هل يحضر الائتلاف مؤتمر جنيف رغم معارضة الشعب السوري؟

في ندوة على الـ bbc يوم الثلاثاء 31 كانون الأول/ديسمبر 2013 نقل أحد المشاركين في الندوة قول جون كيري وزير خارجية واشنطن لرئيس الائتلاف أحمد الجربا: ‘مؤتمر جنيف سينعقد من دون شروط مسبقة يشترطها أي من الأطراف’. أحمد الجربا لم يعلق على كلام الوزير الأمريكي، لأنه ليس له من الأمر شيء، فلا يملك القوة التي يفرض بها رأيه. ولو كان الجربا حاضر البديهة لبادر الوزير الأمريكي بالقول: إن وراءنا الجيش الحر بكل فصائله بما في ذلك الجبهة الإسلامية، ولن نقطع أمرا من دون الرجوع إليهم. لكن الجربا كان وضع في حسابه ألا يشاركه في شرف حضور مؤتمر جنيف من فصائل الجيش الحر إلا رئيس الأركان سليم إدريس ومن يدور في فلكه، وهم أقلية لا يتجاوزون 5′ من حجم الفصائل المقاتلة على الساحة السورية.
استطرادا، فإن تشكيل الجبهة العسكرية الإسلامية من فصائل مقاتلة سورية قوية كان مفاجأة لواشنطن وللائتلاف السوري على حد سواء. هذا التشكيل خلط الأوراق على الطاولة، حتى إن روبرت فورد سفير واشنطن السابق في دمشق، أكد أنه طلب اللقاء بمندوبين من الجبهة الإسلامية، وجاءه الجواب من الجبهة بالرفض القاطع.
ما هو معروف لمراقبين من الفصائل التي تشكلت منها الجبهة شعرت بأن واشنطن ماضية في حشدها التأييد لانعقاد جنيف2، متكئة في مسعاها على تأييد الائتلاف لها، حيث كانت واشنطن الفاعل الرئيس في إنشائه. من قبل، كان الائتلاف يعتبر الجيش الحر بقيادة اللواء سليم إدريس مؤسسة تابعة للائتلاف، وأن إدريس سيكون عضوا من الائتلاف يحضر مؤتمر جنيف تحت عباءة الجربا، فكلاهما مدعوم من جهة واحدة هي واشنطن.
في البداية ربما كانت فصائل الجيش الحر، منها فصائل الجبهة الإسلامية قبل أن تتوحد، تأمل أن يؤمّن لها الائتلاف المال والسلاح الضروري لقتال كتائب بشار الأسد. لكن الائتلاف بالكاد استطاع تأمين تكلفة إقامته في فنادق اسطنبول ونفقات السفر ورواتب أعضائه، بحيث أصبح الائتلاف عبئا على الثوار، بدلا من أن يكون داعما لهم.
الخطيئة الكبرى التي وقع فيها الائتلاف السوري منذ تم تشكيله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، أنه اعتبر اهتمام أصدقاء سورية به جواز مرور له ليبسط نفوذه على مؤسسات الثورة، ومنها الكتائب المقاتلة في الجيش الحر. وبدلا من أن يشمر الائتلاف عن ساعديه لتغطية حاجات الفصائل المقاتلة التي كانت تفتقر لكل شيء خاصة المال والسلاح، فقد انشغل أعضاؤه بالتسابق على المناصب في مؤسسات الائتلاف الورقية وترك العمل على تأمين ما يحتاجه المقاتلون. بداية لم يكن في وارد الكتائب المقاتلة ومنها فصائل الجبهة الإسلامية أن تظهر العداوة للائتلاف السوري منذ تشكيله أواخر نوفمبر 2012.
مع مرور الوقت تبين لكتائب الجبهة أكثر فأكثر، أن الائتلاف ماض بالتحضير لمؤتمر جنيف2 حسب رغبة واشنطن، خصوصا بعد اختيار أحمد الجربا رئيسا للائتلاف. الجربا أراد أن يرد الجميل لواشنطن التي دعمت انتخابه على رأس الائتلاف، ولو ‘باللكمات’ التي كان قد وجهها إلى وجه فهد المقداد الناطق باسم الجيش الحر، لأنه اعترض على الجربا.
الشعب السوري أدرك أن الائتلاف ليس في وارده أن يكون مؤسسة فعالة، وربما لا يستطيع، لأنه ليس له من الأمر شيء. كما تبين أن واشنطن لم تكن معنية في دعم قوى الثورة السورية. كتائب الجبهة الإسلامية من جهتها، أدركت هذا منذ أكثر من سنة، لكنها أرادت ‘الذهاب مع الكذاب إلى ما وراء الباب’. أما الرئيس أوباما فقد قطع الشك باليقين، عندما ألغى الضربة العسكرية التي كانت ستوجه ضد بشار الأسد حين اخترق الخطوط الحمراء باستعماله السلاح الكيماوي ضد أطفال غوطة دمشق وأماكن أخرى.
لا بد من التنويه بأن إعلان قيام الجبهة الإسلامية لم يكن انقلابا على سليم إدريس رئيس أركان الجيش الحر، فلم تكن العلاقة بين الطرفين سيئة، ثم لم تكن هناك منافسة بينهما، لأن الوحدات التابعة إلى إدريس كانت قوتها متواضعة، بل يؤكد العارفون أنه كان هناك تنسيق بينهما، وإن كان ضئيلا، بسبب ضعف الوحدات التي تتبع إدريس مباشرة، وإن وحدات الجبهة سارعت إلى ردع الفصيل الذي هاجم مكاتب سليم إدريس على الحدود التركية. اعتمادا على موافقة دول أصدقاء سورية على أن الائتلاف ممثل للشعب السوري، وهي دول غريبة عن الشعب السوري، بل كثيرا ما خانت قضيته كما تفعل واشنطن، فقد اعتبر الائتلاف نفسه الممثل الشرعي للثورة، من دون أن ينتخبه السوريون أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة. يبقى أن نقول، إن تصريحات قادة الجبهة الإسلامية كانت صريحة بأنها ترفض جنيف2 ومن قبله جنيف1، لكي لا يغتر الائتلاف ويذهب إلى جنيف و’يبصم’ على ما اتفقت عليه واشنطن وموسكو، ويكون فيه ضياع حقوق الشعب السوري، لذا فقد سارعت فصائل الجبهة للتوحد وأعلنت ذلك حتى يكون الائتلاف على بينة من أمره، وأنه ليس له من الأمر شيء، وقد أعذر من أنذر.

‘ كاتب سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نبيل العلي:

    والله يا أخي أن الشعب السوري لا يشتري أي من هؤلاء العملاء بفرنك مثقوب والله على ما أقول شهيد….

إشترك في قائمتنا البريدية