لا جديد.. العرب الخاسر الأكبر في الحرب

حجم الخط
2

■ الحملة الدولية للقضاء على تنظيم «داعش» كما يصرح من يقفون خلفها، ليست من أجل عيون أهالي الضحايا – الأمهات الثكلى والأرامل واليتامى – في العراق الذين قتلوا بدم بارد وبشكل استعراضي أمام كاميرات العالم، أو باسم الدفاع عن حقوق الإنسان، فالعربي لا قيمة له لدى هذه الدول، لا شك ان لهذه الدول أهدافا خاصة، وما حجة القضاء على الإرهاب – الاسم الذي تحول إلى بساط مطاطي سحري لبعض الدول لتحقيق مصالحها الخاصة – إلا وسيلة للتدخل في شؤون دول المنطقة.
هل القضاء على «داعش» يستحق إعلان حرب دولية والتدخل في سياسة الدول، وما قوة «داعش» العسكرية؟ قوته العسكرية لا أحد يعلم بها إلا أمريكا والغرب وبعض دول المنطقة الداعمة والمؤيدة له، وليس بالضرورة رغبة فيه وإنما لتمزيق الأمة أكثر مما هي ممزقة ليسهل القضاء عليها، وزرع غدة سرطانية في جسد الأمة العليلة باسم الدين، ولقتل حلم شعوب المنطقة بالتغيير والإصلاح الشامل، وإقامة دول تتبنى رغبة الشارع العربي. الدول التي أعلنت الحرب الدولية على تنظيم «داعش»، هي التي ينبغي أن يوجه اليها السؤال التالي: ماذا قدمت لـ «داعش» والجماعات السلفية الجهادية من قوة، بحيث لا يمكن مواجهتها إلا بحملة دولية وبأكبر قوة عسكرية في العالم؟
نعم.. الغرب ومعه أمريكا وبعض دول المنطقة التي كانت طوال الفترات السابقة تغض الطرف عن التنظيمات الجهادية السلفية، وتؤيدهم وتدعمهم بالمال والسياسة، وتدافع عنهم وتبرر أفعالهم، وتشجع الشباب على الالتحاق بهم لنيل شرف الجهاد، والتشجيع على التبرع لهذه الجماعات، وفتح المجال للدعاة ورجال الدين السلفيين عبر وسائل الاعلام بأنواعها ومنابر المساجد للدعاء لهم بالنصر والدعم. هؤلاء هم أعرف بـ»داعش» وما يملكه.
لقد حدث انقلاب بين «داعش» من جهة والدول الداعمة له من جهة أخرى، كما حدث سابقا بين مجاهدي افغانستان والدول الداعمة لهم، ولكن غير معروف من انقلب على الآخر، هل «داعش» تجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة والمحددة، أم الدول الداعمة رأت في مواصلة السكوت عن جرائمه فضيحة لمخططاتها وفشلا لها، فتم اتخاذ قرار التصفية، واستغلال وابتزاز بعض انظمة المنطقة التي هرولت إلى امريكا كمنقذ، أمريكا التي تجيد فن صناعة الاستفادة من الازمات، رحبت ووضعت الخطط ومنها الترويج والتسويق الاعلامي وتغليفها باسم دولي وتحديد ميزانية خيالية 505 مليارات دولار.
طبعا وكالعادة العرب هم الخاسر الأكبر في هذه الحرب مثل الحروب السابقة، هم من سيدفعون الثمن.. مزيدا من الضحايا والدماء والاقتتال وصرف الأموال والعداء بين أبناء الأمة، بل أبناء الوطن الواحد، والمزيد من الفتن والتراجع والدمار والتخلف. متى يعي الشعب العربي المغلوب على أمره، لما يدور حوله من مخططات شيطانية، ويكسر الصمت ليواجه التحديات والمخاطر، واللعب بمصيره ومستقبله وثروته، ويرفض سياسة أن يقتل العرب باسم العرب وبالمال العربي وعلى الأرض العربية؟ هل من الوعي الاطمئنان إلى قول وتصريح وادعاءات من قام بصناعة هذه الجماعات، والتغاضي عن أفعالها وأعمالها الدموية طوال السنوات الماضية، وعندما تسمن وتكبر يتم نفخها وتحويلها إلى بالون وشبح للتخويف والابتزاز؟ ألم يحن الوقت لمحاسبة كل من دعم وساند هذه الجماعات وشجع الشباب على الالتحاق بها ليكون حطبا لنارها الفوضوية؟ إن كل من دعم وشجع وأيد الجماعات الجهادية السلفية مثل «داعش» وغيرها هو مجرم بحق الأمة، وشريك الاعداء الذين يسعون لتدمير الأمة. وأعظم ما يهدد الأمة والعالم هو الفكر الذي يتبناه تنظيم»داعش» واخواته.

٭كاتب سعودي

علي آل غراش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو سالم:

    ان اخطر شيء على الوطن العربي والامة العربية هي انظمتها الفاسدة ،

  2. يقول عراقي:

    لما هذا الإنحياز …. ماذا عن أدوات وازلام ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وافغانستان ؟؟؟ هل دخلوا هذه البلاد للسياحة ؟؟ لا تحاول ذر الرماد في العيون فالكل يعرف من هو الطائفي ومن اشعل النار في المنطقة

إشترك في قائمتنا البريدية