الملابس التقليدية بالمغرب.. إرث وجمال في رمضان

حجم الخط
0

الرباط: في حي “الحبوس” العتيق بمدينة الدار البيضاء المغربية، يُقبل الناس على اقتناء الملابس التقليدية، مثل الجلاّبة والكَندورة والقُفطان والبَلغة، وذلك خلال أيام شهر رمضان، محافظين على العادات والتقاليد المتوارثة منذ زمن طويل.
ويشكل شهر الصيام في المدينة الواقعة غرب المملكة فرصة للتجار لتنشيط حركتهم التجارية وتسويق سلعهم سعيا للحفاظ على تجارتهم التقليدية المصنوعة باليد.
وتتطلب حياكة وصناعة الملابس التقليدية مهارة وحرفية ووقتا، في ظل المنافسة الكبيرة للملابس الحديثة أو التقنيات العصرية المستعملة في الصناعة التقليدية ذاتها.
ويتربع الجلباب -الجلابة كما يطلق عليها المغاربة- على عرش الملابس التقليدية، حيث يضفي على الملبس أصالة وأناقة، سواء الرجالي منه أو النسائي.

إقبال متزايد في رمضان

رمضان في المغرب فرصة ومناسبة تبين مدى تعلق أبناء المملكة بزيهم التقليدي، خاصة عندما يقصدون المساجد وخلال الزيارات العائلية.
فطيلة شهر الصيام تشهد أسواق البلاد انتعاشا كبيرا في مبيعات الملابس التقليدية، ويتزايد الإقبال على شرائها بشكل ملحوظ، سواء من الرجال أو النساء أو الأطفال.
من بين الأسواق التي يقصدها أهالي الدار البيضاء، نجد سوق حي الحبوس العتيق، ويحرص سكان المدينة على شراء ملابسهم التقليدية منه.
هشام الهبة، تاجر ملابس تقليدية في الحبوس قال إن الإقبال خلال رمضان يزداد، سواء تعلق الأمر بالصغار أو الكبار.
ولفت الهبة إلى أن المغاربة متشبثون بثقافتهم من خلال دعم الصناعة التقليدية، فيما يرتفع الإقبال بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، خصوصا على شراء الكندورة أوالجلابة، خاصة المصنوعة يدويا.
ويحرص الأفراد على ارتداء هذه الملابس في مختلف المناسبات خاصة الدينية منها، إلا أن شهر رمضان يضفي على هذا الموروث طابعا خاصا.

القُفطان والجبادور.. رونق تراثي جميل

يحرص المغاربة على شراء الملابس التقليدية في هذه الفترة، ليكونوا على أكمل استعداد وبأجمل مظهر تراثي، لا يقطع الشعبَ عن تاريخه وتقاليده.
والجلاّبة هي أحد أهم الملابس التقليدية للنساء والرجال، ويحرص مرتدوه على أن يكون رفقة نعل تقليدي يصنع من الجلد يسمى البَلغة، ليكون الزي التقليدي متكاملا ويحافظ على المظهر الجمالي.
كما يتزايد الطلب أيضا على الجبادور الرجالي، وهو لباس تقليدي يتكون من فُوقْيَّة (تشبه القميص) وسروال وعباءة تشبه الجلباب، ويضاف إليه أحيانا الوشاح.
والجبادور المكوّن من معطف وسروال فضفاضين، يزينهما ثوب مطرز وغطاء للرأس ملتصق به، دأب الصانع التقليدي منذ قرون على الإبداع في حياكته.
ولا يكتفي الرجال بالجلابة والجبادور، بل يلبسون طربوشا أحمر على الرأس تتدلى من جانبه الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء، أو عمامة يحرص كبار السن خاصة على ارتدائها.

القفطان أيقونة الجمال للمغربيات

أما القُفطان فهو أحد أبرز الملابس التقليدية ويتصدر اهتمام المغربيات، تلبسه المرأة في المناسبات والأمسيات الاحتفالية والأعراس.
وتحرص النساء على ارتداء الشربيل، وهو نعل تقليدي مصنوع من الجلد، يتميز بألوانه وتطريزاته وزخرفاته الجميلة.
بأناقته وألوانه وأصالته يشكل القُفطان أيقونة الجمال بالنسبة للمرأة، وتختلف تصاميمه حسب المنطقة، إلا أن العُقد والأحزمة المصنوعة بكل إتقان تعتبر نقطة مشتركة بين مختلف التصاميم في مختلف مدن المملكة.
شكل القفطان يضفي على لابسه جمالا، خاصة أنه مزين بخيوط “الصقلي” الذهبية، وأخرى بالحرير الملون وكأنه لوحة تشكيلية تبهر الناظرين.

محافظة على الموروث

في ظل المنافسة الكبيرة للملابس العصرية، باتت بعض الملابس التقليدية في خطر خاصة مع مرور الزمن وتراجع عدد الحرفيين.
وتراجع عدد الحرفيين الذين ينسجون ثوبا تقليديا يطلق عليه البروكار (قماش منسوج من الحرير الطبيعي)، ولم يتبق إلا حرفي واحد بمدينة فاس، ويتعلق الأمر بالحرفي عبد القادر الوزاني.
وأعلن المغرب خلال مارس/ آذار 2024، عن برنامج يمتد حتى عام 2026، للحفاظ على 32 حرفة مهددة بالانقراض.
وقال بيان لوزارة السياحة عقب الاجتماع الثاني للجنة قيادة برنامج “الكنوز الحرفية المغربية” بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إن من بين هذه الحرف، المنفاخ التقليدي، وصناعة البوفات المطروزة (كراسي مصنوعة من الجلد).
ويهدف البرنامج إلى الحفاظ على المعارف والمهارات المرتبطة بحرف الصناعة التقليدية المهددة بالانقراض من خلال ضمان انتقالها للشباب.
ومن بين هذه الحرف المعتمدة في النسخة الأولى في 2023 البلوزة الوجدية (لباس تقليدي للنساء بالمناطق الشرقية)، والطرز السلاوي (نوع من الخياطة التقليدية).
ويقوم الحرفيون الستة الذين تم اختيارهم بمشاركة خبرتهم مع 57 متدربا 72 بالمئة منهم نساء.
ونظرا للنجاح الذي عرفته النسخة الأولى، قررت اللجنة رفع عدد الحرف للنسخة الثانية إلى 10 بدلا من 6 حرف، وفق بيان الوزارة.
وستخصص الخطوات القادمة لتحديد 10 حرفيين و100 متدرب، للانتقال فيما بعد إلى مرحلة التدريب.
وحدد البرنامج المحافظة على 32 حرفة بحلول 2026، بحسب المصدر ذاته.
ويشتهر المغرب كبقية الدول بملابس سكانه التي يطغو عليها الطابع التقليدي، والتي تعبر عن تمسك المواطنين بعاداتهم وتقاليدهم وأصولهم، ويتنوع اللباس المغربي بشكل كبير تبعا للمنطقة التي يعيش فيها السكان.
وفي رمضان يستقبل المغاربة الشهر المبارك اجتماعيا وروحانيا واقتصاديا، وتتميز تحضيراته بعادات أبرزها إعداد ملابس تقليدية تسر الناظرين، وتنظيف المساجد لتصبح بأبهى حلة، والإبداع في صنع أكلات رمضان الخاصة.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية