الليبيون لا يسألون المصريين عن ديانتهم قبل تشغيلهم وبنغازي اهتزت لهول مقتل المصريين الاقباط

حجم الخط
0

بنغازي ‘القدس العربي’ من: لن تبذل جهداً كبيراً كي تصل إلى أماكن وجود المصريين في مدينة بنغازي سواء أماكن تجمعهم طلباً للعمل أو أماكن سكناهم أو المقاهي التي يترددون عليها.
أعدادهم تقدر بالآلاف ولم يتأثر وجودهم بالأحداث التي شهدتها ليبيا في السنوات الأخيرةو إنما ربما تأثرت بالإجراءات الجديدة المتبعة وفي مقدمتها فرض التأشيرة.
معظم هؤلاء المصريين هم من العمالة في مجال البناء والمعمار والمهن ذات العلاقة بمجال التشييد وغالبيتهم من مدن الصعيد المصري بحسب احتياجات سوق العمل وجلهم أيضا ذوو تعليم متوسط أو أميون.
قمنا بجولة حول المقاهي التي تكتظ فترة المساء بأعداد كبيرة من العمالة المصرية بعد انقضاء يوم من عمل شاق.
*مقاهي بنغازي تشبه مقاهي ‘شبرا’ و ‘التوفيقية’ و’المنشية’
المقهى يقع في منطقة ‘القهاوي’ ببنغازي في هذه الأماكن تشعر أنك في مقهى في أحد مناطق ‘التوفيقية’ أو ‘شبرا’ أو
‘المنشية’ رائحة الشيشة تكاد تعم المكان ..منهم من يدخن ومنهم من يقوم بلعب الطاولة’.
الأوضاع عادية بين الموجودين لم يتأثروا بشكل واضح بأنباء حالات القتل التي استهدفت سبعة أشخاص في حادثة مروعة لم تشهد لها المدينة مثيلا ولتلحق بها بعد يومين حالة ثامنة في واحد من أهم شوارع المدينة وكلهم يعتنقون الديانة المسيحية. من خلال علاقات سابقة مع’ صنايعية مصريين ‘توصلت إلى مقابلة عدد من العمالة المصرية المسيحية.
النادل يتحرك بنشاط بين الزبائن يلبي الطلبات و يردد بصوت عال كل طلب على حده. آخر يسرع حاملاً الجمر لشيشة أحد الزبائن.
اقتربت من أحد الشبان الجالسين وسط مجموعة أعمارهم متقاربة قلت له هل سمعت بأخبار مقتل المصريين؟.. تجهم وجهه و قال نعم إنهم من محافظتي غلابة جاؤوا لكسب الرزق لا حول و لا قوة إلا بالله. نحن نشعر بالأمن في ليبيا لم تحدث أبدا عمليات قتل كهذه بسبب الدين. نعم هناك من حين لآخر مشاجرات، واعتداءات من بعض الشباب المتهور من أجل الحصول على موبايل أو مبلغ من المال. أبدا يا أستاذ أنا من التسعين أتردد على ليبيا و على بنغازي و أنا مسيحي لم أشعر أبدا بالخوف في ليبيا بسبب ديانتي..تربطني علاقة بكثير من الشباب وهم يعرفون أنني مسيحي، ولم أتعرض لأي أذى بسبب ديني. هكذا تدخل ‘سامي’ وهو من محافظة أسيوط يعمل نجاراً مسلحا. تركنا منطقة ‘القهاوي’ أو نادي الفروسية لننطلق إلى منطقة سيدي يونس المكتظة بالسكان والتي يقطنها مئات المصريين في بنايات كاملة وجدنا المقاهي تعج بروادها من العمالةالمصرية ولا يوجد ما يعكر صفو من تعودوا أن يترددوا عليها. في الصباح الباكر عدنا إلى تلك المنطقة و إلى ذلك المقهى، حيث يختلف الحال عنه في الليل من طلب للكيف والمزاج و تبادل الأحاديث والترويح عن النفس وعن جسد منهك إلى مدّ الأعناق و الأبصار في انتظار من يأتي بحثاً عن صنايعي أو عامل باليومية .
*القتلة لا يميزون بين مسلم ومسيحي
توقفت سيارة بجوار المقهى نزل منها رجل في منتصف العمر عرفته بنفسي وقلت له أجئت تبحث عن ‘صنايعي’ مصري ؟. . قال : نعم أبحث عن ‘بناي’ أي فني بناء. قلت له هل يهمك أن يكون مسلماً؟ نظر إلي الشخص باستغراب و تعجب ما علاقة هذا بذاك؟! ..لم أفكر أبدا في هذا الأمر لقد بنيت عمارة كاملة كان المقاول مصرياً وكل العمال والصنايعية مصريون لم أسألهم عن ديانتهم ولا أعتقد أن هناك ليبياً يفعل هذا. سألته هل سمعت بمقتل المصريين المسيحيين؟ نعم سمعت و بنغازي كلها اهتزت لهول هذه الجريمة هؤلاء قتلى مجرمون الدين بريء منهم حتى الليبيين المسلمين لم يسلموا من أذاهم. أنا أخي عقيد في الشرطة قتلوه وهو خارج من المسجد هــؤلاء لا يميزون بين مسلم وغير مسلم.
بعيداً عن المقهى بأمتار عند ‘جزيرة سيدي يونس’ يقتعد الأرض عشرات المصريين أحدهم يضع أمامه عصا وقد ربط بها مصباحاً ليشير أنه كهربائي و الآخر أمسك بفرشاة طلاء ورابع وضع أمامه لوحة كتب عليها بشكل رديء ‘سباك’ إلى جانب أعداد كبيرة من عمال غير متدربين وغير حرفيين. توقفت سيارة ركضوا باتجاهها يعرضون خدماتهم.
يفتح السائق النافذة فيحاول أن يدخل وجهه منها ما لا يقل عن عشرة أشخاص كل واحد يحاول أن يظفر ‘بالصفقة’وينتهي الأمر باختيار شخص أو اثنين.
سألت أحدهم ماذا تعمل؟ . . قال : أنا عامل باليومية ..رجل تجاوز الستين يبدو من ملامحه أنه صعيدي يحمل أدوات تكسير ضخمة قلت له : هل سمعت بمقتل المصريين ؟. . نعم.. من قتلهم ؟ ..لا نعرف قالوا القاعدة قلت له : هل أنت خائف أن يصيبك نفس المصير؟ .. نظر إلي ثم نظر إلى السماء وقال: الأعمار بيد الله يا أستاذ ..أنا لي عشر سنوات في بنغازي لم يتعد علي أحد.. أنا في حالي والليبيون طيبون. هناك قلة من الشباب يتعرض لنا بالمضايقة من حين لآخر لكنهم ليسوا كثرة ..أنا يا أستاذ أب لأربع بنات اثنتان ‘على وش جواز’ وتعلم المصاريف الكثيرة واثنتان تدرسان ضاقت سبل العيش في مصر الحمد لله هنا أستطيع أن أوفر وأرسل لهم الأموال التي أتحصل عليها من حين لآخر.
أين تسكن؟ أسكن في هذا الحي منطقة كلها ليبيون. .لا يبخلون علينا بشيء وفي المناسبات تتدفق علينا الوجبات.
*نعم انا خائف وعائلتي طلبت مني الرجوع
دلني أحدهم على زميل لهم مسيحي هو من نفس مدينتهم قنا صافحته شعرت بالفزع في عينيه هل أنت خائف بعد حوادث القتل؟ .. لا أخفي عليك نعم خائف وأمي كلمتني من مصر وزوجتي وأبنائي قالوا ارجع ارجع على طول وفي آخر مكالمة انهمروا بالبكاء ..لا أستطيع أن أرجع أمي مريضة بمرض عضال وعلاجها يكلف الكثير ولدي بيت أبنيه لم يكتمل ومصاريف كثيرة. كيف أرجع ؟! .. نسلم أمرنا لله .
لم تشهد مدينة بنغازي في تاريخها المعاصر مثل هذه الجريمة البشعة مدينة بنغازي بها كنيسة قبطية تتردد عليها الجاليات المسيحية ‘خاصة من الفلبين ولا يتعرض لهم أحد بأذى مطرانها من مالطا وبها قساوسة مصريون تفتح أبوابها كل أحد لاستقبال روادها من المسيحيين الذين يدخلون في أمن وسلام لأداء طقوسهم الكنسية تقع في حي عتيق من أحياء بنغازي .
بنغازي مدينة لها خلق المدن التاريخية، وصفات المدن الحضارية، لها القدرة ذاتها على استيعاب الآخر والاحتفاء به وبنتاجه الحضاري عبر التاريخ لم تشوه مرحلة تاريخية واحدة مرت من هنا الآثار تشهد بذلك ‘يوسبيريدس’.. ‘خريبيش وكنوزه تشهد بذلك. . مقابر المسيحيين في قلب المدينة، التي لم يمسسها سوء منذ أكثر من نصف قرن تشهد بذلك الجاليات المسيحية التي تقطن بنغازي منذ عشرات السنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية