حساسية أوروبية غير مقبولة

حجم الخط
0

برزت بين كل المشكلات في العالم في خطبة رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتس في الكنيست دعوى أن الاسرائيلي العادي يستهلك 70 لتر ماء في حين حُدد للفلسطيني 17 لتر ماء في اليوم فقط. وهو لم يقرأ هذا المعطى المذهل الذي زعزعه وأخاف شعوره بالعدل، لم يقرأه في مجلة جليلة أو في بحث اكاديمي بل سمعه من شاب فلسطيني مجهول في رام الله. اجل إن العدل والحس الاخلاقي والدقة تقلق جدا ضمير وحياة نماذج غربية، وذلك خاصة بسبب الميل الوسواسي الى الكمال الذي يميز جزءًامن شعوب القارة الاوروبية ولا سيما الالمان. فهم يطلبون مرة بعد اخرى في دعاواهم الموجهة على اسرائيل، يطلبون التكافؤ في علاقتها بالفلسطينيين ولا سيما حينما يكون الحديث عن خطواتها الدفاعية. وقد قوي هذا المطلب بصورة مميزة في السنوات الاخيرة على إثر عمليات الجيش الاسرائيلي في يهودا والسامرة وغزة.
فقد عرض الساسة الاوروبيون بغضب أكثر من مرة على إثر هذه العمليات، عرضوا عدد المصابين الكبير من الارهابيين الفلسطينيين في المناطق بازاء عدد المصابين القليل نسبيا من اسرائيل. وكان في هذه الدعوى ‘الضميرية’ فرض كامن يقوم على التجربة التاريخية وعلى الهوى الكامن في النفس وهو أنه اذا لم يزد عدد الضحايا اليهود على عدد الضحايا الفلسطينيين فمن المناسب أن يكون عدد القتلى من الطرفين متساويا على الأقل.
ولا يهم من وجهة نظر زعماء الاتحاد الاوروبي أن يطلق الفلسطينيون قذائفهم عمدا على السكان الاسرائيليين وأن تمتنع اسرائيل بقدر استطاعتها عن المس بمواطنين فلسطينيين. ولا تغير حقيقة أن الفلسطينيين الذين أصيبوا بالخطأ كانوا درعا بشرية، لا تغير من الامر شيئا.
يُعرف شولتس في المانيا بأنه مناصر لاسرائيل ووجد من دافعوا عنه زاعمين أنه ‘لم يفحص ببساطة’. اجل إن شولتس غير عالم بسحب الفلسطينيين الزائد للماء بصورة قرصنة في المناطق والذي يقلل المياه الجوفية. وهو غير مطلع على مياه الصرف الصحي الفلسطينية التي تلوث الآبار الجوفية المشتركة.
ومن المنطق أن يكون السيد شولتس عالما بالمشاريع الاسرائيلية الخلاقة ذات الكلفة العالية لتحلية مياه البحر، التي تُمكن اسرائيل من تغطية العجز المائي وامداد مواطنيها بالماء في حين ينفق العرب اموالهم على القتل والارهاب. ويبدو أن شولتس باعتباره رجل ضمير وتناسب قد ضايقه أن الاسرائيليين أكثر استحماما، وهذا مؤسف.
هذا مثير للاهتمام لكن طلب الاوروبيين ‘التناسب’ قد ثار في مقابلة صحفية اجراها التلفزيون البريطاني مع رئيس الوزراء نتنياهو في آب 2006. فقد سأل مجري اللقاء آنذاك كيف يفسر بيبي حقيقة أنه قتل من المواطنين اللبنانيين أكثر مما قتل من المواطنين الاسرائيليين، فأُجاب بقوله: أنت لا تريد حقا السير في هذا الاتجاه’.
وسأل مجري اللقاء الذي وقع في الشرك: ‘لماذا لا؟’ فأجاب نتنياهو: ‘لأنه قتل في الحرب العالمية من المواطنين الالمان أكثر مما قتل من الانجليز والامريكان معا، ولا جدل في أن ذلك نبع من عدوان المانيا. هذا الى أن بريطانيا قصفت في رد على الاعمال الالمانية ومحت المدينة الالمانية المدنية برزدن تماما’.
وأضاف نتنياهو قائلا: ‘أريد أن أُذكرك أنه في 1944 حينما أراد البريطانيون أن يقصفوا مقر الغستابو في كوبنهاغن، اخطأ الطيارون الهدف وأحرقوا مستشفى للاولاد مع 83 ولدا دانماركيا في داخله’… فسكت مجري اللقاء البريطاني.
يا شولتس المحترم إن التناسب في توزيع الماء ثابت في اتفاقات. ومع ذلك تقوم مباديء الحرب والنصر والردع التي نجحت في اوروبا على الحسم وعلى عدم التناسب في الضرر والمصابين، فاذا لم يختر الفلسطينيون السلام فهذا ما سيحصلون عليه.

إسرائيل اليوم 16/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية