الاصلاح السعودي ورهان الثورة

حجم الخط
0

الإصلاحيون السعوديون يعانون هذه الأيام ما هو أشبه بالولادات الوجدانية لآمال التغيير، بعد أن كانت محفوفة بأخطارها العقائدية المعروفة. لكنها في هذه المرحلة أصبحت مطمئنة إلى مستقبلها إلى حد كبير وذلك فيما حدث من تحوّل لم يكن منتظرا أبداُ. إذ أصبحت القوة الكبرى الأساسية في الدولة هي صاحبة مشروع التغيير الذي تريده ان يكون صحيحاً وسليماً منذ البداية.
لم يعد الهمّ الاصلاحي أسير معارك الدعايات المتضخمة في المنطقة. يكمن القول أن من كان يعتبر حامياً لكل أعداء الاصلاح هو الذي يعلن الانسحاب المنظم من بين صفوفهم، وربما اصبح زعيما للفريق الآخر المعاكس لحزبيات القديم المتهالك، ما تحدثه رؤية السعودية المستقبلية لا يمكن اعتباره من جنس ما يسمى بالثورات الفوقية الزائفة، هنالك تيار هائل من الاصلاحيين الذين عاشوا في ظل الظلمة بانتظار ان تحدث ثمة معجزة ما تحقق ما يشبه المستحيل بالنسبة لظروف القمع والاضطهاد السائدة منذ عشرات ومئات السنين الكالحة.
هل يمكن القول بناء على ذلك ان السعودية تريد حقا ان تتسلم قيادة الجانب المتحرك اخيرا من هذه الأمة بدلا من ان تكون هي القوة المقاومة له دائما.
هنالك الكثير من عقد المشكلات التي لا يمكن ان تحلها اعلانات الطيبات وحدها. وهذا هو اعمق التحديات التي تواجه المشروع الجديد الصاعد، فالسلطة لم تعد قوة التمسك بأذيال الماضي، السلطة تريد ان تنشئ ما تسميه ثورة الدولة العصرية الجديدة.
هذه المهمة التاريخية الكبرى التي يتصدى لحملها قادة وأنظمة توالت قيادة دولها والرأي العام من خلال عشرات الانقلابات المضافة.
هل يمكن أن نقول إذا ان صنف الادوار الكبرى المعهودة في مثل هذه الدولة هي التي سيصيبها التحول السريع الجديد، هل سنشهد انقلابات كبرى في محاورها الرئيسية ضد بعضها او مع بعضها الآخر.
اعلان الثورة هذه المرة، وربما لأول مرة تاريخيا عن قيام ثورة عليا من رأس الهرم. الدولة المعتادة على ان تكون هي قلعة الجمود الاولى في المنطقة بكاملها.
لا يمكن الجزم من الآن بتحقق فرص النجاح او ببروز العقوبات الكأداء في مثل هذه الظروف ومع ذلك يستبشر العديد من قوى شبابنا هذه الايام بمولد الصدع الاعظم في صلب القلعة الصخرية الكبرى، هذا الحدث لن يذكره مؤرخو المستقبل إلا كأنه كتب للنهضة العربية اخيرا ان تواجه فعلا حقيقة اعباء مصيرها الذي طالما نسجته وحاولت ان تغطيه بشتى العقائديات المغلوطة او المدسوسة او المصطنعة.
فلا يمكن لعاقل من هذا الجيل أن لا يعلن عن معظم آماله في هذه اللحظة مقترنة كذلك بأصعب الظروف، فهنالك من يتوقع إلا تنفعل الطبقة الحاكمة السعودية نفسها بشتى ردود الفعل الصامتة او الضاجة على هذه الرؤية. فهذه الطبقة الحاكمة معروف عنها انها حافلة بنماذج عديدة من تيارات تتراوح بين المحافظة والجدّة وهي تكاد في مجملها تشكل مجتمعا قائما بذاته من المجتمع السعودي وربما جاءت هذه الرؤية الاصلاحية لتزيل حواجز الممانعة والمدافعة بين المجتمعين من اجل ان ينبت الجمهور الاكبر من مصلحي الحاضر والمستقبل

٭ مفكر عربي مقيم في باريس

الاصلاح السعودي ورهان الثورة

مطاع صفدي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية