوري عمر رحمون.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية