أسرار شركة «كاتصا»

حجم الخط
0

أضيف إلى قائمة الاعضاء في أحد النوادي السرية في اسرائيل: قدماء المؤسسة الامنية، رجال اعمال مدنيون ومقربون سياسيون، الذين يعملون في مجلس الادارة لشركة «انبوب النفط عسقلان ـ ايلات» الذي يُعرف بـ «كاتصا». وجميع هؤلاء هم تعيين شخصي لوزراء المالية المتعاقبين، الذين تم اعطاؤهم السيطرة في هذه الشركة من خلال أمر حصانة يضفي طابعا من السرية على نشاطاتها.
وكما هي جهات عالمية اخرى تتكشف اعمالها لمصلحة اسرائيل فقط في أعقاب فضائح وتعقيدات، ايضا «كاتصا» حظيت بالانكشاف الجماهيري غير المشكوك فيه بعد تسرب النفط من انابيبها في الشهر الماضي والذي لوث المحمية الطبيعية «عبرونه» في منطقة العربة.
إن الإضرار الصعب بالطبيعة وبالمنظر الطبيعي أثار التساؤلات التي مفادها لماذا تحتفظ الدولة بشركة سرية تقوم بأعمالها بشكل سري ومعفية من واجب التقرير والرقابة المفروضة على الاجسام الجماهيرية الاخرى في اسرائيل. ومنذ حدوث التلوث في عبرونه كشف آفي بار ايلي عن أجزاء من فظائع «كاتصا» في سلسلة مقالات في مجلة «ذي ماركر»، وقد اعترضت جمعية «الانسان والطبيعة والقانون» في محكمة العدل العليا مطالبة بالغاء الحصانة، وتم تقديم دعاوى تمثيلية اخرى للتعويض عن التلوث الذي حدث.
«كاتصا» هي معمل بنى تحتية يحتفظ ويُفعل ميناءي نفط في عسقلان وايلات ـ ولديه شبكة من الانابيب والخزانات لنقل وتخزين النفط الخام، وغاز الطبخ ووقود الطائرات. وجميع النفط المستورد إلى اسرائيل والمخزن في خزانات حيفا وأسدود يمر بشبكة «كاتصا»، في طريقه إلى خزانات الوقود في السيارات وفي اسطوانات المطابخ لسكان اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وهناك شركة – أخت لـ «كاتصا»، وهي ترانس آسيتيك أويل، تعمل بشكل مواز من نفس المكاتب في تل ابيب، وهي مسؤولة كما يبدو عن صفقات النفط في الخارج وعن استئجار ناقلات النفط.
أُقيمت «كاتصا» في عام 1968، بالمشاركة بين حكومة اسرائيل وشركة النفط الوطني الإيرانية، وبواسطة شركات اجنبية ما زالت تحتفظ حتى اليوم بأسهمها. وكان هدفها الاساسي هو اقامة وتفعيل جسر بري لنقل النفط الإيراني من ايلات إلى البحر المتوسط من اجل تصديره إلى الزبائن في اوروبا. وقد حظيت هذه الشركة بامتياز تفعيل خط الانابيب هذا وموانيء النفط التي تمنحها اعفاءً مطلقا من الضرائب ومن اجراءات التخطيط والبناء. وينتهي سريان مفعول هذا الامتياز بعد سنتين.
وبعد الثورة الإسلامية في إيران قُطعت هذه العلاقة وطالب شركاء الماضي اسرائيل بالمثول إلى التحكيم لتعيد لهم نصيبهم في هذا العمل. ولكن التحكيم يُدار بشكل كسول في سويسرا.
وفي هذا الوقت بنت «كاتصا» امكانية نقل النفط بشكل معكوس أي من عسقلان إلى ايلات من اجل نقل النفط من اذربيجان وروسيا وجمهوريات اخرى من الاتحاد السوفييتي سابقا عبر تركيا إلى الزبائن في آسيا.
ومن خلال نشرات رسمية أو مراقبة من قبل السلطات قيل إن «كاتصا» هي شراكة بين الحكومة و»شركة اجنبية» أو «طرف ثالث.«
وقد امتنعت الحكومة عن نشر أي معطيات مالية أو تنظيمية عن «كاتصا». كما امتنعت «كاتصا» عن ارسال تقارير سنوية لمسجل الشركات، وفي ذلك ما يتعارض مع القانون الملزم لكل شركة أن تبلغ في كل سنة عن شخصية مجلس ادارتها بوثيقة مفتوحة لمعاينة الجمهور. ولكن السرية المبالغ بها تم الحفاظ عليها بشكل جزئي. وإن اعضاء مجلس ادارة «كاتصا» يعملون بشكل موازي في مجالس ادارية للشركات التابعة لها وفي شراكات مبادرة لانتاج الكهرباء في اسرائيل ولشركة اخرى تابعة لها في بنما، «ايلات كوربوريشن» التي تحتفظ بجزء من شركة «كاتصا». وجميع هذه الشركات ترسل تقارير دائمة لمسجلي الشركات في اسرائيل، وتسمح هذه التقارير بتشخيص اعضاء المجلس السري للشركة الاسرائيلية.
ويقف في رئاسة مجلس ادارة «كاتصا» منذ أكثر من سنتين الجنرال احتياط يوسي بيليد، الذي عمل وزير بلا وزارة عن حزب الليكود في الحكومات السابقة لبنيامين نتنياهو. وقد هجر بيليد السياسة قبل انتهاء ولايته ووقع وزير المالية السابق يوفال شتاينيتس على تعيينه كرئيس لـ «كاتصا» في تشرين الثاني 2012. وبعد وقت قصير من ذلك التحق ببيليد مستشار وشخص مقرب من شتاينيتس وهو ديفيد شران كسكرتير للشركة الذي عالج شؤونها في مكتب وزير المالية. وقد عاد شران هذا مؤخرا إلى القدس كمدير لمكتب نتنياهو.
وقبل بيليد عمل في هذا المنصب جنرالان متقاعدان آخران وهما عاموس يارون في السنوات 2008 – 2012 وأورن شاحور في 2003 – .2008
وإلى جانب بيليد يتم تمثيل السجل الامني حيث يوجد رجل الظلال أوري لوبراني ورئيس جهاز الموساد سابقا الجنرال احتياط تسفي زمير. وقد شغل كلاهما وظائف رئيسية في الحلف الضائع بين اسرائيل ونظام الشاه في إيران، وقد كان لوبراني سفيرا غير رسمي في طهران وأدار زمير العلاقات مع «السافاك»، الجهاز السري للشاه. وعمل لوبراني في الماضي كـ «مراقب خاص» من قبل وزير المالية على نشاطات «كاتصا» وقد أنهى وظيفته في 2002. ويُذكر زمير في الدعوى التمثيلية التي قدمها سكان ايلات ضد «كاتصا» في أعقاب تسرب النفط. إن هذين الشخصين القديمين، لوبراني وهو إبن 88 وزمير إبن 89، يواصلان مهامهما على رغم تبدل السلطات والوزراء.
وهناك شخصان قديمان في مجلس ادارة «كاتصا» هما رجل الاعمال ماتي غروسنغر من بني براك، وهو من أصحاب شركة «أور عاد» لاضاءة الشوارع وأتباع فيزنيت، ورجل الاعمال موشيه مور من تل ابيب.
في السنوات الاخيرة عُين إلى جانبهم بضعة اعضاء جدد. أحدهم هو عاموس لوريا، ضابط مدرعات كان مسؤولا عن كتيبة دبابات في الاحتياط. وبعد تسريحه من الجيش كان مدير عام نجمة داود الحمراء ومدير عام بلدية رحوفوت.
وفي وظيفته البلدية تورط في القضية التي مول بها رئيس البلدية، شوكي بورير، ديون حملته الانتخابية في صفقة دائرية مع موردي البلدية. ولوريا قُدم للمحاكمة هو وبورير وبضع شخصيات رفيعة اخرى. وانتهت محاكمته في 2009 بدون إدانة ومن خلال صفقة ادعاء، حيث قبل القاضي رسالة لوريا الذي عرض نفسه كـ «ملح الارض»، وقرر أنه اخطأ في خرق الائتمان، واقتنع أن دوره في القضية كان هامشيا.
وعضو آخر في مجلس الادارة هو ايتان فدان، وهو مقرب من شتاينيتس الذي كان مدير عام شركة الاسكان البلدي في حلميش في تل ابيب، ومدير عام شركة أملاك معهد وايزمن، ومدير في شركات حكومية. وإلى جانب هؤلاء يجلس حول الطاولة ايضا مدقق حسابات اسمه تساحي حبوشه الذي عمل في الحكومة السابقة كمدير من قبل الحكومة في شركة كيرن قيصاريا ومدقق الحسابات شاحر شهرباني ومدققة الحسابات في المالية ميخال عبادي فوينغو التي عملت كمديرة في شركة «ايلات كوربوريشن»، الشريكة في ملكية «كاتصا». وقبل بضع سنوات عمل هناك ايضا المحاسب العام السابق يارون زليخة.
وشركة «ايلات كوربوريشن» مسجلة في بنما في نهاية 1967 عند التوقيع على الاتفاق الاسرائيلي الإيراني لاقامة انبوب النفط من ايلات إلى عسقلان. وما زالت أسهمها مملوكة من قبل مواطنين بنميين أحدهما هو رودلفو تسياري والآخر دومنغو دياز المسجلين كمالكي أسهم لعشرات الشركات الاخرى. العنوان الرسمي لها هو مكتب المحاماة إيكازا غونزالس – رويس وألمان في بنما سيتي.
وقد كشفت حكومة اسرائيل ملكية «ايلات كوربوريشن» في تقارير المحاسب العام لاملاك الدولة، التي عُرضت فيها حيازة بقيمة 4.578 شيكل من أسهم الشركة. و»ايلات كوربوريشن» ترسل التقارير بشكل قانوني إلى مسجل الشركات في بنما عن تشكيلة مجلس الادارة الخاص بها، ولكن يبدو أن التقرير غير مُحدث: عاموس يارون مسجل هناك كرئيس الشركة البنمية، والمحامي عميحاي فرسكي سكرتير الشركة السابق في «كاتصا» الذي أنهى وظيفته قبل سنتين، مسجل كأمين صندوق وسكرتير الشركة البنمية. والشركة الأم لـ «كاتصا» هي شركة مسجلة في كندا باسم «إي.بي.سي هولدينغز». والشركة مسجلة في هليفكس، عاصمة نوفاسكوتيا في كانون الاول 1967، وهي تتمتع بامتياز حكومي من تشغيل انبوب النفط من إيلات إلى عسقلان. وفي قسيمة الامتياز ذكر أنها لهذا الغرض تقيم شركة «كاتصا» كشركة اسرائيلية ذات امتياز فرعي كما أن الحديث يدور عن فرع لشركة موضة أو غذاء سريع. الرئيس الاول للشركة كان خبير النفط المتوفى اسرائيل كوزلوف الذي وقع على قسيمة الامتياز في آذار 1968 إلى جانب وزير المالية آنذاك بنحاس سبير. وحسب كتاب الياهو سلبتر ويوفال اليتسور «مؤامرات النفط» عرض كوزلوف الاسرائيلي أصحاب الاسهم الإيرانيين الذين خشوا من الانكشاف.
و»إي.بي.سي» تجدد في كل سنة التسجيل وتدفع الرسوم لمسجل الشركات الكندي. والتسجيل الكندي لا يفصل من هم أصحاب الاسهم لكنه يذكر ثلاثة مدراء: الرئيس يهودا دروري وهو موظف كبير في وزارة المالية سابقا والذي عرض نفسه في اعلانات في العقد السابق كرئيس مجموعة شركات «كاتصا»، أو كمدير اعمال «كاتصا» «وترانس آسيتيك»، والمحامي زرسكي الذي كان سكرتير «كاتصا»، ويهودي كندي اسمه هوارد سكنوفيتش. وليس واضحا ما اذا كان التقرير بأسماء مجلس الادارة مُحدث، وما اذا كان دروري يمثل الشركاء الإيرانيين، كما عمل كوزلوف في السنوات الاولى للمبادرة المشتركة.
كما أن الشركة التابعة في بنما عنوانها الرسمي هو «إي. بي. سي» الكندية موجودة في مكتب محاماة كبير هو «ستيوارت مكالوي» في بناية مكاتب في هلفيكس. وحسب مسجل الشركات الكندي فان الجمعية العامة الاخيرة لـ «إي.بي.سي هولدينغز» قد عقدت في كانون الاول 1980 ـ بعد الثورة الإيرانية. ووقعت الشركة في ذلك الوقت على شهادة تحولها إلى شركة بدون أهداف ربحية، ولربما للامتناع عن تقاسم الارباح مع الشركاء الإيرانيين.
والشركة الثالثة التي تحتفظ بأسهم «كاتصا» هي «فيماركو» المسجلة في فادوز عاصمة لختشتاين منذ 1959، ولكن لا توجد أية معلومات علنية عنها وعن مجلس ادارتها. وحسب بحث المؤرخ البروفيسور اوري بيالر، فقد كانت هذه شركة تابعة والتي كانت إيران شريكة في ملكيتها وأقيمت كجزء من مشروع انبوب النفط الصغير من ايلات إلى حيفا ـ الذي نقل النفط الإيراني من الميناء الجنوبي إلى خزانات النفط وسبق الانبوب الكبير لـ «كاتصا». وعلى رغم الضبابية المحيطة بالمتدخلين فيها ما زال هناك من يدفع الرسوم السنوية عن الشركة الفادوزية، وبالنسبة لسلطات لختنشتاين ما زالت شركة فعالة اليوم.

هآرتس 6/1/2015

الوف بن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية