لماذا تتواصل الاعتقالات والانتهاكات للأعراض والحقوق؟

حجم الخط
2

ما أسباب تفاقم حالات الانتهاكات للأعراض والحقوق والاعتقالات التعسفية والتعذيب للمواطنين، بما يخالف القوانين الإلهية والوضعية، ومنها القوانين الدولية، ولماذا الصمت الشعبي والدولي اتجاهها.. وهل ستكون لها آثار سلبية وتداعيات وخيمة على المنطقة؟
شعوب الخليج شعب واحد والعوائل متداخلة في ما بينها، قبل عقود من الزمن، أي قبل تأسيس الدويلات الحديثة، كانت المنطقة على ساحل الخليج تحت سيادة واحدة، وكانت الشعوب الخليجية تتصف بالطيبة والكرم والتسامح وحب السلام، والبعد عن العنف والتدخل في شؤون الآخرين. نريد التأكيد على تأييدنا لبناء دولة القانون والمؤسسات- المنبثقة من دستور يمثل الشعب واحترام القانون من قبل الجميع، ورفض الظلم والفساد واستغلال السلطة، ورفض دولة القبيلة والمزاجية، ورفض الاعتداء على حقوق الإنسان، والعنف من أي جهة كانت. ولطالما افتخرت شعوب دول الخليج وتغنت بترديد «بلادنا واحدة – خليجنا واحد» تعبيرا عن الوحدة وعشقها لها، ولكن الظاهر انها وحدة للأنظمة واتفاق في ما بينها لتحقيق مصالحها ليستمر حكمها، حيث انها فشلت لغاية الآن في تحقيق طموح وتطلعات الشعوب. ولطالما تفاخرت أنظمة وشعوب الخليج باحترام العادات والتقاليد في المنطقة، والاهتمام بالأسرة والمرأة والدفاع عن العفة والشرف.. شعوب المنطقة مازالت مهمشة ومحرومة من حقوقها ومن حق المشاركة في اتخاذ القرار أو تقرير المصير، وإن طالب مواطن بحقوقه المسلوبة يتم اعتقاله وتعذيبه وتخوينه وسحب جنسيته، وجلب وتجنيس أفراد وتوظيفهم في الجهات الأمنية للتنكيل بالمواطنين الأصليين، ولكن للاسف أصبح بعض الخليجيين شركاء في الظلم والفساد عبر سكوتهم وصمتهم عما يقع في بعض دول الخليج من سلب للحقوق واعتقالات تعسفية واعتداءات وانتهاكات للشعب الخليجي، حيث أن الاعتداءات التي تقع على البعض ظلما وعدوانا، هي في الوقت نفسه اعتداء على كل الشعب الخليجي، من باب ان الخليجيين شعب واحد ومصيرهم واحد، كما يحدث حاليا من انتهاك للأعراض في بعض دول الخليج عبر اختطاف واعتقال عدد من النساء والتنكيل بهن وتعذيبهن وسجنهن مع أطفالهن بسبب التعبير عن الرأي ورفض الظلم، من قبل القوات الأمنية، ومنع نصف الشعب السعودي المرأة من نيل حقوقها، ووجود عدد من النساء والعوائل يعشن حالة صعبة بسبب سلب الحقوق بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية للآباء أو الأزواج والأبناء والمعيل.
لقد سعت بعض الأنظمة عبر سياستها إلى تدمير هوية الشعب وتجريد أفراده مما يفتخرون ويعتزون به وهو الكرامة والدفاع عن الشرف، وأصيب البعض من الشعب بداء الصمت القاتل الذي أدى إلى موت الضمير الوطني والديني، بل الإنساني وأصبح بلا مشاعر إنسانية ولا غيرة.
الاعتداء على حقوق الرجال والنساء، أطفالا وكبارا وشيوخا، عمل إجرامي يتنافي مع أبسط الحقوق الإنسانية والوطنية، والتعاليم الدينية والقيم الإخلاقية، ومع عادات وثقافة أهل الخليج، ويتنافى مع طبيعة دور السلطة الحاكمة، التي من المفترض أن تعمل وتسهر على راحة المواطنين والدفاع عنهم وليس العكس، بل هو دليل على غياب روح المسؤولية والوطنية، ويكشف عن حقيقة بعض الأنظمة الحاكمة التي تدعي انها محافظة وتهتم بالعادات والتقاليد، واحترام مكانة المرأة، وهي على العكس تماما، فهي مستعدة لارتكاب أفظع الجرائم الإنسانية ومنها الاعتقال والتعذيب والاعتداء وهتك الأعراض – للرجال والنساء- من المواطنين وغيرهم، إذا تحركوا للمطالبة بالعدالة والحقوق والإصلاح للوطن، بما فيه خدمة للمواطنين، فهي سلطة تريد السيطرة على البلاد واستعباد العباد وتدمير شخصية وكرامة المجتمع لأجل اسكاته وإخضاعه للأبد.
وهذا هو الهدف الحقيقي من الاعتقالات التعسفية وانتهاك الاعراض والحقوق، لتدمير ما تبقى للشعب من روح وكرامة، والاستسلام التام والخضوع الكامل للانظمة الحاكمة وعدم التفكير بالاصلاح والتغيير.
منذ اندلاع شرارة الثورات العربية ورغبة شعوب المنطقة لتشييد دولة القانون والمؤسسات للعيش بكرامة وحرية في أوطانهم، حسب دستور يمثل الإرادة الشعبية عبر صناديق الانتخاب، ومسلسل الاعتقالات التعسفية للناشطين والحقوقيين والمطالبين بالإصلاح متواصل، بل وصل إلى إصدار أحكام قاسية جدا بالسنوات الطويلة والمؤبد والإعدام بسبب التعبير عن الرأي.
البعض يتساءل لماذا لا يغضب الشعب.. لماذ الإصرار على التزام الصمت حول ما يجري من انتهاكات للأعراض واعتقالات تعسفية واعتداء على حقوق الإنسان، وتلاعب بالقضاء وسلب لحقوق المواطنين وللثروة الوطنية؟ أليس النساء اللاتي تعرضن للانتهاكات مواطنات بالأصل، أليس المعتقلون من الناشطين والحقوقيين والمطالبين بالإصلاح وهم بعشرات الالاف من أبناء الوطن والأرض تشهد لهم بان أصولهم قبل تأسيس الأنظمة الحاكمة الحديثة، ألا يستحق هؤلاء التضامن والمساندة والدعم من قبل بقية الشعب والأحرار في العالم؟
هل ينتظر المواطن أن تكون الضحية القادمة أمه أو اخته أو ابنته أو زوجته للتحرك، أو ينتظر اعتقال والده أو ابنه.. ليدافع عن المعتقلين الأبرياء؟
الشهامة والنخوة والدفاع عن الشرف والعفة هي أهم ما يملكه المجتمع والأمة، كما قال شاعر الحكمة المتنبي:
يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُصَابَ جُسُومُنَا ٭٭٭٭ وَتَسْلَمَ أَعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ تحية تقدير وإكبار لكل حر شريف من مواطني الخليج والدول العربية والعالم، ولكل الهيئات والجمعيات والمؤسسات الحقوقية التي دافعت عن المعتقلين والمعتقلات وطالبت بالافراج عنهم، ودعمت حق الشعب بالإصلاح وتقرير مصيره، ورفضت ونددت بما تقوم به بعض الأنظمة من ظلم واعتداء وسلب للحقوق، ونأمل ان تحصل الشعوب على حقوقها.
حمى الله أوطننا ومنطقتنا العربية والإسلامية والعالم من كل سوء وشر.

٭ كاتب سعودي

علي آل غراش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ونحن الأحرار أيضا معك يا أستاذ علي
    فنحن ضد الظلم أين ما كان وبدون تمييز
    لكنه لفت نظري ذكرك الخليج بتكرار بدون العربي

    الخليج عربي بضفتيه حتى من قبل الاسلام والتأريخ شاهد على ذلك

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ابو سالم:

    شكرًا يا سيد علي على مقالك الراءع،والذي يدل على الوعي والضمير الحي،تتقطع أحشائي قهرا عندما اسمع ما يحدث في عالمنا العربي،انزعج ابكي انقهر ،لأَنِّي انظر الى المجتمعات الاخرى وأغار غيرة سليمة من الحرية والحقوق والديمقراطية اللتي يتمتع فيها الغرب،ومع ذالك أقول ان الله احبني على إعطاءي الفرصة للعيش في دول الغرب اكثر من أربعين عاما،كان الله في عون الشعوب العربية تحت وطءة الظلام الدامس من هذه الأنظمة،اللهم حرر شعوب العرب منها،

إشترك في قائمتنا البريدية