لست من أوصل الفكرة إنما وجوه وأرواح بشر حقيقيين من فعل ذلك

حجم الخط
0

الخليل – «القدس العربي»: بشرى شنان من مدينة دورا في محافظة الخليل المحتلة جنوب الضفة الغربية، ابنة الخمسة وعشرين ربيعاً، تأثرت بالعدوان العســـكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وقادتها أرواح الأطــــفال الأبــــرياء، والدماء المسفوكة، للإبداع ولو بقليل مما تعرف وما درست، لإيصال رسالة كل فلسطيني إلى العالم الخارجي، بأن ما يحدث في غزة عار على البشرية، بينما هي تحول صور الشهداء إلى لوحات فنية تقول «وفي موتنا حياة».
درست التصميم، في جامعة بوليتيكنيك الخليل، وتعمل في مجال الدعاية والإعلان، شرحت لـ «القدس العربي» كيف ورثت الفن من عائلتها، فجميع أفراد العائلة من عمومتها وأخوالها يمارسون هواية الرسم بالفطرة، ومع تأثرها بما يحدث في غزة، بدأت بتطوير الصور الحقيقية للمصورين الصحافيين، إلى شيء أكثر إنسانية، يترجم مشاعرها هي، وكيف تتفاعل كإنسانة مع ما يحدث في قطاع غزة.
استطاعت تحويل الدخان المتصاعد من قصف المباني في قطاع غزة، إلى لوحات فنية باستخدام تقنيات كثيرة، منها الرسم بالريشة عبر برنامج «الفوتوشوب» لتظهر حجم الـــدمار الـــذي تعرضـــت له غزة، ولتطور الفكرة بعد ذلك وتخرجها على شكل لوحات أكثر واقعية، عمدت إلى استــــخدام صور حقـــيقية للأطــفـــال من مجزرة الشجـــاعية وغيرها من المجازر التي ارتكبــتها قـــوات الإحتلال، وسط الدخان المتصاعد لإبراز حجم الجريمة التي تقترفها إسرائيل بحق أهل غزة.
لوحاتها لاقت انتشاراً غير مسبوق، سواء على الانترنت وشبكات التواصل الإجتماعي، أو في الصــحـــف ووكالات الأنباء العالمية والعربية، ما جعلها سعيدة لسبب رئيسي، وهو أن الرسالة التي حملتها كفلسطينية، لتبيان هول ما يحدث في غزة قد وصلت.
في فترة التهدئة الأولى التي مرت على القطاع، لم تتوقف بشرى عن الرسم، واستبدلت وجوه الشهداء والبشر الحقيقيين بصور البيوت والدمار الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية، وأرادت من هذه الصور القول أنه حتى البيوت والحجارة في غزة هي بشر مثلنا، وخسارتها تؤثر فينا، وسنعيد بناءها من جديد، لأنها جزء من تكويننا الفلسطيني.
كثرٌ هم الصحافيون الذين تواصلوا مع بشرى فور انتشار الفكرة، وقدموا لـــها صورهم لتُبدع فيها، حيث أن الرسالة وصلتهم وعرفوا مدى تأثيرها، وأرادوا المساهمة بما يستطيعون، وهي الصورة الأصل، من أرض المعركة، كي تستطيع هي وغيرها استثمارها لإيصال المزيد من الرسائل عن فلسطين والفلسطينيين، وحقهم في الحياة.
تواصل معها الصحافيون والكثير من الفلسطينيين والعرب والأجانب عن طريق الفيسبوك، وأرسلوا لها رسائل دعم، تقول «لم نكن نعلم الكثير عن غزة وعن فلسطين قبل رؤية هذه الصور، نحن ندعمكم، والحرية دائماً لفلسطين» الأمر الذي جعلها تشعر بمدى أهمية ما تفعل.
لم تنته الفكرة بالنسبة لبشرى ولن تنتهي مع وقف العدوان، وإنما هي ومجموعة من الأصدقاء، سيبدأون في تجميع هذه اللوحات، وإقامة المعارض، والمزادات العلنية عليها، وإرسال كل الأموال التي سيحصلون عليها، لمساعدة أطفال غزة.
وقالت لـ «القدس العربي» أنها مع أصدقائها يحلمون بتوفير ولو القليل من الأموال للمساهمة في بناء مستشفى، أو إعادة ترميم صفوف مدرسة تم قصفها، بعيداً عما لاقته فكرتها من رواج كعمل فني، لأن الأمر بالنسبة لها أنها فلسطينية مثل من في غزة، وتريد مساعدتهم.
وختمت بشرى حديثها بالقول، ليس المهم ما أفعله أنا، وإنما الأهم هو الدفاع عن أهلنا في غزة، ومشاركة العالم بأسره في حجم المأساة التي يتعرضون لها منذ زمن طويل، في الحصار وتحت القصف والدمار، ولست أنا فقط من يوصل الرسالة، وإنما وجوه وأرواح لأناس حقيقيين قضوا في سبيل الحرية لفلسطين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية