الغزيون يتابعون بشغف أخبار التهدئة عبر المذياع ومواقع الإنترنت ويأملون بحلّ قريب يسبق شهر رمضان

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”: باهتمام كبير يتابع سكان قطاع غزة الأخبار التي تتحدث عن تطورات جدية في ملف التهدئة، بعد أن تعبوا من استمرار الحرب الدامية، التي تشنها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضدهم، والتي تقترب من الدخول في شهرها الخامس على التوالي، وخلّفت عشرات آلاف الشهداء والمصابين، علاوة عن الدمار الكبير في المباني والبنى التحتية.

المذياع والنت للمتابعة

ويعتمد السكان هناك في متابعة أخبار التهدئة إما على المذياع، أو على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، لعدم توفر تيار كهربائي يجعلهم يتابعون الأخبار على محطات التلفزة الفضائية.

ويحرص المتابعون، وهم من كلا الجنسين، ومن أجيال متعددة، على تحديد موعد استماع نشرات الأخبار، فمنهم من يسمعها مفصلة في نشرات إخبارية لفضائيات إخبارية عربية، تنقل عبر محطات إذاعة محلية، وآخرون يبحثون عن الأخبار في المحطات التي تبث أخبارها من الضفة الغربية، وهذه الأخبار المفصلة تبث في أوقات محددة، وغالبية متابعيها يحرصون على سماع نشرات المساء.

فيما يحرص متابعو أخبار التهدئة عبر منصات مواقع التواصل والمواقع الإخبارية، وهم كثر، على المتابعة على مدار الساعة، بسبب تجدّد الأخبار على مدار الساعة.

ويأمل هؤلاء الذين أثرت عليهم الحرب وتداعياتها كثيراً، إذ لم تسلم أسرة في القطاع من هذه الحرب المدمرة والدامية، بأن فقدت أحد أفرادها أو أقاربها، أو دمر منزلها، أو تضرر بشكل جزئي، بأن تنتهي الحرب بأسرع وقت، وتتوقف معها آلة القتل، فيما يأمل النازحون، خاصة الذين يقيمون في مناطق وسط وجنوب القطاع، بعد خروجهم قسراً من منازلهم في مدينة غزة وشمالها، بأن يعودوا قريباً إلى أماكن سكنهم، قبل حلول شهر رمضان، الذي يطرق الأبواب.

شادي كمال، وهو رجل في منتصف العقد الرابع، يقول إنه يحرص على متابعة نشرة أخبار عبر المذياع تكون مفصلة قبل خلوده مبكراً إلى النوم، ويشير إلى أنه لا يقدر على متابعة الأخبار على مدار الساعة، لكونه أصيب بتوتر عصبي، أدى في إحدى المرات لارتفاع ضغط الدم لديه، ما كان، وقتها، سيتسبّب له بجلطة، بسبب تكرار أخبار القصف وسقوط الشهداء، والتهديدات المتكررة ضد السكان.

ويوضح لـ “القدس العربي” أنه وسع في هذه الأوقات من وقت متابعة الأخبار، وبات يتفقد محطات الإذاعة صباحاً، على أمل حدوث تطورات جديدة في ملف التهدئة، ويضيف: “يوم مفاوضات باريس الأخيرة، ظلّيت (بقيت) صاحي حتى وقت متأخر على أمل سماع خبر جديد”.

ومنذ لقاءات القاهرة الأخيرة، وما تلاها من اجتماع في باريس، ترددت أنباء قوية عن “مؤشرات” على تقدم في المباحثات الجارية، بعد حدوث “تليين” في المواقف، خاصة أن أنباء أشارت إلى أن وفداً إسرائيلياً توجّه بعد لقاءات باريس، التي عقدت الجمعة الماضي، إلى العاصمة القطرية، لاستكمال المحادثات هناك، والتي تختص بالأمور الفنية لصفقة تهدئة تشمل إطلاق سراح الأسرى من كلا الطرفين.

آمال بالحل القريب

وفي هذا السياق يقول محمود عويضة: “سمعنا عن تقدم في مفاوضات التهدئة في كثير من المرات السابقة، ويقولون هذه المرة التقدم جدي، ونأمل أن يكون ذلك، الجميع هناك سئم من طول الحرب ومن آثارها المدمرة”.

ويضيف لـ “القدس العربي”: “احنا في غزة مش عايشين، الكل في الحرب ينتظر الموت والدمار، والغارات والقصف ما بتوقف، وبتحدث فجأة”. ويقول هذا الرجل إنه يشعر من متابعة الأخبار أن التهدئة ستكون قريبة، لكنه يأمل أن لا تكون مؤقتة، كسابقتها التي عقدت في نهايات نوفمبر الماضي، ودامت لأسبوع، وانتهت بأن قام جيش الاحتلال بتوسيع نطاق هجماته البرية ضد القطاع، حيث قام بعدها ببدء الهجوم البري على مدينة خان يونس، والذي لا يزال مستمراً.

وأشار كذلك إلى أنه تابع باهتمام كبير الأخبار التي ترددت عن استمرار الاتصالات بعد لقاء باريس الأخير، الذي جمع الوسطاء مع وفد أمني إسرائيلي، وعن لقاءات أخرى تجري في العاصمة القطرية الدوحة.

وعلاوة عن أمل الغزيين في توقف الحرب سريعاً، يأمل النازحون منهم في أن يتمكّنوا، بموجب التهدئة، في حال حلّت قريباً، بأن يعودوا إلى أماكن سكنهم، بعد أن أوجعتهم آلام النزوح في الخيام أو في مراكز الإيواء.

ويقول أبو صبحي (في نهاية العقد السادس)، وهو نزح مع أبنائه وزوجاتهم وأحفاده إلى مركز إيواء مكتظ في مدينة دير البلح، في الأسبوع الأول للحرب، تاركاً منزله في حي الشجاعية بمدينة غزة، إنه يأمل بأن يعود إلى هناك قريباً، ويشير إلى أن منزله دمر، كما عدد كبير من منازل الجيران، جراء غارات عنيفة استهدفت الحي.

اشتياق النازحين لسكنهم

وقال: “أريد أن أقيم لو في خيمة على أنقاض المنزل”، ويضيف: “هان (هنا) عايشين في فصل مدرسة كلنا مع بعض، وما بفرق كتير لو سكنّا في خيمة”.

ويكرر هذا الأمر النازحون الذين يقيمون في خيام في مناطق النزوح وسط وجنوب القطاع، وفقدوا منازلهم في غزة وشمالها، أو تضررت بحيث لم تعد تصلح للسكن، يقولون إن الوضع لن يتغير إن أقاموا في خيام على أنقاض منازلهم، فذلك سيكون أفضل، لكونهم سيعودون بعد غياب طويل إلى حيث كانوا يسكنون.

ويقدّر عدد نازحي الحرب بأكثر من 1.9 مليون نازح، ويقيم هؤلاء إما عند أقارب أو أصدقاء، أو في مراكز إيواء، أو في خيام بلاستيكية، مقامة في مخيمات عشوائية.

وحسب الإحصائيات الحالية، خلفت الحرب أكثر من 100 ألف فلسطيني ما بين شهيد وجريح، إلى تدمير 70,000 وحدة سكنية بشكل كلي، و290,000 وحدة سكنية دمرت جزئياً، وباتت غير صالحة للسكن، علاوة عن تدمير آلاف المقارّ الرسمية والمدارس والجامعات ودور العبادة.

وحسب إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي، فإن جيش الاحتلال ألقى 69,000 طن من المتفجرات على غزة، منذ بدء الحرب.

وفي هذا السياق، تقول نهى، وهي شابة في الثلاثينيات من عمرها، ولها أربعة أطفال: “زهقنا كل يوم قصف وصوت طيران أتعبنا كثير”، وهي تقصد الطيران الاستطلاعي الذي لا يغادر الأجواء، ويحدث صوت أزيز على مدار الساعة.

وعبّرت هذه السيدة النازحة عن أملها بأن تتوقف الحرب بشكل عاجل، وتشير إلى أنها تابعت مؤخراً باهتمام تطورات الاتصالات الجارية لإقرار التهدئة.

وتقول لـ “القدس العربي” إنها اضطرت للعيش في ظروف أكثر من قاسية، لم تكن تراودها في أصعب الكوابيس، وتشير إلى معاناة النزوح والاهتمام بأطفال صغار وقت الحرب والقصف، ومن صعوبة الأوضاع الاقتصادية، بعد أن تعطلت أعمال الرجال جراء هذه الحرب.

وهنا في قطاع غزة الموقف صعب جداً على الأرض، حيث تنتشر خيام النازحين في كل مكان، فيما تتكدّس أعداد كبيرة منهم في مراكز الإيواء، في مناطق وسط وجنوب القطاع، فيما تهدد دولة الاحتلال بشن هجوم بري كبير على مدينة رفح التي تؤوي أكثر من مليون نازح، علاوة على سكانها السابقين.

ويعاني هؤلاء النازحون مع بقية سكان القطاع، خاصة سكان مدينة غزة والشمال، من نقص حاد في المواد الغذائية، ومن ارتفاع أثمان ما توفّرَ منها، بسبب إجراءات الحصار التي تفرضها سلطات الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب.

وفي مناطق شمال القطاع، يعاني من تبقى من السكان، وعددهم حالياً نحو 700 ألف شخص، من عدم توفر غالبية الأطعمة الأساسية، وفي مقدمتها الدقيق، وبات غالبيتهم، بمن فيهم الأطفال، ينامون جوعى، ما أصاب الكثيرين منهم بأمراض سوء التغذية، وقد تحدثت أخبار محلية عن وفاة عددٍ منهم جراء نقص الطعام.

ويأمل هؤلاء جميعاً بأن تضع الحرب أوزارها قريباً، لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية الصعبة، التي لم تفلح نداءات المنظمات الأممية الإغاثية في إنهاء هذا الوضع الإنساني، وهو ما يدفعهم في هذا الوقت لمتابعة حثيثة لأخبار تطورات اتصالات التهدئة.

تقدم المحادثات

وعقد السكان الأمل بعد أن شاعت أنباء عن وجود تقدّم في المفاوضات الهادفة للتوصل إلى تهدئة في الأيام الأخيرة، حيث تعدّ المفاوضات الأخيرة الأكثر جدية من بين المساعي السابقة، والرامية لوقف الحرب.

وقبل أيام، نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصادر مصرية مطلعة قولها إنه تم استئناف مفاوضات التهدئة بقطاع غزة من خلال اجتماعات على مستوى المختصين بالدوحة، وتعقبها اجتماعات بالقاهرة.

وجاء ذلك بعد أن أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن بلاده، وكل من مصر وقطر وإسرائيل، توصلت إلى تفاهم بشأن “الملامح الأساسية” لاتفاق المحتجزين من أجل الإعلان عن وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.

وأشار إلى أن الاتفاق لا يزال قيد التفاوض، مشيراً إلى أنه يجب عقد محادثات غير مباشرة بين قطر ومصر مع حركة “حماس.”

وجاء ذلك فيما قال مسؤول إسرائيلي إن المناقشات بشأن إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في قطاع غزة “شهدت تقدماً كبيراً”، وأضاف: “هناك تقدم كبير وأساس متين للمحادثات في ما يخص الإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة، يمكن من خلاله بناء عناصر المفاوضات والتوصل إلى اتفاقات”.

ومن المقرر، بعد المباحثات التي يجريها الوفد الأمني المهني الإسرائيلي في الدوحة، أن يقوم بجولة أخرى في العاصمة المصرية القاهرة،  بحيث يجري خلال المباحثات التطرق إلى كافة القضايا المتعلقة بالصفقة، بما في ذلك قائمة أسماء الأسرى الإسرائيليين في غزة الذين سيتم الإفراج عنهم، وهوية الأسرى الفلسطينيين المتوقع إطلاق سراحهم، كما ستبحث المفاوضات عملية وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية بقطاع غزة، ووقف جمع المعلومات الاستخباراتية من قبل إسرائيل خلال فترة الهدنة، وعودة محدودة للمواطنين من جنوب قطاع غزة إلى شماله.

ولاحقاً، أعلن أن حركة “حماس” تلقّت المقترحات التي جرى التوصل إليها في لقاء باريس الأخير، والتي تشمل هدنة بشكل مبدئي لمدة 40 يوماً، مع الالتزام بالسماح بدخول 500 شاحنة مساعدات يومياً، وتوفير آلاف الخيام والكرافانات للنازحين، وكذلك إصلاح المخابز والمستشفيات بقطاع غزة.

كما يشمل المقترح إجراء تبادل أسرى بنسبة 10 إلى واحد، بحيث تطلق “حماس” سراح 40 من الأسرى الإسرائيليين، بينهم نساء وقصّر تحت 19 عاماً، وكبار سن فوق 50 عاماً، ومرضى، بينما ستطلق إسرائيل سراح نحو 400 أسير فلسطيني دون إعادة اعتقالهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية