القاعدة في تونس

حجم الخط
15

القضية الكبرى التي تشغل تونس هذه الايام ليست الانتخابات البرلمانية العامة، وتحديد موعدها، ولا هي الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تتمثل في البطالة المتفاقمة (مليون عاطل عن العمل) ولا تراجع المدخول السياحي الى معدلات مرعبة، وانما المواجهات الدموية مع جماعات مسلحة يعتقد الكثيرون انها تتبنى ايديولوجية تنظيم ‘القاعدة’.
منذ اكثر من اسبوعين وتونس تعيش على وقع تزايد تفجيرات العبوات الناسفة في منطقة جبل الشعانبي في محافظة القصرين يعتقد على نطاق واسع ان عناصر مرتبطة بتنظيم القاعدة زرعتها لعرقلة تقدم قوات الامن والجيش التي تقوم حاليا بتمشيط المنطقة للقضاء عليها.
المجلس التأسيسي، الذي هو بمثابة البرلمان المؤقت شهد طوال اليومين الماضيين نقاشات ساخنة حفلت بانتقادات للسيد علي العريض رئيس الوزراء ووزير الداخلية السابق، حيث اتهم بالتقصير في التصدي للجماعات الاسلامية المتشددة، وتسليح اجهزة الامن التونسية بالمعدات العسكرية الضرورية وبما يؤدي الى اكتشاف الالغام وتقليص الاصابات في صفوف رجال الامن بالتالي.
السيد العريض جادل محقا بان الجماعات المتشددة موجودة في تونس منذ ايام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي حيث تعرض كنيس الغريبة اليهودي في جربة الى عملية تفجير عام 2002 تبنت وحدة تابعة لتنظيم القاعدة المسؤولية عن تنفيذه، كما اشتبكت عناصر امن مع وحدة اخرى في بلدة سليمان من محافظة نابل في العام 2006.
لكن ما يتحدث عنه السيد العريض شيء وما يجري حاليا في تونس شيء آخر، فمعظم الهجمات التي استهدفت كنيس الغريبة اليهودي او بلدة سليمان جاءت من الخارج، لكن العناصر التي زرعت الالغام في معظمها تنتمي الى جماعات متشددة موجودة داخل تونس واستغلت حالة الانفلات الامني التي تفاقمت في مرحلة ما بعد الثورة.
تونس تدفع ثمنا باهظا لموقعها الجغرافي بين دولتين تشهدان تواجدا قويا لجماعات منضوية تحت مظلة تنظيم القاعدة، وتعيشان بعض مظاهر الفلتان الامني، والمقصود هنا الجزائر من جهة الغرب والجنوب وليبيا في الشرق.
تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي يريد اقامة مقر له في تونس، مثلما نجح في تكريس وجوده في ليبيا والجزائر ومنطقة الساحل الافريقي في الصحراء الكبرى، حيث الحدود مفتوحة امامه وعناصره للتحرك بكل سهولة ويسر، وحيث العديد من قواعد التدريب.
تونس تشكل الخاصرة الرخوة حاليا في المنطقة بسبب تحولها الى دولة ممر لعناصر التنظيمات الجهادية المتشددة، وربما هذا ما يفسر الاشتباكات الاخيرة بين عناصر الامن التونسي وهذه العناصر قرب الحدود الجزائرية.
الامن والاستقرار هما رأسمال الدولة التونسية سواء ايام النظام السابق او النظام الحالي، فغيابهما يعني هروب الاستثمارات الاجنبية والعربية، وتفاقم الازمة الاقتصادية بالتالي.
ومن الصعب تصور حل سريع لحالة الفلتان الامني الحالية في تونس في ظل وجود دولة شبه فاشلة في ليبيا ومخزون هائل من الاسلحة بات في يد الجماعات الجهادية المتشددة استولت عليه بعد انهيار نظام العقيد معمر اللقذافي. فالسلاح في تونس يباع على الطرقات في المحافظات الجنوبية والغربية وباسعار بخسة لا تزيد عن عشرين دولارا للبندقية الآلية حسب تقارير الحكومة التونسية نفسها.
الحكومة التونسية ذات الصبغة الاسلامية تعيش حالة من الحرج غير مسبوقة، لان استخدامها القبضة الحديدية مع الجماعات الجهادية او السلفية التي تشكل حاضنة لها سيؤدي الى اعلان حالة حرب مع هذه الجماعات التي اكد الشيخ راشد الغنوشي اكثر من مرة ان الحوار هو السبيل الامثل للتعاطي مع هذه الظاهرة.
يصعب علينا رسم صورة وردية، او تقديم حلول او مخارج لهذه الازمة، لكن اي خطوات غير محسوبة ربما تؤدي الى تفاقمها في ظل اوضاع امنية غير مستقرة في تونس حاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول منير عزيز - تونس:

    ، لست أعرف من أين أتيت بهذه المعلومات، لأنّ تونس لا تعيش في الوقت الرّاهن حالة انفلات أمني ولايُباع فيها السّلاح. وعملية جبل “الشعانبي” الجارية حاليا تُعدّ في حجمها أقل بكثير من عمليات مجابهة العناصر الإرهابية سنوات 1995، 2002 و2007 وبعدها. كان من الأفضل أن تتحرّوا جيّدا فيما يُكتب أو يُقال من طرف بعض وسائل الإعلام التونسية البعيدة عن المهنية والموضوعية وتعمل ضدّ البلاد لمصلحة فئة معيّنة. فالّرجاء التثبّت والتحرّي والسّلام على من اتبع الهدى.

  2. يقول abdulrahman\france:

    ليس لن في تونس لا قاعدة ولا واقفة و شكرا

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية