النائب العربي في الكنيست دكتور أحمد الطيبي: هذه حرب على غزة لا على حماس فحسب وقد أسقطت نتنياهو والميثاق الإنساني العالمي

حاوره: وديع عواودة
حجم الخط
0

يتواصل تضييق الخناق على فلسطينيي الداخل بتهديدات بالقتل، اعتقالات وملاحقات واسعة واعتداءات ميدانية في أماكن عمل والمرافق العامة. وفيما يحظر التظاهر يواصل الكنيست تشريع قوانين ملاحقة بلغت حد تجريم الأفكار في قانون صودق عليه أمس يمنع قراءة ومشاهدة وسماع مواد صادرة عن منظمات صنفّت كإرهابية. وكان رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة قد عبّر بشكل عام عن جوهر موقف فلسطينيي الداخل مما يجري بقوله قبل أيام، إن جرائم الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة لا تبرّر المساس بالمدنيين الإسرائيليين قتل النساء والأطفال منهم واختطافهم في عملية «طوفان الأقصى» وإن هذا الحدث لا يبرّر جرائم الحرب الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين داخل قطاع غزة والتي باتت تبلغ حد الإبادة الجماعية. وتأتي الاعتداءات على العرب في الشارع والميدان تناغما مع حالة التحريض الهستيرية والدعوات لقتل الفلسطينيين التي بدأت تصدر عن أوساط رسمية وشبه رسمية كانت في الماضي تخجل من البوح بذلك علانية وبوضوح. من آخر هذه المواقف الدموية التي تصب الزيت على نار الكراهية والاعتداءات تصريحات لرئيس سابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط غيورا ايلاند قال فيها إنه لا بد من ضرب النساء الفلسطينيات داخل قطاع غزة لأنهن أخوات وأمهات وزوجات «الإرهابيين». وعندما وجهت له مقدمة البرنامج الإخباري في الإذاعة العبرية العامة سؤالا عن كون هؤلاء مدنيين قال دون تردد «إذا ما حاربنا الإرهابيين المسلحين فقط سنخسر الحرب».

وفي إطار الملاحقات الإسرائيلية المكارثية الرسمية صادق البرلمان الإسرائيلي «الكنيست» بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون يحظر مشاهدة ما اعتبر «منشورات إرهابية» أو ما يسمى بـ«قانون استهلاك منهجي ومستمر لمنشورات ترويجية لحماس-وداعش». وحسب القانون قد تصل العقوبة الجنائية على مشاهدة هذه المنشورات بالسجن حتى عام، مستثنيا ما اعتبر بالمشاهدة العابرة العفوية أو غير المتعمدة لهذه المقاطع أو المنشورات، وقد عارضته منظمات حقوق الإنسان مطلقةً عليه: «قانون تجريم الأفكار». وأصدر تحالف الجبهة /العربية للتغيير برئاسة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي بيانًا حول مصادقة الكنيست على القانون غير المسبوق في كل العالم أكد فيه «ان هذا القانون عنصري وهو في غاية الخطورة مشددّا على أن الحكومة الإسرائيلية تستغل الحرب لتعيد إلى الأذهان وحتى بشكل فعلي أجواء الحكم العسكري». وجاء في بيان الجبهة والعربية التغيير أن «هذا القانون عنصري وهو في غاية الخطورة، الحكومة الإسرائيلية تستغل الحرب لتعيد إلى الأذهان وحتى بشكل فعلي أجواء الحكم العسكري». وأضاف البيان: «هذا القانون هدفه مواصلة ملاحقة أبناء المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل التي لم تتوقّف هي والتحريض منذ بداية الحرب، فإسرائيل هي الوحيدة التي ستحكم فعليًا بالسجن على إنسان لم يرتكب جرمًا بعد، وهذا ما يجعله أكثر خطورة». في هذا السياق دعا الحاخام مئير غولدمينتز الذي يشغل منصب رفيع في مستوطنة غلاعاد (شخصية روحية مؤثرة لدى المستوطنين وأنصار الصهيونية الدينية) لاستكمال النكبة وتهجير الفلسطينيين المتبقين في البلاد. وينضم النائب أحمد الطيبي لدعوة بعض نواب كتلته بمطالبة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية بفتح تحقيق جنائي ضد الحاخام مئير غولدمينتز بعد نشره مقالا يحتوي على دعوات واضحة للتهجير والتطهير العرقي، ويستند إلى تفسيرات دينية تروج لفكرة طرد جميع الفلسطينيين والعرب المواطنين من إسرائيل بالإضافة إلى وصفه بأن «العمال العرب الذين يبنون المنازل يعملون كجواسيس لمنظمات إرهابية» كما وصف الحاخام أحداث يوم السابع من أكتوبر بأنها وقعت بسبب عدم طرد سكان البلاد. قال النائب العربي في الكنيست دكتور أحمد الطيبي في حديث خاص لـ «القدس العربي» إن ما تشهده إسرائيل من ناحية التحريض على العرب غير مسبوق وإنه شخصيا يتلقى تهديدا بالقتل على الأقل مرة واحدة في اليوم بوسائل مختلفة. عن هذه الأجواء المكارثية والهستيرية وعن قراءة الحاضر النازف وسيناريوهات المستقبل وحول التساؤلات عن مصير الحرب واحتمالات الضغوط الخارجية على إسرائيل يقول الطيبي في هذا الحديث الخاص إنه لا يعوّل على ما يعرف بالمجتمع الدولي مؤكدا أن «طوفان الأقصى» أغرق نتنياهو سياسيا وأنه ساقط لا محالة لكن بديله المحتمل بيني غانتس ليس يسارا بل صقرا عسكريا، مشددا على أنه لا يراهن على المجتمع الدولي المصاب بازدواجية المعايير. وفيما يلي نص الحوار معه.

○ كيف تقّيم العوامل الموجودة والمحتملة المؤثرة على الهدنة والحرب في يومها الخمسين وغداة الهدنة؟
«• داخل المستويين السياسي والعسكري هناك رغبة جامحة بمواصلة الحرب نحو جنوب القطاع، وجامحة هو مصطلح مخفف، والسؤال هل تحدث خلال الهدنة متغّيرات تطيل أمدها؟ لا أعول على ما يسمى المجتمع الدولي لأنه سقط حيال ما يحدث في غزة وأعتقد أن الإدارة الأمريكية عمليا معنية باستئناف إسرائيل الحرب جنوبا. لذلك لا أعرف ما هي المتغيرات التي قد تؤدي لاستمرار هذه الهدنة. صحيح أن هناك قلقا أمريكيا من دخول إعلام غربي ينقل صورة الفظائع والدمار ما يضاعف الضغوط نحو وقف الحرب. إدارة بايدن تريد إذن أن تستمر الحرب من دون أن يرى العالم الدمار. هذا جزء من الانهيار القيمي الذي يسمح بالقتل الجماعي والتهجير ويتحسب فقط من تصوير ذلك.
○ توقعاتك لتبعات وتأثير الإفراج عن الخمسين محتجزا إسرائيليا، هل يؤدي ذلك لدينامكية تدفع لضغط داخلي وخارجي على الحكومة الإسرائيلية نحو العمل على استعادة بقية المحتجزين حتى بثمن الحرب؟ أم العكس؟
«• هناك من يميل إلى أن خروج المدنيين من الأسر قد يحرر إسرائيل من بعض القيود – التي لا أعرف إذا كانت موجودة أصلا ـ فيزيد القصف وأنا وكتلة الجبهة والعربية للتغيير أيدّنا صفقة التبادل ومن عارضها هو حزب «القوة اليهودية» برئاسة بن غفير، وهناك من يقول إنه لا يكترث بالمحتجزين في غزة لأنهم من اليساريين وقيل لهم في الإعلام لو كان هؤلاء من «جماعتك المستوطنين» لما صوّتت ضد الصفقة.
في المقابل هناك من يرجح أن الصفقة قد تؤدي لانتزاع البساط من تحت مزاعم الحكومة الإسرائيلية التي قالت من جملة ما قالته إنها تتوغل بريا وتقصف كي تستعيد الرهائن، وبالتالي هذا سيقلص هامش تحركها دبلوماسيا وعسكريا. ○ وهل فعلا هناك فرصة متاحة لأن يمارس الغرب ضغطا كافيا لوقف الحرب؟
• هناك في الغرب من قال إنه يبرر لإسرائيل ما تقوم به داخل غزة بسبب وجود نساء وأطفال محتجزين والآن وبعد عودة هؤلاء السؤال إذا ما سيستمر الضوء الأخضر الغربي أم سيزداد أخضرا. قلنا منذ البداية إن الأطفال ينبغي أن يكونوا داخل بيوتهم ومع عائلاتهم ولا ينبغي أن يكونوا رهائن وقالت كتلتنا «الجبهة والعربية للتغيير» في بداية الحرب إننا ضد المساس بالمدنيين سواء فلسطينيين أم إسرائيليين قتلوا في الجنوب، ولكننا أكدنا أنه لا قيمة لهذا الطفل أكثر من طفل آخر. الأطفال متساوون بطفولتهم وبحياتهم، لكن الرئيس الأمريكي بايدن لا يعتقد كذلك وعليه أن يرى بعينيه الإثنتين لكنه ينظر للألم والمعاناة بعين واحدة، ولذلك أقول مجازا إنه ربما يجب تغطية واحدة من عيني المرأة في تمثال الحرية حتى تصبح عمياء احتجاجا على المعايير المزدوجة لدى الإدارة الأمريكية. هناك سقوط لما يسمى الميثاق العالمي الإنساني وهو ميثاق غربي إنساني. أنظر للتعامل المزدوج بين غزة وأكرانيا، وإسرائيل وروسيا. قطع الماء والغذاء عن الأوكرانيين وصفه بلينكن بجريمة حرب وهنا يتم تبريره. استوقف ما قاله هنا مستشار الأمن القومي الأسبق الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند الذي كتب مقالا نشرته «يديعوت أحرونوت» في مطلع الأسبوع الفائت قال فيه إنه من مصلحة إسرائيل أن تزيد الأمراض والأوبئة في غزة وأن تصاب النساء والبنات لأنهن زوجات وأخوات وأمهات لناشطين من حماس، وهكذا نزيد إمكانية الانتصار في الحرب. نتحدث عن جنرال أبيض عيناه زرقاوان. تصور لو قال مثل هذه العبارة شخص آخر أو روسي أو صيني فما الذي كان سيحدث؟ أو لو قالها رئيس كوريا الشمالية؟ وهو قال إننا لا نريد الانتصار على جنود حماس، بل على كل غزة وهذا يؤكد أنها حرب على غزة بشعبها ونسائها وأطفالها لا على المسلحين فيها.
○ ماذا عن الموقف العربي؟
• لم ينجح الموقف العربي في إنقاذ نساء وأطفال غزة.
○ لكننا سمعنا كثيرا في القمة العربية وخطابا عاليا من قبل رؤساء دول عربية كبيرة قبل أيام؟
• الأمور بخواتيمها والامتحان بالنتائج والأفعال على الأرض. لكن المواقف الشعبية العربية واضحة وخاصة في الأردن.
○ ما احتمالات الضغوط الداخلية الإسرائيلية: الخسائر الاقتصادية والبشرية هل تؤثر على مستقبل الحرب؟
• إسرائيل معبّئة من أجل الحرب رغم أنها تعاني اقتصاديا واجتماعيا. ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هو صدمة سياسية وأمنية واجتماعية، فمثل هذا لم يحدث مع إسرائيل منذ قامت عام 1948.
○ حينما يقال إن «طوفان الأقصى» ألحقت ضربة استراتيجية بإسرائيل ألا يشمل هذا التوصيف مبالغة؟
• لا. نحن نقيم في البلاد ونشعر بمشاعر الصدمة. المواطن الإسرائيلي الاعتيادي يشعر بالصدمة مما حصل فهذا فشل أمني كبير فنتنياهو الذي يتحدث عاليا في الأمن فشل أمنيا فشلا ذريعا لأنه فضلّ أن تكون الحماية للمستوطنين بدلا من حماية بلدات «غلاف غزة».
○ ما هي الخسارة الحقيقية في «طوفان الأقصى» بالنسبة لإسرائيل؟
• الفشل الأمني صدم الإسرائيليين صدمة كبيرة وأنا اتفهم ذلك لأنهم لم يفكروا إطلاقا أن يحدث مثل هذا خاصة والحديث عن وجود حكومة يمينية بالكامل. على عكس ما يقال هذه الضربة لم تكن تهديدا وجوديا على إسرائيل فهي رغم ما حصل دولة قوية عسكريا. رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي قال قبل أيام إنه رغم صعوبة ما حصل فهو ليس تهديدا وجوديا لكنه فشل أمني وسياسي سبب صدمة للمؤسسة وللشارع في إسرائيل.
○ وضربة الوعي؟
• هذا جزء ما يأخذه الرأي العام الإسرائيلي في الحسبان. بالطبع كان هذا عاملا وجزءا من الخسارة.
○ وما تأثير الصدمة على الحلبة السياسية الإسرائيلية الداخلية ومشاربها؟
«• هناك تأثير سلبي على المركز واليسار في إسرائيل لأن أغلبية من قتل وأصيب واختطف هم من «الكيبوتسات» المحيطة بغزة وهناك حاليا تصلب في الموقف وانتكاسة في اليسار. أما التبعات الانتخابية فإن الرابح مما حدث ويحدث هو الحزب «المعسكر الرسمي» برئاسة بيني غانتس وهو ليس يسارا بل صقرا من الناحية العسكرية.
○ هناك من يقول إن «طوفان الأقصى» أغرق نتنياهو سياسيا فهل تعتقد بذلك؟
• الليكود سيسقط ونتنياهو على ما سيبدو أيضا لن يستطيع أن ينجو رغم قدراته المعروفة على المناورة وهذا ما تتنبأ له الاستطلاعات. لكن الحلبة السياسية الإسرائيلية مفتوحة أبوابها للتغييرات الكبيرة، فهناك أحزاب جديدة ستدخل الانتخابات المقبلة وهذا سيؤثر على الخريطة الحزبية.
○ لأي مدى أنت راض عن الأحزاب العربية ولجنة المتابعة من ناحية رفع صوت الاحتجاج على الحرب، فربما هناك توقعات منكم لاحتجاج أوسع على الأقل في التظاهر وفي الحراك الدولي رغم الملاحقات الإسرائيلية؟
• أعتقد أن النواب في الكنيست والقادة العرب خارجه هم الوحيدون ممن يرفعون صوتا ضد الحرب وضد قتل الأطفال في غزة وضد الملاحقة الإسرائيلية. حاولنا الخروج في مظاهرة في الناصرة وقمعتها الشرطة لكننا نأخذ بالحسبان أن هناك أوساطا أمثال بن غفير تريد ذبح الناس في الشوارع وإن كان هذا لا يغير في موقفنا الرافض للحرب والعدوان.
○ ألم يكن بالإمكان التحرك دبلوماسيا على مستوى المحافل الدولية واللقاء مع سفراء أجانب؟
• اجتمعنا مع سفراء أجانب في تل أبيب لكنني لا أعلق أي أمل على هذا المجتمع الدولي وعلى الدبلوماسيين لأن مواقف بعضهم داعمة تماما لقصف غزة، علما أن النواب العرب في الكنيست كانوا منذ البداية ضد المساس بالمدنيين الإسرائيليين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر ولكن منذ ذلك الحين ما يجري في غزة هو إبادة جماعية جينوسايد وهذا قلته في الكنيست ونحن في تحالف الجبهة الديمقراطية/العربية للتغيير كنا الوحيدين الذين جاهرنا بذلك ونلمس أن جمهورنا يدرك ذلك.
○ تبعات هذه الحرب على علاقات اليهود والعرب داخل إسرائيل؟
• قبل أيام تم تنظيم اجتماع شعبي لعرب ويهود يساريين في مدينة الطيرة، وكان واضحا أن هناك من يرغب باستمرار العمل من أجل الشراكة العربية اليهودية الديمقراطية، لكن الوضع صعب جدا في الجانب اليهودي وهناك قلق وملاحقة سياسية قاسية من قبل الشرطة والنيابة في الجانب العربي وهناك مئات الطلاب الجامعيين الذين تم طردهم من الجامعات وإبعادهم عن الدراسة وهناك ناس معنيون بالتغلب على الأزمة لكن هذه مهمة ليست سهلة على الإطلاق.
○ هناك دراسة إسرائيلية جديدة ترصد ارتفاعا كبيرا جدا في الكراهية بين اليهود والعرب داخل إسرائيل هل تتوقع انفجارا في العلاقات العربية اليهودية نتيجة الحرب؟
• نعم نحن كنواب عرب في الكنيست نشعر بذلك يوميا. تصلني رسائل تهديد بالقتل يوميا عبر الهاتف وعبر منتديات التواصل الاجتماعي وهكذا مع نواب عرب آخرين. الشرطة الإسرائيلية التي تلاحق مواطنين عرب لنشرهم منشورا ضد الحرب أو وضع إشارة «لايك» على منشور لم تعتقل حتى الآن أيا من المتطرفين ممن يهددونا بالقتل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية