لندن – «القدس العربي»: قد يكون المنتخب الجزائري، الفريق الوحيد في نهائيات كأس العالم 2014 الذي يمت لنا بأي صلة، وقد يكون الحكمان الجزائري جمال حمودي والبحريني نواف شكرالله، العربيين الوحيدين اللذين سيرفعان الرابة، لكن المسلمين سيلعبون دورا مهماً في انجاح النسخة العشرين لأكبر مسابقة كرة قدم في العالم، عندما تفتح البرازيل منافسات المسابقة التي تستضيفها للمرة الثانية على أراضيها، الخميس المقبل بلقاء كرواتيا، ففي كل مباراة من الـ64 التي ستشهدها البطولة ستكون لمسات العنصر المسلم واضحاً بسبب عنصر غير متوقع… برازوكا، أو كرة القدم الرسمية في المونديال من صنع منقبات ومحجبات في اقليم البنجاب في باكستان.
ربما قلة من عشاق كرة القدم، تدرك ان الكرة الرسمية للمونديال، صنعت في اقليم البنجاب الباكستاني المسلم، وأن شركة «أديداس» المصنعة للكرة، وضعت خطوات الصنع والمواد المستخدمة والعمال القائمين على عمليات الانتاج في فيديو رسمي، من دون اظهار الشق البنجابي من عمليات الصنع، بل أبرزت الشق الصيني، الذي يتقاسم عمليات التصنيع مع الشق البنجابي.
سيدات منقبات ومحجبات يتابعن مراحل التصنيع في صور خاصة بعيدة عن الترويج الرسمي لأديداس، رغم ان أكثر من 3 آلاف كرة ستستخدم في الاسابيع الاربعة من منافسات المونديال، وهو عدد قليل من ملايين الكرات التي تصنع في المصنعين الصيني والبنجابي على مدار السنة، ليس فقط للشركة الالمانية أديداس، بل لشركان أخرى مثل «فوروارد سبورتس».
عدد كبير من الشركات العالمية سحبت مصانعها من باكستان في السنوات الاخيرة على خلفية سوء استغلال الاطفال ومن هم دون السن القانونية في أعمال شاقة، لكن الباكستانيين نجحوا في الحد من هذه الآفة، بل باتوا يفتخرون بها في مصانعهم، حيث وضعت لافتة كبيرة على مدخل مصنغ «فوروارد سبورتس»، حيث وقف العاملون في طابور كبير قبل حلول الثامنة صباحاً، قبل دخول المصنع، حيث تقول اللافتة: «لا نوظف عمالاً دون سن الخامسة عشرة».
غالبية العمال يتقاضون أقل من 10 آلاف روبية شهريا (نحو 100 دولار)، وهو مبلغ أقل من قيمة كرة برازوكا واحدة تباع في بريطانيا او الولايات المتحدة، ويظل الصراع مع المصانع الصينية محتدما دائماً، لكن مسؤولي مصانع كرة القدم في باكستان متفائلون بمستقبل أفضل، حيث يقول رئيس اتحاد الصانعين والمصدرين للوازم كرة القدم الباكستاني محمد يوسف: «الآن ارتفع مستوى المعيشة في الصين ويرتفع أكثر يوما بعد آخر ما يعني ان رواتب الموظفين والعمال في مصانعهم سترتفع، ما قد يهدد استمراريتهم… هذا خبر جيد لنا لاننا سنتخلص من منافس لنا، وسنظل أرخص تكلفة وقيمة الايادي العاملة عندنا أقل أيضاً، وسنبقى ننتج جودة عالية بتكلفة أقل».
هذه المرة الاولى منذ عشر سنوات تعود باكستان الى انتاج كرات عالية الجودة، فهناك عدد كبير من المصانع المتخصصة، وأكثر من 1800 عامل محترف، وعشرات من خطوط الانتاج بألوان مختلفة، مع توافر آلات التطريز والخياطة وآلات لنفخ الكرات وتطويرها واعتمادها بعد عدد من الاختبارات على جودتها وصلاحيتها.
ويتبع المسؤولون نظام عمل صارم، تطبيقا لقوانين حددتها الشركات الام، بحيث يتقيد المسؤولون بساعات عمل محددة لعمالهم لا يزيدون عليها، وعادة ما تكون ثماني ساعات في اليوم، وستة أيام في الأسبوع.
وتوقع خواجة حسن مسعود، رئيس قسم التطوير في الفرع البنجابي لـ»أديداس» تصدير أكثر من مليوني كرة، بمستويات مختلفة، حول العالم، ويقول: «باكستان ستستعيد حصتها من سوق صناعة كرات القدم من الصين وفييتنام واندونيسيا… نحن نتفوق عليهم بتكلفة الأيدي العاملة، حيث أننا أقل تكلفة بكثير من عمال السوق الصينية». وكانت أديداس باعت أكثر من 13 مليون كرة «جابولاني»، وهي الكرة الرسمية في مونديال جنوب أفريقيا 2010، وتتوقع بثقة ان تتعدى مبيعات «برازوكا» مبيعات «جابولاني»، حيث أعلنت الشركة ان قيمة شراء كرة «برازوكا» الرسمية والاصلية يبلغ 160 دولاراً، في حين أقرت انها ستصدر كرات أقل جودة بتكلفة شراء أقل.
ويعتبر المصنع الرئيسي في باكستان، «سيالكوت»، الأكبر في البلاد، حيث بلغت قيمة صادراته بليون وخمسة ملايين دولار في غضون سنة حتى يونيو / حزيران 2013، وهي مداخيل زادت 20 % على السنة السابقة لها، ويصنع «سيالكوت» الواقع في وسط أقليم البنجاب، أيضاً قفازات رياضية وعصي للعبة الهوكي لشركة «نايكي» العملاقة.
ويقول المدير التنفيذي لمصانع «كراي اوف كامبريدج» (فرع باكستان) خوار أنور: «عدد كبير من الشركات الرياضية العملاقة نقلت صناعة منتجاتها الى سيالكوت… ما زالت منتوجاتنا وتصديرنا جزءا صغيرا لما يصدره الكثيرون حول العالم، أعتقد ان بامكاننا مضاعفة انتاجنا وتصديرنا مرات ومرات لو ساندتنا الحكومة الباكستانية».
واستلهم تصميم كرة «برازوكا ريو» من لوني كأس العالم المميزين الأخضر والذهبي، وهو ما يُعد اختلافاً عن الإصدار السابق من كرة «برازوكا» الرسمية لكأس العالم، التي أُطلقت في ديسمبر / كانون الأول من العام الماضي، حيث سلمت شركة أديداس كرات «برازوكا» لجميع المنتخبات المتنافسة في كأس العالم 2014 في البرازيل، لتمكن جميع الفرق من بدء التدريبات باعتماد الكرات الجديدة خلال التحضيرات والمباريات التنافسية. وخاض العديد من الفرق والمنتخبات منذ ذلك الوقت العديد من المباريات في مسابقات مثل كأس العالم للأندية وكأس اسبانيا والدوري الأمريكي وكأس ألمانيا، إضافة إلى العديد من المباريات الودية الدولية.
مرت كل من «برازوكا» و»برازوكا ريو» قبل إطلاقهما بشكل رسمي بعملية اختبار شاملة على مدى عامين ونصف عام، حيث شارك في الاختبار أكثر من 600 من كبار لاعبي العالم و30 فريقاً في 10 دول عبر ثلاث قارات، ما جعل هذه الكرة الأكثر اختباراً من قبل «أديداس»، لضمان ملاءمتها لجميع الظروف. وشملت الأندية المشاركة في الاختبارات ميلان وبايرن ميونيخ وبالميراس وفلوميننزي، ومن النجوم ليو ميسي وإيكر كاسياس وباستيان شفاينشتايغر والفرنسي زين الدين زيدان.
يشار إلى أن التقنية المستخدمة في الكرتين «برازوكا» و»برازوكا ريو» من الداخل والخارج مطابقة لتلك التي استخدمت في كرة تانغو 12 (المستخدمة في كأس الأمم الأوربية 2012) وكافوسا (المستخدمة في كأس القارات 2013) والكرة الرسمية المستخدمة في مباريات دوري أبطال أوروبا. إلا أن «برازوكا» الجديدة تتمتع بابتكار هيكلي فريد بفضل التناسق التام بين القطع المتطابقة على سطحها، ما يعني تحسن القدرة على التحكم بالكرة ومستويات أفضل من الثبات والديناميكيات الهوائية على أرض الملعب.

خلدون الشيخ