لماذا لا ينسحب إخوان سورية من الائتلاف… كما فعل البيانوني؟

■ يعرف الجميع في صفوف الإخوان وفي الدوائر المحيطة بهم من محبيهم أني لم أكن حسن الظن بتشكيلة المجلس الوطني السوري منذ انطلاقته بنسخته الأولى في 15 أيلول/سبتمبر عام 2011 (كتبت عدة مقالات في ذلك وبعضها نشر في «القدس العربي») وضمت 75 شخصا ممن يسعى أغلبهم لاستثمار الثورة السورية. وفي النسخة الثانية التي ضمت حوالي 150 سوريا، ولا يعرف إلا الله سبحانه وتعالى كيف تم انتقاء هؤلاء المئة والخمسين، وعلى أية آلية تم اختيارهم وأي مرجعية وافقت على ذلك؟
أقصى ما عرفته أنه ضم مجموعة قليلة من الإخوان السوريين لتزيين المجلس الوطني، لما يتمتع به الإخوان من سمعة طيبة، وللاستفادة من التمويل عند الإخوان من اشتراكات يدفعها أعضاء الإخوان من مالهم الخاص ومن زكوات تأتي إليهم. أستعجل لأقول إن الإخوان الذين انضموا إلى المجلس الوطني انحصروا في فئة تدين بالولاء لأحد النافذين في الإخوان. وقد استبعدت من المجلس شخصيات مرموقة في الإخوان السوريين مثل الأستاذ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق للإخوان السوريين والشيخ منير الغضبان المراقب العام الأسبق يرحمه الله تعالى، والأستاذ الأديب زهير سالم رئيس مركز الشرق، وآخرين يضيق عنهم الوصف لعل أشهرهم الأستاذ عصام العطار المراقب العام الأسبق في ستينيات القرن العشرين. كما استبعد المراقب العام الحالي رياض شقفة، بحجة أن المجلس الوطني يشغله رجال الصف الثاني من الإخوان.
مع ذلك سرت إشاعات بأن الإخوان يسيطرون على المجلس الوطني، أشاعها بعض من يدين بالولاء لواشنطن، توطئة لتجميد فعاليات المجلس (كان بالأصل من دون فعالية) وذلك لتشكيل هيئة أخرى تسير بالثورة كما تريد واشنطن. في أواخر عام 2012 سعت شخصيات وطنية معروفة للخروج بالمعارضة من عنق الزجاجة التي حصر المجلس الوطني نفسه داخلها، من هذه الشخصيات الأستاذ علي صدر الدين البيانوني ورياض سيف، وانضم إليهما رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشق. دخلت واشنطن على الخط فاستطاعت تغيير مجرى المبادرة، وتم تشكيل ما سمي «الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة». زيادة في التعمية تم طرح اسم خطيب الجامع الأموي أحمد معاذ الخطيب رئيسا للائتلاف، وانتخب بالإجماع رئيسا للائتلاف، لكنه ما لبث أن اصطدم برغبات واشنطن، التي وضعت جبهات مقاتلة سورية على قائمة الإرهاب، وأوحت بطلبات الأستاذ معاذ الخطيب، ما اضطره لتقديم استقالته، وشجب وضع هذه الجبهات على قائمة الإرهاب.
وفي ظل بقاء نغمة سيطرة الإخوان على الائتلاف، مع أنه لم يكن لهم إلا حوالي خمسة أعضاء، فقد اجتمع الائتلاف في اسطنبول بحجة انتخاب رئيس للائتلاف بدل الشاغر، لأن الخطيب كان قد استقال من عدة أشهر. لكن الحقيقة كانت هي استكمال عضوية الائتلاف، حيث تمت إضافة 25 عضوا، كلهم من قائمة المنبر الديمقراطي التي تدين بالولاء للكاتب السوري ميشيل كيلو، وكان العنوان الأبرز لكل هؤلاء هو تشكيل لوبي يدفع بالائتلاف لحضور جنيف 2، مهما كانت المعطيات. وتم انتخاب أحمد عاصي الجربا رئيسا للائتلاف بزيادة صوتين من عضوين من الإخوان السوريين صوتا لصالحه، رغم أن قيادة الإخوان السوريين كانت اتخذت قرارا بأن لا يصوت له، لأنه يريد هو وكتلته الذهاب إلى جنيف2 على أي حال كانت.
وعندما انتخب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وجه له أحمد الجربا برقية تهنئة، رغم أن السوريين اللاجئين في مصر ذاقوا الأمرين بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ما اضطر بعضهم إلى ركوب قوارب غير آمنة، فغرق كثير منهم أمام جزيرة صقلية، وغرق آخرون أمام قبرص، فقدم الأستاذ علي البيانوني استقالة معللة من الائتلاف احتجاجا على تلك البرقية. اليوم نرى أن هناك من يرشح لرئاسة الائتلاف أناسا أقل ما يقال فيهم أنهم لا يعرف لهم سابقة في المعارضة السورية، وأن مسيرة الائتلاف صارت خبط عشواء، حتى صرنا نترحم على أيام المجلس الوطني. أما المقاتلون على الأرض فلا يكاد الائتلاف يعرف عنهم شيئا. وعندما تأتي معونات مخصصة للمقاتلين وللاستغاثة فلا يصل منها شيء.
أنا اليوم أتوجه إلى الأستاذ فاروق طيفور نائب رئيس الائتلاف ونائب المراقب العام للإخوان لأسأله: ماذا قدم الائتلاف ومن قبله المجلس الوطني للثورة السورية؟ جيش النظام وشبيحته وميليشيا تأتمر بأمر طهران يعملون على الاستيلاء على أحياء في حلب بيد الثوار. وتنظيم داعش يقضم في المنطقة الشرقية كل يوم قرى جديدة، فماذا ينتظر الإخوان المسلمون في سورية؟ هل ينتظرون حتى لا يبقى من الثورة السورية إلا الائتلاف وحده؟

٭ كاتب سوري

الطاهر ابراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Free Soul:

    If it is not clear to the writer till now that this so called revolution aims at destroying Syria and taking it from one position to another, to become a servant for the interests of regional and western powers, then he should write poetry :-)

إشترك في قائمتنا البريدية