الفنانون المغاربة يستعرضون أعمالهم في رمضان: كوميديا ودراما اجتماعية وغياب «الكاميرا الخفية»

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
0

المشاهدون منقسمون بين الترقب والانتقاد المسبق

الرباط ـ «القدس العربي»: ككل سنة، وعند اقتراب موعد رمضان تكشف القنوات التلفزيونية المغربية عن شبكة برامجها، من مسلسلات درامية وكوميدية، وبرامج ترفيهية وغيرها، وفي الجهة المقابلة يكشف بعض الجمهور المغربي عن حكمه المسبق بالرداءة وغيرها من الأوصاف الجاهزة.

بالنسبة لعدد من منتقدي القنوات التلفزيونية المحلية، فإن الوجبة المفضلة في رمضان هي الكوميديا، وفي ذلك أصناف وأنواع من «السيتكومات» التي باتت موضة كل رمضان، أما الدراما فدورها لما بعد الإفطار، ربما حتى لا تسدّ مشاهدها شهية الصائم، وفق تعبير مودن في منصات التواصل الاجتماعي.
ويبقى الغائب الأكبر من شبكة برامج رمضان لحد الآن، هو برنامج «الكاميرا الخفية» حيث لم تعلن أي قناة تلفزيونية عنه، وهو الذي نال ما ناله من هجوم عنيف طيلة المواسم الماضية وكان ظهره مفضلا للجلد من طرف عموم الرأي العام ومعهم النقاد.

وفرة وتنوع في العرض التلفزيوني

ورغم أن إحصائيات المشاهدة لما بعد الشهر الفضيل، تشير إلى ارتفاع كبير جدا في عدد من شاهدوا برامج معينة في قنوات تلفزيونية محددة وكانت محط انتقاد وهجوم كبيرين، فإن تلك النسب والإحصائيات يشكك فيها البعض، لكن الغالب الأعم أن فترة الإفطار هي فترة الذروة بالنسبة للفنانين، ويصبح التنافس شديدا عليها والحصول على حصة من برمجتها الضيقة أصلا بين صلاتي المغرب والعشاء.
الفنانون المغاربة من جهتهم، لم يتأخروا في موعد استعراض الأعمال التي سيشاركون فيها خلال شهر رمضان، وبخلاف المنتقدين، سيجد المشاهد المغربي نفسه في حيرة أمام الوفرة والتنوع، بين مسلسلات درامية اجتماعية، وأخرى كوميدية وبرامج فنية ووثائقية.
العائد الأكبر لشاشة التلفزيون في رمضان 2024 هو نجم الكوميديا المغربي حسن الفد، الذي سيطل على الجمهور المغربي خلال موعد الإفطار، بسلسلته الشهيرة «كبور» التي ستعرف هذا الموسم تغييرات نوعية على مستوى الأشخاص وحتى الأحداث.
وأعاد حسن الفد خلال نسخة «كبور» لهذا الموسم، شخصيات معروفة بصمت على حضورها في ذاكرة المشاهد المغربي، وأبرزها شخصية «الحبيب» التي يجسدها الفنان الكوميدي هيثم مفتاح، وشخصية «كالاطا» التي يشخصها زميله الكوميدي أسامة رمزي.
وتشارك حسن الفد في بطولة السلسلة، الممثلة مونية لمكميل التي تجسد شخصية «فتيحة» ويتوقع عدد من النقاد أن تكون نسخة هذا الموسم مميزة، بالنظر إلى طبيعة المواضيع التي سيتم التطرق إليها، بالإضافة إلى التأثير المتوقع عقب عودة كل من «الحبيب» و «كالاطا» على مجريات وأحداث هذه السلسلة الفكاهية.
ومن الأعمال التي تم الترويج لها بكثافة، هناك المسلسل التلفزيوني «الجنين» الذي تم تصوير أحداثه بمدينة الدار البيضاء وبعض المناطق المجاورة، بحضور نخبة من الممثلين المغاربة، أمثال: سعيدة باعدي، سعاد حسن، عبد اللطيف الخمولي، أيوب أبو النصر، فاطمة الزهراء قنبوع، ومن إخراج إدريس الروخ، وأنجز السيناريو الخاص به كل من عدنان موحجة، وأسامة أسس، والمهدي شهاب، ويحكي عن عالم سوق «الخردة» حيث يعالج مجموعة من المشاكل في هذا العالم الغامض.
مسلسل آخر نال نصيبا وافرا من الحديث عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعلق الأمر بـ «الشياطين لا تتوب» والذي سيتناول إحدى الظواهر الموجودة في المجتمع المغربي والمجتمعات العربية وهي الشعوذة، وتم تصويره في مدينة تارودانت، بعدسة المخرج حميد زيان، ومن بطولة ربيع القاطي، زينب عبيد، عبد الحق بلمجاهد، سحر الصديقي، رشيدة منار، ندى الهداوي.
من الشعوذة إلى تجارة المخدرات والتسول، هو ما سيتناوله مسلسل «جوج وجوه» بعد أن تم تغيير اسمه الأول «باصطوف» وهو من إخراج مراد الخودي، وبطولة ماجدولين الإدريسي وعبد الله ديدان ودنيا بوطازوت وطارق البخاري وسحر الصديقي.
ويبدو أن المواضيع ذات البعد الاجتماعي حاضرة بقوة، وهو ما يعززه سيناريو مسلسل «بنات الحديد» بدخوله عوالم سوق المتلاشيات الذي يعد حكرا على الرجال، ويحكي عن قصة صمود امرأة في وسط جديد عليها، وهو من إخراج علاء أكعبون وسيناريو فاتن اليوسفي وبطولة فاطمة الزهراء بناصر وعبد الإله عاجل وسلوى زرهان وجميلة الهوني وابتسام العروسي.
وتسجل الممثلة دنيا بوطازوت حضورها في موضوع اجتماعي أيضا، من خلال السلسلة الكوميدية «أولاد يزة» التي تحكي عن مغامرات «يزة» الأرملة القوية المستقلة، التي كرست حياتها منذ وفاة زوجها لتربية ابنها علي، وظلا يعيشان معا حياة هادئة في البادية، لكن هذا الوضع لن يستمر لفترة طويلة، إذ سرعان ما سيصل ابنها الثاني مراد وزوجته من فرنسا بنية الاستقرار معهما، لتشتعل المنافسة بين الأبناء، ما يخلق تجاذبات ومواقف هزلية، وسيعرف هذا المسلسل مشاركة كل من سكينة درابيل وفتاح الغرباوي وأحمد الشركي، وهو من توقيع المخرج إبراهيم الشكيري.
ولموسم رمضاني رابع، يواصل الكوميدي الشهير بـ «طاليس» حضوره في رمضان، من خلال سلسلة «صلاح وفاتي» التي ستعرض يوميا، وتشاركه البطولة فدوى الطالب، ويستعرض العمل الكوميدي الحياة اليومية المجنونة للثنائي الشاب صلاح وفاتي، والأفكار الغريبة للثنائي الذي تخلو حياته من الرتابة، مع وجود خلافات ومصالحات ومشاهد منزلية تسخر من متاعب الحياة.
أما مسلسل «آش هذا» التي تعني بالدارجة المغربية «ما هذا؟» فقد اختار بدوره الغوص في العديد من القضايا والقيم الأسرية التي بدأت تتغير مع تغير الزمان، حيث يعالج بعض العلاقات الإنسانية، كالأخوة والمصاهرة والصداقة، وتدور أحداثه حول أخت تعود من فرنسا من أجل الاستقرار بالمغرب، وتقرر بيع (الفيلا) المشتركة مع شقيقها التي يرفض بيع العقار حيث يقطن، لتتسارع الأحداث وتتداخل شخصيات المسلسل في قالب درامي كوميدي. المسلسل من إخراج صفاء بركة، وتشخيص كل من سعاد خويي، زهور السليماني، عبد الله فركوس، عبد الرحيم المنياري، عبد الصمد مفتاح الخير.
ومن بين الأعمال التي تخوض السباق الرمضاني أيضا، مسلسل «دار النسا» الذي يتكون من 30 حلقة، للمخرجة سامية أقريو، وسيناريو مشترك بين جواد الحلو ونورة الصقلي وأقريو، ويسلط الضوء على قصة اجتماعية مستوحاة من الواقع المغربي، وتشارك فيه مجموعة من الأسماء الفنية، مثل ابتسام العروسي ونورة الصقلي والسعدية لديب وفاطمة الزهراء قنبوع وسعد موفق وعمر أصيل.

«حموضة» وتكرار الوجوه

بالنسبة للمشاهد المغربي فإنه منقسم بين مترقب لما ستجود به إبداعات الفنانين، وفئة فضلت البداية بالجلد من الآن حتى قبل مشاهدة الأعمال، وتبرز كلمة متداولة بكثرة عند انتقاد أي عمل رمضاني أو غيره، وهي «الحموضة» التي لا تعني الحامض كفاكهة، بقدر ما تعني الوجبة التي تفسد بعد بقائها، وتفوح منها رائحة تدل على ذلك.
تصنيف «الحموضة» الذي أبدعه الرأي العام المغربي، يبقى سيفا على رقاب الفنانين والقنوات التي تعرض أعمالهم، وقد يجوز على بعض ما يبث، لكنه حتما يخطئ الهدف في مجموعة من الأعمال التي تحاول أن ترضي المشاهد، وبذلك يدخل هذا الانتقاد في باب اختلاف الأذواق.
أما المسألة التي تبقى محط انتقاد من أوساط المهنيين في فنون العرض ومعهم جمهور عريض، هي تكرار نفس الوجوه في عدد من المسلسلات، حتى قال مدون «مرة أخرى سيختلط علينا الأمر، هل الفنانة الفلانية هي نادية في هذا المسلسل أم فاطمة في المسلسل الآخر؟».
من جهتهم، يرفع الفنان الذي لم يشارك في الأعمال المبرمجة سيرا على عادة كل المواسم السابقة، (لا) غاضبة جدا من «الإقصاء والتهميش والتركيز على فئة محددة من الممثلين دون سواهم» كما تبرز قضية إشراك «غير الفنانين» من «مؤثرين ومغنين» وغيرهم في التمثيل في حين يبقى عدد كبير من المحترفين للمهنة في المغرب خارج دائرة الاهتمام. الناجي الوحيد ربما من حصة الجلد المعتادة، هو الفنان حسن الفد، الذي يحظى بإجماع المشاهدين المغاربة والنقاد أيضا، وعنه قال مدون على الفيسبوك: «سواء اتفقنا معه او اختلفنا، يبقى، في نظري المتواضع، من أحسن الكوميديين الذين أنجبهم المغرب» وبرر ذلك «بالقدرة الكبيرة على التقمص، اختيار ذكي للثيمات والممثلين، مقاربة ملتصقة بالواقع، بالإضافة الى السهل الممتنع في التناول والأداء».
ويظل النقاش بل الجدل متواصلا من الآن إلى ما بعد رمضان، حول ما تبثه القنوات التلفزيونية المغربية خلال هذا الشهر الفضيل، ويضاف إلى ما راكمته السنوات الماضية، حيث يتجدد الهجوم والهجوم المضاد، وتختلف الآراء بين من يعتبر هذه الأعمال ضياع للمال العام لرداءتها، وبين من يؤكد أنها استثمار جيد، ويستشهد بجودة الأعمال المعروضة وتحسن مستوى المحتوى المقدم، وبين من يركب الموضوعية ويسجل ملاحظاته بهذا الخصوص من أجل تطوير الأعمال الدرامية والكوميدية المحلية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية